مجلة الرسالة/العدد 115/المساء
مجلة الرسالة/العدد 115/المساء
للدكتورابراهيم ناجي
يا غلَّة المتلهف الصادق ... يا آيتي وقَصِيدَتِي الكبْرَى
زادي لقاؤك: طاب من زاد ... وإذا نأيْتِ أعيِشُ بالذكرَى
يلْقي خَيَالَكِ كيفما باتا ... صبٌ له لفَتَاتُ مسحوُرِ
يرْوَي ويشبَع منكِ هيهاتا ... لا يرتوي بصر من النور
بعد الأوَارِ في الغرس ... لاَ يرْتوِي عودٌ من الطلّ
ومن احْتسى من لفحة الشمس ... لا يرتوي أبداً من الظَّلَّ
ذقْتُ المنايا عدّ أنْفَاسي ... والبعثُ كانَ شبابَكِ الزاهي
زمن ارْتوى من سخَط الناس ... لم يرْوِه غير رضا اللهّ!
يا للمساء العبقريّ وما ... مَنَحَتْ من النّفَحَات عيناكِ
أو كان رؤيا واهم حلما ... ما كان أقدسَهُ وأسناكِ
يا للنسائم من مُسَبّحةٍ ... خَشعت بهيكل ذلك الوادي
فحفيفها همساتُ أجنحة ... ورفيفُها صلواتُ عبّاد
نمشى وقد طال الطّريق بنا ... ونودّ لو نمشي إلى الأبدِ
ونود لو خلَتِ الحياُة لنا ... كطريقنا وغدتْ بلاَ أحدِ
نَبْني على أنقْاَضِ ماضينا ... قصراً مِن الأوهامِ عِمْلاقاً
ونظلَّ ننشد مِنَ أمانينا ... وشياً من الأحلامِ برَّاقاً
وأظل أسقيها وتملأ لي ... من منبع فوق الظَّنون خَفِي
حتى إذا سكِرَت من الأمل ... وترنّحتْ ماَلتْ على كتفِي
حَلَقتْ بأنّي أغْتدي معها ... حيث اغتدت وهواي في دمها
فَمسحْتُ بالقُبلاتِ أدمعها ... وطبْعتُ أقْسامِي على فَمِها
إنّا لقومٌ أنكَروا الجَسَدا ... فاعجب لمفترقْينِ ما افترقاَ
أو ما ترى روحيهما اتحّدا ... أو ما ترى ظليْهما اعتنقا
إبراهيم ناجي