مجلة الرسالة/العدد 311/رد التحية
مجلة الرسالة/العدد 311/رد التحية
إلى شقيقي أكرم. . . وحي زهرة طوى عليها إحدى رسائله
إلي ليشعرني بربيع دمشق
للأستاذ أمجد الطرابلسي
بعثتِ هوايَ لو أن الهوى ... خوَت في فؤادي أنوارهُ
وأذكيت في الصدر نار الحنين ... لو أَن الحنين خبَتْ نارهُ
وهجت به ذكريات الصِّبا ... لو أن الصبا مات تذكارُه
وأذكرتِني الأمس لو عاقني ... عن الأمس يومي وأَعذارُه
وأهلي. . . ولكنَّ أهلي هُمُ ... أحاديثُ قلبي وأخباره
وصحبي. . وكيف وهم سامري ... إذا مُلَّ ليلي وسُمّاره
ولكنني كنت أَعصي القريض ... إذا ضجَّ في الصدر زخاره
أُهدهِدُهُ بكذوبِ المنى ... فيُغضي وقد ماج موَّاره
فأيقضته بعد طول السُّباتِ ... تُجَنُّ بِكَفَيهِ أوتاره
وفجرتِهِ جدولاً ناغماً ... تَغَنَّي رباه وأطيارُهُ
أيا زهرة الشوق لا صَّوحتْ ... مغاني حماي وأَدوارُه
ودامت على الدهر جناته ... تمُدُّ لها الخير أنهارُه
لقيُت بك الأهل بعد الفراقِ ... فبُثَّ الهُيامُ وأسرارُه
رأيتك فإنجاب هذا المدى ... وزالتْ دجاهُ وأَستاره
فذا منزلي في حواشي الحِمى ... تلوحُ لعَيْنَيَّ أشجاره
تَناغى بأُذني عصافيرُهُ ... وتلمعُ في النَّور أثمارُه
ونافورة الماءِ في ساحِهِ ... لها نغمٌ لذَّ تكراره
تروم السحاب فيلوي بها ... نسيمٌ تمايلَ خَطَّارُهُ
يحطُّ على حوضها طائرٌ ... ويمضي وما بُلَّ منقارُهُ
ومن حولها اخوتي ضمَّهم ... صفاء الإخاء وإيثارُهُ إذا مرَ حوافي ربيع الشباب ... تولى الوقار أخطارهُ
وإن ضحكوا ضحكت حولهم ... طيور الغناء وأزهارُه
أَمشعرتي بالربيع الضحوك ... تَلَد ضحاه وأسحاره
ومنسيتي وحشتي والنوى ... وبيناً تطاول إمرارُهُ
شكرتكِ زائرة برَّةً ... للهفانَ شاقته زُوَّارُهُ
شَققتِ إلى فؤاد النَّوى ... وليلاً تلاحظً أقدارهُ
وتيهاً ترامت مفازاتهُ ... وموجاً تواثَبَ هَدارُهُ
فجئت عليك شحوب الطريق ... وفيك من الجهد آثارُهُ
فحييْت فيك الرسول الأمين ... تَشقُّ على الصبر أسفارهُ
وقبلتُ فيك الوفاء الجميل ... إذا نسي العهد غدارهُ
أيا زهرتي جاد زهر الحمي ... كريم السحاب وثَّرارُه
بلغت فمن مُبلغ جيرتي ... سلاماً تَضوَعَ معطاَرُه
نأيت عن الدار لا عن قِلى ... فأحلى مغاني الفتى دارهُ
ولكنني سِرتُ يَحتَثَني ... طموح الشباب وأوطاره
تخيرتُ بُعدي ولو أنني ... هُديتُ لما كنت أَختاره!
(باريس)
أمجد الطرابلسي