مجلة الرسالة/العدد 834/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 834/البَريدُ الأدَبي
رد وتصحيح:
حضرة الأستاذ الفاضل رئيس تحرير مجلة الرسالة:
يأبى الأستاذ كاتب التعقيبات إلا ان تكون له الكلمة الأولى والأخيرة في إنتاج الأدباء وفي ذواتهم، وتثور ثورته، إذا ما وجد كلمة حقه هادئة أو متحمسة، رداً على تعقيباته، وهذه مجافاة للروح الأدبي الرياضي المنشود.
وقد كان نصيبي من الرد على بعض تعقيباته، حملة شعواء
على شخصي وأدبي، في العدد (833) المؤرخ 2061949
أما حملته على شخصي فسأترك جزاءه لمجال آخر، ويهمني
الآن تصحيح الرد على ما جاء في هذه التعقيبات من وقائع
غير صحيحة
فقد زعم الكاتب أني سعيت إليه بوساطة رسول كريم لكتابة كلمة، ولو صغيرة عن كتابي (الشعر المعاصر) وإن هذا الرسول الموفد من قبلي - كما يقول - دميت قدماه في سبيل هذه الكلمة وإن الكاتب صارحه بأنه لو كتب عن هذا الكتاب لأهان قلمه وأهان (الرسالة) وأهان عقول القراء وهذه قصة خيالية، ابتدعها التوهم، فإن مركزي الاجتماعي، وتاريخي الأدبي الطويل، وخلقي المترفع، تدحض جميعاً، ما أسند إليَّ من لهفة لكلمة منه، يقدمني بها كما يقول، إلى الناس، فلست في حاجة إلى التقديم، وبحوثي الأدبية والاجتماعية، منذ أكثر من عشرين سنة وكتبي التي أخرجتها كفلت لي التقدير من الخاصة.
وأما عن كتابي (الشعر المعاصر) فقد حفلت به البيئات الأدبية
وأنصفته الأقلام الممتازة، وحفلت به وزارة المعارف واقتنت
منه عدداً (ضخماًً) لمكتباتها كما ازدانت مجلة الرسالة ذاتها
بكلمة عنه من قلم أحد محرريها، وهو زميل للكاتب المعق في التحرير، ومما جاء في قوله بمجلتكم الصادرة بتاريخ 410
سنة 48 (لا يسع متتبع الحركة الأدبية إلا أن يلتفت لهذا
الكتاب ويهتم به لأنه كتاب جديد في المكتبة العربية، وهو أول
مؤلف في موضوعه (وقوله في خاتمة كلمته: (وحسب الأستاذ
السحرتي أنه وضع بكتابه هذا لبنة في بناء الأدب العربي
الحديث).
فما رأى الأستاذ المعقب في زميله، وما رأيه فيما كتبته السيدة الأديبة (ابنة الشاطئ) وهي من جماعة الأمناء التي ينتمي إليها إذ قالت عن الكتاب الذي يباع بالرطل في الأسواق (والكتاب يكاد يكون دائرة للشعراء المعاصرين فلم يدع الأستاذ المؤلف شاعراً عرفه أو قرأ له إلا سلكه في هذه الدراسة، وقدم نماذج من شعره، ويجد القارئ إلى جانب هذا عرضاً طيباً لمذاهب النقاد وأساليبهم في وزن الشعر وتقويمه، كما يقرأ خلاصة لمقاييس النقد الأوربي الحديث مطبقة على شعرنا المعاصر).
وزعم الأستاذ المعقب أن الدافع لكلمتي بالمقتطف (النقد والتعقيب) راجع إلى أنه لم يكتب كلمة عن كتابي، ونسى أنه ذكر في صدر كلمته أنني تلميذ للأستاذ سلامة موسى وأن كلمتي في المقتطف كانت دفاعاً عنه. وأحق يشهد بأني لا أدافع إلا عن كرامة الأدباء كيفما كانت ألوانهم وإني قد وهبت قلمي المتواضع للدفاع عن الحقيقة منذ تخرجي في الحقوق من ثلاثة وعشرين عاماً إلى اليوم، وقد شهدت منابر القضاء والخطابة والديمقراطية والوطنية؛ فقول الأستاذ المعقب بأني من التشكيلة العجيبة، التي يريد إرهاب كل من يحاول تصحيح آرائه بها يحمل اتهاماً باطلاً، وما كان يساغ بأي حال من الأحوال أن يلوذ الأستاذ الكاتب إلى مثله.
