مجلة المقتبس/العدد 19/صحف منسية
مجلة المقتبس/العدد 19/صحف منسية
كتاب الاشربة - لابن قتيبة
عني بنشره المسيو أرتوركي
أحد علماء المشرقيات
قال العتيبي شعراً ذكر فيه كثيراً من مقابح السكر: (بسيط)
دع النبيذ عدلاً وإن كثرت ... فيك العيوب وقل ما شئت
هو المشيد بأسرار الرجال فما ... يخفى على الناس ما قالوا وما فعلوا
كم زلة من كريم ظل يشهرها ... من دونها تستر الأبواب والكلل
أضحت كنار على علياء موقدة ... ما يستسر لها ولا جبل
والعقل علق مصون لو يباع لقد ... الفيت يباعه يعطون ما سألوا
فأعجب لقوم منأهم في عقولهم
و ... أن يذهبوها بعل بعده نهل
قد عقدت لخمار السكر ألسنهم ... عن الصواب ولم يصبح بها علل
وأزرت بستأن النوم أعينهم ... كان أحداقها حول وما حولوا
تخال رائحهم من بعد غدوته ... حبلى أضر بها في مشيها الحبل
فإن تكلم لم يقصد لحاجته ... وإن مشى قلت مجنون به خيل
قالوا وإنما قيل لمشارب الرجل نديمه من الندامة لأن معاقر الكأس إذا سكر تكلم بما يندم عليه وفعل فقيل لمن شاربه نادمه لأنه فعل مثل فعله والمفعلة تكون من اثنين كما تقول ضاربه وشاتمه ثم اشتق من ذلك نديم كما يقال جالسه وهو جليس وقاعده فهو قعيد ويدل على قول هذا قول رسول الله ﷺ في وصف الجنة: فيها أنهار من كأس ما بها صداع ولا ندامة. وحدثنا عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه أنه قرأ فيما قرأ من الكتب أن الله تعالى لما لعن إبليس وأخرجه من الجنة قال: يا رب لعنتني وجعلتني شيطاناً رجيماً وأنزلت الكتب وعثت الرسل فما رسلي؟ قال: رسلك الكهنة. قال: فما كتأبي؟ قال: الوشم. قال: فما حديثي؟ قال: حديثك الكذب. قال: فما قراءتي؟ قال: قراءتك الشعر. قال: فما مؤذني؟ قال: مؤذنك المزأمير. قال: فما مسجدي؟ قال: مسجدك السوق. قال: فما بيتي؟ قال: بيتك الحمام. قال: فما طعامي؟ قال: طعامك كل ما لم اسمي عليه. قال: فما شرأبي؟ قال: شرابك كل مسكر. قال: فما مصائدي؟ قال مصائدي؟ قال: مصائدك النساء.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن ارطاة حين تتابعت الأخبار عليه تتابع الناس في الاشربة المسكرة على التأويل: أما بعد فإنه قد كان من أمر هذا الشراب أمر ساءت فيه رغبة الناس حتى بلغت بهم الدم الحرام والمال الحرام والفرج الحرام وهم يقولون شربنا شراباً لا بأس به وإن شارباً حمل الناس على هذا لبأس شديد وأثم عظيم وقد جعل الله عنه مندوحة وسعة من أشربة كثيرة ليس في الأنفس منها حاجة: الماء العذب واللبن والعسل والسويق وأشربه كثيرة من نبيذ التمر والزبيب في أسقيه الأدم التي لا زفت فيها فإنه بلغني عن الرسول الله ﷺ نهى عن النبيذ الظروف المز فتة وعن الدنان والجرار وكان يقول: كل مسكر حرام. فاستغنوا بما أحل الله عما حرم فإنه من شرب بعد من شرب بعد تقدمنا إليه أوجعناه عقوبة ومن استحق ومن استخفى فالله أشد بأساً وأشد تنكيلاً.
