مجلة الرسالة/العدد 474/كتاب الإمتاع والمؤانسة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 474/كتاب الإمتاع والمؤانسة

ملاحظات: بتاريخ: 03 - 08 - 1942


4 - كتاب الإمتاع والمؤانسة

الجزء الثاني

للأب أنستاس ماري الكرملي

قيل في نص ص169: (وغرَّق نفسه في كِرْدَاب كلواذي) وجاء في الحاشية: (والجرداب كلمة فارسية معناها دوامة الماء، وهي وسط البحر ولجته التي يدوم عليها الموج؛ وهي بالجيم. ولعل العرب كانوا ينطقونها بالكاف) قلنا: الكلمة الفارسية هي كرداب بكسر الكاف الفارسية أو المعقودة. ويعرب العرب هذه الكاف مرة بالجيم، وتارة بالقاف، وأخرى بالكاف العربية. أما هنا فلم يعربوها إلا بالكاف العربية. أما قول الناشرين في الحاشية: الجرداب. . . معناها دوامة الماء وهي وسط البحر ولجته التي يدوم عليها الموج) فتعبير غريب لم نجد نظيراً له، لأن دوامة الماء قد لا تكون في وسط البحر، بل في أعمق مكان من النهر، كما هو متعارف في دجلة واللجة غير الدوامة، وغير وسط البحر. وأما قولهما: (يدوم عليها الموج) فمشهور التعبير هو (يدوم فيها الماء) لا الموج. راجع ما قالوه في تعريف (الدُرْدُوْر) وهو يقابل الجِرْدَاب الفارسية.

وفي ص170: (ولعمري من غُلّطَ غَلِط) وعندنا أن الصواب هو من غَلّط (بصيغة المعلوم) غُلّط. (بصيغة المجهول من باب التفعيل).

وجاء في ص173: (وتفتلت وتقتلت) والصواب وتقلبت

ورد في ص175 (إن صرَّحت له كَنَى وإن كَنيْتَ له صرَّح) وعندنا الأحسن أن يقال: إن صرَّحت له كَنَّى وإن كنيت له صرح ليكون الفعلان من باب التفعيل، فيحسن وقعهما في السمع، ويكون أيضاً من باب المزاوجة في الوزن. هذا فضلاً عن أن التكنية شائعة كالكناية.

وشرح الناشران في ح ص180 الفقاع بقولهما: شراب يتخذ من الشعير. فهذا كلام اللغويين، وكنا نود أن ينقلا المصطلحات العلمية ومعانيها عن أهل الفن، ولا يكتفيا بتعريف اللغويين، لأن خاصية هؤلاء الأفاضل شرح معنى الكلمة من باب الإجمال لا من باب التخصيص؛ وذلك أن اللغويين شرحوا بشراب يتخذ من الشعير كلاًّ من الألفاظ الآتية: الفقاع، والمِزر والجعة. ولا جرم أن السلف ميزوا كل لفظ عن أخيه حتى لا يهيم القارئ في هيماء الضلال. فقد شرح التميمي الفقاع بقوله: يتخذ على ضروبٍ. وذلك أن منه ما يتخذ من دقيق الشعير المجفف المطحون المخمر بالنعنع والسذاب والطرخون وورق الأُترُجّ والفلفل. . . وأما المتخذ من الخبز السميد المحكم الصنعة، والكرفس ودقيق الحنطة المنبتة، أو من دقيق الشعير المنبت فإنه أقل ضرراً من الأول. . . وقد يتخذ منه ساذجاً بماء خبز السميد المحكم الصنعة مُروَّقاً، ونقيعة المسك والمصطكي فقط، مع قلب نعنع في كل كوز، وقلب طرخون فقط. . . وأما ما يتخذ من الحنطة والشعير والجاورس، المنبتة، من الشراب المسكر المسمى بِمْصر المِزْر، فإنها أنبذه تُسَكر إسكاراً شديداً غير أنها تبتعد عن قُوَّتهِ ومنافعهِ بُعداً شديداً)

ذكرنا بعض هذا الكلام مع طوله لنبين للقارئ أن الفقاع أضْرُبُ، وليعتمد على أهل الفن والصناعة في الأوضاع العلمية، ولا يكتفي بأقوال اللغويين

وجاء في ص196: وقال الوزير (أدام الله أيامه). . . قلنا: هذا دعاء بالخير لا يتحقق ألبته. والأحسن، أو الأقرب إلى الفعل، أن يدعو الإنسان بما يتحقق، فيقولا مثلاً: أطال الله أيامه!

وقال الناشران في ح ص 198: إذ المطرَّي هو المقلوب إلى مُطَّيرٍ فالمطَّير مقلوب إليه. ولعل الصواب: إذ المطري هو مقلوب مطّير فالمطير مقلوبة

وفي ح تلك ص: وعدة أبياتها أربعة وثلاثون بيتاً فيها. ولعل الأصوب أن يقال: وعدة أبياتها أربعة وثلاثون أو أبياتها أربعة وثلاثون، أو وعدة ما فيها أربعة وثلاثون بيتاً، أو نحو هذا التعبير

وفي ح ص199 في كلتا النسختين: يعين من لا يعين وهو تصحيف والتصويب عن شعر. . . والأحسن أن يقال: والتصحيح ليكون المعنى وتصحيح التصحيف، أما قولهما والتصويب، فيكون معناه وتصويب التصحيف. فيكون التصحيف صحيحاً لا خطأ، لأن اللغويين يقولون صوَّب فلاناً قال له أصبت وصوب رأيه، وقوله حكم له بالصواب. وقد جاءت التصويب مرتين في تلك الحاشية

