مجلة البيان للبرقوقي/العدد 59/اعتصاب غلمان القهاوى في اليوجوسلاف

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 59/اعتصاب غلمان القهاوى في اليوجوسلاف

مجلة البيان للبرقوقي - العدد 59
اعتصاب غلمان القهاوى في اليوجوسلاف
ملاحظات: بتاريخ: 31 - 12 - 1920



من ظريف الحوادث التي وقعنا على أنباءها في الصحف والمجلات. نبأ ذلك الإعتصاب الذي حدث في مدينة زغرب من مدائن ولاية (اليوجوسلافيا) التي استقلت بعد هذه الحرب وهو اعتصاب (الجرسونات) وغلمان الحانات عن العمل. رافضين الرجوع إلى أماكنهم في القهوات ومشارب الحانات إلا إذا أجابهم أصحابها إلى مطالبهم. وذلك أن الجرسونات في تلك المحال لا تتقاضى أجوراً البتة. بل ترتكن على ما تتناوله من الزبائن والمترددين عليها من (البخشيش) كما هي العادة في كثير من مدائن الغرب كباريس وغيرها. وقد ظلوا مصرين على مطالبهم. لا يزحزحهم عنها شيء. حتى نالوا بغيتهم. واتفق أصحاب الحانات على إعطائهم أجوراً طيبة. وقدروا للغلام أو الخادم الواحد أربعة آلاف كرونة (في الشهر) وذلك مقابل إلغاء النفحات أو (أعطية الجمهور) ويرتقب أصحاب الحانات أن يسدوا هذه النفقات ويستعيضوها مما يزيدوه على أثمان المشروبات والمرطبات التي ينعم بها الزبائن. والفضل في انتصار الجرسونات على سادات القهوات يرجع إلى حيلة خبيثة احتالها أصدقاء الجرسونات وأشياعهم من الاشتراكيين، إذ يجتمعون فرقا عظيمة، ويحتشدون حشدا كبيرا ويؤمون القهوات فيشغلون أكثر مقاعد المكان ويشعلن لفائفهم ويضحكون ويمزحون وينادونا على صاحب المحل، فيطلبون أقداحا من الماء القراح فقط وهؤلاء الجموع تتألف من الفتيان والأحداث الذين يقبلون على كل عمل فرح يتخلله الطيش والمزاح وقد وجدوا في هذه الطريقة نوعاً من اللهو، ومزجة من الأمازيج التي تروقهم ولكن فيهم رؤساء لا يريدون بها لهوا. ولا يقصدون مزاحا. وإنما يريدون أن يحاربوا بهذه الوسيلة أصحاب المحال الجشعين أهل الأطماع الدنيئة. ومنهم كثيرون يقفون فوق المقاعد ويخطبون في فضل الاشتراكية ورذيلة الامتلاك وجشع أصحاب رؤوس الأموال. والجمهور لا يفزع من هذه الحوادث بل يرى فيها لهوا له لا بأس عليه منه. ولكن تصور غضب أصحاب الحانات وسخطهم وآلامهم من هذه الآفة التي أفسدت عليهم أرباحهم. وقد انتهى الأمر بهم إلى أن سلموا للجرسونات. فعاد الجرسونات إلى أعمالهم راضين فرحين بالنصر والفوز. .