مجلة الرسالة/العدد 432/ليالي القاهرة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 432/ليالي القاهرة

ملاحظات: بتاريخ: 13 - 10 - 1941



بين الشاعر والريح

للدكتور إبراهيم ناجي

الشاعر:

لَسْتُ أَنْسَى أبَداً ... سَاعَةً في الْعُمُرِ

تَحْتَ رِيحٍ صفَقَّتْ ... لاِرْتقاَص الْمَطَرِ!!

نَوَّحَتْ لِلذِّكرِ ... وَشَكَتْ لِلْقَمرِ

وَإِذا ما طَرِبَتْ ... عَرْبَدَتْ في الشَّجَرِ

هَاكَ مَا قَدْ صَبَّتِ الري ... حُ بأُذْن الشاعرِ

وهْيَ تُغْرِي القَلْبَ إغْرَا ... َء النَّصِيحِ الفاجرِ

الريح:

أوَ كلُ الُحْب في رَأ ... يكَ غُفْرَانٌ وَصَفْحُ

أيُّهَا الشَّاعرُ تَغْفُو ... تَذْكُرُ الْعَهْدَ وَتَصْحُو

وَإِذا مَا التَامُ جُرْحٌ ... جَدَّ بالتَّذْكاَرِ جُرْحُ

فَتَعَلمْ كيفَ تَنْسَى ... وَتَعلمْ كَيْفَ تَمْحُو

هَاكَ فَانْظُرْ عدَدَ الرَّمْ ... لِ قُلُوباً وَنَساءْ

فَتَخَبَّرْ مَا تَشاءْ ... ذَهَبَ الْعُمْرُ هَباءْ

ضَلَّ في الأَرْضِ الذي يَنْ ... شُدُ أَبْناء السَّمَاءْ

أيُّ رُوحَانيةٍ تُعْ ... صَرُ مِنْ طِينٍ وَمَاءْ

الشاعر:

أيُّها الريحُ أجَلْ لَكنَّمِا ... هيَ حُبي وَتَعِلاْتي وَيَأسي

هِيَ في الْغَيْبِ لقلْبي خُلقَتْ ... أَشْرَقَتْ مِنْ قْبلِ أَنْ تُشْرِقَ شَمسي

فَعَلَى تَذْكاَرِهَا أطْبَقْتُ عُيَنْي ... وَعَلَى مَوْعِدِها وَسَّدْتُ رَأسِي

يَا لَها مِنْ صَيْحَةٍ مَا بَعَثَتْ ... عنْدَهُ غَيْرَ أَلِيمِ الذكرِ أَرِقَتْ في جَنْبهِ فَاسْتَيْقَظَتْ ... كَبَقَايَا خِنْجَرٍ مُنْكَسرِ

لَمَعَ النَّهْرُ وَنَادَاهُ لَهُ ... فَمَشَى مُنْحَدراً لِلنَّهرِ

ناَضِبَ الزَّادِ وَمَا مِنْ سَفَرٍ ... دُونَ زَادٍ غَيْرُ هَذا السَّفرِ

الشاعر:

يَا حَبيبي كلُّ شيْء بقَضَاءْ ... مَا بِأيْديِنَا خُلِقْنَا تُعَسَاءْ

رُبَّما تَجْمَعُنَا أَقْدَارُنَا ... ذاتَ يَوْمٍ بَعْدَ مَاعَزَّ اللقَاءْ

فَإذا أَنْكَرَ خلُّ خِلهُ ... وَتَلاَفَيْنَا لِقَاَء الْغُرَبَاءْ

وَمشَى كلُّ إِلى غَايِتِهِ ... لاَ تَقُلْ شِئْناً وَقُلْ ليَ الَحْظُّ شَاءْ

إبراهيم ناجي