وورد البيت ال 11 في ص 200 هكذا:

تكفيهُ حزَّة فِلذانٍ ألمَّ بها ... من الشواء ويكفي شربهُ الغمرُ وفي الحاشية الحزة القطعة من اللحم تقطع طولاً، والفلذان جمع فلذة وهي القطعة من الكبد واللحم. قلنا هنا خطأ غريب بل خطآن غريبان: الأول أنهما قالا الفلذان جمع فلذة وفِعلة بالكسر لا تجمع على فعلان بل فعل مكسور وبلا هاء في الآخر؛ والخطأ الثاني الغريب هو أنهما قرآها فلذان مع أن الصحيح هو فلذةِ كبد (بفتح الكاف أو كسرها) إن، كما قرأها أول مرة في ص198 س1. فيا للعجب لهذه القراءة ولهذا التأويل ولهذا الخطأ، إذ جعلا كلمة واحدة ما هو في كلمتين!

5 - أوهام التعبير والإنشاء والفكر

جاء في ح ص 27: (أو لعله كتبها واكتفى بإرسالها إلى الوزير). والصواب: (واكتفى بالإرسال بها إلى الوزير. (راجع شرح الطرة عن الغرة طبع في دمشق سنة 1301 ص156)

وفي ص39 (وهاهو بين يديك) والصواب: وهاهو ذا بين يديك (راجع مجلة المجمع العلمي العربي 17: 234و235)

وفي 42 (وقال السيد المسيح: إن استطعت أن تجعل كنزك لا يأكله السوس ولا تدركه اللصوص - فافعل - المشهور هو هذا: (لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والآكلة وينقب السارقون ويسرقون، لكن اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا آكلة ولا ينقب السارقون ولا يسرقون (متي 6: 19 و20)

وفي 123 (وقال عيسى بن مريم: ما ينفع الأعمى ضوء الشمس ولا يبصرها) نحن لم نجد هذا القول المنسوب إلى عيسى بن مريم، فهل يتمكن الناشران من أن يدلانا على محل وروده من الإنجيل.

وفي ص127 (وقال عيسى - عليه السلام - يا بن آدم اعتبر رزقك بطير السماء لا يزرعن ولا يحصدن وإله السماء يرزقهن. فإن قلت لها أجنحة فاعتبر بحمر الوحش وبقر الوحش ما أسمنها وما أبشمها وأبدنها!)

والذي نعرفه شبيهاً بهذا القول من أقوال السيد المسيح ما يأتي (انظروا إلى طيور السماء، فإنها لا تزرع ولا تحصد، ولا تحزن في الأهراء، وأبوكم السمائي يقوتها، أفلستم أنتم أفضل منها (متي6: 28وما يليها) وفي ص 55 (لو كلمني عدوي لعقدت شعر أنفه إلى شعر. . .) والمشهور (شعر أنفه بشعر)

6 - أوهام الضبط والتقييد

وورد في ص2: (فلم يكن لهم فيها مَطْلع)، ونظن الصواب: مُطلّع، وزان محمد

وفي ص6: (المِجَسْطِي) وضبطت بكسر الميم، وفتح وإسكان السين، وكسر الطاء وفي الآخر ياء خفيفة. قلنا: هذا الضبط مخالف للاسم المعرَّب عنه وهو اللاتينية المولدة المركبة من (ال) العربية وهي أداة التعريف واليونانية: أي الأعظم. فيكون معناها العمل الأعظم. وفي ديوان الشارح في مادة (مجسط): المَجَسطي، بفتح الميم والجيم، اسم لعلم الهيئة (كذا) وبه سُمِّي الكتاب الذي وضعه بطليموس الحكيم، وُعرِّب في زمن المأمون. أهـ

وفي ص20: (أولوا) والصواب حذف الألف من الآخر. وفي تلك الصفحة: (دَهْرِيّين)، وضبطت الدال بالفتح، والمشهور ضبطها بالضم

وفي ص46: (علم مَقْبَرةُ) بضم الهاء والصواب بتثليث الباء وفتح الراء وكسر الهاء

وفي ص67: (أسكرُّجة) والمشهور أنها بلا ألف في الأول

وفي ص83 (وكذلك؟): الموسيقى، بكسر القاف والياء الخفيفة. والمشهور الموسيقى، بضم الميم، وكسر السين، وفتح القاف. قال نصر الهوريني في تعليقه على كلمة الربابي الواردة في القاموس في مادة (ر ب ب) في كلامه على ممدود ابن عبد الله الواسطي الربابي، الذي يضرب به المثل في معرفة الموسيقى بالرباب ما هذا نصه: (قوله الموسيقى. هكذا في النسخ بكسر القاف. وهو اشتباه سَبَّبه رسم الكلمة بالياء. وصوابه فتح القاف. كما هو في اللغة الرومية (أي والعامل بتلك الآلة يقال له موسيقار، بزيارة راء في الآخر، كأن هذه الزيادة عندهم كالنسب في جمال وحمار. اهـ

(البقية في العدد القادم)

الأب أنستاس ماري الكرملي

أحد أعضاء مجمع فؤاد الأول للغة العربية