مجلة الرسالة/العدد 726/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 726/البريد الأدبي
تحقيقات تاريخية:
بين يدي ديوان (صردر) طبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة (1934) في الصفحة الرابعة وفي السطر الثاني هذا البيت من الشعر:
جيوش من الأقدار تفنى عُداته ... بلا ضرب إيثاخ ولا طعن أشناس
وفي الحاشية رقم (2) (إيثاخ وأشناس كذا بالأصل ولعل الأولى (إثباج) جمع (ثبج) وهو بين الكاهل إلى الظهر والثانية لم نوفق إلى مراد الشاعر منها. وصحة البيت:
جيوش من الأقدار تفنى عُداته ... بلا ضرب إيتاخ ولا طعن أشناس
وإيتاخ وأشناس كلاهما من مشاهير قواد المعتصم الذين ابلوا احسن البلاء في حروب الروم وفتح عمورية (222هجرية - 224) وضربت بقيادتهم وشجاعتهم الأمثال.
قال الطبري: كان على مقدمته أشناس ويتلوه محمد بن إبراهيم وعلى ميمنته إيتاخ وعلى ميسرته جعفر بن دينار بن عبد الله الخياط صفحة 264 الجزء السابع.
قال ابن الأثير: وفي هذه السنة 223 هجرية خرج توفيل ابن ميخائيل ملك الروم إلى بلاد الإسلام وأوقع بأهل زبطرة وغيرها وكان سبب ذلك ان بابك لما يضيق الأفشين عليه واشرف على الهلاك كتب إلى ملك الروم يعلمه إن المعتصم قد وجه عساكره ومقاتليه إليه حتى وجه خياطه يعنى جعفر بن دينار الخياط وطباخه يعنى إيتاخ ولم يبق على بابه أحد فإن أردت الخروج فليس في وجهك أحد يمنعك.
أحمد رمزي
على هامش كتاب (دفاع عن البلاغة):
سيدي الأستاذ العقاد:
لو لم تكن حبسة المرض قد حجبت الأستاذ الجليل أحمد حسن الزيات لجعلته الخصم والحكم في كلمتي هذه ولسرني منه أن يرميني بالدواة والقلم والرسالة ولكن لأمر ما لجأت إليك أيها الأستاذ الكبير وأنت عندي شيخ النقد النزيه وعصارة الأدب في هذا العصر.
قرأت كتاب (دفاع عن البلاغة) للأستاذ أحمد حسن الزيات فأكبرته ووجدت له شأنا أعظم من شأن غيره من مؤلفات البلاغة وعز على أن يأتيه النقص من أحد جوانبه ضنا بأدب الزيات أن يعتوره غبن في الأجيال المقبلة.
قال الأستاذ - نفعنا الله بعلمه - في كتاب دفاع عن البلاغة صفحة 72 المطبوع سنة 1945 ما يأتي:
(إن بلاغة التوراة والإنجيل في العبرية لا مساغ للشك فيها ولكنك تقرأهما في العربية فلا تجد أثرا لهذه البلاغة ذلك لأن الذين ترجموهما إلى لغة القرآن لم يكن لهم بآدابها علم فوضعوا لفظا مكان لفظ ولم يضعوا أسلوبا مكان أسلوب فجاءت الترجمة موضوعية عجماء لا تشبه لغة من لغات الناس في لون ولا طعم ولا شكل.) انتهى
يشعر الأستاذ الجليل بقوله هذا أن الإنجيل قد كتب باللغة العبرية والإنجيل مكتوبات متى ومرقس ولوقا ويوحنا وربما تناول أيضاً باقي أسفار العهد الجديد باليونانية ومعناه بشارة أو خبر مفرح.
والنصرانية تعتبر الإناجيل الأربعة سندا تاريخيا تغترف منه براهين تاريخية لتأسيسها ونظامها الداخلي وما كانت الأناجيل كتاب بلاغة في العبرية عند اصل وضعها.
فإن متى صاحب السفر الأول من الإنجيل قد كتب سفره ما بين سنة 44 - 50م بلغة التخاطب الشائعة في عهد المسيح بين يهود فلسطين وتلك اللغة هي السورية الكلدانية أو الآرامية
والإنجيل الثاني ينسب إلى مرقس وعلماء آباء النصرانية مجمعون على إن مرقس كتب في رومية للرومانيين تعاليم بطرس الرسول وكتب باللغة اليونانية بعد سنة 62م.
والسفر الثالث من الإنجيل يعزى إلى لوقا وقد كتبه في رومية زهاء سنة 62م باللغة اليونانية أيضا.
