انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 882/معركة القزويني في الأزهر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 882/معركة القزويني في الأزهر

ملاحظات: بتاريخ: 29 - 05 - 1950



للأستاذ محمد عبد المنعم خفاجي

نشر الأستاذ الكاتب الموهوب عباس خضر رأيه في هذه المعركة؛ وقد تفضل أستاذنا الجليل فضيلة الشيخ عبد المتعال الصعيدي، فنشر في الرسالة تعقيبا على كلمته. ويبدو أن أستاذنا الجليل يريد أن ينقل المعركة إلى ميدان الرسالة الغراء، إذ بدأ فنشر واتهم. وإني إنصافاً للحقيقة أضع أمام القراء الحقائق الآتية:

1 - ليس شرح الأستاذ الصعيدي للإيضاح مقرراً في الكلية، ولا شرحي أيضاً.

2 - لكثير من كبار الأساتذة في كلية اللغة كتب متعددة في علم واحد ومقرر سنة واحدة، فلم يؤد ذلك إلى أن يهاجم السابق اللاحق ولا العكس؛ بل إني أثنيت في شرحي على الأستاذ الصعيدي ومجهوده في شرح الإيضاح.

3 - وأساتذتنا في الكلية يحرصون على إباحة حرية البحث والتأليف لطلبتهم، فكيف يحجر أستاذ على زميله أن يؤلف في البلاغة لأن له كتاباً فيها؟

4 - وعندما ظهر الجزء الأول من شرحي بدأني الأستاذ الجليل بالخصومة، وطاف على الطلبة في الفصول ينبههم إلى أن كتابه هو المعتمد للدراسة وكتابي مملوء بالأخطاء ثم نشر بياناً للطلبة سماه (تنوير لطلبة كلية اللغة) يندد فيه بأخطاء مزعومة في الجزء الأول من شرحي.

5 - وقال له كثير من الأساتذة: أنه يهتم في نقده مهما كان، لأن هذا النقد لا يحمل على شيء أكثر من أنه دفاع عن كتاب.

6 - ورأى أنه لا يصح أن يلحق بغباره أحد، لأن له عشرين مؤلفاً. والطريف أن أحد الأساتذة الإجلاء ذكر له أن هذا ليس موضعاً للفخر، لأن الذي بنقده - خفاجي - أكثر من عشرين كتاباً بعضها مراجع ومصادر، مع أنه أستاذ ناشئ.

7 - وليت شعري بعد ذلك كله كيف انقلبت هذه المعركة العلمية إلى خصومة شخصية عند أستاذنا الجليل الشيخ الصعيدي، فامتنع عن مصافحتي كلما مددت له يداً، بل امتنع عن رد السلام كلما ألقيت عليه السلام؛ ونشرت بحثاً في الرسالة عنوانه: (موازنة أدبية) فنشر رداً عليه باسم مستعار لطالب زعم أنه من كلية الآداب؛ ونشر أخيراً كتاباً مطولاً سماه (دراس لكتاب في البلاغة)، ظن أنه بهذا الكتاب يهدم زميلاً له، فكان حجة عليه لا له.

8 - وإني أعيذ القارئ من أن أطيل عليه، وأكتفي ببعض ملاحظات صغيرة أنشرها توضيحاً لمذهب أستاذنا الجليل في إصلاح البلاغة:

ا - ذكر أستاذنا الجليل الجاحظ في شرحه، فعرفه بأنه عمود بن بحر الأصفهاني!! ونسب فيه بيت حافظ المشهور: (الأم مدرسة إذا أعددتها) لشوقي؛ ورأى أن جميع الآراء والمذاهب البلاغية مماحكات لفظية ساقطة؛ وأن الخلاف بين عبد القاهر والسكاكي في التقديم والتأخير مثلا جدل ممل، إذ ليس بينهما نزاع حقيقي في التقديم وإفادته التخصيص أو التقوى؛ وعبد القاهر عند أستاذنا الجليل اضطرب كلامه في البلاغة، وكذلك أبو هلال. فإذا ما ذكرت الآراء والمذاهب البلاغية ووازت بينهما في شرحي كان ذلك عملاً يستحق النقد من أستاذنا الجليل؛ وكذلك إذا كتبت بعض بحوث جديدة عن نشأة البلاغة وعلمائها ومصادرها كان ذلك خطأ كبيراً مني لأنه يهدم مذهب أستاذنا الجليل في إصلاح البلاغة، وإذا ما حققت الكلام على متعلقات الفعل آلامها كسورة أم مفتوحة كان ذلك عملاً لا داعي إليه في عصر الذرة، وإذا ورد ذكر الكناية مثلا في علم المعاني فشرحت معناها في شرحي كان ذلك ذكراً للشيء في غير موضعه، والبيت:

ومهمه مغبرة أرجاؤه ... كأن لون أرضه سماؤه

صدره زيادة زدتها أنا على الإيضاح كما يرى أستاذنا الجليل والطريف أن البيت موجود كما هو أيضاً في شرحه هو على للإيضاح

ب - ومن مذهب أستاذنا الجليل في إصلاح البلاغة أن ينشر إيضاح القزويني ويكتب على الكتاب ما نصه: (تأليف عبد المتعال الصعيدي المدرس في كلية اللغة العربية) وأن يفصل بين كلام صاحب الإيضاح بعناوين وتطبيقات دون أن ينبه على أن ذلك مزيد على الكتاب.

ح - ويذكر أستاذنا الجليل في شرحه هذا البيت

ظعنوا فكان بكاي حولا كاملا ... ثم ارعوبت وذاك حكم لبيد

وقال إن فيه تعقيداً معنوياً، فلفت نظره إلى أنه ليس فيه شيء من التعقيد، فخطأني وقال أنه ليس هو الذي يقول بذلك وحده، ولكن صاحب الصناعتين صرح بذلك، فرجعت إلى كلام صاحب الصناعتين، فوجدته ذكر البيت، ووصله ببيت ثان هو:

أجدر بجمرة لوعة إطفاؤها ... بالدمع أن تزداد طول وفود

وقال أبو هلال: هذا خلاف ما يعرفه الناس لأنهم قد أجمعوا على أن البكاء يطفئ الغليل الخ، والمتذوق للأدب يفهم أن كلام صاحب الصناعتين إنما هو عن البيت الثاني (أجدر الخ) ولكن أستاذنا الجليل صرف كلامه إلى البيت الأول (ظعنوا الخ) فذكره وحده وحذف موضع الشاهد. وبدل كلام صاحب الصناعتين فنسب إليه القول بأن في البيت تعقيداً معنوياً، وأبو هلال لا يعني أكثر من أنه معنى جديد مبتدع.

وذكر أستاذنا الجليل أن بيت الخطيئة (أولئك قوم إن بنوا أحسنوا إلينا الخ) قد نسبه السبكي لأبن الرومي، فلفت نظره إلى أن السبكي ينسبه للمتنبي لا لأبن الرومي فرد على بأنه نقل ذلك عن السبكي لوجود ابن الرومي فيه بجوار المتنبي!!!

وقال أستاذنا أنه كان يريد أن يؤاخذني في تكرار التعليق على بيت أبو نواس (وصيرني هواك الخ) وإن كان قلمه قد سبق إلى بيت آخر بجواره!!!

أليس في ذك وغيره مما لم أذكره يا سيدي القارئ ما يصلح أن يكون دعامة مذهب جديد في إصلاح البلاغة، ويجب أن ننسبه إلى أستاذنا الجليل، ولا يصح أن يؤلف فيها أحد بعده لأنه صاحب مذهب جديد فيها.

محمد عبد المنعم خفاجي

مدرس في كلية اللغة العربية