مجلة الرسالة/العدد 424/سنة. . .
مجلة الرسالة/العدد 424/سنة. . .
للأستاذ الكبير عباس محمود العقاد
سَنةٌ مرَّت ولا كلَّ السنين
بين صيف من هوانا وشتاء
وربيع كلما غام أضاء
والضحى والليل حيناً بعد حين
سنةٌ كان لها نجم فريد
غمر الشمس وغطَّى القمرا
ومشى في حسنه منتصرا
كل برج تحته برج سعيد
إن يكن لي في سناء رقباء
فالذي أرصده لم يرصدوه
والذي أَنشده لم يَنشدوه
والذي هاموا به عندي هباء
سنةٌ مرت على روض الغرام
أنبتت فيه فنون الشجر
من رياحينَ وغرسٍ مثمر
وسل الأرواح ما أزكى الطعام
يومها الأول وافى ودنا
فانس أيامك في ساعاته
واجمع الصافيَ من لذَّاته
جرعةً، واطرَب عليها زمنا
جرعة نجمع فيها سكرَ عامْ
إن شربناها فقد تشربُنا
أو سكبناها فقد تسكبنا في الهوى روحين في كأسِ وئام
جدد الذكرى وقرِّب لي العِيان
فهما يا صاحبي بين يديّْ
حضرا الساعة يا صاح لديَّ
ربة الذكرى وذكراها قران
هات لي الذكرى أراها وتراني
غضةً ملموسة في راحتيْ
حلوة معسولة في شفتيْ
جنةً تنبت في كل أوان
جنتي لا حيَّةُ تخرجني
ابداً منها ولا أحياؤها
لا ولا إبليس أو حواؤها
أنا فيها خالد كالزمن
أنا منها وهي مني في الضمير
فإذا فارقتها بالنظر
لم يفارقها ضميري عُمُري
وله العصمة من مس السعير
سنةٌ كان لها نجم فريد
هات منها أيها النجم وهات
سنةّ ثانيةً بل سنوات
ولنا منك مزيد المستزيد
أنت يا نجم معيدٌ ما تشاء
لا السموات ولا داراتها
غُنيةٌ عنك ولا أوقاتها
أنت ميقات وشمس وسماء أنت تدنيها سماء زَلفا
تنسج الوقت لنا منفردين
لا مشاعا كنسيج النيِّرين
بل لنا طوع يدينا وكفى
عباس محمود العقاد