مجلة الرسالة/العدد 634/هذا العالم المتغير
مجلة الرسالة/العدد 634/هذا العالم المتغير
للأستاذ فوزي الشتوي
جراحة القلب ومعجزتها
هي معجزة جديدة في عالم الطب. فلم يعد الرصاص الذي يصيب القلب من العوامل التي لا علاج لها. وقد تمت المعجزة خلال الحرب، وصقلت تجاربها على قلوب الجنود الذين كانوا ينقلون بالعشرات إلى المستشفيات، وفي قلب كل منهم أو في رئتيه رصاصة أو شظية. كان الطبيب في الماضي يكتفي من مجرد رؤياها بأنه لا آمل في حياة المصاب.
أما الآن فتيسر للأطباء إنقاذ مئات الأرواح التي كان الطب القديم يفقد الأمل في حياتها. وهؤلاء الأفراد الذي استخرجت الأجسام الصلبة من قلوبهم أو من رئاتهم يعيشون في أتم صحة ويواصلون حياتهم كأن رصاصة لم تخترق قلوبهم أو تمزق أنسجة رئاتهم.
وليست معجزة اليوم جراحية في كل تفاصيلها فجزء كبير منها من عمل المريض نفسه، ومن المعونة التي يلقاها الطبيب من المصاب ذاته. فعندما تخترق إحدى الرئتين مادة غريبة تتوقف هذه الرئة عن العمل. ويعيش المريض فترة يتنفس برئة واحدة. وهي سنة طبيعية في الإنسان تمنع عنه الإحساس بالألم المبرح.
فإذا أزيل الجسم الغريب من الرئة فواجب المريض أن يتعلم كيف يتحرك ذلك الجزء الذي توقف عن أداء عمله. وهي مسألة لا يتيسر لي أو لك إنجازها، فهي تحتاج إلى بعض المران الذي عرفه الأطباء لتحريك تلك الرئة المضربة عن العمل، فإن هي إلا فترة حتى يتعلم المصاب كيف يعيدها إلى سابق واجبها.
وعمليات القلب الجراحية من العمليات الدقيقة الشاقة فيتحتم أن يحدد الطبيب مكان الجسم الغريب من القلب تماما حتى يصل إليه مشرطه ويقبض عليه ملقاطه من أصغر فتحة. ويستلزم هذا أن يجري للمصاب كشف بالأشعة في عدة أوضأ قد تصل إلى العشرة وعلى ضوء هذه الصور يحدد الجراح موقع الجسم الغريب وحجمه بالضبط.
ووصف أحد الكتاب إحدى العمليات التي شاهدها لاستخراج رصاصة من عيار 30 مليمترا من قلب أحد الجنود فأدهشه ما بدا عليه من هدوء وثقة برغم أنه كان يعرف ما سيحدث له فلما نقل إلى غرفة العمليات حقتنه الطبيبة المختصة بالمخدر فلم يلبث أن راح في سبات عميق. وعندئذ اعمل الجراح مبضعه لمدة ساعة ونصف ساعة استخرج خلالها الرصاصة وما صحبها من أنسجة القماش التي غاصت في القلب معها.
وأتم الجراح عملية التنظيف ثم طهر كل جرح بالبنسلين قبل تضميده وأعادته إلى اصله.
وتلقى أطباء آخرون المصاب يزودونه بما يحتاج إليه من دم جديد بدل الذي فقده ويعالجونه بالأكسوجين لكي يفيق وغير ذلك من الوسائل التي تحتفظ بجسمه في حالة جيدة، فمن العوامل الهامة أن يتمتع المصاب بحالة نفسية هادئة وقوة بنية تساعده على مغالبة إصابته. فلو توافر هذان العاملان فإن المصاب لا يلزم الفراش أكثر من يوم واحد يسمح له بعده بالمتنزه في الحديقة حتى يتم شفاؤه.
