مجلة الرسالة/العدد 629/هذا العالم المتغير
مجلة الرسالة/العدد 629/هذا العالم المتغير
للأستاذ فوزي الشتوي
الفيتامينات تغذي عقلك أيضاً
سمعت طبعاً عن الفيتامينات وضرورتها للحياة السعيدة وللصحة الجيدة. وعرفت أن الجسم الذي يعاني نقص منها يعاني من الآلام والعلل ما لا يتيح له مواصلة الحياة. ولكنك لم تعرف أن العلماء اكتشفوا أخيراً أنها غذاء العقل أيضاً. وإن نقصها يؤدي إلى حالات مختلفة من الاضطراب العقلي فيصاب الإنسان بالقلق وضعف الذاكرة وسرعة التعب وعدم الرغبة في العمل كما يحس بالآم خفية في مفاصله وظهره ويفقد شهيته.
وقد يكون الضعف التناسلي نتيجة لنقص أحد أنواع الفيتامينات المتعددة. بل هناك نوع من الفيتامين ينظم قدرة الإنسان الجنسية. وأولئك الذين يعانون نقصاً في الفيتامينات هم في الواقع أقل قدرة على مواجهة الحياة وأكثر تعرضاً للفشل لأنهم محرومون من صحة الجسم وسلامة العقل.
ولكي ندرك تأثير الفيتامينات على العقل يجب أن نعرف عملها في الجسم. فالفيتامينات إحدى الهبات التي نجدها في منتجات الطبيعة من الأغذية والخضراوات التي نأكلها مثل البيض والكبد واللبن والقمح والطماطم والفواكه وغيرها. وتيسر منذ سنوات قلائل الحصول على هذه المواد بالطرق الصناعية فانتشرت مركباتها في الصيدليات كحبوب أو كحقن تستخدم لعلاج حالات نقصها أو للتغلب على بعض الأمراض الناشئة.
ولا يحتاج جسم الإنسان إلى مقادير كبيرة من هذه المواد الضرورية فما نحتاجه من فيتامين (ب) المعروف اسم الثيامين لا يتجاوز جزاءاً من ألف من الأوقية في اليوم الواحد، أي أن أوقية واحدة من الفيتامين تكفيك ثلاث سنوات أو تكفي ألف شخص ليوم واحد.
وعمل الفيتامينات في جسم الإنسان أنها تساعد على تحويل المواد الغذائية التي تتناولها إلى نشاط جسماني وعقلي. وبغيرها لا يستفيد الجسم شيئاً من المواد التي نأكلها. وقد اكتشف الطب والكيمياء عشرة أنواع من الفيتامينات مرتبة على الحروف الهجائية تبعاً لوقت اكتشافها. ولا يزال العلماء منهمكين في اكتشاف أنواع أخرى منها.
وأكثر الفيتامينات تأثيراً على العقل هو فيتامين ب بأنواعه الستة، ولأثنين منها تأثير خاص على العقل وهما الفيتامين والنيكوتين. وتوجدان بكثرة في الخمائر والكبد والبيض. وأيسر طريق لتعاطي هذين النوعين من الإقبال على حبات الخمائر المجهزة المعروفة في الصيدليات، فإن تعذرت فعليك بإحدى خمائر الأفران الإفرنجية أذبها في قليل من الماء المحلى بالسكر واشربها في الصباح وفي المساء فتحصل على كمية وافرة من الفيتامينات التي يحتاج إليها جسمك وعقلك.
وظواهر نقص الفيتامين تبدو من تنمل الأطراف، فإن كانت الحالة حادة شعرت بألم في يديك وقدميك. ويبدو هذا الألم في الغالب كأنه التهاب لا تعرف سببه. وأحياناً يخطئ فيظنه نوعا من الروماتزم. ويلاحظ في الوقت ذاته أن الإنسان يحس بالتعب السريع والضعف إن هو اجهد نفسه.
ومن نتائج نقص الفيتامين أيضاً المرض العرف بالنورستانيا. وظواهره مختلفة متباينة من ميل إلى الخمول أو فقدان الشهية والذاكرة والأرق، كما يبدو الإنسان مغموماً ورأسه مثقل بالهواجس، ولا تكون هذه الظواهر شديدة حادة ولكنها تكفي لأن يشعر الإنسان أنه مريض أو متوعك المزاج.
فإن أقبل المريض على تعاطي نوع جيد من مركبات الخمائر فانه لن يلبث أن يدهش للتقدم السريع الذي يحصل عليه في أيام قلائل فانه سيحس بانتعاش عاجل، وبتطور غريب يعيده إلى حالته الطبيعية.
وثاني أنواع الفيتامين تأثيراً على العقل هو المعروف باسم حامض النيكوتين وتركيبه الكيمياوي قريب من نيكوتين التبغ. وقد تكلمنا عن نقصه في مقال سابق عن البلاجرا وذكرنا مدى انتشارها في بلادنا.
