مجلة الرسالة/العدد 427/ثورة!. . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 427/ثورة!. . .

ملاحظات: بتاريخ: 08 - 09 - 1941



للأديب عبد الرحمن الخميسي

مَاذا تُرِيدُ الزَّعْزَعُ النَّكْبَاء ... مِنْ رَاسِخٍ أَكتَافُهُ شَمَّاءُ؟

تَتَكَسَّرُ الأحْدَاثُ تَحْتَ يِميِنِهِ ... وَتَمِيدُ مِنْ صَرخَاتهِ الغَبْرَاءُ

وَيُمَزِّقُ الظُّلمَاتِ عَنْ فَجْرٍ لَهُ ... فِيهِ حَيَاةٌ عَذْبَةٌ وَرَجَاءُ

وَيُدَكُّ بِالإيماَنِ كلَّ كَرِيهَةٍ ... وٍتَمَلُّ مِنْ أَوْصَاِلهِ الأدْوَاءُ

وَيُشاَرِفُ النَّجْمَ الرَّفيعَ جَبيِنُهُ ... وَتَبُثُّهُ إِلهامَهَا الَجوْزَاءُ

وَيَبيتُ يَنْفُثُ قَلْبَهُ في شَدْوِه ... فِلَذاً تَهِيمُ بِصَوْغِهَا الشعَرَاءُ

في كَفَّهِ قَدَرٌ كَنيِنٌ تَرْتمي ... مِنْ حَوْله الأَهْوَالُ وَالأرْزَاءُ

وَعَلَى يَدَيْهِ مِنَ الصِّرَاعِ دِمَاء ... وَبِناَظَرِيهِ تَمَرُّدٌ وَإِبَاء

وَبِأَصْغَرَيْهِ ثَوْرَةٌ هَوْجَاءُ ... تَنْهَارُ فيِ تَيارِهَا البُرَحَاء

الشَّوْكُ يا كمَْ دَاسَهُ مُسْتَهْزِئاً ... وَمَشَى تُزَمْجرُ فَوْقَهُ الأنْوَاء

وَالنَّارُ يَعْبُرُهَا فَتَسْكُنُ رُوحَهُ ... لَكِنَّهَا فيِ رُوِحِه أَنْدَاء

وَالصَّعْبُ تمْحَقُهُ خُطاَهُ وَلاَ تَني ... تَجْتَازُهُ مَاَ مَسَّهَا الإعْيَاء

مَاذا تُرِيدُ الزَعْزَعُ النَّكْبَاء ... مِنْ رَاسخٍ أَكتَافُهُ شَمَّاءُ

سَأَرُدُّهَا مَدْحُورَةً مَجْنُونَةً ... تَعْوِي فَتُعْوِلُ حَوْلَها الأَجْوَاء

وَأَعِيشُ كالْبُركانِ أقْذِفُ مِنْ فَميِ ... حُمَماً تَمُوتُ بِنَارِهَا الأعْدَاء

وَأُحِبُّ نَفسِي وَحْدَهَا فَهْيَ التي ... لِلْحُبِّ فيها حُرْمَةٌ وَفَضَاء

وَأَضُمُّ هَذَا الكَوْنَ لي وَحْدِي ففي ... ذَاتيِ لهُ تَسْبِيحَةٌ وَغِنَاء

هَذِي الْحَياةُ جَمِيَلةٌ بِشُرُورِهَا ... وَنَقَائَهَا مَعْشُوقَةٌ حَسْنَاء

وَلقَدْ خُلِقْتُ لِكيْ أَعِيشَ وَيَنحَني ... مِنْ حَوْلَي الإصْبَاحُ وَالإِمْسَاء

أَسْتقْبِلُ الفَجْرَ الوَدِيعَ مُغَرِّداً ... وَتَلفِني مِنْ آيِهِ الأضْوَاء

وَأوَدِّعُ اللَّيْلَ البَهيمَ تَضِيء ليِ ... مِنْ حُجْزَتَيْهِ شعْلَةٌ حَمْرَاء

وَأَكُونُ كالإعْصَارِ أَعْصِفُ بالّذِي ... يَعْتَاقُنيِ وَتَهَابُنيِ الأعْبَاء

في قَبْضَتِي قَبَسُ يُنيُر مَسَالِكي ... نَحْوَ الرَّعَانِ وَغَايَتِي الْعَلْياَء تَتَجَدَّدُ الرَّغَبَاتُ في نَفْسِي كما ... تَتَجَدَّدُ الأَكْوَانُ وَالأَحْيَاء

أَنَا ذَلِكَ الْجَّبارُ لا تَعْنوُ لَهُ ... إِلا المَصَائِبُ وَالْمُنَى الْقَعْسَاء

الْبَابُ تَقْرَعُهُ رِيَاحُ مُلِمَّةٍ! ... مَاذَا تُريدُ الزَّعْزَعُ النَّكْباَء

(القاهرة)

عبد الرحمن الخميسي