مجلة الرسالة/العدد 925/رسالة الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 925/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 26 - 03 - 1951



على قبر عبد العزيز فهمي باشا

للأستاذ أحمد عبد المجيد الغزالي

ألقى الشاعر هذه الأبيات على قبر فقيد الوطنية عبد العزيز

فهمي باشا ببلدته (كفر المصلحة)

نوديت في ألق الصباح الباكر ... فمضيت أطهر من نداه الطاهر

تسعى ويسعى النور حولك زاخراً ... في موكب جم المآثر زاخر

يمشي به التاريخ، يقظة ساهر ... في ليله الداجي، وصرخة ثائر

وإباء حر، واستماتة حازم ... وعناد جبار، وغضبة قادر

لفوك بالعلم الذي أعليته ... ورفعته بيد الكريم الكابر

خضت المصارع لم يفزعك الردى ... ومشيت في عنت الزمان الجائر

ثبت الخطى، لم تدمك الأشواك في ... حلك الظلام المدلهم الغامر

لم تدر ما القيد انذليل، ولم تطق ... أن يرسف الأسرى بقيد الآسر

فطويت عاتيه، ورضت حديده ... بهدى رشيد، وابتسامة ساخر

وسريت في ليل الخطوب، فلم ينل ... من همه الساري النحيل الضامر

لله ما صنعت يداك، وإنه ... ذكر يدور مع الزمان الدائر

زادتك أحداث الجهاد صلابة ... هي نعمة الله القوي القاهر

هذا الذي أضفى عليك خلائقاً ... أزكى من الزهر الندي الناضر

فانعم به جاراً، وعش بجنانه ... بين النعيم السرمدي الزاهر

أحمد عبد المجيد الغزالي

بين شاعر وسيجارة

للأستاذ محمود محمد بكر هلال

أغرت السيجارة الشاعر بأنفاسها العطرة، فجرى في حب هواها، وجاذبها قبلة بقبلة، وبادلها حبا بحب، ولكنه عندما

اضطرمت أنفاسها في صدره، واضطربت قبلاتها على ثغره،

سئم هواها، ومل أنفاسها، فهجرها إلى غير عودة، ونأى عنها

على غير ميعاد، فكان بينهما هذا الهجر، وذلك العتاب. . .!

الشاعر

جاءت تراود في هواده ... وتشوقني في دل غاده

أغرت في قبلاتها ... فغدت لزاما كالعباده

وتنسكت في حبها ... لي وارتدت ثوب الزهاده

ما زلت أهواها وأطلب من مباسمها الزياده

إن غاب عني ثغرها ... فقد النهى مني رشاده

حتى صحوت عشية ... وإذا بها ولها السياده!

سيجارة غدارة ... قد حرمت جفني رقاده!

هيفاء تغري كل ثغر بالصبابة والوداده

طلقتها وأنا محب فبعدها عني سعاده!

ماذا يفيدك من دخا ... نك بعد ما تذرو رماده!؟

إما اضطراب في التنفس قد يجر إلى الشهاده؟

إما سعال فاتك ... يدعو إلى باب العياده!

صدر المدخن كالظ ... م فلن ترى إلا سواده!

خير الأمور لعاقل ... ألا يكون أسير عاده!

من لم يضح فلا تصح ... لمثله فينا القياده!

السيجارة

أنسيت أنى راحة ... من كل نازلة وسلوى؟

أنسيت باعثة الخيا ... ل إذا النهى أكدى وأقوى؟ قبلات ثغري متعة ... وحديثها همس ونجوى!

تحنو علي إذا ظمئت فتحتسي مني وتروى

أنفاس غانية من القبلات والصبوات نشوى!

في جوها سبح الخيا ... ل بكل ما تصبو وتهوى

تتصاعد الأنفاس في ... دنيا من الآمال تطوى

فكأنها الغيم الرقيق يراقص الأفكار زهوا

فلم التباغض والقلى ... وأنا التي بالنار أكوى؟

أيليق هجران الحبيب وحفظه للود يروى؟

أنسيت أن الهجر بعد الوصل للعشاق يلوى؟

راجع فؤادك فالمحب على التباعد ليس يقوى

فأجاب الشاعر:

أبداً فلست براجع ... عن هجرها طول المدى!

من ذا الذي يهفو إلى ... ثغر ثناياه الردى؟

آليت لا أصغي لها ... أبداً وأتركها سدى!

لو زحزحت جبل المقطم ما مددت لها يدا!

محمود محمد بكر هلال