وحدثني القطعي عن الحجاج عن حماد بن سلمه عن حميد عن الحسن: قال إذا دخلت على أخيك فكل ما أطعمك وأشرب مما سقاك. قال: يا أبا سعيد أنهم ينتبذ ون في الجرم فقال: أو يفعلون؟ قال وقد شهر المتعاشرون على الشراب بسوء العهد وقلة الحفاظ وأنهم أصدقاؤك ما استغنيت حتى تفتقر وما عوفيت حتى تنكب وما غلت دنانك حتى تنزف وما رأوك بعيونهم حتى يفقدوك قال الشاعر
أرى كل قوم يحفظون حريمهم ... وليس لأصحاب النبيذ حريم
إذا جئتهم حيوك ألفاً ورحبوا ... وإن غبت عنهم ساعة فذميم
إخاؤهمو ما دارت الكأس بينهم ... وكلهمو رث الوصال سؤوم
فهذا ثباتي لم أقل بجهالة ... ولكنني بالفاسقين عليم
وقال آخر
بلوت النبيذ يين في كل بلدة ... فليس لأصحاب النبيذ حفاظ
إذا أخذوها ثم أغنوك بالمنى ... وأن فقدوها فالوجوه غلاظ
مواعيدهم ريح لمن يعدونه ... بها قطعوا برد الشتاء وقاظوا
بطان إذا ما الليل ألقى رواقه ... وقد أخذوها فالبطون كظاظ يراع إذا ما كان يوم كريهة ... وأسد إذا أكل التريد فظاظ
وربما بلغت جناية الكأس إلى عقب الرجل ونجله. وقال المأمون لقوم: يا نظف الخمار ومرابع الصؤور وأشباه الخول وقال مسلم بن قتيبة: أن ال فلان أعلاج أو باش لئام غدر شاربون بانقع ثم هذا يعد في نفسه نظفه خمار في رحم طاحد وربما بلغت جناية الكأس زوال النعمة وسقوط المرتبة وتلف النفس فإن الرجل ربما استخلصه السلطان لمنادمته وأدخله موضع آنسة فيزين له الكأس غمزة القينة والعبث بالخادم والتعرض للحرمة وقال المأمون: الملوك تحتمل كل شيء إلا ثلاثة أشياء إفشاء السر والقدح في الملك والتعرض للحرم. وقد بلغك من ذلك ما لا أحتاج إلى ذكره وقديماً بلي المعاقرون بمثل هذا من جرائر الكأس. وقد كان عمرو بن هند طرفة الذي استخلص طرفة بن العبد لندامته فبينما هو يوماً يشرب أشرفت أخته عليهما فرأى طرفة ظلها في الجام الذي في يده فقال (هزج)
ألا (يا) أيها الظبي ... الذي يرق شنفاه
ولولا الملك الق ... د قد ألثمني فاه
سمعه عمرو بن هند فكتب له كتأبا إلى عامله بالبحرين وأوهمه أنه أمر له فيه بجائزة وأمر العامل بقتله فلما ورد على العامل سقاه من الرياح حتى أمله ثم فصد أكحله حتى نزف فمات فقبره هناك مشهور يشرب عنده الأحداث ويصبون فضل كؤوسهم عليه.
