انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 670/أوراق مبعثرة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 670/أوراق مبعثرة

ملاحظات: بتاريخ: 06 - 05 - 1946



من ظلال الهوى

للأستاذ صلاح الدين المنجد

ماذا تريدين مني، في هذه العشية الصافية؟

لِمَ تنظرين إلى بعينيك المجرمتين، هذه النظرات الفاتنة؟

لم ترسلين من شفتيك، الرفافتين بالخطايا، بسمات آسرة؟

أتحاولين إغرائي مرة أخرى؟

لقد أوى قلبي، كعصفور جريح، إلى عشه وأغمض عينيه. فدعيه ينعم بالهدوء. . .

وابتعدي عني. . . أنت يا خائنة.

نشواي، يا أفعى من أفاعي الجحيم.

اسمعي. . لن آسف على ما مضى.

لقد ذبت في هواك الخادع،

وقدمت إليك روحي صافية كالدرة، نقية كالندى.

فلما آنست مني الحب والعطف،

وشع في عيني الوله واللطف،

تلونت تلون الحرباء، يا نشوى، وأعرضت عني لاهية جذلى. فانثنيت على قلبي، أبكي هواي، وأذيب في دمعي أساي. فلم عدت هذه العشية يا نشوى تؤرثين أشجاني، وتهيجين أحزاني؟

لقد مللتك فدعيني.

دعيني، ويلك، يا خائنة!

نشواي يا نشوى.

أيامك المواضي، حلم شهي، رف وامَّحى.

وهمسك الحلو في أذني، في عشيات الربيع، ضاع ونأى.

وزهرك المنضور، المخضل بالعطور، جف وذوى.

لا تقربي شفتيك اللاهبتين من فمي.

ابتعدي، فأنفاسك تهيجني. . .

حولي نظراتك عني، فالشهوة فيها تفور، والنار في جسمك تثور.

أتبكين. . .؟

عودي، ودعيني، أنت يا خائنة.

كانت بسماتك زهرات فردوس موهوم، في رحيقها سم مختوم؛

وغمزات عينيك، كن شظايا من جحيم ملعون.

وكانت شفتاك ترعشان بين شفتي، كورق الورد الندي، في نسمات الربيع.

وكنت أرويك الهوى حلواً.

فاصفرت البسمات يا نشوى، وضاعت غمزات.

وتلوت الأفعى وقالت لا أريد، لا أريد.

فلم عدت تهيجين أشجاني يا نشوى، وتثرين أحزاني.

فجراحي ندية وقلبي متعب، ودمي يسيل.

فابتعدي عني، ابتعدي، أنت يا خائنة.

لكن تعالي يا نشوى تعالي. . .

لا تخفك نظراتي وزفراتي.

لم تدبرين وكنت مقبلة، وترعشين وكنت هادئة؟

أأدعك قبل أن أنتقم. . .

أين دمائي التي أهرقتها، وقلبي الذي ضل؟

سأمتص دماءك، فهي دمائي.

وسأمزقك ألف قطعة وقطعة.

شد ما أبغضك. . .

اقتربي، ولا تعودي، أنت يا خائنة. . .

آه ما أضعفني. . .

لا تخافي، فأنا كاذب فيما أقول. . .

اقتربي، فأنت قرة العين، وهواي المرتجي.

اقتربي، ولا تعودي، أنت يا فاتنة. . .

(القاهرة)

صلاح الدين المنجد