مجلة الرسالة/العدد 624/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 624/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

مجلة الرسالة - العدد 624
في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
ملاحظات: بتاريخ: 18 - 06 - 1945



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- 5 -

في ج 15 ص 128: وكتب حسن بن علي الجويني في ذي القعدة سنة ست وستين وخمسمائة بالديار المصرية عمرها الله تعالى بدوام العز: وقال المعري وضرب علي بن هلال مثلاً:

طربتُ لضوء البارق المتعالي ... ببغداد وهنا ما لهن ومالي

فيا برق ليس الكرخ داري وإنما ... رمى بي الدهر منذ ليالي

فهل فيك من ماء المعرة نغبة ... تغيث بها ظمآن ليس بسالي

ولاح هلال مثل نون أجادها ... بماء النضار الكاتب ابن هلال

قلت: (طربن لضوء البارق المتعالي) (فهل فيك من ماء المعرة قطرة) (يجاري النضار الكاتب ابن هلال) (كما في سقط الزند) ويؤيد ذلك قول الشارح في البيت الأول: (الضمير في طربن للإبل) والمعنى خفت الإبل شوقاً لما رأت البارق. . . يعني بارقاً نشأ من نحو أوطانها بالشام وهي بالعراق. . .) وقوله في البيت الثاني: (فهل حملت أيها البرق قطرة من ماء بلدتي) وقوله في البيت الثالث: (شبه هلال رجب بنون خط ابن البواب (الجويني) بالنضار الجاري أي بماء الذهب)

في ج 7 ص 129 كان بندار بن عبد الحميد الكرخي الأصبهاني يحفظ سبعمائة قصيدة، أول كل قصيدة (بانت سعاد). قال المؤلف: وبلغني عن الشيخ الإمام أبي محمد الخشاب أنه قال:

أمعنت التفتيش والتنقير فلم أقع على أكثر من ستين قصيدة.

وجاء في شرح (أمعنت) أي أبعدت في الاستقصاء وبالغت فيه، وكانت في الأصل (معنت) وأصلحت.

قلت: ربما كان الأصل (أنعمت التفتيش) أو (أمعنت في التفتيش).

وفي النهاية: وفي حديث صلاة الظهر: فأبرد بالظهر وأنعم، أي أطال الإبراد وأخر الصلاة. ومنه قولهم: أنعم النظر في الشيء أي أطال التفكير فيه.

وفي المخصص ج 3 ص 29: قالت الأوائل: إن اليقين هو العلم الثاني أي أنه لا يعلم ولا يدرك عن بديهة ولكنه بعد بذل الوسع في التعقب وإنعام النظر والتصفح. وفيه ص 52 والرأي الدبري الذي لم ينعم النظر فيه.

وقول الحريري في المقامة الثانية الحلوانية: (أمعنت النظر في توسمه) محرف، والصواب ما جاء في مقدمة المقامات:

(ومن نقد الأشياء بعين المعقول وأنعم النظر في مباني الأصول نظم هذه المقامات في سلك الإفادات) وما جاء في المقامة السادسة المراغية. وفي الخامسة عشرة الفرضية وفي التاسعة والأربعين الساسانية.

وأمعن في الأمر: أبعد فيه كما في الأساس، وفي النهاية: وأمعنوا في بلد العدو وفي الطلب أي جدوا وأبعدوا، ومثل ذلك في كتب اللغة. وفي المقامة الخامسة عشرة الفرضية، وفيها (أنعم وأمعن): (قال: لأني أنعمت النظر في التقامك ما حضر، حتى لم تبق ولم تذر. فرأيتك لا تنظر في مصلحتك، ولا تراعي حفظ صحتك. ومن أمعن فيما أمعنت وتبطن ما تبطنت، لم يكد يخلص من كظة مدنفة. . .).

وأمعن فعل لازم وأنعم فعل متعد.

في ج 14 ص 196 كان أبو الفتح بن العميد قد أغرم قبل القبض عليه بإنشاد هذين البيتين، لا يجف لسانه عن ترديدهما:

ملك الدنيا أناس قبلنا ... رحلوا عنها وخلوها لنا

ونزلنا كما قد نزلوا ... ونخليها لقوم غيرنا

قلت: في اليتيمة: (ونخليها لقوم بعدنا) فغير النساخ

في ج 10 ص 154

والدهر إذ مات نماريده ... قد مد أيديه إلى بُلْهِةِ

وجاء في الحاشية: في الأصل (نماريره) فجعلت نماريده، وأحدها نمرود، وكان يطلق على ملك بابل، فلما تجبر وتكبر حين دعاه الخليل إلى التوحيد صار يستعمل في كل متكبر جبار، كفرعون اسم لكل من ملك مصر ثم استعمل في الشخص المتصف في الجبروت:

قلت: نحاريره. في التاج: (النحرير - بالكسر - الحاذق الماهر العاقل المجرب، وقيل: الرجل الطبن المتقن الفطن البصير بكل شيء مأخوذ من قولهم: نحر الأمور علماً.) والجملة الأخيرة في الأساس في مجازه. والبيت ختام مقطوعة للحسين بن محمد الدباس المعروف بالبارع، ومقطوعته:

أفنيت ماء الوجه من طول ما ... أسأل من لا ماء في وجههِ

أُنهي إليه شرح حالي الذي ... يا ليتني مت ولم أُنهه

فلم ينلني أبداً رفده ... ولم أكد أسلم من جَبْههٍ

في ج 13 ص 222 وخضت في المناظرة والمجادلة سنة جردة رضيت عن نفسي فيه، ورضى عني أستاذي.

وجاء في الشرح: يقال: سنة جردة: خالية من النبات فكأنه يقول: لم أشتغل بغير الجدل والمناظرة.

قلت: قالوا: أرض جردة، وقالوا: سنة جارود: مقحطة بشدة المحل. (وجردة) في الجملة هي (جرداء) قال الأساس: مضى عليهم عام أجرد وجريد وسنة جرداء أي كاملة منجردة من النقصان. ونقل التاج هذا القول. وفي اللسان: عام أجرد: تام. و (فيه) في الجملة (فيها) والقائل الإمام البيهقي، وأستاذه الذي عناه هو تاج القضاة يحيى بن عبد الملك. قال: وكان ملكاً في صورة إنسان!

في ج 7 ص 217

أقول لما جاءني نَعِيُّهُ ... بعداً وسحقاً لك من هالك

يا شر ميت خرجت نفسه ... وشر مدفوع إلى مالك

قلت: جاءت (نعيه) بكسر العين وتشديد الياء؛ وإنما هي (نعيه) بسكون العين وتخفيف الياء، وإن صح هذان المصدران، وصح صدر البيت وحده.

والبيتان قالهما حبيش بن عبد الرحمن أبو قلابة في الأصمعي لما بلغته وفاته شامتاً به

قلت: من أمثال العرب: الشماتة لؤم.

في ج 12 ص 105. . . أخبرني أبو علي عن أبي بكر عن أبي العباس قال: سمعت عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقرأ: (ولا الليل سابق النهار) فقلت له: ما أردت؟ قال أردت (سابق النهار) فقلت: فهلا قلته: فقال: لو قلته لكان أوزن أي أقوم وأفصح.

قلت: عمارة هذا بضم العين، وسابق الأولى المضمومة المنونة هي بضمة واحدة، وقي قراءة عمارة بن عقيل، و (سابق النهار) هما (سابقٌ النهار) بضم سابق وتنوينه وفتح الراء في النهار.

وقد قري (قل هو الله أحد الله الصمد) بغير تنوين في أحد، والحيد هو التنوين كما قال (الكشاف)

في 12 ص 159 وله (لعثمان بن عيسى البلطي أبيات يحسن في قوافيها الرفع والنصب والخفض (مطلعها):

أني أمرؤ لا يصطبيني ... الشادن الحسن القوام (ما)

رفع القوام بالحسن لأنه صفة مشبهة باسم الفاعل والتقدير الحسن قوامه كما تقول: مررت بالرجل الحسن وجهه، ونصبه على الشبه بالمفعول به، وخفضه بالإضافة.

وجاء في شرح (يصطبيني): كانت في الأصل يطيب لي، والبيت بها ينكسر، يقول: إن الشادن الذي هذه صفته ليس في مكنته أن يحملني على الصبوة إليه، والفعل مزيد بتاء الافتعال أبدلت طاء.

قلت: لا يطبيني. في الأساس: طباه واطباه: دعاة واستماله. ومثل ذلك في الصحاح واللسان والتاج. وفي أمالي القالي والنهاية: (إن مصعباً (مصعب بن الزبير) أطبى القلوب) وفي المقصورة الدريدية:

لا يطبيني طمع مدنس ... إذا استمال طمع أو أطبى

وفي طبعة (الجوائب): يطبئني. فاختل بالهمز الوزن، واستحال الفعل. . .

في ج 14 ص 227 واستدعي ابن عباد من أصفهان وولي الوزارة ودبرها برأي وثيق، وجد رتيق.

وجاء في شرح رتيق: من رتق الشيء جعله يلتئم بعضه مع بعض.

قلت لا رتيق في العربية. واللفظة المحرفة هي (زنيق) والزنيق المحكم الرصين يقال: رأي زنيق وأمر أي وثيق، وكذا تدبير زنيق كما في التاج. وفي الأساس: ومن المجاز: ورأي زنيق: محكم، وتقول: هذا تدبير أنيق، ورأي زنيق.