وروي رجلاً من طي نزل من شيبأن يقال له المكاء فذبح له الطائي شاة وسقاه من الخمر فلما سكر الطائي قال للشيباني هلم أفاخرك أطيء أكرم أم شيبان؟ فقال له الشيباني: حديث حسن المدامة ومنادمة كريمة أحب إلينا من الفخار. فقال الطائي: لا والله ما مد رجل يداً أطول من يدي! ومد يده. فقال له الشيباني: أما والله لئن أعدتها لأخضبنها من كوعها! فأعاد فضربه الشيباني فقتله أبو زبيد في ذلك لبني شيبان (خفيف)
خبرتنا الركبان أن قد فخرتم ... أفرحتم بضربة المكاء
ولعمري لعارها كان أدنى ... لكم من تقى وحق وفاء
ظل ضيفاً أخوكم لأخينا ... في صبوح ونعمة وشواء
ثم لما رآه به الخم ... ر إلا تربية باتقاء
لم يهب حرمة النديم وحفت ... يا لقوم بالسوأة السواء قال: وربما طمس الخمار على العقل وربما بالبيان وغير الخلقة فعظم أنف الرجل وحمر وترهل. قال جرير في الأخطل
وشربت بعد أبي ظهير وابنه ... سكر الدنان كان أنفك دمل
شبهه بالدمل لحمرته وورمه. وقال أخر في حماد الرواية
نعم الفتى لو كان يعرف ربه ... ويقيم وقت صلوته حماد
هدلت مشافره الدنان وجهه فبياضه يوم الحساب سواد
وأبيض من شرب المدامة وجهه=فبياضه يوم الحساب سواد
قالوا: ومن شربة نبيذ الشطار والخلعاء والمجأن فحملهم الكأس على المجون ويحملهم المجون على ركوب الكبائر معلنين وإتيأن الفواحش مجاهرين ويرون أتم ذلك لذة أظهره وأنقصه مسرة أستره فقال قائلهم
فيج باسم ما تأتي من الكنى ... فلا خير في اللذات من دونها ستر
وربما كفروا بالله مجوناً وكذبوا الرسل وجحدوا بالنشور والبعث في حال شربهم. قال الوليد
قربا مني خليلي ... عبدلا دون الشعار
واسقياني وابن حرب ... واسترانا بالإزار
فلقد أيقنت أني ... غير مبعوث لنار
سأروض الناس حتى ... يركبوا دين الحمار
واتركا من طلب الج ... نة يسعى في خسار
وهذا الشعر مما استحل به دمه وقال روح المعروف بابن همام (خفيف)
اسقني يا أسامة ... من رحيق مدامة
اسقنيها فإني ... كافر بالقيامة
وهو القائل: وإنما الموت بيضة العقر
وقال أبو نواس
تعلل بالمنى إذ أنت حي ... وبعد الموت من لبن وخمر
حياة ثم موت ثم بعث ... حديث خرافة يا أم عمرو
وقال قائل أيضاً (خفيف) فدعاني وما ألذ وأهوى ... واقذفإني في بحر يوم الحساب
وهو القائل أيضاً يصف الخمر
عتقت في الدن حتى ... هي في رقة ديني
وحدثنا دعبل الشاعر أنه اجتمع هو ومسلم وأبو الشيص وأبو نواس في مجلس لهم فقال لهم أبو نواس: إن مجلسنا هذا قد شهر باجتماعنا فيه ولهذا اليوم ما بعد فليأت كل أمرئ منكم بأحسن ما قال فأنشدناه فأنشد أبو الشيص
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حباً لذكرك فليلمني اللوم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذ كان حظي منك حظي منهم
وأهنتني فأهنت نفسي طائعاً ... يا من يهون عليك ممن يكرم
قال فجعل أبو نواس يعجب من حسن الشعر حتى ما يكاد يقضي عجبه وأنشد مسلم أبياتاً من شعره الذي يقول فيه (بسيط)
موف على مهج في يوم ذي رهج ... كانه أجل يسعى إلى أمل
قال: فقال لي أبو نواس هات يا أبا علي وكانني بك وقد جئتنا بأم القلادة
لا تعجني يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
فقلت: كانك كنت في نفسي ثم سألوه أن ينشدهم فأنشدهم (بسيط)
لا تبك ليلى وتطرب إلى هند ... واشرب على الورد من حمراء كالورد
فلما بلغ إلى قوله
تسقيك من عينها خمراً ومن يدها ... خمراً فمالك من سكرين من بد
قاموا فسجدوا له فقال: افعملتوها أعجمية لا كلمتكم ثلاثاً ولا ثلاثاً ولا ثلاثاً. ثم قال: تسعة في هجرة الإخوان كثير وفي هجرة بعض يوم استصلاح للفاسد وعقوبة على الهفوة. ثم التفت إلينا فقال: علمتم أن رجلاً عتب على أخ له في بعض المودة فكتب إليه المعتوب عليه: أن أيام العمر أقل من أن تحتمل الهجر. فهذه جرائر السكر قد ذكرنا منها ما حضرنا وهي أكثر من أن نحيط بها. قالوا: وشاهدنا على أن اسكر والخمر شيء واحد من اللغة أن الخمر ما خمر والمسكر يخمر فاسم الخمر يلزمه ووجدنأهم يقولون لمن أعتقب الصداع وغلث النفس والإرعاش من شرب الخمر مخمور وبه خمار ويقولون لمن أصابه مثل ذلك من المسكر الذي يسمونه نبيذاً مخمور وبه الخمار مأخوذ من الخمر وهو اسم للداء الذي يصيب منها والأدواء كثير تأتي على فعال نحو كباد لوجع الكبد والقلاب لوجع القلب والصفار والصداع والبوال ولا عطاس ولم نسمعهم يقولون لمن أصابه ذلك منبوذ أو نباذ. فهذا ما للمغلظين فيه من القول والحجج. ونذكر ما للمطلقين له من الحجج والقول.