وعندما تنتهي العملية الجراحية تبدأ عملية التنفس، وقد درب الأطباء عددا كافيا من الجنود لكي يتولوا تدريب المصابين الجدد فيعلمونهم كيف يوقظون الأجزاء المصابة ويرسلون فيها الحركة والحياة
وتخصص في عمليات الصدر بكافة أنواعها عدد من الأطباء والطبيبات الأمريكيين تحول إليهم جميع إصاباته فتشغلهم طول وقتهم. وقد مضت عليهم عدة شهور فلم تفشل معهم حالة واحدة بل دخل المستشفى آلاف الجنود الفاقدي الأمل في الحياة فخرجوا منه ممتلئين بالصحة والعافية.
أما مبدأ أطباء ذلك المستشفى فكما قال الجراح هاركن (كان هدف جراحة الصدر في الحرب الماضية إنقاذ الأرواح فحسب أما هدفنا، فهو معرفة احسن السبل لكي يعود المصابون إلى الحياة وهم على احسن حال وفي اقصر وقت).
وعلى ضوء هذا المبدأ سار الأطباء في تجاربهم ونجحوا في تأدية واجباتهم دون أن يصبهم ملل أو كلل وكانت أول واجباتهم رفع الروح المعنوية في المصابين واستغلال حبهم في الحياة لكي يصلوا إلى الشفاء من إصاباتهم المميتة ودخلت الجراحة في مرحلة جديدة وهي جهد المريض نفسه.
تخرج معدتها لتأكل
من الحيوانات الغريبة نجمة البحر ولكن الأغرب هي الطريقة التي تتغذى بها لأنها لا تأكل بفمها بل تخرج معدتها للحصول على طعامها.
وعندما تجوع نجمة البحر تزحف في قاع البحر إلى أن تجد حيوانا يسهل عليها التهامه. ومن هذه الحيوانات المحار بأصدافه القوية. ولكن نجمة البحر تلتف حول الصدفتين، وتثبت أقدامها بمصاصاتها على كل منها وتجذب الصدفتين لتفتحهما وتلتهم ما في الداخل. ويصر المحار طبعا على أن لا يأكل ولكن المقاومة ترهقه بعد حوالي 30 دقيقة وتنفتح الصدفتان.
ولنجمة البحر فم ولكنه صغير جدا بالنسبة للمحار فتخرج النجمة معدتها وتدخل فيها لحم المحارة وتتركها خارج فمها لحظة حتى يتيسر للإفرازات المعدية تفتيت لحم المحار وتحويله إلى سوائل يسهل تسربها إلى داخل جسم النجمة. وعندئذ تعود معدة النجمة إلى داخل جسمها لتبحث لها عن فريسة أخرى.
لمكافحة السل:
تيسر لأطباء السل سرعة الكشف على مرضاهم بفضل الجهود التي بذلها بعض المهندسين إذا أتاحوا لهم الحصول على ست صور مختلفة للصدر في الدقيقة الواحدة أي ضعف العدد الذي كان متاحا لهم بالأجهزة القديمة. وبذلك سهل على الوحدة الطبية الواحدة الكشف على ألف مريض كل يوم وفحصه فحصا جيدا.
ولا يعجب القارئ إذا عرف أن السل وانتشاره من الأمراض التي تهدد الدولة الغربية. فإن الحرب ونقص الأغذية عرضت أكثر من 70 % من أفراد الشعوب للإصابة بهذا المرض مما دعا المهتمين بالشؤون الصحية إلى اعتبار مكافحة السل من أول أهداف البلاد القومية.
وتتلخص هذه الطريقة في عكس صور الصدر على لوحة باستخدام عين كهربائية تضبط كمية الضوء المطلوب بطريقة آلية ويحدد التعديل أيضاً زمن عرض اللوحة الحساسة للضوء أيا كان حجم جسم المريض وأيا كانت الأجسام الغريبة أو المعتمة داخل صدره.
وتمتاز هذه الطريقة برخصها وكمال وضوحها برغم صغر الصور التي تنتج عنها.
تجارب على البنسلين:
توالى الهيئات الطبية في الخارج تجاربها لاستخدام البنسلين في علاج الأمراض أيا كان لونها. وقد أجرى معهد ميو الطبي تجربة جديدة على الأمراض الخطيرة التي تنتقل إلى الإنسان من الحيوان عن طريق الميكروب المعروف باسم انثراكس. وهو من الجراثيم القوية التي لم يفلح في القضاء عليها كثير من العقاقير المعروفة مثل السلفا وسم الميكروب نفسه.
