مجلة الرسالة/العدد 790/أوراق مطوية:
مجلة الرسالة/العدد 790/أوراق مطوية:
كل شئ إلى زوال
للأستاذ إبراهيم محمد نجا
كل شئ إلى زوال ... فاسقني خمرة الجمال
لا تكلمني إلى غد ... إنه في دمى خيال
أنا لو كنت خالداً ... ما تعجلتك الوصال
هل ترى الصبر نافعاً ... لمقيم على ارتحال؟
إنما العمر خطوة ... كخطا الريح في الرمال
فاسقني خمرة الجمال ... كل شئ إلى زوال!
أترى ذلك الضياء ... رائع السحر والبهاء؟
يملأ القلب فرحة ... ونزوعا إلى السماء
ويوافيه بالمنى ... وبأحلامه الوضاء
ويغنى فتبعث الطي ... ر له أعذب الغناء
سوف يمضى كما أتى ... حينما يقبل المساء!
فاسقني خمرة الجمال ... كل شئ إلى زوال!
أترى ذلك المساء ... رائع الصمت والخفاء!
يملأ النفس رهبة ... دونها رهبة الفناء
فهو بحر بلا ضفا ... ف، وأفق بلا انتهاء
وهو نوم وراحة ... وهو سهد على بكاء
سوف يمضى كما أتى ... حينما يقبل الضياء
فاسقنى خمرة الجمال ... كل شئ إلى زوال!
والربيع الذي تراه ... يتهادى على رباه
فتغنى به الدني ... وتغنى له الحياة
سوف يمضى كأنه ... أرج الزهر أو نداه
فإذا الزهر ذابل ... من بكاء على شذاه وإذا النهر غائر ... بعد ما فاض شاطئاه
فاسقني خمرة الجمال ... كل شئ إلى زوال!
والشباب الذى يطيب ... نفح ريحانه الرطيب
وترى حوله المنى ... كفراش على لهيب
سوف يمضى مشيعاً ... كل ما فيه بالنحيب
ثم يأتي بيأسه ... دونها وحشة الغريب
فاسقني خمرة الجمال ... كل شئ إلى زوال!
سوف أحيا مع الشباب ... بين أحلامه العذاب
فإذا الجسم في الثرى ... وإذا الروح في السحاب
وإذا بي مع الهوى ... كأغان على رباب
أبصر النور في الدجى ... وأرى الماء في السراب
إنما الحب ساحر ... يبدع الروض في اليباب
فإذا أقبل الردى ... ثائر الهول كالعباب
قلت يا نفسي اهدئي ... ليس يجديك الاضطراب
إنما العمر رحلة ... بعدها يحمد المآب
فاحمدي ذلك المآل ... كل شئ إلى زوال!
إبراهيم محمد نجا