حجج المحلين لما دون السكر
قال المطلقون: إنما حرمت الخمر التي أجمع الناس على صفتها وكيفيتها بعينها وما سوى ذلك كائناً ما كان نبيذ ما دون المسكر منه حلال فسووا بين النقيع والطبيخ والحديث والعتيق والتمر والزبيب والمفرد والخليطين والسهل والشديد وما اتخذ من عصير العنب إذا ذهب بالثلثين - لأنه جاء في الحديث أن الثلثين حظ الشيطان - ورد عليه الماء واحتجوا بحديث ابن عباس: حدثنا زيد بن اخزم قال حدثنا أبو داود عن شعبة عن مسعر ابن كدام عن أبي عون الثقفي عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس أنه قال: حزمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها والمسكر من كل شراب. وبحديث رواه يحيى بن اليماني عن الثوري عن المنصور عن خالد عن أبي مسعود الأنصاري أن النبي ﷺ عطش وهو يطوف في البيت فأتى نبيذ من السقاية فقطب فدعا بذنوب من ماء زمزم فصب عليه فشرب فقال له رجل أخر أمر هو يا رسول الله؟ قال: لا. وحديث رواه عبد الرحمن بن سليمان عن يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن أبي عباس أن النبي ﷺ طاف وهو شاك وهو راكب معه محجن كلما مر بالحجر استلمه بالمحجن حتى إذا قضى طوافه نزل فصلى ركعتين ثم أتى السقاية فقال: اسقوني من هذا فقال له العباس: ألا نسقيك مما نصنع في البيوت؟ قال: لا ولكن أسقوني مما يشرب الناس. فأتى بقدح من نبيذ فذاقه فقطب فقال: هلموا فصبوا فيه ماء ثم قال: زد فيه! مرتين أو ثلاثاً ثم قال: إذا صنعأحد منكم هكذا فاصنعوا به هكذا. وبحديث يرويه وكيع عن ابن أبي خالد عن قرة العجلي عن عبد الملك بن أبي أخي القعقاع بن شوز عن ابن عمر أنه قال: كنا عند النبي ﷺ فأتى بقدح فيه شراب فقربه إلى فيه ثم رده فقال بعض جلسائه أحرام هو يا رسول الله؟ فقال ردوه. فرده ثم دعا بماء فصبه عليه ثم شرب وقال: انظروا هذه الاشربة إذا اغتلمت عليكم فاقطعوا متونها بالماء. وبحديث رواه عبد الله ابن الفضل عن أبي غالب الضبيعي حابس بن محمد عن أبي جرير عن عطاء أن عمر وقف على السقاية فوضع يده على بطنه فقال: هل من شراب فإني أجد في بطني غمزا. فأتى بشربة من السقاية فسربها ثم قال: أخرى. فأتي بها ثم ثالثة فشرب منها ثم دعا بسجل - وربما قال: بذنوب - فشج الإناء بالماء حتى فاض نواحيه ثم قال: عباد الله كل شراب استخرج ماؤه بمائة فهو حرام لا تشربوه وكل شراب استخرج ماؤه بغير مائه فهو حل اشربوه. مع أحاديث كثيرة واحتجوا بقول رسول الله ﷺ: كل مسكر خمر وكل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام. فإن هذا منسوخ نسخة شربة