وليس هذا المكان مجالاً للرد على ما ورد في تعقيبات الأستاذ الكاتب من عبارات مهينة لا داعي لذكرها؛ لأن قاموسنا الأدبي قد خلا من مثلها خلواً تاماً.
ولكن لنا أن نطرح هذه الأسئلة تعقيباً على كلمة الأستاذ الكاتب وعلى طريقته في الكتابة، هل يجوز للكاتب من الوجهة القانونية أو الأدبية أن يترك عمل الأدباء ويتناول أشخاصهم؟ وهل يباح للأدباء الدفاع عن أنفسهم، والرد على نقد ناقديهم؟ وهل يصح في شرعة الأدب محاولة الغض من كرامة الأدباء للاختلاف في الرأي؟
والجواب الصحيح على هذه الأسئلة، وهو محور النقد الأدبي السليم أن الناقد ليس حاكماً بأمره وليس له تناول أشخاص الأدباء تناولاً غير كريم وأن للأدباء أن ينقدوا النقدات الموجهة إليهم وهذه الآراء التي تدين بها هي محور الخلاف بيننا وبين كاتب التعقيبات.
مصطفى عبد اللطيف السحرتي
هذا هو الرد الذي بعث به إلى (الرسالة) الأديب صاحب التوقيع وفي الأسبوع المقبل يقرأ ويقرأ معه القراء تعقيبنا على هذا الرد.
أنور المعداوي
الألفاظ بين الحقيقة والمجاز:
يعرف أبناؤنا دلالات الألفاظ في حقائقها ومجازاتها، و (العلاقة) الرابطة بينها سواء أكانت للمشابهة أم للارسال، وقد كتب مدعي نذكير الضبع - بتصحيح موهم - ينفي رواية (قومي لم تأكلهم الضبع). . . (بقومك) مما لا يبعد الضبع عن أن تكون مؤنثة! فإن التصحيف في المضاف إليه واقع في أشعار الفدامي، بل إن (زهر الآداب) وغيره محتشد شواهد متعددة دالة على عدم إبعاد المعنى مع وجود هذا التصحيف.
لكن الكاتب - كدأبه - يريد الضرب في منحى دعوى البحث؛ فتوقعه الورطة في مأزق المغالطة؛ فالإضافة إلى ياء المتكلم أو كاف الخطاب لم تخرج الضبع على أنها (اسم للحيوان المعروف)! وهي مؤنثة!
أما المباحثة في الحقيقة والمجاز؛ فنكبر (المجمع اللغوي) على عرضهما في معرض الإفادة، لكنا نشير إلى أن التجوز بلفظة (الضبع) إلى السنة المجدية لن يبعدها عن وضعها في حقيقتها، لأن الحقيقة أصل المجاز!
فما إجداء سياقة الكاتب ومكاثرته وهو لم يستشهد على (تذكير) الضبع، ولم يسق في (تحقيقه) الأخير ما يباعد بين وضع اللفظ والتجوز فيه؟.
إننا لم نخطئ في الاستشهاد لأن حقيقة اللفظة باقية على مدلوها في إفادة الحيوان، ولم نبعد في الرواية لأن اختلافها لا يقدح في صحة الإيراد، ولم نجانب الصواب في التأنيث لعدم ورود ما يباعده؛ فلعل الكاتب لا يتورط فيما يدعو إلى المؤاخذة والتوجيه
(بور سعيد)
أحمد عبد اللطيف بدر
تعقيب على تعقيبات:
قد وردت بالتعقيب الأول من تعقيبات الأستاذ الفاضل أنور المعداوي بالعدد (832) من الرسالة - جمل من هذا القبيل: (لم يكن يعرف. لم تكن تتيح) وهي بينة الخطأ. وصوابها حسب استعمالات العرب - أن ترى على هذه الهيئة: (لم يكن ليعرف. لم تكن لتتيح)؛ لأن كان المنفية بما، ويكن المنفية بلم لا يرد بعدها الفعل المضارع إلا مسبوقاً باللام المؤكدة للنفي. ويسمونها لام الجحود.
وقد ورد القرآن الكريم بهذا الاستعمال قال تعالى: (لم يكن الله ليغفر لهم).
محمد غنيم