مجلة الرسالة/العدد 97/ملوك الغرب
مجلة الرسالة/العدد 97/ملوك الغرب
لمناسبة احتفال الإنجليز بعيد ملكهم
للأستاذ فخري أبو السعود
تيهوا بعيد المليك المفرد العلم ... وفاخروا بِعُلاهُ سائر الأمم
ومجِّدوا فيه عنواناً لمجدكمُ ورمز ... مُلْكٍ وطيدٍ ثابت الدعم
مُلْكٍ حَوَى مشرقَ الدنيا ومغربَها ... لم يَرْوِ عن مثلهِ التاريخُ من قِدَم
تيهوا بني الغرب بين العالمين بما ... بلغتم اليوم من مجد ومن عِظم
ولْتَزْدَهُوا بملوك في عروشكُم ... همْ زينة المُلْكِ والأحكام والنظم
تأوي الشرائع منهم والحقوقُ إلى ... حصنٍ حصينٍ وركنٍ غير منهدم
هم أول الحارسي الدستور من عبث ... والحافظين لِما أولوه من ذِمم
وهم مَناَطُ أمانيِّ البلادِ وَهُمْ ... أبُوَّةُ الشعب في الأحداث والغُمم
في كل يومٍ لهم في الشعب مأثرة ... تُغيث منه مكان الداء والألم
ملائكُ النور في سلم وفي دعة ... وهم حُماةُ وَأوج كمال الخُلق والشيم
وسادة الناس في علم وفي أدب ... هُمُ وُأَوْجُ كمال الخُلق والشيم
نالوا من العز شَأواً لم يُنَلْ ولهم ... محبةٌ في قلوب الشعب لم تُرَم
محبةُ الشعب ترعاهم وتحرسهم ... لا الشاهقاتُ من الأسوار والأُطم
محبةٌ هي أغلى لِلْمُدِلِّ بها ... من منظرٍ فارهٍ أو مظْهَرٍ سَنِمِ
تَوَارَثوا صولجانَ المُلْك في أُمم ... لا تبتغي بَدَلاً - لو خُيِّرَتْ - بهِم
لا كالملوك الأُلى - بالأمس - إذ حَكموا ... ساقوا الرعيةَ سَوْقَ الشاء والنَّعَم
ولم يخالوا شعوباً تحت رايتهم ... سوى عبيدٍ لرَبَّ التاج أو حَشَم
ولم يرَوا لهمُ جاهاً ولا حَسبَاً ... في الناس حتى يُذلُّوا كلَّ ذِي شمم
يقُصي الأبيُّ ويَشْقَى الحُرُّ عندهم ... ويَمْرَحُ المالٍقٌ الأفَّاكُ في النِّعَم
باسم المكارم أعْلَوْا مُلكَهُم وهُم ... حَرْبٌ على كَرَم الأخلاق والهمِم
عن حاجةِ الشعب باللذات في شُغُلٍ ... كانوا وعن دعوة المهضوم في صمم
سِيَّانِ إن سَعِدَتْ في ظل دَوْلتهِم ... رعيةٌ أو هَوَتْ في البؤس والوصَ لا يِرْقُبُ الناسُ منهم فضلَ مكرمة ... لكن يخافون منهم بطش محتكم
ذيَّاك عهدٌ تولى غيرَ مرتجَع ... هيهات يَبعْثَهُ باغٍ من العَدَم
وعاصرتْنا ملوكٌ في ممالكهم ... همُ لمن حكموهم أول الخدم
يشاطرون صروفَ الدهر قومَهُمُ ... ويعطفون عليهم عطفَ ذي رحم
وهم على شعبهم في كل ما صنعوا ... فيضٌ من البرِّ لا صوبٌ من النِّقم
تَسَنَّمُوا ذروةَ العليا، وباسمِهم ... تُزْجى الجحافلُ في الوديان والأكَم
وينزلون - إذا ما الجِدُّ جَدَّ - على ... ما قالهُ قائلوا الساداتِ والعَمَم
ولا يرَوْنَ لهم من دون أُمتهِم ... مجداً ولا دون حب الشعب من عِصم
فخري أبو السعود