مجلة الرسالة/العدد 416/أغنية البلبل. . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 416/أغنية البلبل. . .

ملاحظات: بتاريخ: 23 - 06 - 1941



للأديب محمود السيد شعبان

طاَفَ في قَلْبي نَشِيدٌ ... بالمُنَى يَمْلأُ نَفْسِي!

وَأَنَا اليَائِسُ يَا بُلبُلُ ... مَا يَهدَأُ يَأسِي

هَذِهِ كأسِي!. . . فَهَلْ=يُرْضِيكَ أنْ تَفْرَغَ كأسِي؟

لاَ غَدي يَضْحَكُ لي فِيهَا ... وَلاَ يَرْجِعُ أَمْسِي!

أَيُّهَا البُلبُلُ!. . . إنّي ... ظاَمئٌ فَارْوِ لهاتِي

هَاتِ لِي مَا شِئْتَ ... يَا سَاحِرُ مِنْ لَحنِكَ هَاتِ

وَأدِرْ كأسَكَ بالحُبِّ ... لِتَحيَا فِيهِ ذَاتي

سَوفَ يَفَني الجَسَدُ ... البَالِي وَتبَقَى صَبَوَاتي!

أَيُّها البُلبُلُ. . . خُذْ أُغْ ... رُودَةَ العُشَّاقِ عَنِّي!

وَتَعَلَّم كَيفَ تَحيَا ... لِلهَوَى العُذْريِّ منِّي

عُشهَا في القَلبِ مَهجور ... رٌ. . . وَلَكِنِّي أُغَنِّي!

وَأَنَا الشاعِرُ يَا ... بُلبُل دُنْيَاه التَّمَنِّي!

في مَغَانِي الحُسْنِ يَا ... بُلبُلُ هانَحْنُ التَقَيْناَ!

مَا عَلَيْنَا إِنْ مَلأناَ ... الكَوْنَ سِحْراً مَا عَلَيْناَ؟

الهْوَى مِلكُ صِبَاناَ ... والصِّبَى مِلءُ يَدَيْناَ!

فَدَعِ الألْحَانَ يَا ... بُلبُلُ تَرْوِى شَفَتَيْناَ!

الهَوي ياَ عَابِدَ الالْ ... حَانِ كأسِي وَشَرَابي!

وَالمُنَي يَا عَاشِقَ الأوْ ... هَامِ هَمِّي وَعَذَابي!

وَأنَا. . . في مَوْكِبِ الحِرْ ... مَانِ وَدَّعْتُ رِغَابي!

المُنَى حُلمُ فُؤَاَدِي ... وَالأسَى لَحنُ شَبَابي!

كُلُّ صَداَّحٍ عَلَى الأيْ ... كِ ِيُحَيِّيِهِ حَبِيبُ!

وَأنَا بَينَ الوَرَى في ... هَذِهِ الدُّنيَا غَرِيبُ

لَيْتَهَا يَا بُلبُلي يَوْ ... ماً لِنَجْوَايَ تُجِيبُ! ذَهَبَ العُمرُ. . . وَمَالِي ... مِنْ لَيَالِيها نَصِيبُ!

أَنَا يا بُلبُلُ في دُنْـ ... يايَ أحْلاَمُ شَرِيدِ

أَنَا لَحنٌ حَائرٌ بَيْ ... نَ سَمَاواتٍ وَبِيِد!

أَنَا مِعْنيً مِنْ شَقَا ... ءِ الرُّوحِ فِي قَلْبٍ سعِيِدِ!

اللَّظَى مَهدُ فُؤَادِي ... وَالصَّدَى وَحيُ نَشِيِدي!

غُرْبَتي طاَلَتْ عَنِ الرُّو ... حِ. . . فَرُدِّيني لِنَفسِي!

لَمْ يَعُدْ يُنْشِدُ قِيثَا ... رِي وَلاَ تَضْحَكُ كأسي

أَنَا مِنْ بَعْدكَ ضَيَّعـ ... تُ سُدًى يَوْمي وَأَمْسِي

وَغَدِى؟. . . ضَلَّتْ إِليْ ... هِ النَّفسُ في ظُلمَةِ يَأسي

قُبلَةٌ حَيْرَى عَلَى ثَغْ ... رِي تُناَدي شَفَتَيْهَا!

مِلؤُهَا شَوقٌ وَلكنْ ... أَيْنَ مَنْ يَحْنُو عَليَها؟؟

وَيَدٌ كلُّ مُنَاهَا ... رَقدَةٌ بَينَ يَدَيهَا!

أَنَا يَا بُلبُلُ مِنها ... قَبَسٌ حَنَّ إِليها!

نَحنُ يَا بُلبُلُ كأَسَا ... نِ مِنَ الحُبِّ مُلِئنَا!

نَحنُ سِرَّانِ جَرِيحاَ ... نِ التقَيْنَا فَهَنِئْنَا!

نَحنُ لحناَنِ حَبِيبا ... نِ إِلى مَهدِكَ جئْنَا!

