مجلة الرسالة/العدد 111/في اللغة والأدب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 111/في اللغة والأدب

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 08 - 1935



المثنيات

للأستاذ محمد شفيق

إن من خصائص اللغة العربية التي امتازت بها على غيرها من اللغات الحية هذه المثنيات. وقلما يخلو علم من علوم لغة الضاد من مثنيات إن قليلة أو كثيرة. وقد رأيت أن أقدم إلى قراء (الرسالة الغراء) أمثلة منها مرتبة على العلوم، مبتدئاً بالأدب واللغة لشدة علاقتهما بالرسالة، وإن كانت هي حفية بالثقافات الإسلامية والعربية وغيرها:

المثنيات في اللغة والأدب والنحو والعروض

(الأبردان) الغداة والعشيّ، والظل والفيء، وفي الصحاح: الأبردان: العصران. (الأبيضان) اللبن والماء، أو الشحم واللبن، أو الشحم والبياض، أو الخبز والماء، أو الحنطة والماء، أو الملح والخبز، قال الشاعر:

ولكنه يأتي إلى الحول كاملاً ... وماليَ إلا الأبيضينِ شَرابُ

(الأجدّان) الليل والنهار، وكذلك الجديدان، والدائبان والطريدان، والعصران، والملوان، والأحدثان، والأصرمان

(الأحمران) الخمر واللحم، وفي المثل (أفسدَ الناسَ الأحمران) قال الشاعر:

إن الأحامرة الثلاثةَ أهلكتْ ... مالي وكنت بهنَّ قدماً مولعا

الرَّاح واللحم السمين وأطَّلي ... بالزعفران فلا أزال موَلعا

(الأخضران) النباتان القريب والبعيد، لأن القريب أخضر حقيقةً، والبعيد كما قالوا أسود؛ والأسود عند العرب أخضر، يقال فلان أحرق الأخضرين: يراد المبالغة في ظلمه وتعديه، كأنه يوصل الشرَّ إلى القريب والبعيد. وقيل الأخضران: النبات والإنسان من العرب؛ قال الفضل بن العباس:

وأنا الأخضرُ من يعرفني ... أخضر الجلدةِ من نسل العربْ

(الأصرمان) الذئب والغراب لأنهما انصرما عن الناس، أي انقطعا، قال:

وموماة يحارُ الطرفُ فيها ... إذا امتنعتْ علاها الأصرمان (الأعميان) السيل والفجل، والسيل والحريق، والسيل والليل، والسيل والجمل الهائج: لأنها لا تتقي موضعاً ولا تتجنب شيئاً كالأعمى الذي لا يدري أين يسلك فهو يمشي حيث ذهبت رجله

(البازيان) الأعشى وجرير. كان أبو عمرو بن العلاء يقول:

الأعشى وجرير بازيان يصيدان ما بين العندليب إلى الكركي

(البردان) الغداة والعشي، قال ابن خالويه: حدثنا ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: دعا أعرابي لرجلٍ فقال: أذاقك الله البردين - يعني برد الغنى وبرد العافية - وأماط عنك الأمَرَّين، يعني مرارة الفقر ومرارة العري، ووقاك شر الأجوفين، يعني فرجه وبطنه

(الحكيمان) أبو تمام والمتنبي: سئل أبو العلاء عنهما وعن البحتري فقال: هما حكيمان والشاعر البحتري، كأنه يريد أنهما ينتزعان المعاني من كلام الحكماء ويراعيان الصناعات الشعرية التي أحدثها المتأخرون، وأما البحتري فإنه يجري على عادة العرب في ترك التكلف واختراع المعاني

(الخالدان) هما خالد بن نضلة بن الأشتر بن جحوان، وخالد بن قيس بن المضلل بن مالك، قال الشاعر:

فقبليَ مات الخالدانِ كلاهما ... عميدُ بني جحوان وابن المضللِ

(الخالديّان) هما أبو بكر وأبو عثمان ابنا هاشم الشاعران المشهوران، قال الصابي:

أرى الشاعرين الخالديين نشَّرا ... قصائدَ يفنَى الدهرُ وهي تقيدُ

تنازع قومٌ فيهما وتناقضوا ... ومَرّ جدالٌ بينهم وتردُّدّ

فطائفةٌ قالتْ سعيدٌ مُقدم ... وطائفةٌ قالت لهم بل محمدُ

وصار إلى حكمي فأصلحتُ بينهم ... وما قلتُ إلا بالتي هي أرشدُ

هما لاجتماع الفضل روحٌ مؤلف ... ومعناهما من حيثُ ألفيت مفردُ

كما فرقدا الظلماء لما تشاكلا ... علاءً أشكا ذاك أم ذاك أمجدُ

فزوجهما ما مثله في اتفاقه ... وفردهما بين الكواكب أوحدُ

فقاموا على صلح وقام جميعهم ... رضياً وساوى فرقدَ الأرض فرقد

(السّببان) هما عند علماء العروض خفيف، وهو حرفان ثانيهما ساكن، وثقيل وهو حرفان متحركان

(الصادان) هما الصاحب بن عباد والصابي، قال أبو الحسن البنداري: أكتب أهل العصر الصادان

(الجرادتان) هما قينتا معاوية بن بكر أحد العماليق واسمهما بعاد وثماد، وبهما ضرب المثل (ألحن من الجرادتين)

(الصناعتان) هما عند الأدباء صناعة الشعر وصناعة النثر، وللبلغاء فيهما مؤلفات كثيرة، وأما الصنعتان في قول الوراق يرثي أبا الحسين الجزار:

يا عيدنا الأضحى سقى ... صوبُ الغمام أبا الحسينِ

لو عاشَ فيك لقد غدا ... يشكو بوارَ الصنعتينِ

فالمراد بهما صنعة الجزارة لعدم من يتقدم إلى الله بالأضاحي، وصنعه الشعر لعدم الكرماء

(الفاصلتان) هما عند العروضيين صغرى، وهي ثلاثة أحرف متحركات على التوالي يعقبهن ساكن، وكبرى، وهي ما تجمع أربعة أحرف متحركة على التوالي يعقبهن ساكن

(رهين المحبسين) هو أبو العلاء المعري، سمى نفسه بذلك وكان لزم بيته فلم يخرج منه مطلقاً، فأراد بأحد المحبسين البيت وبالآخر العمى

(ملكا الشعراء) هما امرؤ القيس وأبو فراس الحمداني، قال الصاحب بن عباد: بدئ الشعر بملك وختم بملك، يعني امرأ القيس وأبا فراس

(فعلا المدح والذم) و (جمعا التصحيح) و (اجتماع الساكنين على حدة) و (اجتماع الساكنين على غير حدة) عند النحويين مشهورة

محمد شفيق