مجلة الرسالة/العدد 1017/سطور من دم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 1017/سطور من دم

ملاحظات: بتاريخ: 29 - 12 - 1952



للأستاذ زهير مرزا

أي جرح يضوع عطرا وندا ... فالثرى مشرق الأديم مندى

والوجود المفجوع هلل تكبيرا ونادى الأمجاد وفدا فوفدا

والأهازيج عمت الأفق إلا ... شهقات. . لم تقو أخذا وردا

شرقت بالدم الذكي تلوي ... أفعوانا على الثرى يتبدى

خضب الأرض يكتب اليوم فيها ... أسطرا لن تبيد طمسا وفقدا

كل ما لم يخط بالدم تمحو ... هـ الليالي مهما تطاول عهدا

سائلوا السفح عن فتى يعربي ... كان ملء الزمان قلبا وقدا

يمم الأمس ساحة المجد شبلا ... وطوى بلقعا وحزنا ونجدا

في حناياه حفنة من شعور ... لم تطق أن ترى السود عبدا

فاستعدت من (الشهادة) إيما ... نا. . ومن حقها المهدد أبدا

فزعت للجهاد سكرى كما يفزع لله مؤمن ثاب رشدا

ورأت فيه مدفنا هو أجدى ... من حياة جبينها يتندى

والذي أشرب الشهامة طفلا ... ليس يرضى بأن يعفر خدا. .

أزفت ساعة النضال. . وماج الجحفل البحر بالبطولات يجدي

وتوالى على النفوس صراع ... أكبر الدهر ما رأى ويتبدى

مثلما عزت النفوس تراها ... تدفع الموت بالمناكب صدا

وتداريه، حيلة، وهي منه ... قاب قوسين. . والخديعة أجدى

وارتمى الشبل في الغمار وقد جر ... د سيفا يضيء وجها وزندا

وانثنى. . بين ناظريه بقايا ... بقع من دماء عز تصدى

وتراءى مبعثر الجهد جباراً يكاد القرضاب يضرب فردا

فإذا أن يمنة من تردي ... ما لها يسرة فشتت حشدا

ضاع منه صوابه حين دوت ... زأرة الليث خر إذ ما تردى

وتلوي يجمع اليوم أحشا ... ء لميضى أشد ما كان حقدا غير أن اليد التي خلدته ... لم تخنه، لكن تداعت، فأودى

حسبوه ما زال ينضح عزما ... من بقايا لما تزل تتحدى

أكبروا أن يخر فاقتحموا المو ... ت يفدونه وما كان يفدى

غير أن الأذى يجر أذاة ... والبطولات للبطولات أهدى

كفنوه بثوبه ودماء ... ثم عادوا بحفنة منه تندى

وطووا جرحه على النصر والمجد. . وأعظم به على الدهر مجدا

ورأوا في مصيره (نقطة البد ... ء) فصاغوا من (الشهادة) مبدأ

والذي شيع العقيدة والإيمان شيعه، فالحفيرة أجدى

وانظر الناس تلق في كل جيل ... ملحدا صاغ من دياجيه لحدا

قل لمن بات في الحياة وحيدا ... إن هذى الحياة تنبض رفدا

نقل الطرف في مفاتنها الغر ... وئد حقدها ولا تبق نأدا

واشتر المجد بالدماء فإن أغلى فزده فقد أنالك خلدا

كل ما لم يخط بالدم تمحو ... هـ الليالي مهما تطاول عهدا

دمشق

زهير ميرزا