مجلة الرسالة/العدد 828/القصص

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 828/القصص

ملاحظات: بتاريخ: 16 - 05 - 1949



قصة مصرية:

(من وراء الأبد)

للأستاذ أنور المعداوي

(إلى الذين يفهمون القصة على خير ما تفهم القصة على أنها لوحة نفسية، وطلال إنسانية، وفكرة من أعماق الحياة).

يا صديقي العزيز:

تسألني عن هذا السر الذي آثار فضول الناس، سر زواجي الذي لم يدم؟. . ولم لا تقول إنه أثار فضولك أيضا فكتبت إلى تسألني!؟ ومع ذلك فسأكشف لك عن سري الذي أصبح ذكرى. . . كل ما أرجوه منك أن تحتفظ بهذه الذكرى الغالية كما احتفظت بغيرها من ذكريات شبابنا. فلا تدعها أذن تترك مكانها من قلبك، حسبها أنها تركت مكانها من قلبي. . . لنقص عليك وحدك قصة الحرمان!.

أتذكر يوم كنت تصفني بأنني أضاع عمره محلقاً على أجنحة الخيال يرتاد عوالم مجهولة، ويطرق آفاقاً لم يطرقها مخلوق على أرض البشر؟!. أنا معك يا صديقي في أنني كنت وما أزل ذلك الإنسان الذي يقف على الأرض كما يقف غيره من الناس، ومع ذلك فهو يمد يديه إلى السماء ليلتقط النجوم!. . لقد كنت أعيش في دنياي الخاصة وكنت تعيش في دنياك، وعلى الرغم من هذا التناقض فقد التقينا حول مائدة العلم في الجامعة، لقاء شب من لحظاته الأولى بين أحضان الصداقة. . وكانت صداقة بريئة حلوة، لم يعكر صفوها بعد الشقة بين طبعي وطبعك، وبين مزاجي ومزاجك. أنت في أعماق الواقع وأنا في أعماق الخيال. . . ومع ذلك فقد التقينا في الجامعة، وتركناها ذات يوم إلى الحياة، وظللا كما كنا صديقين!.

وفرقت بيننا بعد ذلك الأيام، بقيت أنا في القاهرة وذهبت أنت إلى أطراف الجنوب. . . واختلف طريقي وطريقك ألم نكن دائماً في نظرتنا إلى الحياة مختلفين؟! لقد فضلت العمل في وظائف الحكومة وآثرت العمل الحر. . . أتذكر يوم خطر لي أن افتح محلاً لبيع الزهور في حي الزمالك؟ إنك رميتني بما كنت ترميني به دائماً يوم كنا في الجامعة. . .

بالنزق والطيش والجري وراء الخيال! لقد كنت تقول لي بلهجتك الساخرة الحبيبة: زهور؟ يالك من شاعر! ماذا من وراء الزهور يا حليف الخيال؟. . . ستذيل زهورك يوماً ما، وستمشي وحدك في جنازة العطر!! ومضيت في طريقي لا أكاد أصغي إلى سخرياتك فتحت المحل، وربحت الكثير من المال، وانتصرت بسلاح الخيال في أول معركة خضت غمارها ضد الخيال!. . ومع ذلك فإن كلماتك لا تزال ترن في أذني رنينها بالأمس، ترى أكنت تقرأ صفحة الغيب سطوراً خطتها لي وحدي يد الزمن؟ أم أنك يوم أطلقت جملتك تلك الساخرة كنت تنفذ بوعيك الباطن إلى ما وراء المجهول؟!. . لقد ذبلت زهوري يا صديقي، ومشيت وحدي في جنازة العطر، والأمل، والدنيا التي ذهبت إلى غير ميعاد!

أتذكر يوم كنت ترغبني في الزواج وتقود أفكاري إلى حواء؟ لقد كنت ألقاك دائماً بجواب واحد هو أنني لم أجدها! إن الذين يعيشون في دنيا الواقع ترضيهم نفحات من الجمار المادي المنشود بالأرض، أما أنا فكنت أبحث عن جمال آخر جمال تربطه بالسماء خيوط إلهية غير منظورة! إن جمال الروح يا صديقي هو الذي كنت أبحث عنه، وحين يثبت من وجوده على أرض البشر رحت أنشده في سماء الوهم! لقد كنت ألتمس في الزهور شيئاً من العزاء. . . رائحتها، نظارتها، ألوانها البهيجة. . أليس في هذا كله بعض ما كنت أنشد من جمال الروح؟ هل تصدق أن هذا الخاطر هو الذي حملني على أن افتح محلاً لبيع الزهور أنسقه بذوق الشاعر وخيال الفنان؟!. . . بالله لا تدع الابتسامة ترف على شفتيك، فقد تستحيل في عينيك دموعاً!!

