مجلة الرسالة/العدد 622/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 622/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب

مجلة الرسالة - العدد 622
في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
ملاحظات: بتاريخ: 04 - 06 - 1945



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

- 3 -

في ج (10) ص263.

ويلومون فيك يا أبنة عبد الله (م) والقلب عندكم موهوق

وجاء في الحاشية: موهوق يروى مكانها موثوق.

قلت: لم يرو موثوق مكان موهوق في كتاب، ولم يجئ ذلك عن رواية. ولن يعد تصحيف ناسخ أو تطبيع طابع رواية من الروايات. . . وكان العلامة الشيخ إبراهيم اليازجي وجد هذه اللفظة (موثوق) في طبعة كتاب فسارع إلى تخطئة الشاعر، قال في مجلته (الضياء) س1 ص515:

(أغرب منه ورود مثل ذلك في كلام أناس من أهل الجاهلية كقول عدي بم زيد العبادي: ويلومون، البيت. . . يريد موثوق)

والشاعر لم يقل (موثوق) وإنما قالته المطبعة، والبيت من شواهد اللسان والتاج في (و. هـ. ق).

وورد في ج 10 ص264 في قصيدة عدى هذا البيت:

مرة قبل مزجها فإذا ما ... مزجت لذ طعمها من يذوق

و (مرة) هنا هي (مزة) بالزاي. والمزة - كما في اللسان - الخمرة التي فيها مزازة، وهي طعم بين الحلاوة والحموضة، وحكي أبو زيد عن الكلابيين: شرابكم مز.

وجاءت (مرة) في طبعة الأغاني. والبيت من شواهد اللسان والتاج في (م ز ز) والبيتان من قصيدة مشهورة، مطلعها:

بكر العاذلون في وضح الصبح (م) يقولون لي: ألا تستفيق وفيها هذا البيت المشهور:

فدعوا بالصبوح يوماً فجاءت ... فينة، في يمينها إبريق

ولم يورد أبو الفرج هذه القصيدة في كتابه (الأغاني) في أخبار قائلها المنسوبة إليه، وأوردها في أخبار حماد الراوية، فهل صاغها حماد. . .؟

في ج 10 ص 37 وقال (يعني ابن الشبل البغدادي): أحفظ لسانك، لا تبح بثلاثة ... سر ومال - ما استطعت - ومذهب

فعلى الثلاثة تبتلي بثلاثة ... بمعكر، وبحاسد، ومكذب

قلت: بمكفر. وجاءت في (طبقات الأطباء) بمفكر. والمفكر - يا أخا العرب - لا يكفر. . .

في ج 6 ص 237: فكان إذا سمع منه كلاماً يسجع فيه، وخبراً ينمقه ويرويه - يَبْلُقُ عينيه، وينشر منخريه.

وجاء في الشرح: بلق عينه كنصر وابلق فتحها وأقفلها.

قلت: جاء في اللسان: بلقه يبلقه بلقا وأبلقه فتحه كله، وقيل فتحة فتحاً شديداً، وأغلقه، ضد.

وعندي أن الأصل (يُبرّق عينيه) قال التاج: برق عينيه تبريقاً إذا وسعهما وأحد النظر، قال أعرابي في المعاتبة بينه وبين أهله:

فعِلقت بكفها تصفيقا

وطفقت بعينها تبريقا

نحو الأمير تبتغي تطليقا

وفي الأساس: ومن المجاز: وبرق عينيه: فتحهما جداً ولمعهما.

وأغلب الظن أن (ينشر منخريه) هي (يُنشز منخريه) أي يرفعهما.

والقول لأبي حيان التوحيدي في الصاحب بن عباد وأبي طالب العلوي أحد أصحابه، أي فكان أبو طالب إذا سمع كلاماً منه أي من الصاحب الخ. . . وأبو حيان هو صاحب كتاب (مثالب الوزيرين) والوزيران هما ابن العميد والصحاب. . .

في ج 7 ص 182.

وصاحب أصبح من برده ... كالماء في كانونَ أو في شَباط

بدمانه من ضيق أخلاقه ... كأنهم في مثل سم الخياط

نادمته يوماً فألفيته ... متصل الصمت قليل النشاط

حتى لقد أوهمني أنه ... بعض التماثيل التي في البساط

قلت: جاءت (شباط) بفتح الشين وهي بضمها. في التاج: شباط وسباط كغراب اسم شهر من الشهور بالرومية. قال أبو عمرو: يصرف ولا يصرف. (وهو) قبل آذار يكون بين الشتاء والربيع. قال الأزهري: وهو من فصول الشتاء، وفيه يكون تمام اليوم الذي تدور كسوره في السنين، فإذا تم ذلك اليوم في ذلك الشهر سّمى أهل الشام تلك السنة عام الكبيس، وهو الذي يتيمن به إذا ولد مولود في تلك السنة أو قدم قادم من بلد.

في ج 8 ص 182 ولولا الإبقاء لأهل العلم لكان القلم يجري بما هو خاف، ويخبر بما هو مجمجم.