الصلب يوم حجة الوداع. قالوا: ومن الدليل على إنه كان نهى وفد عبد القيس عن شرب المسكر ثم وفدوا إليه بعد فرأهم مصفرة ألوانهم سيئة أحوالهم فسألهم عن قصتهم فأعلموه أن ذلك لائتمارهم بما أمرهم به من ترك شرابهم فأذن لهم في شربه. وبأن ابن مسعود قال: شهدت التحريم وشهدتم التحليل وغبتم بإنه كان يشرب الصلب من نبيذ الكوفيون وجعلوه أعظم حججهم. قال بعض الشعراء (بسيط)
من ذا يحرم ماء المزن خالطه ... في جوف خأبية ماء العناقيد
أني لإكراه تشديد الرواة لنا ... فيه ويعجبني قول ابن مسعود
وإنما عنى الطلا وهو ما طبخ من عصير العنب حتى يذهب ثلثاه ويرد عليه الماء وكان كثير من الكوفيين يشربونه. وحدثني محمد بن خالد بن خداش عن مسلم بن قتيبة. قال: حدثنا حمزة بن الزيات قال: رأيت الحكم بشرب الخمر طلا جعلت أعجب من رقته وكان يهدي لإبرأهيمبختج خأثر فكان نبيذه ويلقي فيه العطر وبأن عمر كان يشرب على طعامه الصلب ويقول هذا اللحم في بطوننا وشرب نبيذاً كاد يصير خلاً وماء التمر وماء الزبيب لا يكاد أن يكون خلاً حتى يكون خلاً حتى يكون نبيذاً ثم يدخلهما شيء من الفساد من غير أن يصير خلاً لأن كاد في كلام العرب هم أن يفعل ولم يفعل وقد قال قوم أنه شرب خلاً والخل لا يسمى نبيذاً ولا يسمى شراباً لأنه ليس مما يشرب ومن ذا شرب الخل من الناس للذة أو منفعة فيشربه عمر؟ وقال الشعبي شرب إعرأبي من أدواة عمر فإنتشى فحده عمر وإنما على السكر لا على الشرب ودخل على قوم يشربون ويوقدون في الاختصاص فأوقدتم. فقال لهم: نهيتكم عن معاقرة الشراب فعاقرتم ونهيتكم عن الإيقاد في الاختصاص فأوقدتم. وهم بتأديبهم فقالوا مهلاً: هاتان بهاتين. وانصرف عنهم. وإنما نهأهم عن المعاقرة وهي إدمأن الشرب. حتى يسكروا ولم ينههم عن الشرب. وأصل المعاقرة وهي إدمأن الشرب حتى الشرب. وأصل المعاقرة من عقر الحوض وهو الشاربة وكذلك قال الأشج لبنيه: لا تبسروا ولا تبخلوا ولا تعاقروا فتسكروا ولو كلن ما شربوا عنده خمراً لحدهم كما حد ابنه في الخمر. وبلغه عن عامله بد ستميسان أنه قال
الأهل أتى الحسناء أن خليلها ... بميسأن يسقى في زجاج وحنتم
إذا شئت غنتني دهاقين قرية ... وصناجة تحدو على كل منسم
فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ... ولا تسقني بالأصغر المتألم
لعل أمير المؤمنين يسوءه ... تنادمنا بالجو سق المتهدم
فقال أنه والله ليسوءني ذلك والله لا عملت لي عملا! وعزله. وقالوا: فإنما أنكر عليه الندامة وشربه بالكبير والصنج والرقص وشغله باللهو عما يشغله إليه ولو كان ما شرب عنده خمراً لحده.