لعلك تستحثني على أن القصة، فاستمع أذن لقصتي:

كان أول لقاء بيني وبينها ذات صباح، حين هبطت من عربة التاكسي ودلفت إلى المحل تطلب باقة من الزهور. . . ولأول مرة رأيتني أترك مكاني، وأسبق أحد عمالي إلى لقائها، وأقدم لها بنفسي باقة من زهور البنفسج غلفتها - كما طلبت - بزهور البانسيه، ونظرت إلى الفتاة نظرة امتنان، وتمتمت بضع كلمات شكر. . . وخرجت!

كان مظهرها ينم عن حزن عميق، تجلى واضحاً في قسمات الوجه ونبرات الصوت. . . وخيل إلى أن هناك عزيزاً قد فقدته، وأن تلك الزهور قد أعدت لتوضع فوق القبر الذي لف أحلام شبابها بغلاف من الصمت الأبدي الرهيب، هناك حيث تقفز من كوى الفناء أشباح وطيوف! أما جمالها فريداً في نوعه. . . لم يكن جمالاً صارخاً يهز العيون حين تنظر إليه، ولكنه كان جمالاً هادئاً، وعبراً، يهز الروح والعاطفة. . . كان أشبه بقطعة موسيقية حزينة يثرى لإيقاعها الفكر الحار والشعور الملتاع!. . . أما عيناها، فقد كان فيهما أكثر من معنى مبهم، لقد كان فيهما يا صديقي آثار رحلة طويلة إلى عالم مجهول. . وفي هذا اللقاء الأول رثيت للجمال يتشح في الربيع بوشاح الأسى والشجن! وتكرر بعد ذلك لقاؤنا في موعد لا يتغير. . . في الساعة العاشرة من صباح كل ثلاثاء، حين تهبط من عربة التاكسي، تلك الزائرة الحزينة لتطلب كعادتها باقة من زهور البنفسج أغلفها كعادتي بزهور ألبانسيه! وعلى مر الأيام نشأ بيننا نوع من الود البريء تحول معه الرثاء في قلبي إلى حب عميق. . . وجاء على يوم شعرت فيه بأن أحلامي الحيرى في خضم الحياة في متاهات الخيال السابح وراء الوهم قد وجدت ملاذها هنا. . . في هذا الوجه النبيل الذي شعت منه في روحي ومضات الأمل!!

سألت عن أسرتها فعلمت أنها من أكرم الأسر، وسألت عن قصتها فعلمت أن خطيبها الشاب قد ودع الحياة منذ شهور، وان هذا الأسى الدفين هو كل ما خلف لها من ثروة أثقلتها الأحزان. . . وفكرت في غير تردد بأن أتقدم لخطبتها لأملأ فراغ قلبها ودنياها وفراغ قلبي ودنياي، وخيل إلى أنني قد وجدتها. . . حواء، تلك التي قضيت العمر أبحث عنها في سماء الوهم حتى لقيتها أخيراً على أرض البشر!

وفي رحاب الزوجة الحبيبة ذقت - لأول مرة - طعم الحياة. . . كانت قبل أن ألقاها أشبه لفكرة شريدة معذبة لم تجد دفء خاطر تأوي إليه! كانت لحناً حائراً لا معنى له. . . لحناً نبذته شفتاي حين لم تستجب لأنغامه في حنايا الضلوع عاطفة! كان الوفاء والحب المتبادل هي كل معالم الطريق الذي سرنا فيه جنباً إلى جنب، وقلباً إلى قلب، وروحاً إلى روح. . . كنت أنسى كل متاعب الحياة حين تلقاني وعلى شفتيها ابتسامة مشرقة، وفي عينها بريق العودة من لقاء طويل، هيأته الأحلام تحت ظل وريف في واد من أودية السعادة!

