انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 921/فلسطين!. . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 921/فلسطين!. . .

ملاحظات: بتاريخ: 26 - 02 - 1951



للآنسة فائزة عبد المجيد

يا للنداء الرهيب يجلجل في الآفاق يهز سمع الزمن! هناك هناك أيها العرب أمة لكم تفنى، وراية تطوى، ووطن يضيع، فلسطين! الله الله لها، مواقف المجد تدوس معالمها، منازل الوحي تخبو مشاعرها!

فلسطين! يا للصرخات تتعالى من أرجائك ترج جنبات الأرض وتشق كبد السماء! يا للرايات ترتفع في فضائك خافقات! يا للصوت الحق يدوي! هيا بني الوطن، هو ذا يوم التضحية قد جاء. أيتها الحرية أجمعي من القلوب، قوي السواعد، شدي الهمم أيتها الأرض! كم سرى حبك منا في القلوب يقيناً، وفي العروق دما، أيتها الأرض! لك منا الفداء. . .

أرض الشهداء! قدستك السماء، روتك الدماء. . .

أرض الأبطال! فيك طافت مواكبهم، فيك حطت رحالهم من كل قطر وواد، من كل قاسية ودانية، حملوا اللواء وساروا، حفظوا الميثاق وأجمعوا، فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء. . .

فلسطين! لمن الأكاليل تعقد؟ لمن القلوب تهتف: يا زكي الدماء تهب الحياة، وتخط الخلود. يا جلال الفداء يلقي على الكون وشاحه! إيه يا غضبة الأبي! يا صيحة الحق! أرض الشهداء! كل بقعة لهم فيك روضة، وعلى كل ربوة من جهادهم علم. .

أيها الهاتف القدسي! تردد الآفاق نداءه، يملأ الأرض سنى، يصغي له الكون، يهتف له المجد: فلسطين! لن تسقط عنك الراية، لن تدخلي في ذمة التاريخ، تلك الجحافل إليك نافرة، تهتك حجاب الشمس، أو تقطر دماً. . .

وي! فلسطين! مالها؟ تهزها النوازل، تعصف بها عصفاً! ما للسيوف مغمدة، ما للمظالم تطغى، ما للعدو يغتصب ويلتهب، ما للرايات تنكس، ما للرقاب تذل.؟!

فلسطين! أين مدنك الزاهرات؟ أين محافلك الغر؟ أين قراك العامرات؟ أين منابع الخير وملتقى الكرم؟ انفض سامرها، وغابت معالمها. وأين توارت وما آذنت بوادع؟

فلسطين! أين تلك الديار؟ أين أهلوها؟ ذهبوا وما عادوا. ديارنا! مهوى أفئدتنا! سر حياتنا أنت! ألا سقيا لعهدك! وسلاماً لرباك. . .

فلسطين! أين أهلوك؟ كيف هامت في الأرض قوافلهم؟ أتفرقوا زمراً أم قذفتهم الأقدار في حياض الردى حيارى، أم أضحى لهم التراب وساداً، والجوع لباساً، والمذلة نعمة؟

فلسطين! ما طرقتك الأحداث وكنت لضرباتها هدفاً لتفنيك، لا، وما صهرتك الشدائد إلا لتشد منك العزائم. منبت الأبطال! ما ركزوا في رباك وجففوا عرق الكفاح إلا ليجمعوا أمرهم، ليجيبوا داعي الوطن.

فلسطين! أين شاعر المجد يوقظه من سباته ويرسله في أعماق العروبة؟ نشيد النضال له قوة الألحان في ساحات النزال، تقوى به العزمات، وترفع له الرايات، يوم النضال:

(يوم النضال كستك لون جمالها ... حرية صبغت أدميك بالدم. .)

فلسطين! أين شاعر النصر يوحي بملحمة الجهاد في أرض الجهاد:

(يا جهاد صفق المجد له ... لبس الغار عليه الأرجوانا. . .)

نابلس - فلسطين

فائزة عبد المجيد