مجلة الرسالة/العدد 430/من غربة الروح

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 430/من غربة الروح

ملاحظات: بتاريخ: 29 - 09 - 1941



في وادي التيه!. . .

للأديب عبد الرحمن الخميسي

شَرّدتَني بَينَ الْمجَاهلِ أيّا ... مي فَصَاحتْ في وجَهيَ الفَلواتُ:

أيُها التّائهُ المُنقلُ في الرَّمْ ... لِ خُطاهُ ضَاقتْ بِكَ العَثراتُ

قَدْكَ! إنَّ الَمسِيرَ أنْهَكَ أقدَا ... مَكَ وَالأفْقُ غائمٌ وَالسماءُ

وَالأعاصِيرُ نَائِحاتٌ حَوَاليْ ... كَ وبَينَ الْقِفَارِ عاشَ المَمَاتُ

أيْنَما سِرْتَ فاَلخَرابُ مقيمٌ ... أنِقِذيهِ مِنَ الْبِلَى يا حَيَاةُ!

وَخُذيهِ إلى الذي يَبْتنِيهِ ... حَوْلكِ الشّعرُ وَالهَوى وَالغِناَءُ

وَكَأنَّ الرَّيَاحَ تَسْألُنيِ: مَا ... تَرْتَجيهِ لمَ السُّرَى وَالعَناءُ؟

قُلتُ: أهْوَى أسِيرُ إني أرَاها ... هاتِهِ وَاحَةٌ! وَثمَّ ضِيَاءُ!

وَتَغرّبتُ في المَهَامِهِ عَطْشَا ... نَ وَلكنْ عَلىَّ عَزَّ الَماءُ

أحْمِلُ الْفَرحَةَ الكَبِيرَةَ بالآ ... مَالِ هَانَتْ حِيَالَها الأعْبَاءُ

وَأغَنّي عَلَى اَلجدِيبِ كَأنّي ... بُلبُلٌ رَاقَهُ الشّذَى والنّباَتُ

أقُتلُ اُلجوعَ والصّدَى في فُؤَادي ... بالأمَاني. . . وَكلهُنَّ هَبَاءُ

وَبَلْغتُ السّرَابَ لَمْ أَلْقَ شَيْئاً ... أيْنَ مَا كُنْتُ أرْتَجي ياَ سَمَاءُ

ضَاقَ بي اْلكوْنُ كلّهُ ياَ إلهي ... بَعْدَ أُمّي وَقَطّبَتْ لي اَلْحيَاةُ

ياَ عُوَاَء الذّئابِ في الْبَلْقَع الَمْجرُو ... دِ! ياَ مَعْنًى قَدّسَتْهُ الْفَلاةُ!

كُفَّ عَنْ مَسْمَعي فلمْ يَبْقَ غَيْريِ ... وَأنَا مَيّتٌ كما قَدْ مَاتُوا!

عبد الرحمن الخميسي