ومضت بنا الحياة في طريقها تطوى الأيام حتى أقبل يوم لا أنساه. . . كان ذلك حين خرجت من البيت ذات صباح، ثم عدت إليه بعد ساعتين لأمر من الأمور فلم أجدها هناك! سألت عنها الخادمة الصغيرة فأنبأنني بأن سيدتها لن تعين لها المكان الذي ذهبت إليه.

وساورتني الظنون وانتابني شك قاتل ملح عنيف. . . ترى أكانت زوجتي تترك البيت قبل اليوم أثناء غيابي عنه؟! عدت إلى الخادم الصغيرة أسألها فأنكرت، وتحت الضرب المبرح لم تجديداً من الاعتراف، وأصبح الظن حقيقة. . . سيدة محترمة تغادر بيتها مرة في كل أسبوع إلى حيث لا يعلم أحد، ترى ماذا يخبئ لي القدر القاهر في جعبته؟! ورحت أذرع أرض الشرفة ذهاباً وجيئة في انتظار الزوجة الغائبة. . . وفي غمرة الوعي الذاهل والفكر المحموم، لم أدر كم من الوقت مر علي وأنا أتلفت إلى كل عربة مقبلة من هنا أو من هناك، مترقباً أن تكون قد عادت بها من المكان المجهول!

وأخيراً أقبلت عربة تاكسي ما لبثت أن هدأت من سرعتها ووقفت أمام البيت. . . وهبطت منها زوجتي! وأسرعت كالمجنون أهبط الدرج وثباً حتى كنت في ثوان معدودات أمامها وجهاً لوجه. . وحين رأيت لونها قد شحب، ونظراتها قد عراها الذهول. . . رحت أسأل السائق عن المكان الذي ركبت منه. . . وفي صوت هامس متلعثم أنبأني الرجل بأنه قد عاد بالزوجة الحبيبة من مقابر الأمام الشافعي!

وصعدنا إلى البيت صامتين. . . وحين احتوتنا إحدى حجراته رحت أنظر إلى عينها الشاردتين، محاولاً أن أستشف سرهما المخبأ وراء قطرات الدموع!

أما هي، فقد أطرقت برأسها إلى الأرض، وراح صدرها يعلو ويهبط، وجسدها ينتفض انتفاضة الحمى. . .

وأخيراً أمسكت بيدي بين يديها لتقول لي بصوتها اللاهث المتهدج:

- محمود. . . يا زوجي الحبيب. . . إغفر لي أن أقول لك كل شيء. . . أقسم لك أني كنت أضع بعض الزهور على قبره. . . لقد عاهدته أن أظل وفيه لذاكراه. . . لقد أقسمت له يوماً أن أظل على عهدي له. . . كان ذلك حين ودع الدنيا وتركني من بعده وحيدة. . . محمود. . . إن قلبي الذي كان له أصبح لك. . . حسبك قلبي. . . بالله لا تضق بأفكاري إذا انحت إليه لتؤنسه في وحشته. . . وبيدي إذا وضعت يوماً على قبره زهوراً ترطب ثراه. . . محمود. . . هل تغار من رجل مات؟. . . تكلم. . . تكلم يا زوجي الحبيب واغفر لي. . . اغفر لي أنني لم أبح لك قبل اليوم بشيء!!

حاولت أن أتكلم فماتت الكلمات على شفتي. . . كنت كمن أغفى إغفاءة طويلة استيقظ من بعدها على حلم مخف بعث رجة افزع في أوصاله!

ولأول مرة شعرت بأن أشباح الشقاء ترفرف على المكان بأجنحتها السود فتحيل النور في عيني ظلاماً. . . وتركتها تنتخب وعدت إلى غرفتي مكدود القوى، أشبه بجندي عاد إلى بيته بعد المعركة. . . عاد ليبحث عن أحبابه بين ركام الأنقاض!