ويحمل هذا الميكروب عادة في فراء الحيوانات ثم ينتقل منها إلى الإنسان فيصيبه بعدة أمراض خطيرة عجز الطب في كثير من الأحوال عن شفائها.
وقد جرب البنسلين على الفيران فوجد أنها تكتسب المناعة ضد الإصابة بأمراض الانثراكس القتالة. وأثبتت التجارب أن الفيران تحتفظ بصحتها نسبيا إذا حقنت بجرعات قتالة من الانثراكس ثم عولجت بالبنسلين ولو بعد أصابتها بست عشرة ساعة فإن تلقت العلاج سريعا بعد ساعة واحدة من الإصابة فإن نجاتها تكون أكيدة واستعادتها لصحتها كاملة.
وجرب استخدام البنسلين في علاج الضعف والالتهاب الرئوي فشفي بعض المصابين بعد عشرة أيام من بدء العلاج.
ولا يعطي البنسلين في هذه الحالة كما هو بل يطحن إلى ذرات متناهية الدقة على ألواح زجاجية. فإن الذرات الكبيرة يتعذر توغلها في أجسام المرضى فلا تصل إلى الميكروبات وتقتلها.
إرسال الخطابات بالكهرباء
اكتشفت إحدى شركات الكهرباء طريقة حديثة لإرسال الخطابات من مدينة إلى أخرى في اقصر وقت وبغير أن تقع عليها عين إنسان لأنها ترسل على الموجات الكهربائية. فعند ما يتناول مكتب البريد الراسل الرسالة يضعها داخل آلة ضاغطة من المطاط ترسل إلى المحطة المرسل إليها علامات بيضاء أو سوداء تعكس بالات خاصة تحل رموزها وتكون الرسالة الأصلية بالشكل الطبيعي.
وليس لهذه الرسائل غلاف منفرد بل غلافها وخطابها واحد على مثال الأشكال المعروفة الآن التي تطبق وتلصق فتكون الرسالة والخطاب.
وعندما تصل الرسالة إلى مكتب البريد المختص وتحل رموزها يتولى عامل البريد العادي إيصالها إلى أصحابها. وتمتاز هذه الطريقة عن البريد المصور بأنها لا تحتاج إلى أفلام تطبع وترسل. وهي ليست أيضاً بالراديو المصور لأن أدواتها أقل منه دقة وإن كانت تستعمل في الغالب أكثر نظرياته.
ويتوقع مديرو الشركة التي توصلت إلى هذا الاكتشاف صقلها وتيسير استعمالها في التجارة في أمد قريب حتى تكون عملية الإرسال بسيطة يستطيع الموظف العادي أداءها.
سر حياة النبات
يخطو العلم خطوة جديدة لكشف أسرار الحياة النباتية بدراسة ما يحدث من تطورات داخل البذرة، ويتولى هذا البحث أحد المعامل في جامعة كورنل بمعالجة سر الحياة النباتية بوسائل خاصة تكشف نموها وتغيرها.
وتوصل العلماء خلال دراساتهم من اكتشاف عامل يوقف نمو النبات ويجعله في شبه حالة نوم. وهذا العامل مقيم في الأنسجة التي تغذى الجسم الحي من النبات. وتمكنوا أيضاً من قتل هذا العامل فأدت أبحاثهم إلى نتائج ذات أهمية كبيرة. ففي بعض البذور تيسر لهم الإسراع بإنماء النبات بأن فصلوا العامل الذي يعمل على توقف الإنبات في بعض فترات السنة.
ويعمل هؤلاء العلماء على فحص هذا العامل في مختلف النباتات، ومدى تأثيره على نموها، وطرق القضاء عليه بغير أن تتأثر الأجزاء الحية من البذور. وتشمل التجارب الذي يؤديها العامل الآن على 500 بذرة.
فوزي الشتوي