الغَرَامُ العَفُّ مَا ... شِئْتَ مِنَ الدُّنَيا وَشِئنَا!

بَارِكِي وَحْدَةَ صَدَّاحٍ ... أَمَانِيهِ شَقَاءُ!

كلّما أَضْنَاهُ يَأسٌ ... عَادَهُ مِنكِ رَجَاءُ!

وَخُذِيِهِ مِلَء دُنياكِ ... نَشِيداً يَا سَمَاءُ!

هُوَ في الحبِّ فَنَاءٌ ... وَمِنَ الحبِّ بَقَاءُ!

هَاهُنَا مَعبَدُ حُسْن ... لَمْ يُفَارِقَهُ سَنَاهُ

التَقَتْ فِيهِ صُدُورٌ ... وَارْتَوَتْ فِيهِ شِفَاهُ!

وَتَلاَقَى عِندَهُ العُشَّا ... قُ. . . كلُّ وَهَوَهُ!

فَتَعَالَىْ يَا هُدَى رُو ... حِي نَكُنْ نَحنُ حُلاَهُ! هَاهُنَا أَيْكُ أَغَا ... رِيدٍ وَأَعْشَاشُ قُلُوبِ!

ما أَرَى فِيها سِوَى إِل ... فَينِ كالَّلحِنِ الطّرُوبِ

هَاتِ لِي زاَدِي مِنَ ... الحُسنِ وَقيِثاَرِي وَكُوبي

إِنْ يَكُنْ حُبُّكِ ذَنْباً ... فأنَا أَهْوَى ذُنُوبي!

هَاهُنَا هَيكَلُ حَبٍ ... للِمُصَلِّينَ مُبَاحُ!

سَجَدَتْ فِيهِ جِبَاهٌ ... وَالتَقَتْ فِيهِ جِرَاحُ!

إِن أَلحانَكَ يَا بُلبُلُ ... للِعُشَّاقِ رَاحُ!

فَعَلى رِسْلِكَ. . . قَدْ طَا ... شَ بِهِمْ مِنكَ مِرَاحُ

هَاهُنَا. . . كم نَعِمَ القل ... بُ بأَحْلاَمِ اللِّقَاءِ!

يَا لَياَلِيِهاَ!. . . لَقَد طَا ... لَ عَلَى الدُّنْيَا شقَائي!

أَنَا مَنْ خَلَّفْتُ لِلْحِرْ ... مَانِ أَوهَامِي وَرائي

وَذَوَتْ في نَفْسِيَ ... الحيْرى أَغارِيدُ هَنَائي!

يَا فَتَاتي!. . . كَيفَ يُرْض ... يكِ شَقَائي ياَ فَتَاتي؟

في دَمِي شَوقٌ يُناَدِ ... يكِ: تَعاَلَيْ يا حَياتي

أناَ فِي مِحْرَابِكِ الطاّ ... هِرِ طَالتْ بي صَلاَتي

فَدَعِيني سَاعَةً فِيهِ ... أُبَارِك صَبَوَاتي!

هَذِهِ قيثَارَةُ الحُبِّ ... تُغنِّي في يَمِيني!

فَدَعيني أُطرِبْ الدُّن ... يَا بِنَجْواكِ. . . دَعيني

وَأَنا النَّاسكُ يَا رُو ... حِي وَنُسكِي فِيكِ دِيني

صَلَوَاتِي بَعضُ أَشْوَا ... قي وَأَوْرَادِي حَنِينِي

أَنا أُغرودَةُ أَيَّا ... مِي وَقيثارَةُ عَصرِي

أَنا وَحْدِي شَاعرُ الحبِّ ... وَمَنْ للِحُبِّ غَيرِي؟

تَنفِدُ الدُّنيِا وَلا يَنْ ... فَدُ يَا حَسْناءُ شِعْري

وَيَجفُّ الزّهرُ إنْ عَا ... شَ وَلا يَذُبلُ زَهْري

أَناَ لِلأَشوَاقِ يا ... أُنشُودَةَ الرُّوحِ وَقُودُ! شاعِرٌ أَحْيتْهُ في ... دُنيَا الأمَانيِّ وُعُودُ!

أَبَداً نَحْوَاهُ أَلحانٌ ... وَدَعْوَاهُ سُجُودُ

هُوَ إنْ غِبتِ فَنَاءٌ ... وَإذَا عُدتِ وُجُودُ!

يَا حَيَاةَ القَلْبِ!. . . قَدْ طاَ ... لَ إلى سَعْدِي حَنِينِي

وَأَناَ وَحْدِي!. . . فَإنْ شِئْ ... تِ إلى حُبِّي خُذِيني

هَذِهِ دُنْيايَ! مَالي ... في الأسَى ضَاعَتْ سِنِيني؟

سَئِمَتْ رُوحِي مُنَاهَا ... فَإذا مِتُّ اذكُرِيني!

(القاهرة)

محمود السيد شعبان