مجلة الرسالة/العدد 318/الله في علاه!. . .
مجلة الرسالة/العدد 318/الله في علاه!. . .
للأستاذ سيد عبده
خرج الملاح والليل عاصف. . .
يتلمس رزقه بين جرجرة البحر القاصف. . .
ومياه السماء تنزل مدرارا. . .
والرغبة في الحياة تدفعه للعمل ليلاً ونهارا. . .
وبسمة الأمل تثير في قلبه نارا. . .
فإذا بقاربه يرتطم بالصخر. . .
وإذا ببسمة الأمل تصبح صيحة الضر. . .
والرغبة في الحياة صرخة القبر. . .
ومع ذلك فقد نجا. . .
من أنقذه. . .؟؟
من نجاه. . .؟؟
هو الله في علاه. . .!!
خرج الشاب في رحلة إلى الصحراء. . .
يتلمس نزهة بين الرمال الصفراء. . .
يحمل القوت والأمل والرجاء. . .
ونسيم الربيع يهب عليلاً. . .
والشمس قد مالت فبدا الوقت أصيلا. . .
ونشوة النصر قد بدأت تدب في قلبه قليلاً قليلا. . .
فإذا به يضل الطريق. . .
وإذا بقلبه العاصر قد ملئه اليأس والضيق. . .
لأنه فقد الأمل في الحياة. . .
وقارب من أجله منتهاه. . .
ومع ذلك فقد نج من أنقذه. . .؟؟
من هداه. . .؟؟
هو الله في علاه. . .؟؟
كان حاكما غشوما جبارا. . .
بذل قومه ويصليهم من عذابه نارا. . .
ويستعبد شعبه فلم يجدوا منقذاً منه إلا فرارا. . .
فهذه قطعة من جحيم. . .
والحياة في ظله بؤس وبلاء عظيم. . .
مضت الأيام فإذا عهده قد زال. . .
وإذا بالحال يصير غير الحال. . .
وأصبح الحاكم عبرة لسواه. . .
من أهلكه. . .؟؟
من أفناه. . .؟؟
هو الله في علاه. . .!
إنه عامل فقير انتبذ في المجتمع مكانا قصيا. . .
يحتقره القوم لأنه لم يك سريا. . .
ويجهله الخلق لأنه غداً نسيا منسيا. . .
يبذل الجهد ويتعب النفس كي يعيش ويحيا. . .
مضت الأيام فإذا به قد أثرى. . .
وتبدل ذله عزا. . .
وبؤسه سعدا. . .
وخموله ذكرى. . .
من أسعده. . .؟؟
من أغناه. . .؟؟
هو الله في علاه. . .! سيد عبده
المدرس بالأورمان