مجلة الرسالة/العدد 1014/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 1014/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 08 - 12 - 1952



إلى هالة

للدكتور عبد الوهاب عزام ابنة تدعى هالة وهي صغرى بناته. وقد

رافقت هالة أباها إلى جدة حين كان وزير مصر المفوض لدى الدولة

السعودية العربية، ثم رافقته في سفره إلى كراتشي حين عين سفيرا

لمصر في باكستان. وكانت تقدم القهوة إلى أبيها في ليالي رمضان،

وتحرص على أن تصنعها بنفسها وتقدمها وتأبى أن يشاركها أحد، ثم

تجلس إلى أبيها بعد العشاء، فيحدثها حديث شيخ الأرانب، وهو حديث

طويل بدأ في جدة، واستمر في كراتشي ولم ينته. وكان يملى عليها

الحديث في كراتشي فتكتبه ثم تصور بعض مناظر الحديث تصويرا

دقيقا؛ فصورت الأرانب وهي قائمة للصلاة، وصورا أخرى.

وسافر الدكتور عبد الوهاب عزام إلى كراتشي في هذه المرة وحده، وبقيت هالة في مصر، فأرسل إليها شوقه وحنانه الأبوي بهذه الأبيات:

أهالة إن شط المزار فإنني ... إليك، على نأي الديار، قريب

حديثك عندي، والخيال يطيف بي، ... له في خيالي جيئة وذهوب

ولكنني والحق أشتاق قهوة ... يضوع شذاها في يديك، تطيب

تزفينها بعد الطعام محرماً ... لغيرك فيها شركة ونصيب

وأشتاق من شيخ الأرانب مجلساً ... أحدث فيه والخيال خصيب

وخطك ما أمليه تسطير حاذق ... وضحكك منه، والحديث عجيب

وتصوير ما سطرت تصوير حاذق ... يزيد بياني روعة ويجيب

لأذكر صفا للأرانب قائما ... يصلي منيبا، من رآه ينيب

يكاد من الإتقان يسجد خاشعا ... ويسمع منه في الخشوع وجيب

وجمعا دعاه للصلاة مؤذن ... وأحسن فيه قارئ وخط فليتك عندي كي أتم حديثها ... وذلك تحديث إلى حبيب

كراتشي:

عبد الوهاب عزام

شونبرون لا شمبرون

قرأت قصيدة الشاعر الكبير عزيز أباظة ليسمح لي حضرته أن أوجه نظره إلى غلطتين:

الأولى - غلطة في اسم قصر (شمبرون) إذ صحة الاسم (شونبرون) وهو القصر الذي اعتقل فيه ابن نابليون بعدما هزمت جيوش الحلفاء وعدد جنودها 300 , 000 الجيش الفرنسي الذي كان تحت إمرة نابليون نفسه وعدد جنوده 50 , 000 في واقعة واترلو المشهورة في 18 يونية سنة 1815 وفي أثرها تنازل نابليون عن العرش في 23 يونية سنة 1815 ثم سلم نفسه إلى إنجلترا، والحكومة الإنجليزية نفته إلى جزيرة سانت هيلانة وبقى في المنفى إلى أن توفى في 5 مايو سنة 1821 وعمره 51 سنة.

أما ابنه - وكان عمره أربع سنوات وبضعة شهور - فقد أطلق عليه أبوه عقب ولادته لقب ملك روما؛ إلا أن ماري لويز لما تزوجت بعد نفي زوجها إلى جزيرة سانت هيلانة سمته أمير بارم؛ ثم سلمته إلى أبيها فرانسوا الثاني إمبراطور النمسا فسماه دوق دي رايشستاج؛ ولكن فرنسا آثرت أن يبقى له لقبه الأصلي الذي تلقاه عن أبيه وهو ملك روما. وكان الحلفاء أرادوا تنصيبه ملكا على بلاد اليونان أو على بلاد بولونيا، إلا أن البرنس مترينك كبير وزراء إمبراطورية النمسا اعتقله في قصر شونبرون وبقى معتقلا إلى أن توفاه الله في 22 يولية سنة 1832.

