مجلة الرسالة/العدد 94/تحية مولود
مجلة الرسالة/العدد 94/تحية مولود
للأستاذ محمود غنيم
سرَّكَ اليومَ قولُهم أمْ ساَءكْ ... حينَ قالوا: هذا غلامُ جاَءكْ؟
جانبُ اللهو من شبابكَ ولّى ... فَدَع اللهوَ ينتظرْ أبناَءكْ
وتحمَّلْ عبَء الأبَّوة يا وَي ... حَكَ لم يحمل امُرؤُ أعباَءكْ
أيها الطارقُ الجديدُ سلاماً ... أسألُ الصفحَ إن أسأتُ لقاَءكْ
عَلِمَ الله ما كرهتُكَ ضيفاً ... لا ولكني كرهت شقاَءكْ
بتُّ أخشى عليكَ جوْرَ الليالي ... فالليالي ما أنصفتْ آباءكْ
غيرَ أني أمسيتُ رغم شعوري ... أتمنى على الزمان بقاَءكْ
وأراني إذا أصابكَ سوءُ ... أبذلُ النفسَ والنفيسَ فداَءكْ
ساَءني يا بنيّ أنْ كنت نجلاً ... لي فكانت أبوَّتي لك داءِكْ
أيَّ ذنب جنيتَ في المهد حتى ... يُصبحَ الهمُّ في الحياة جزاءكْ
ليت شعري أقانعُ أنت أم لوْ ... تستطيعُ الكلامَ تُبدي استياَءك
أفتدري كم بتُّ أرفو كسائي ... وأوشِّي بكل زاهٍ كساَءكْ
وإذا ضنَّ ثديُ أمِّك يوما ... بالحيا جعتُ والتمستُ غذاءك
ولقد أسمعُ الرعودَ تدوَّي ... في ثباتٍ ولا أطيقُ بكاَءك
كم حملتَ البكاَء سيفاً صقيلاً ... إن تُلَوِّحْ به ينلْك رجاَءك
دمعةُ الطفل من دموع الغواني ... صاحِ صُنْ من كليهما أحشاءْك
أنت في مهدك الصغيرِ أميرُ ... فوق عرش يرجو الجميعُ رضاَءك
فتحكَّمْ تَرَ الذكورَ عبيداً ... لك في البيت والإِناثَ إِماَءكْ
هو عرشُ أساسه الحبُ لابط ... شَك نخشى ولا نرومُ عطاَءك
أتُراها جنايةً أم تثراها ... مِنَّةً تستحقُّ مِنكَ ثناَءكْ
ليتني عشتُ مثلما عشتَ غرَّا ... تُغمض المقلتين عما وراَءكْ
إنني يا بني أسكُنُ أرضاً ... دائماً همُّها فصف لي سماَءكْ
قد توارت طفولتي في ظلام ال ... غيَبْ فانشُرْ على دجاها ضياَءك لكأنِّي نشأتُ خلقاً جديداَ ... يوم ناديتَ فاستمعتُ نداَءكْ
يا دقيقَ البنانِ واليَد جلَّت ... يَدُ مثَّال صوَّرَتْ أعضاَءكْ
نم هنيئاً يرعاكَ من شقَّ عيني ... كَ وأجرى بين العروق دماَءكْ
عَلَّ من وكَّل البِلَى بردائي ... يجعلُ الخزَّ يا بنيَّ رداَءكْ!
كوم حمادة
محمود غنيم