مجلة الرسالة/العدد 265/الكتب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 265/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 01 - 08 - 1938



معلومات مدنية

تأليف الأستاذ محمود العابدي

للسيد عبد اللطيف الصالح

مؤلف هذا الكتاب ناظر لإحدى المدارس الحكومية بفلسطين قد اتجه في دراساته الخاصة نحو التاريخ العام فغدا مؤرخاً معروفاً في فلسطين يقدم للنشء والمكتبة العربية ثمار بحوثه وغرس ثقافته، والأستاذ العابدي بمؤلفه (معلومات مدنية) أسدى لا للنشء فحسب بل للمعلم أيضاً خدمة جليلة، وقد قسم مؤلفه إلى ثلاثة أقسام، فجعل الأول لتاريخ المجتمع الإنساني وتنظيماته من العصور الحجرية إلى نشوء نظام السوفيت في روسيا ويدخل فيه تنظيمات اليونان والرومان والعرب والقرون الوسطى والحكومات الأوروبية الحديثة. كل ذلك بتفصيل كاف عن حركة العمال في العالم

والقسم الثاني منه جعله الأستاذ العابدي للمقابلة بين الحكومات في إنكلترا والولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا والمستعمرات وجمعية الأمم ودوائرها، وألم بهذه المواضع إلماماً مناسباً بحيث يخرج القارئ من هذه الموضوعات ولديه فكرة تاريخية واضحة عن الاصطلاحات السياسية، فقد وفى ذلك. قال المؤلف في مقدمة الكتاب (وفي كل يوم ترد الصحافة تعابير وكلمات كلجنة الانتدابات الدائمة، ومجلس عصبة الأمم والحماية والانتداب وتقرير المصير والدستور والنقابات والسوفيت والبرلمان وحكومة الاتحاد والسكرتير العام والنائب العام، لا يعرف حقيقتها معرفة متوسطة. ومن النقص على شعب يعد نفسه للتقدم والنهوض أن تجهل أكثريته مثل هذه المعلومات الأساسية، وهذا أول دافع دفعني لوضع هذا الكتاب) وفي هذا القسم بحث مستفيض عن أهم إدارات الحكومة النافعة للشعب كالتعليم والصحة والبوليس وواجبات الفرد وحقوقه

والقسم الثالث من هذا الكتاب جعله الأستاذ العابدي لحكومة فلسطين فهو ضروري لكل فلسطيني يريد أن يعرف كيف تدار بلاده، بل إن الاطلاع عليه ضرورة لكل عربي يؤمن بفكرة العروبة وكل مسلم تهمه شئون الإسلام حتى يقف على حالة هذه البلاد التعسة التي هي الآن في فورة دموية قد تجاهل صوتها قادة الرأي في الأقطار الإسلامية، واكتفى بعضهم بقوله: (إنا نعطف على عرب فلسطين ونتمنى لهم الخير) كأن مثل هذه الجملة كافية لردع الإنجليز عن هذه المذابح التي تغرق فيها بلاد هي مهبط الوحي الأمين ومهد الرسالة الربانية. نعم تناول المؤلف في هذا القسم حكومة فلسطين بحيث يخرج منه القارئ وعنده فكرة صادقة عن كيفية الإدارة في هذا الشعب المدافع.

ولقد ظهر لي أثر مجلة (الرسالة) الغراء واضحاً في هذا الكتاب فأستطيع أن أعده من ثمار غرس هذه المجلة العربية التي عم تناولها أبناء العروبة وانتشرت بين أبناء الضاد انتشاراً لا يدانيها في ذلك مجلة أخرى، ولقد أحسن المؤلف في اقتباسه عن أساتذة هم أعلام ثقافات وعلوم كالأساتذة أحمد أمين، وحافظ عفيفي باشا وساطع الحصري وأحمد سالم الخالدي وغيرهم، حتى جاء مؤلفه عصارة مركزة لأبحاثهم المتعلقة بموضوع كتابه

والذي يطالع كتاب (معلومات مدنية) يرى أنه يغلب على أسلوب الأستاذ العابدي الدقة في التعبير مع وضوح وإبانة للغرض الذي يريده، وقد يقرأ القارئ فيه صفحة واحدة فيخرج منها بعلم قد لا تستوعبه صفحات كبيرة، وهذا آت من تمكن الأستاذ العابدي من مادة التاريخ ومن سعة اطلاعه في نواحيها المختلفة. ولا شك أن اتجاه المؤلف نحو الناحية التاريخية في دراساته كان له أثر كبير في قيمة هذا المؤلف فهو دائرة معارف نافعة تغنى به المكتبة العربية كما تغنى بغيره من مؤلفات عربية ثقافية أو اجتماعية

عبد اللطيف صالح