مجلة الرسالة/العدد 449/حلم ليلة الهجرة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 449/حلم ليلة الهجرة

ملاحظات: بتاريخ: 09 - 02 - 1942



للأستاذ علي محمود طه

يا شرقُ، مِلءُ خاطرِي سحرٌ وملءُ ناظري

أوَحْيُ ليلكَ القديمِ أم رُؤَى الزواهر؟

يا شرقُ، أيُّ ليلةٍ رائعةِ الدياجر

نجومها خلفَ الغمامِ أعينُ المقادر

ترنو على جوانبِ السماءِ للمهاجر

تَمُدُّ من شعاعها مِثْلَ جَناح طائر

رُعْيا المحبِّ للحبيب حُفَّ بالمخاطر

تقول ههنا السُّرَى ومن هنا فحاذر

يا شرقُ، أيُّ ليلةٍ بَعَثْتَها من غابر

حقيقة تلوح لي أم ذاك حُلُم شاعرِ؟

أرى على صحيفةِ الزمان حدَّ باتر

تكمنُ في فِرِنْدِةِ جريمةٌ لغادر

ومن بريقهِ تُطلُّ أَلْفُ عينِ فاجر

مُلَقىً وراء صخرةٍ كانت ملاذَ عابر

أوَى إليها مُفْرداً غير أخٍ مناصر

والبادياتُ حوله رَوْعٌ وهمسُ حائر

كأنما أنسامهنَّ تمتماتُ ساحر

هو انتقالةُ الحياة، وثبةُ الأداهر

شدا الرعاةُ باسمه في الأعصرِ الغوابر

وأودعوه فَرْحَة جوانَح السرائر

وأبدعَتْهُ نَغَماً صوادحُ المزاهر

زفَّوا به إلى الحياة أجمل البشائر

لحنٌ وفيه قسوةُ العواصفِ الثوائ وفيه ثورةٌ عَلى العقائد الدوائر

يقتحمُ الذُّرَى المنيعة اقتحامَ ساخر

يهزأُ بالجيوش في ألوية القياصر

يهدمُ كل فاسدٍ، يهزمُ كل جائر

ومن عجيبِ أمره يبني بناءَ قادر!

يا شرقُ، سحرُك القديمُ مالِكٌ مشاعري

هذي الطوالعُ الحسانُ في الحُلَي النواضر

المطلقاتُ بالنشيد أرخمَ الحناجر

كأَنهنَّ جَوْقَةُ الهواتفِ الطوائر

حيَّين مَوْلِدَ الربيع والسَّنَى المباكر

عرائسُ الخيالِ، هُنَّ، أو بناتُ خاطري

ينترن من أكفهنَّ أجمل الأزاهر

على طريقِ مُلْهَمٍ مُخَلَّدِ المآثر

يا شرقُ، أيُّ روعةٍ جَلَوْتَها لناظري

حقيقةٌ تلوحُ لي أم ذاك حُلْمُ شاعر

علي محمود طه