مجلة الرسالة/العدد 409/المرحوم محمد مسعود بك

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 409/المرحوم محمد مسعود بك

مجلة الرسالة - العدد 409
المرحوم محمد مسعود بك
ملاحظات: بتاريخ: 05 - 05 - 1941



للأستاذ خليل مطران بك

مضَوا تَباعاً وهذا يوم مسعود ... هل في الكِنانة قلبُ غُير مكمود

نوابغٌ ملأوا بالفخر عصرهمُ ... وجددوا المجد فيه كلَّ تجديد

عادت به لِفحول الشعر دُولتُهم ... ودولةٌ للتحرير المجاويد

الكاتب الفذُّ قد ألقى يراعتَه ... بعد اصطحاب طويل العهد محمود

بحر من الأدب الزخَّارِ مُصْطَفِقٌ ... بِصَدرِ أرْوَعَ فيه حِشمة الرُّود

تراه في وجه مُسْتحىٍ وتَخبُرُه ... فلست تَخبرُ غيرَ النبل والجود

تبدي ظواهره ما في سرائره ... وقد تشعُّ نفوسٌ في التجاليد

يحيا وَدُوداً ومودوداً كأحسنِ ما ... يرجو وهل مِن ودوَدٍ غيرُ مودود

ولم يكن مع لين الطبع واهِيَهُ ... ولم يكن بمداجٍ أو بِرِ عدِيد

وربما صال ذَوْداً عن حقيقته ... فجال في الشوط جولاتِ الصناديد

جاري صِحافةَ مصر منذ نشأتها ... وِعبئُها مرهِقٌ في نضرة العود

بالعزم والحزم يستوفي مطالبها ... وهل بغيرهما إدراك منشود

حتى إذا آب من أقطاب نهضتها ... وسدًّد الرأيَ فيها كل تسديد

أجرى بما يخصب الألباب أنهرها ... كالنيل بالخصب يجري في الأخاديد

وعلم الطير في أفنان روضتها ... شتى الأفانين من شَدْوٍ وتغريد

إن الصحافة موسوعات معرفة ... يزود العقل منها خير تزويد

تزيد أخبارها بالناس خبرته ... حتى تُقَوَّمَ منه كل تأويد

مسعودُ مَهَّدَ في مِصر السبيلَ لها ... فحاز فضلين من سبق وتمهيد

ثم انتحى مُرْصِداً للعلم همته ... متابعاً كل مجهود بمجهود

يعي معارف ألواناً ويخرجها ... لفظاً ومعنى بإتقان وتجويد

فمن تأليف لا تُحصى فوائدها ... محدودة ومداها غير محدود

ومن رسائل في فن وفي لغة ... سيقت لإفرار رأي أو لتفنيد

ومن مباحث في التاريخ شائقة ... وفي البحار وفي الأمصار والبي وفي صفات بني الدنيا وما اصطلحوا ... عليه في عهدهم من غير معهود

وفي عوالم أفلاك تحيط بنا ... ما بين محتجب منها ومرصود

هديةٌ وهُدى منه لأمته ... وموطنٍ بعد وجه الله معبود

مسعود يبكيك أبناء بررت بهم ... فنشئوا نشأة الغر الأماجيد

يبكيك قوم مشوا والحزن يشملهم ... في مشهد لك يوم البين مشهود

يبكيك إخوان صدق هاهنا احتشدوا ... ينوهون بفضل غير مجحود

يمضي الزمان وتبقى في ضمائرهم ... خليق ذكرى بتكريم وتخليد

خليل مطران