مجلة البيان للبرقوقي/العدد 39/مختارات

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 39/مختارات

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 2 - 1918



للمعرّي في لزومياته:

رويدك قد غررت وأنت حر ... بصاحب حيلة يعظ النساء

يحرم فيكم الصهباء صبحاً ... ويشربها على عمدٍ مساء

يقول لكم غدوت بلا كساء ... وفي لذاتها رهن الكساء

إذا فعل الفتى ما عنه ينهي ... فمن جهتين لا جهة أساء

وله هي الراح أهلاً لطول الهجاء ... وإن خصها معشر بالمدح

قبيح بمن عدّ بعض البحار ... تغريقه نفسه في قدح

وله إذا نال فيك الناس مالا تحبه ... فصبراً يفيء ودّ العدوّ إليكا

وقد نطقوا ميناً على الله وافتروا ... فما لهم لا يفترون عليكا

وللمتنبي:

وجدت المدامة غلابة ... تهيج للقلب أشواقه

تسيء من المرء تأديبه ... ولكن تحسّن أخلاقه

وأنفس ما للفتى لبّه ... وذو اللب يكره إنفاقه

وله إلف هذا الهواء أوقع ... في الأنفس إن الحمام مر المذاق

والأسى قبل فرقة الروح عجز ... والأسى لا يكون بعد الفراق

الحزن على الفراق لا يكون إلا بعد الموت وذلك لا يمكن وله ولا تحسبن المجد زقاً

يقول: لا يجمل بالمرء أن يحزن للموت لأنه لا معنى للحزن قبل فراق الروح إذ هو عجز وقينة=فما المجد إلا السيف والفتكة البكر

وتركك في الدنيا دويّاً كأنما ... تداول سمع المرء أنمله العشر

ولأبي تمام في الخمر:

وكأس كمعسول الأماني شربتها ... ولكنها أجلت وقد شربت عقلي

إذا هي دبّت في الفتى خال جسمه ... لما دبّ فيه قريةً من قرى النمل

وللبحتري:

أترى حبي لسعدى قاتلي ... وإذا ما أفرط الحب قتل

خطرت في النوم منها خطرة ... خطرة البرق بدا ثم اضمحل زمن تلعب بي أحداثه ... لعب النكباء بالرمح الخطل

نطلب الأكثر في الدنيا وقد ... نبلغ الحاجة فيها بالأقل

أخلق الناس الأخيرون كأن ... لم ينبوا جدة الناس الأول

ولقد يكثر من إعوازه ... رجل رضاه من ألف رجل

كأبي جعفر الطائيّ إذ ... يتمادى معطياً حتى يمل

وادع يلعب بالدهر إذا ... جدّ في أكرومةٍ قلت هزل

ذلّل الحلم لنا جانبه ... وإذا عزّ كريم الناس ذل

رابئ يرتقب العليا متى ... أمكنته فرصة المجد اهتبل

وأرى الجود نشاطاً يعترى ... سادة الأقوام والبخل كسل

ولابن المعتز:

كن جاهلاً أو فتجاهل تفز ... للجهل في ذا الدهر جاه عريض

والعقل محروم يرى ما يرى ... كما ترى الوارث عين المريض

كلمات حكيمة

قال بعض الحكماء: إذا أقبلت الدولة خدمت الشهوات العقول وإذا أدبرت خدمت العقول الشهوات، وقال: لا تحقرن صغيراً يحتمل الزيادة، وقال: لا تطلب سرعة العمل واطلب تجويده فإن الناس ليس يسألون في كم فرغ من هذا العمل وإنما يسألون عن جودته، وقال: إذا أنكرت من أحد شيء فلا تطرحه وأجل فكرك في جميع أخلاقه فلكل شخص موهبة من الله عز وجل لا يخلو منها، وقال: اتقوا صولة الكريم إذا جاع وبطر اللئيم إذا شبع.

صلحة

كان أبو الشمقمق الشاعر أديباً ظريفاً مفلوكاً وكان قد لزم بيته في أطمار مسحوقه وكان إذا استفتح عليه أحد بابه خرج فنظر من فرج الباب فإن أعجبه الواقف فتح له وإلا سكت عنه فأقبل إليه بعض إخوانه فدخل عليه فلما رأى سوء حاله قال له ابشر أبا الشمقمق فإنا روينا في بعض الحديث إن العارين في الدنيا هم الكاسون يوم القيامة قال إذا كان والله ما تقول حقاً لأكونن بزازاً يوم القيامة.