مجلة الرسالة/العدد 160/مقطوعات شعرية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 160/مقطوعات شعرية

ملاحظات: بتاريخ: 27 - 07 - 1936



للأستاذ عبد الرحمن شكري

صلاح الحياة أم غايتها

قل كيف نحيا ولا تقل لي ... ما حكمة العيش والبقاءْ

فمطلب للعلاء يحدو ... وآخر كله عناء

كم سأل السائلون قدماً ... ما الكون ما العيش ما الفناء

مسألة ما لها جواب ... وليس يُلفَى لها غناء

كساخط من طروق داء ... وتارك خلفه الدواء

ود الأسى

يا رفاقاً طالما أَنْسَتْهم ... لذةُ العيش حزيناً، يا رفاق

قد وجدت الصدق في ود الأسى ... مِقَةُ اللذات كسب ونفاق

غبي ذكي

يا غبياً رأى الذكاء شقاء ... ورأى النحس أن يكون أريبا

أنت أذكى من الذكيِّ الذي يح ... يا شقياً لكي يكون أديبا

وإذا كانت الغباوة نعمى ... فمن الحمق أن تكون لبيبا

البصير الأعمى

يا قلب صبراً ولا تعتب على قسَم ... قد استوى الناس في عتب على القِسَمِ

الحظ أعمى لدى من لم ينلْ أرباً ... وهو البصير لدى من فاز بالنعم

خطة الضعة

في كل نفس من نفوس الورى ... شيء من الحقد وسوء الظنون

إن كَذَّبَ المُثنى على نفسه ... صَدَّقَ من يُزْري بفضل القرين

لذاك يُعْلى الخب من نفسه ... إن هَدَّ من فضلٍ بمدح قمين

أكثر من إعلائه نفسه ... بأن يزكي النفس عند الفطين ناجح

كل بِشْرٍ منه فَخٌّ ... كل لفظ منه غدرْ

بلغ النجحَ بلؤم ... إن بعض النجح وِزْرْ

الكذب

للكذب في الناس أوساط مُجَنَّحةٌ ... والصدق يسعى لديهم كالسُلَحفَاةِ

يهوون ما لا يسيغ العقل من كذب ... وينبذ الحق من حرص المجاراة

كأنما الكذب ملح يستلذ به ... طهي الحديث وإشباع السخيمات

إخفاء السريرة بالنطق

أتحسب أن الله أعطاك منطقاً ... لتبسط من لغو الكلام على الصدق

وإن لسانا بين فكيك ناطق ... لإخفاء ما دون السريرة بالنطق

وتكتم ما قد يُظهِر الوجه أمرَه ... بقولك قولاً باطلاً مشبه الحق

عجائب الحقد

عجبت للمرء في بغض وفي مِقَةٍ ... هما العجيبان إن آخى وحين عدا

يرمي النِّفَايةَ لا يبغي لها ثمناً ... حتى إذا ما حواها راغب حسدا

ويغفر الذنب من إحسان فاعله ... حتى إذا ما نفدت آلاؤه حقدا

فخر الناجح

قبيح نجاح المرء إن هو شأنه ... بفخر فلا يقْبُح نجاحك بالفخر

كأن لم يكن أهلاً له حين ناله ... هو الصمت قد يُطري إذا الفخر لا يطري

جلا منه عيب النفس من بعد ستره ... كذاك حديث العهد بالمال واليسر

ويا رُبَّ نُجْحٍ يسلب المرء رشده ... ويبدي خصالاً منه تقتل أو تُزري

نذالة الحسد

عدوك مرجوٌّ فإن كان حاسداً ... فلا رحمة ترجى لديه ولا عدل

وليس بنذل كل من صال أو عدا ... وتاب ولكن الحسود هو النذل مغفل لمغفل

قالوا الأنام إذا اختبرت أمورهم ... وبلوت من أحوالهم ما يبتلي:

غر يخادعه لئيم عاقل ... ولبئس حظ المرء إن لم يعقل

كذبوا، فما عيش الأنام وهزله ... إلا خداع مغفَّلٍ لمغفل

يتهارشون على الحياة ورجسها ... فعل الكلاب على خبيث المأكل

عبد الرحمن شكري