مجلة الرسالة/العدد 888/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 888/البريد الأدبي
من آثار الرافعي - الأدب والأديب
جاءنا رد مسهب من النابغة السيد مصطفى صادق الرافعي على علامة العراق (كلدة) اجتزينا عنه بالسطور التالية قال: -
(قال كلدة) (إن للأدب والأديب معاني قديمة. . . وإن معنى الأديب في عصر الجاهلية وأوائل صدر الإسلام هو الطيب الحديث الحسن الصورة الذي يؤنس السامعين بسحر مقاله ويجذبهم إليه برقة منطقه ولذيذ صوته) وأنا أطلب منه البينة على دعواه ولو شاهدا من كلام العرب يدل عليها أو رواية تثبتها أو أساساً من التاريخ يسوغ ما ذهب إليه ويخرجه، عن باب الوضع. إننا نقرر لهذا الفاضل أن عرب الجاهلية وصدر الإسلام لم يعرفوا معنى الأديب بمثل ما اصطلح عليه العلماء لا على الوجه الذي ذهب إليه من الطيب الحديث الخ لا على قفاء هذا الوجه، ولا جرت الكلمة في استعمالهم لأي معنى يدل على العلم أو الشعر أو البلاغة أو فنون القول أو المحاضرة أيهما كان، ولا يجوز أن يكونوا قد أخذوا هذا المعنى إلا وقد تكلموا به، ولا يمكن أن يعرفه هو إلا وقد وقف على شيء من كلامهم.
بالأمس قام لورد جسبرو في مؤتمر إسرائيل بلندن يزعم أن الإنكليز من بني إسرائيل، وأنهم حققوا النبوة التي ورد فيها أن هذا النسل يملأ الأرض، وأن الدليل على ذلك أن كلمة برتش التي معناها بريطاني هي من كلمتين عبرانيتين بريت أي العهد وأش أي الشعب، قال فالشعب الإنجليزي هو شعب العهد أي شعب إسرائيل. فلم ينكب العرب وحدهم بكلمتين يونانيتين بل نكب الإنجليز بكلمتين عبرانيتين. وأنه لمصعد سهل يثب إليه كل من أصاب مشابهة في مقابلة اللغات ولكن الإنجليز منه تندق فيه العنق) انتهى
طنطا - مصطفى صادق الرافعي
رحم الله ذلك النابغة الذي صفا الأدب العربي في قلمه وخلص ماؤه وزاد رونقه، وليكرم الله من يذكرون بأدبه فإنهم بهذا يقربون إلى الواقع (عالمية) العربية وأدبها. ولاتهن أمة يمجد فيها العباقرة وتنشر ذخائرهم فاللهم وفق من أعان على ذلك أو سعى إليه من كاتب أو عالم أو وزير.
محمود الطاهر الصاف دالي رجال التربية: -
مرت الأيام ودالت العصور وتغير الزمن، وتقدمت العلوم والفنون، وارتقت الأفكار والعقول وتنوعت طرق التربية، حتى أصبحت مذاهب متمايزة متعددة متعادية، ولكل مذهب وجهة خاصة وأتباع ينافحون عنه ويجادلون بل يزكون. . . وطريقة سبنسر وفرديل وغيرهما إلا مثل لهذا.
ولقد درج السلف في تعاليم على طريقة خاصة، وكلنا قد عاصرها وتعلم على منهاجها، وهي لو نظرنا إليها من ناحية العقل والمنطق لارتاحت نفوسنا إليها وظمأت قلوبنا بها.
وتلك الطريقة تبدأ بتحفيظ الحروف الهجائية مرتبة ترتيباً دارجا على التشابه الملحوظ في بعضها ثم تعيين تلك الحروف بالإعجام وغيره على سبيل الموازنة والمقارنة ثم معرفة الحركات من فتح وكسر ثم وصل تلك الحروف وإلحاق حروف المد بها ثم معرفة الشدة والتنوين. . .
وبعد معرفة هذه القواعد تكون كلمات بسيطة من حرفين ثم ثلاثة وأربعة. . . ويبدأ ذلك بمعرفة بعض أجزاء الجسم، وما يحيط الطفل من أسماء بنص الأشياء. . .)
وبعد أن يلم الطفل إلماما كافيا بما يقع تحت ناظره يبدأ بتعليمه فاتحة الكتاب ثم بقية السور من قصار المفصل وهكذا إلى آخر سورة في القرآن الكريم.
وأثناء قراءته للقرآن إن كان يعلم مبادئ الحساب والدين والإملاء بطريقة متمشية مع عقلية الطفل وفطرته!
والآن وبعد مضي تلك السنوات. وقد أصبحت تعد بالعشرات التي تنوعت فيها طرق التربية وتطاخت الأراء، رجعنا من جديد إلى طريقة آبائنا وأجدادنا الأولين، فهي الطريقة التي تتمشى وعقلية الطفل المحدودة.
وبالرغم من الطرق الكثيرة التي نستعملها في تعليم الأطفال فإني قد تركتها جميعها جانباً، واستعملت تلك الطريقة مع طفلي وقد حفظ جزءين من القرآن الكريم قبل أن يبلغ السابعة من عمره وهو الآن يشق طريقه بخطى ثابتة في التعليم الثانوي محرر العقيدة ثابت البنيان، وفي الطليعة! فما رأى رجال التربية في طريقة الأقدمين؟. . .
شطاتوف
محمد منصور خضر