أما السفر الرابع من الإنجيل فقد كتبه يوحنا في أواخر القرن الأول من الميلاد يوم كان في جزيرة باطمس ويروى في أفسيس وقد اتخذ اليونانية أداة لكتابته.
يظهر مما سبق أن الأناجيل قد كتبت في غير العبرية ولم تترجم من العبرية إلى العربية. أما بلاغتها في العبرية بعد أن ترجمت إليها فمسألة ليس من السهل الجزم بها ولا يتأتى لمن يجهل العبرية أن يتهجم على مثل هذا الشأن عندما يتناول القارئ قطعة للأستاذ الجليل أحمد حسن الزيات يحسب أن أمه كبيرة تقمصت فردا واحدا؛ فكان ما ينفحنا به قلمه يمثل لنا أن جماعة عديدة من أمراء الكتاب وقادتهم، يعملون الفكر، ويسدون المنهج لإخراج الكلمة، فيقدرون لكل عبارة قدرا، ولا ينشرون حرفا قبل أن يعرضوه على مقاييس محكمة من فصاحة في اللفظ، وبلاغة في المعنى، وشمل للحقائق؛ أما القطعة التي سبقت الإشارة إليها من كتاب دفاع عن البلاغة صفحة 72 فقد خرجت عن طريقة الزيات إلى طريقة من لا أدري.
فهل تجيز أيها الأستاذ العقاد - شملنا الله بعدلك - قوله إن بلاغة التوراة والإنجيل في العبرية لا مساغ للشك فيها. ولكنك تقراهما في العربية فلا تجد أثرا لهذه البلاغة؛ ذلك لأن الذين ترجموها إلى لغة القران لم يكن لهم بآدابها علم. . .؟
أفلم يكن للشيخ إبراهيم اليازجي علم بآداب اللغة العربية؟ أو ليست أسفار العهد القديم والعهد الجديد، المنسوبة إلى الآباء اليسوعيين في بيروت، من تعريب الشيخ إبراهيم اليازجي؟ فقد نشرت خبر ذلك مجلة الأجيال الجزء الثاني من السنة الثانية؛ ونشرته جريدة الأيام التي كانت تطبع في نيويورك في العدد الصادر بتاريخ 16 شباط سنة 1899؛ ونشريه جريدة البشير في العدد الصادر بتاريخ 16 حزيران سنه 1881؛ وأعادت نشرة مجلة الضياء في أربع صفحات بتاريخ 15 إبريل سنة 1899؛ وذكرته الكتب المدرسية المعنية بتاريخ الآداب العربية.
ومما يشهد به التاريخ أيضاً أن فارس الشدياق قد ترجم العهدين الجديد والعتيق بعناية الجمعية الإنجليزية ونفقتها؛ وطبع العهد الجديد عن هذه الترجمة سنة 1851 - ثم طبع العهدان أيضاً سنه 1857 وذلك في مدينة لندن.
أما النسخة التي قام بترجمتها مرسلو الأمير كان في بيروت فقد وقف عليها المعلم بطرس البستاني وكرنيليوس فإن ديك. (ومن الذين كان الاعتماد عليهم في ضبط الترجمة على قواعد اللغة العربية وفصاحتها الشيخ ناصيف اليازجي اللبناني والشيخ يوسف الأسير الأزهري.) راجع كتاب مرشد الطالبين صفحة 27 - المطبعة الأمريكية بيروت.
فهؤلاء جميعا كانوا ومازالوا يعدون من أولى العرفان الراسخين في علوم العربية وآدابها.
فنرجوا منك ليها الأستاذ العقاد ان تكشف لنا عن هذه الحقيقة وتعلل قول الأستاذ الزيات أمير البلاغة وصاحب الدفاع عنها بكلمة إنصاف ترد الفضل لذوي الفضل والسلام
(نابلس)
أبو بكر النمري
مولانا أبو الكلام وترجمة القران:
جاء في العدد 722 من الرسالة تحت توقيع الجاحظ ما نصه: (فسر الزعيم أبو الكلام قدرا من القرآن الكريم تفسيرا علميا عصريا، وترجم القرآن كله إلى اللغة الإنكليزية إلى آخره)
والحقيقة أن مولانا أبو الكلام أراد قد فسر القرآن الكريم بالغة الأردية تفسيرا علميا عصريا ولكنه لم يترجم القرآن إلى اللغة الإنجليزية كما ذكر الجاحظ لأنه لا يعرف هذه اللغة ولا يفهمها. أما ترجمة القرآن من العربية إلى الأوردية فهي أحسن التراجم وأصدقها في هذه اللغة.
والسلام عليكم أول وآخرا.
(الكويت)
عبد الحميد يوسف القناعي