مجلة المقتبس/العدد 12/إحدى نقائص الاجتماع
مجلة المقتبس/العدد 12/إحدى نقائص الاجتماع
2
شيخ كثير الذكر والتسبيح ... ينهى عن المنكر والقبيح
يقول قال الله والرسول ... وأثبت المنقول والمعقول
ويكثر الصلاة في المساجد ... والدور إذ يدعى إلى الموائد
وربما أزورّ عن الطعام ... مخافة الوقوع في الحرام
وصدَّ ظمآناً عن الشراب ... كيلا تطول مدة الحساب
صارت له منزلة جليلة ... وشهرة عريضة طويلة
فأمه الغنيّ والفقير ... وزاره الكبير والصغير
هذا يريد مطلباً عسيراً ... وذاك يرجو نشباً وفيراً
وذا يروم البرء من أدوائه ... إذ عجز الأساة عن دوائه
وازدحمت في دارة النساءُ ... فما لهنَّ دونه رجاءُ
هذي جفاها الزوج منذ حين ... ولجَّ في الغلظة بعد اللين
وتلك لا تُملاءُ الأولادا ... فقلبها يتقد انقادا
وهذه قد رغب الخطاب ... عنها فأشقى عيشها العذاب
وهكذا استسلمت العقول ... للشيخ فهو الله والرسول
وكاد أن يعبد دون الخالق ... سبحانه عن عمه الخلائق
وإنني لفي ممرّ خال ... ساق إليه سائق الأحوال
في ليلة أودى شقاء أجد ... بحليها فاستسلمت للوجد
أحزنها تصرف الخطوب ... فدمعها منهمر الشؤبوب
إذ عنّ شيخ لو بعيني نائم ... مرَّ لكان مثل وهم الواهم
فكان لي من أمره المريب ... وشغفي بالنادر الغريب
داع إلى السير على آثاره ... لا عرف الغائب من أخباره
فانسرب الشيخ إلى مضيق ... أفضى به وبي إلى طريق
لمحت فيه وجهه المقنعا ... فخلت أن ناظري قد خ فمن يظن ذلك الإماما ... يرضى الخنا ويؤثر الحراما
قال لمومس هناك تخطر ... لعلها بابن غنيّ تظفر
عمي مساء وهلمي فأنا ... نعم المرجى للفسوق والخنا
سلي ألم أبل البلاَء الحسنا ... واجتن الحمد فنعم المجتنى
لا تزعميني وكلاً ضعيفاً ... إن صار هذا الشيب لي حليفا
ولا شحيحاً أو أخا أعسار ... لكن حياً ينهلُّ بالنضار
لاسيما حين تدار الاكؤُس ... ويستقرّ بكينا المجلس
قالت أصبت فالمراد المال ... هو الشباب الغض والجمال
لولا طلاب القوت لم تجدني ... بحيث أبلي صحتي وأفني
وأبذل العرض وما إدراكاً ... ما العرض أغلى ما رأت عيناكا
لو رام مني ولك الكرامة ... ما رمت كلب مفرط الدمامة
لم يك مني دونه امتناع ... مادام لي بماله انتفاع
ودخلا البيت فعدت واجماً ... احسبني فيما رأيت واهماً
ما أولع النفوس بالحرام ... وأسرع النقص إلى التمام
بل ما أشد نكد الأيام ... وأتعب العاقل في الأقوام
فاز المراءون وخاب الصادق ... والتبست على النهى الحقائق
وانتشر الفساد والضلال ... وخرجت عن حكمها الأحوال
فيا سماءُ أمطري الأرضينا ... ناراً تبيد الخلق أجمعينا
أما لهذا الحلم والإغضاءِ ... من غاية ترجى أو انتهاءِ
دمنهور
أحمد محرم