ومرت على ليال لم أذق للنوم فيها طعماً. . حاولت أن أنسى وأن أغفر ولكني لم أستطيع! لقد تكشفت لي الحقيقة الكريهة البشعة، وهي أن زوجتي لم تكن صادقة في حبها لي. . لقد كان قلبها هناك، يمسح بيد الذكريات فوق ألقب الذي طوى بين جنباته أول أمل!. . . سبع ليال مرت علي كأنها سبعة ذئاب جائعة تنشب أظفارها في قلبي، كنت أشعر شعوراً عميقاً أن هذا القبر الرابض في صحراء الأمام قد سلبني أعز ما أملك، وأن هذا الفتى المسجى في جوف الثرى لص. . . ضل طريقه إلى بيوت الناس وقادته قدماء إلى بيتي وحده، ليسق أنفس كنز وهبته لي الحياة! وكلما نظرت إلى وجه زوجتي بدت لي الدنيا جحيماً لا يطاق، لقد عاد إلى سابق عهده يوم رأيتها لأول مرة: الحزن العميق والأسى الدفين! أما عيناها فقد أطل منهما الماضي البعيد. . . حار فيهما ألف معنى مبهم أو ألف رحلة طويلة إلى عالم مجهول!

ومر شهر وشهران وثلاثة وكلانا يعيش في العذاب. . . العذاب الملح المبرح المتصل الذي تراودني أشباحه الرهيبة في الليل والنهار، وتقذف بي إلى خارج بيتي أنشد العزاء في الجلوس إلى الناس! لم أعد أطيق رؤية البيت إلا حين آوي إليه لأنام، لا تجمع بيني وبينها كسابق عهدنا حجرة واحدة. . . كان الخيال يصور لي أن هناك حاجزاً هائلاً يحول بين ضم جسمينا في فراش واحد، هو ذلك القبر الكئيب البغيض الرابض في صحراء الأمام. القبر الذي كان يخيل إلى أنه يترك مكانه كل ليلة لينعم بأحضان زوجتي حتى الصباح!!

ولم يكن هناك يا صديقي بد من نفترق. . ترى هل جنى علي الخيال؟ لست أدري!. . كل ما أدريه أن حواء قد ذهبت، وأن زهوري قد ذبلت، وأنني قد طويت القلب على أحلامه وقذفت به بعيداً. . . بعيداً في وادي الذكريات.

أنور المعداوي

خوفاً من أبيه! وأخيراً تهالك (خالد) على مقعده في قنوط وقد أيقن أنه فقد ساعته، فلم يترك مكاناً إلا بحث فيه ولا صديقاً إلا سأله عنها

وبالرغم من أن حجرته خالية إلا من أجلاد جسمه، هادئة إلا من دقات قلبه، فأن طيفاً فارع العود منقبض الأسارير راح يحدق فيه مستخفاً بذكائه وعلى شفتيه ابتسامة تهكم وفي صوته نبرة ازدراء!!

وخرج من الغرفة إلى عرض الطريق ضائقاً بذلك الطيف الذي أعاد إلى خياله صوراً كتلك المواقف التي تكون بينه وبين والده حين يفقد أحقر حاجاته!!. .

واستقبله الشارع على غير ما تعود. لقد بدا له كالرسوم الحائلة في كراس عتيق! وكأنما أصوات المارة لضعفها تصل إلى أذنيه من بعيد. . .

وعجزت أضواء الطريق الألافة ومعروضات المحال المغرية أن تخرجه عن نفسه أو تبعث إليها شعاعاً من أنس. . .

ولكن محلاً لبيع الساعات في نهاية الطريق استطاع أن يخترق بأضوائه نطاق كآبته، وأن يستوقفه أمام معرضه، وأن يتملق نظراته الموزعة بمرأى ساعاته الجذاب. . .

وأخذت عيناه في لهفة ساعة تشبه ساعته في لحجم والغطاء، وأن كانت دونها في الثمن والرواء!

وهنا افتر ثغره ليبارك فكرة رائعة تفتح عنها ذهنه المضطرب. إن والده لا يستطيع أن يدرك الفرق الداخلي بينهما؛ وسيكفى شراؤها لتعود المياه إلى مجاريها. . .

ولكن سرعان ما شعر بخيبة مرة تخاذلت لها قدماء وانطبقت شفتاه على حطام ابتسامة. . . الشراء؟! إن ما معه من المال لا يبقى منه إذا اشترى الساعة ما يسد عوزه إلى أن تبدأ الإجازة

التي سيرجع فيها إلى قريته. . .