وقد زرت هذا القصر قبل قيام الحرب العالمية الأولى ورأيت من آثاره التاريخية سرير ابن نابليون وهو السرير الذي قدمته بلدية باريس هدية إلى الإمبراطور نابليون عقب ولادة ابنه في 20 مارس سنة 1811.

الثانية - غلطة لغوية في قوله (واحتوتنا سيارة تنهب الأرض) وكلمة (تنهب الأرض) غير صحيحة والصحيح تنتهب الأرض.

عزيز خانسكي 1 - لمن هذا الشعر

أخبرني صديقي القصاص الموصلي الأديب جلال الخياط - وهو يعرف ولعي بجمع شعر شوقي وتتبع آثاره - أنه قرأ في كتاب لا يذكر اسمه الآن هذين البيتين منسوبين إلى شوقي مع القصة التالية:

في عهد الخديوي عباس حصلت جفوة بين الأمير وشاعره؛ وبعد توسط الوزراء قابل شوقي الخديوي في مقره الرسمي وكان بينهما عتاب فارتجل شوقي البيتين التاليين:

أليس من العز الممنع أن ترى ... أمير القوافي في ركابك جاثيا

فو الله لولا العرش الذي أنت ربه ... لما زعزعتني قوة من مكانيا

واستدل الأديب الموصلي بقوله (أمير القوافي) أنها لأبي علي، أما أنا فلم أقرأها في مكان؛ فهل هي لأمير الشعراء أم لغيره؟ هذا ما أحب أن يتفضل علي به القراء الكرام.

2 - عودة الرواية

قرأت الإعلان الذي نشر مؤخرا بمجلة (الرسالة) عن عودة مجلة (الرواية) إلى الظهور لقراء العربية فغمرتني نشوة من الفرح. وكيف لا يفرح مثلي وقد كانت خير موسوعة للقصص العربية الموضوعة والعالمية المترجمة. ومن عرف أن أستاذنا الجليل الزيات صاحب البيان الساحر والقلم الشاعر سيقدمها إلى قرائه المعجبين يدرك كيف ستكون، وليس لي إلا أن أمد يدي مصافحا ومهنئا ذاته العظيمة وقراءه الأعزاء بهذه البشرى السارة فإلى الأمام يا صاحب (دفاع عن البلاغة)

بغداد

عبد القادر رشيد الناصري

رد ونقد

خطأ بعضهم استعمال (نعاه ينعيه) واستشهد بقول الشاعر:

زعم العواذل أن رحلتنا غدا ... وبذاك (ينعانا) الغراب الأسود

وأقول أنه ورد في بعض المؤلفات القديمة فقد جاء في (حياة الحيوان) في الكلام على (البوم) ما نصه: ورأيت في بعض المجاميع بخط بعض العلماء الأكابر أن المأمون أشرف يوما من قصره فرأى رجلا قائما وبيده فحمة وهو يكتب بها على حائط قصره، فقال المأمون لبعض خدمه اذهب إلى ذلك الرجل وانظر ما يكتب وائتني به، فبادر الخادم إلى الرجل مسرعا وقبض عليه وتأمل ما كتبه فإذا هو:

يا قصر جمع فيك الشوم واللوم ... متى يعشش في أركانك البوم

يوم يعشش فيك البوم من فرحي ... أكون أول من (ينعيك) مرغوم

ثم إن الخادم قال له أجب أمير المؤمنين فقال له الرجل سألتك بالله لا تذهب بي إليه. فقال الخادم لا بد من ذلك ثم ذهب به. فلما مثل بين يدي المأمون أعلمه الخادم بما كتب، فقال له المأمون ويلك ما حملك على هذا، فقال أمير المؤمنين أنه لن يخفى عليك ما حواه قصرك هذا من خزائن الأموال والحلي والحلل والطعام والشراب والأواني والأمتعة والجواري والخدم وغير ذلك مما يقصر عنه وصفي ويعجز عنه فهمي، وإني يا أمير المؤمنين قد مررت الآن عليه وأنا في غاية من الجوع والفاقة فوقفت مفكرا في أمري وقلت في نفسي هذا القصر عامر عال وأنا جائع ولا فائدة لي فيه فلو كان خرابا ومررت به لم أعدم منه رخامة أو خشبة أو مسمارا أبيعه وأتقوت بثمنه، أو ما علم أمير المؤمنين ما قال الشاعر؟ قال وما قال الشاعر؟ قال:

إذا لم يكن للمرء في دولة امرئ ... نصيب وإحسان تمنى زوالها

وما ذاك من بغض لها غير أنه ... يرجى سواها فهو يهوى انتقالها

فقال المأمون أعطه يا غلام ألف دينار ثم قال له هي لك في كل سنة مادام قصرنا عامراً بأهله.

وجاء في (نور الأبصار) في الكلام على (مناقب السيدة فاطمة بنت الحسين) ما نصه: لما قتل الحسين رضي الله عنه جاء غراب فتمرغ في دمه وطار حتى وقع بالمدينة على جدار فاطمة بنت الحسين ابن علي رضي الله عنهما وهي الصغرى فرفعت رأسها ونظرت إليه وبكت بكاء شديدا وأنشأت تقول:

نعق الغراب فقلت من ... (تنعيه) ويحك يا غراب

قال الإمام فقلت من ... قال الموفق للصواب الخ. . . فنعته لأهل المدينة فما كان بأسرع من أن جاءهم خبر قتل الحسين رضي الله عنه انتهى.

أما الشاهد فلا أعرفه وأخشى أن يكون محرفا عن بيت النابغة وهو:

زعم البوارح أن رحلتنا غدا ... وبذاك تنعاب الغراب الأسود

والبيت قبل علاجه من عيب (الإقواء) هكذا:

زعم البوارح أن رحلتنا غدا ... وبذاك خيرنا الغراب الأسود

انظر قصة البيت في الأغاني وغيره.

علي حسن هلالي

بالمجمع اللغوي

أين كنا. . وكيف أصبحنا؟!. .

كنا سادرين في ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج الإنسان يده لم يكد يراها، وقد تحالفت علينا العلل الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية. فأصبحنا نعيش في النور، تظلنا الحرية بلوائها الجديد، وظلها الوارف المديد!. . .

كنا نعيش في مجتمع أنهكته العلل، ودب فيه الفساد، وتغلغل في كل مرافقه وأركانه، وتحكمت في مصيره طائفة صرفتها مصالحها الشخصية عن مصالح الوطن، فأصبحنا نعيش في مجتمع صححت أوضاعه، وعولجت أدواؤه!

كنا أمة تفرقت كلمتها، وتعددت أحزابها، كل حزب بما لديهم فرحون. . يكبد بعضنا لبعض. . فضعفت قوتنا، وتبعثرت جهودنا، وضربت الفوضى علينا إطنابها، وقعد الكثيرون عن العمل المجدي المثمر. . . فأصبحنا أمة صهرتها الأحداث، فجعلت منها كتلة واحدة، يحدوها هدف واحد، وتسعى إلى غاية واحدة، شعارها (الاتحاد والنظام والعمل)!

كنا نعيش بلا أمل. . فأصبحنا نعيش والأمل يملأ قلوبنا، والإيمان يعمر صدورنا. .

فأين كنا بالأمس؟! وكيف أصبحنا اليوم؟!

إنها رحمة الله الواسعة أدركتنا، فإنتشلتنا من وهدتنا. . . ونعمته الكبرى أظلتنا. . . فلنتحدث بنعمته. . . ولنسأله المزيد من رحمته! عيسى متولي