مجلة الرسالة/العدد 259/رسالة الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 259/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 06 - 1938



الشعاع المقيد!!

للأستاذ محمود حسن إسماعيل

(إلى هالة الوطنية التي تتفجر أنوارها من تمثال رسول الجهاد

الأول مصطفى كامل. . . وهو يرسف في قيوده بين ظلام

النسيان والجحود)

خُذْ أماناً منَ الشعاع المُقَيَّدْ ... فهْوَ في القَيْدِ جَمْرةٌ تَتوقَّدْ

مِلْءُ ذَرَّاتهِ أناشيدُ مَجْدٍ ... بصداها مُحَرِّرُ النيل أنشَدْ

ذَرَّةٌ ترْعِبُ الحديدَ عَلَى الصَّمْ ... تِ! وَأُخْرَى في الهوْل تُرْغى وَتُزْبِدُ

غلَّلَتْهُ باْلأَمْسِ كَفٌّ ضَلولٌ ... تَنْصُرُ البَغْيَ بالْحُسام المجرَّدْ

شَدَّ طُغيانَها عتيٌّ منَ الغَرْ ... بِ، على النِّيلِ كم طغى وَتمرَّدْ!

ملَّكتْهُ - والملك لله! - دُنْيا ... ظِلها عاجلُ الْفناءِ مُبدَّد

فَمضى في مسابحِ الشَّرْق كاْلاقْ ... دار يُشْقى كما يَشاء ويُسْعِدْ!

كم عَدا فاتِكاً! وأحكَمَ أَغْلاَ ... لاً الرِّقابُ في الشَّرْق تَشْهَدْ!

في (فِلَسْطين) ظُلْمُه أَقلق الدُّنْ ... ياَ وما هَزَّهُ الصُّراخُ المرَدَّدْ

وعَلَى (مصرَ) كم أَذَلَّ! وأَرْدَى! ... وتمَطَّى على النُّجوم وَهَدَّدْ!

عَبقريٌّ في الختْلِ يُدْمي وَيرْتَ ... د على الجرْح باكياً يتوجَّدْ

كم سَقَى النَّيلَ مِن ضراوَتِه الهوْ ... نَ وعيشاً من المذَلَّةِ أنكَدْ!

وتمادَى. . . فكُنْتَ يا (مُصْطفى) الهوْ ... لَ على هوْلهِ تَثورُ وَترعِدْ

في غباَء السّنين، والنيل مُغفٍ ... وبَنُوه من سكرَة الضَّيم هُجَّدْ

قُمت كالْعاصف المجلْجِل تَجتا ... حُ فلا تنْثَنْي ولا تتردَّدْ

تُلْبِسُ القيْدَ مِن جناَنكَ قَيْداً ... حَزُّهُ في الحديدِ نَقشٌ مُخَلَّدْ

هَتفاتٌ بِحُبِّ (مصر) وَموتٌ ... في هَواهاَ! ونَشوَةٌ! وَتَعَبُّدْ

وَصلاةٌ بمجدِها. . كُنتَ فيها الْ ... عابِدَ الصَّبَّ، والشواطئُ معبَدْ وَذيادٌ عن حُرمةِ الوطن الشَّا ... كي بعزم (كَنيلهِ) ليس ينفَدْ

وَدِفاعٌ عن الحِمى كُنتَ فيهِ ... ما لِغير الحمى تَرومُ وتقصِدْ

فارسٌ في قَتَامَةِ النَّيل تمضى ... بشِهاب منَ السَّماءِ مُؤَيَّدْ

مِشْعَلٌ في يدَيْكَ شَرَّدَ بالأضْ ... واءِ جُنحاً على الشَّواطئِ أربَدْ

كُنتَ تَسرى به فُتنهضُ فاني ... نَ علَيهم شيْخُوخَةُ اليأْس تُقِعدْ

بضِياءٍ منَ الهدَى أنعشَ الشَّرْ ... قَ وطَرفُ الزَّمانِ في (مصر) أرمَدْ

وَبَيانٍ كأنه لهبُ (البُرْ ... كانِ) تَختارُ جَمرَه وتُنَضِّدْ

كلَّ لَفظٍ منَ الصراحةِ سهمٌ ... في حَشا الغاصبين ماضٍ مُسَدَّدْ

هاَتِ لي مِن صَداهُ نَبراً لَعلِّى ... أنْفثُ النَّارَ من صَداىَ المغرِّدْ

هاتِه فالجحود وَارَاه في سجْ ... ن على شاطئِ الليالي مُشَرَّدْ

في زوايا النِّسْيان قَبرٌ. . . وَذِكرٌ. . . ... ورَخاٌ في الصَّمْت لهفاَن مُكْمَدْ

كاد يَنضو الأستارَ عنه وينعى ... أَنا رَمزُ الفَخار يا (نِيلُ) فاشهَدْ!

أنا عَلَّمتُكَ الْوُثوبَ على القَيْ ... د! وعَلمْتني الأسى والتنَهُّدْ!

ما الذي في الضِّفاف نَسَّاكَ رُوحاً ... ذَاقَ من أجْلكَ الرَّدَى واسْتشهدْ؟

أشيُوخ على الكَراسيِّ هاَجُوا ... وَهْيَ منْ بَغْيهم تميدُ وَتُرْعَدْ!؟

أَمْ شباَبٌ على تُرابِكَ يمشى ... حَول ساقَيِهِ كالأسِير المصَّفَّد؟

خانعٌ في حِماك. . . ينتظرُ البَعْ ... ث ليمضى إلى الإمام وَينهَدْ

عَلَّموهُ. . الأرزاقُ في (مصر) رَهْنٌ ... بِرَجاءٍ! وذِلةٍ! وتَودُّد!

كيف يُلقى بعَزمه تحت نَعلَي ... هـ وفي الذلِّ يستنيمُ ويَرقُد!!

ما الذي في الضفاف نسَّاك يا (نيل) ... هَوى ذَلِك الشعاع المقَيَّد؟

فَمنحت التِّمثال شِبراً، عَليه ... تائهُ الدود في الْبِلَى يتمرَّد!

وَحرَمتَ الجهاد فجراً من النُّو ... ر، يُهَدِّي إلى عُلاكَ وَيُرشِد؟!

محمد حسن إسماعيل