قلت: أغلب الظن أن الأصل هو (الإبقاء على أهل العلم) في الصحاح: أبقيت على فلان إذا أرعيت عليه ورحمته. وفي الأساس: وأبقي عليك بقيا وبقية، وأرعى عليه: أبقي، وهو حسن الدَّعوى والدَّعيا كالبَقوي والبُقيا.

ومن أمثالهم: لا أبقي الله عليك إن أبقيت علىّ. قال الميداني: أبقيت على الشيء إذا تركته عطفاً ورحمة له. يقال هذا للمتوعد

في ج 6 ص 185 ودخل إلى الصاحب رجل لا يعرفه، فقال له الصاحب: أبو من؟ فأنشد الرجل:

وتتفق الأسماء في اللفظ والكنى ... كثيراً ولكن لا تلاقَي الخلائقُ

فقال له: أجلس يا أبا القاسم.

قلت: رواية البيت هي:

فقد تلتقي الأسماء في الناس والكنى ... كثيراً ولكن لا تلاقِي الخلائقِ

جاء في (خزانة البغدادي). قال يونس بن حبيب: أشد الهجاء الهجاء بالتفضيل، وذلك كما قال صديق مولانا القريب وابن عمته النسيب الفرزدق بن غالب وقد قيل له: انزل على أبي قطن قبيصة، فحسبه ابن مخارق الهلالي فإذا هو آخر، وذم قراه وجواره فقال:

سرت ما سرت من ليلها ثم وافقت ... أبا قطن ليس الذي لمخارق

وقد تلتقي البيت. وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج (ولكن ميزوا في الخلائق) والذي في الخزانة هو أضبط.

و (دخل إلى الصاحب) ربما كانت (على الصاحب) وإن جازت (إلي).

في ج 11 ص 155

كنت في عينها كمرود كحل ... صرت في عينها كشوك السِّبال

وجاء في الشرح: السبال سنابل الحنطة وغيرها جمع سبلة.

قلت: هو السَّيال، في اللسان: السيال بالفتح شجر له شوك ابيض وهو من العضاه. وروي اللسان والتاج للأعشى (والبيت من معلقته):

با كرتها الأغراب في سنة النوم (م) فتجري خلال شوك السيال

قلت: الأغراب الأقداح والمفرد غَرْب. وقد جاءت الأغراب هنا في المعجمين بالعين وإنما هي بالغين.

في ج 8 ص 210 ومنها (أي من وجوه الواو ومواقعها) أن يكون بمعنى حرف الجر كقولك: استوى الماء والخشبةُ أي مع الخشبة.

قلت: جاءت الخشبة مرفوعة وهي منصوبة. والقول للإمام أبي سعيد السيرافي في المناظرة بينه وبين متى بن يونس القنائي. والإمام يعني بالفعل (استوى) ارتفع لا تساوي حتى يجوز العطف، ويقصد واو المفعول معه لا العاطفة إذ قد ذكر هذه في أول بحثه فقال: منها معنى العطف في قولك أكرمت زيداً وعمراً و (استوى الماء والخشبة) من أمثلة المفعول معه في همع الهوامع وحاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك. . .

في ج 8 ص81

رأيت قلنسوة تستغيث (م) من فوق رأس تنادي خذوني وقد قُلِعَت وهي طوراً تميل (م) من عن يسار ومن عن يمين

قلت: وقد قَلِقت فهي الخ. ولو قلعت ما كانت تميل من عن يسار ومن عن يمين. . .

في ج 9 ص 12 وقلت كما قال رؤية لما استزاره أبو مسلم صاحب الدعوة:

لبيك إذ دعوتني لبيكا ... أحمد ربي سابقاً إليكا

قلت: رواية البيت هي:

أحمد رباً ساقني إليكا

وبعده:

الحمد والنعمة في يديكا

وقبل الأول:

قلت ونسجي مستجد حوكا

وعندي أن (صاحب الدعوة) هي صاحب الدولة وإن جاءت الدعوة في كتب كثيرة.

في ج 7 ص 250 فأما أخونا أبو الحسين قريبه - أعزه الله - فقد ألزمني بإخراجه إلى أعظم منة.

قلت: ضبطت (أعظم) بالكسر كأنها مجرورة بإلى، وجوزت كسره عند ضابطه الإضافة. والقول هو: ألزمني بإخراجه إليّ أعظم منه. يقال ألزمته الشيء فألتزمه كما في الصحاح وغيره، وألزمه به كما في التاج، ولم يرد ألزمه إلى الشيء.

والجملة من رسالة للصاحب بن عباد إلى أبي علي الفارسي وقد جاء فيها:

(والشيخ - أدام الله عزه - يبرد غليل شوقي إلى مشاهدته، بعمارة ما افتتح من البر بمكاتبته، ويقتصر على الخطاب الوسط، دون الخروج في إعطاء الرتب إلى الشطط كما يخاطِب الشيخ المستفاد منه التلميذ الآخذ عنه)

وكلام الصاحب هذا مطرب مثمل. وأبو علي هو (أوحد زمانه في علم العربية، كان كثير من تلامذته يقول: هو فوق المبرد) كما روى ياقوت في كتابه. وما القول في أمام، ابن جني تلميذه؟