ولم يكشف العلم الغطاء تماماً عن أسرار فيتامين حامض النيكوتين وإن كانت ظواهر البلاجرا من إسهال وميل إلى النحافة وظهور الالتهابات الجلدية وغيرها من الآلام التي يعانيها الجسم من النتائج الثابتة لنقصه.
ولا يعنينا في هذا المقال أن نتحدث عن الظواهر الجسمانية بل أن ما يهمنا هو الظواهر العقلية التي يحس فيها المصابون بقلق وعدم اطمئنان فهم يخشون شيئاً لا يعرفون ما هو ويغلب عليهم الاضطراب والميل إلى التقلب وصعوبة التفاهم ولا يستطيعون السيطرة على عواطفهم، فما أسرع ما تبكيهم وما أسرع ما تضحكهم، تغضبهم ضوضاء حركة المرور، وإقفال الأبواب بعنف. وقد يثيرهم سماع الراديو ويتعب أنظارهم الضوء الوهاج.
فإذا كانت الحالة حادة أوجدت فيهم استعداداً للجنون فلا مفر من نقله إلى المستشفيات العقلية. وعلاج هذه الحالة إذا لم تؤد إلى حالة أخرى هو طبعا تعاطي فيتامين حامض النيكوتين.
والمواد الكحولية والمسكرات تؤدي إلى نقص الفيتامينات في الجسم لأن المعدة تستهلك كمية أكبر لتوازن كيماويات الكحول ولتعادل تأثيرها فضلا عن أن الجسم نفسه يحتاج إلى مقدار أوفر من فيتامينات ب. فإن وصلت حالة النقص إلى تأثيرها الحاد اختلط العقل ورأى المصاب أشباحاً وحيوانات مخيفة تسبح فوق رأسه وتكتنفه من كل جانب، ومن الضروري في هذه الحالة حقن المصاب بكميات كبيرة من فيتامينات ب. وهذا العلاج في الغالب يؤدي إلى تحسن ملموس.
ومن الخطر أن يهمل الإنسان نفسه أن أحس بنقص هذه المواد الحيوية لأن النتائج تكون في الغالب وبيلة. وقد تنفع في علاجها في أول الأمر بضع حبات من الفيتامين المطلوب فإن أزمنة فإنها ستنقلب إلى أمراض أخرى يتعذر شفاؤها ولا سيما أن الأمراض العقلية من أعسر الأمراض علاجاً، وقال بعض الأخصائيين أن علاجها ليعود الإنسان إلى الحالة الطبيعية ولا يتجاوز الثلاثة في المائة.
الأشرطة السينمائية واختبار نجاحها
توصل الدكتور جورج جالوب إلى اختراع آلة تسجيل استجابات الجمهور من نشوة أو ابتهاج أو استسخاف حيال مسرحية أو شريط سينمائي وتسجيل هذه الآلة احساسات كل فرد من المشاهدين على لوحة من الورق حيال كل منظر من مشاهد الشريط. وبتطبيقها على مفتاح للشريط يعرف منتجوه أي أجزائه حاز القبول أو الاستهجان.
وبعد انتهاء عرض الشريط أو المسرحية تجمع الآلة استجابات الجمهور وتوضحها في خمس درجات وهي (مقبول) و (مقبول جداً) و (محايد) و (سخيف) و (سخيف جداً).
وطريقة استخدام هذه الآلة أن يجلس الجمهور في الحفلات الأولى كالمعتاد ويمسك كل مشاهد بيده آلة صغيرة متصلة بالآلة الكبيرة فتسجل إحساسه في كل مشهد يراه على شريط من الورق. وتعتمد الآلة في تسجيل هذه الاحساسات على اهتزازات الإنسان المختلفة حيال المشاهد المختلفة، فللفرح هزته، وللانتعاش هزته أيضاً.
وقد توصل العلماء الأمريكيون من زمن إلى تحليل ظواهر الاحساسات النفسية. ويقسم الدكتور جالوب رواد الملاهي أيا كانت ثروتهم أو فقرهم إلى 42 قسما من مختلف الأعمار والميول.
ويتوقع أصحاب الملاهي لهذه الآلة مستقبلا باهراً كما يتوقعون انتعاشاً كبيراً لأعمالهم فعلى هديها يتاح لهم أن يقدموا للجمهور ما يحتاج إليه من متع. وغنى عن القول أن هذه الآلة سوف تطلعهم على مواطن الضعف في مباهجهم فيعدلونها بما يناسب طلبات الجمهور وذوقه.
وقد اختبرت هذه الآلة حتى الآن 45 شريطاً سينمائياً وصححت بعض الأشرطة بعد اختبارها بهذه الآلة فارتفعت من مرتبة ضعيف جداً إلى نجاح كبير.
فوزي الشتوي