مجلة الرسالة/العدد 84/إلى الريف. . . . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 84/إلى الريف. . . . .

ملاحظات: بتاريخ: 11 - 02 - 1935



للأستاذ محمد يوسف المحجوب

إلى الريف سِرْ بي يا قطارُ فان لي ... فؤاداً للقيا الريف لهفان صاديا

إلى الريف طِرْبي، فالليالي بغيضة ... بمصر إلى مَنْ بات حيرانَ شاكيا

إلى موطني الغالي، ومَهْد طفولتي ... ومَبْعث آمالي، ومأوى رجائيا

إلى مَشْرعٍ، أرْوَى فوادي نميرُه ... وأُسقيت من رقراقه الماء صافيا

إلى مَرْتعٍ، فيه صحابي ومِعْشري ... وأهلي وجيراني، ومجلى شبابيا

إلى (قريتي) حيث المروج شذية ... تفيض جمالاً باهرَ النور باهيَا

بريك عَجِّل، كي أُعيدَ نضارتي ... لديها، وأَقضي العيدَ جذلانَ لاهِيا

هنالك نُعمى الله فَيضٌ، فلا ترى ... فقيراً تشكي البؤسَ أو بات طاويا

ولا الشمسَ فيها بالضياء ضَنينةً ... ولا الماَء مَقْطوعاً، ولا النُّورَ خابيا

ولا الدفَء ممنوعاً، ولا البردَ قَاتِلاً، ... ولا الأفقَ مَحدوداً، ولا الطرفَ نابيَا

هناك الثرى المحبوبُ يَذكو عبيرهُ ... كأن الثرى المحبوبَ مَسَّ الغواليا

حقول زهاها الحُسْنُ طُرَّا فأسْفَرتْ ... تتيهُ به وَهْداً، وتزهَي روابيا

تَضم بِساطاً سندسَّيا، وجَنَّةً، ... ومطبوعَ حُسْنٍ فاتِن اللُّب سابِيَا

أيا (قريتي) هذا وفائي أصوغه ... لديك ثناءً خالد القول باقيا

إذا امتدح الناس المدائن وارتضَوْا ... حضارتَها، واستعذبوها مغانيا

فهأنذا أُعْلى مكانك في القُرى ... وأدْرَأُ بالأشعار عنك العواديَا

وأفْصح عن حُسْنِ بِوَادْيك كامنٍ ... ليُبْصر قَوْمي منه ما كان خافيَا

حياتُكِ أقصى ما تمنَّاه مُْتَرفٌ ... بمصر إذا ما راح عن مصر ضاحيا

هدوء، وإشراق، وزرع، وجَدْول ... وأنسٌ إذا أمسى بك الذئب عاويا!

ألَيْسَتْ ذئابُ الوَحْش خَيْرً امَغبَّةً ... من الذئبِ إنْساناً لئيماً مُرائيا؟

أيا (قريتي) كم أشتهي أن أعيش في ... ظلالِك دَهْري هادئ البال راضيا!

ويا رُفقتي فيها، إذا شَطتِ النوى ... وأصبحتمُ تَسْتَبعْدُون التلاقيا

فهأنذا أدنو بقلبي وخاطري ... وهاهي ذي روحي تؤدِّي الجواز إن أرتحلْ عنكم إلى دار غُربتي ... فما زالَ قلبي حافظ العهد راعِيَا

محمد يوسف المحجوب

مدرس بالأوقاف الملكية