وهنا مرت أمام عينيه متلاصقة لتلك المواقف التي تكون بينه وبين والده حين يفقد شيئاً من أشيائه، ثم تذكر في مرارة زوجة أبيه وهي تفترص تلك المواقف لتملأ عينها الوقحة بمنظر دموعه الذليلة وهي تتلمس طريقها على حده الشاحب الهزيل!

وهنا وجد نفسه مدفوعاً إلى شراء تلك الساعة، هازئاً من آلام الحرمان التي سيلاقيها ما دام يقاسيها وحده ولن يطلع عليها سواه!

وبعد أسبوع كانت مائدته قد سئمت تلك الوجبات الخشنة، ومعدته قد عافت تلك الأكلات التافهة. وكان قد تعود أن يسمع رفاقه يتساءلون عن تلك الصفرة التي تغطي وجهه والإعياء الذي يحد نشاطه! واستطاع أن يجيب رفاقه بما تعود من لباقة، وأن يتحمل الألم بما أنفطر عليه من صبر. .!!

ولكننا نرى نفسه القوية تنهار في يد الألم وتتخاذل في حلبة الصراع مع الأقدار، حين يطلب ناظر مدرسته إلى كل طالب أن يتبرع بعشرة قروش للنشاط الرياضي بالمدرسة!!

لقد شعر بأن القدر يتحداه ويسخر من إيمانه بكرامته!!

إنه لا يستطيع أن ينكص عن دفع هذا المبلغ لشهرته الرياضية بالمدرسة، ولا يستطيع أن يدفعه إلا إذا قدر أن يبقى يومين بدون طعام

وتحامل الشجاع الجريح على نفسه وصوب إلى صدر القدر آخر سهم من كنانة صبره وإيمانه. . .

وفي اليوم الذي ابتدأت فيه أجازته كان يسرع على إفريز المحطة ليلحق بالقطار المسافر إلى قريته. . .

وفي إحدى عربات الدرجة الثالثة ألقي بجسمه المنهوك وجعل يستعرض آلامه المضنية التي مرت به، وكأنه جندي مثخن يشفى غليله بمرأى قتلاه في الميدان!

واختلجت على شفتيه ابتسامة باهتة كانت تسترجع شجاعته وتستنهض أمله وتزف إليه كرامته في إطار من الثقة. . .

وسمع صوتاً يهتف من أعماقه: مرحى أيها الجندي الباسل! لقد آن لك أن تلقي الجزاء!! ولكن أي جزاء يا ترى؟؟

لقد راح يتخيل موقف واله منه وقد علم بفقد ساعته وطفق ينحي عليه بألوان من القسوة وضروب من العنف لتكون فرحته أشد حين يعلم أن شيئاً من ذلك لن يحدث!! وازدادت البسمة وضوحاً حين غادر القطار إلى بيته في أقصى القرية، كأنما استردت نشاطها من طول ما نامت على شفتيه. . .

وفي حجرة من حجرات البيت وقف يقبل يد والده قبلة آلية، ثم رفع رأسه ليرى وجه والده، وكأنما غادر حجرته بالمدينة منذ أسابيع، وسمعه يقول وعلى شفتيه ابتسامة تهكم وفي صوته نبرة استخفاف: ما هذا الذهول الذي لا ينفك مستولياً عليك؟ كيف نسيت أن تأخذ ساعتك وأنت مسافر؟!

محمد أبو المعاطي أبو النجا ï» ؟ Error

ظٹظˆطط¯ ط®ط·ط ظپظ‰ ط¹ط±ط¶ ظ‡ط°ظ‡ طظ„طµظپط­ط© ï» ؟ Error

ظٹظˆطط¯ ط®ط·ط ظپظ‰ ط¹ط±ط¶ ظ‡ط°ظ‡ طظ„طµظپط­ط© ï» ؟ Error

ظٹظˆطط¯ ط®ط·ط ظپظ‰ ط¹ط±ط¶ ظ‡ط°ظ‡ طظ„طµظپط­ط© ï» ؟ Error

ظٹظˆطط¯ ط®ط·ط ظپظ‰ ط¹ط±ط¶ ظ‡ط°ظ‡ طظ„طµظپط­ط© ï» ؟ Error

ظٹظˆطط¯ ط®ط·ط ظپظ‰ ط¹ط±ط¶ ظ‡ط°ظ‡ طظ„طµظپط­ط©