لامية أبي طالب
خليليَّ ما أُذْني لأوَّلِ عاذلِ | بِصَغْواءَ في حقٍّ ولا عندَ باطلِ |
خليليَّ إنَّ الرأيَ ليسَ بِشِركة ٍ |
ولا نَهْنَهٍ عندَ الأمورِ البَلابلِ |
ولمّا رأيتُ القومَ لا وُدَّ عندَهُمْ |
وقد قَطَعوا كلَّ العُرى والوَسائلِ |
وقد صارحونا بالعداوة ِ والأذى |
وقد طاوَعوا أمرَ العدوِّ المُزايلِ |
وقد حالَفُوا قوما علينا أظِنَّة ً |
يعضُّون غيظا خَلفَنا بالأناملِ |
صَبرتُ لهُمْ نَفسي بسمراءَ سَمحة ٍ |
وأبيضَ عَضْبٍ من تُراث المقاوِلِ |
وأحْضَرتُ عندَ البيتِ رَهْطي وإخوتي |
وأمسكتُ من أثوابهِ بالوَصائلِ |
قياما معا مستقبلين رِتاجَهُ |
لدَى حيثُ يَقضي نُسْكَهُ كلُّ نافلِ |
وحيثُ يُنِيخُ الأشعرونَ ركابَهُم |
بِمَفْضَى السُّيولِ من أسافٍ ونائلِ |
مُوسَّمَة َ الأعضادِ أو قَصَراتِها |
مُخيَّسة ً بين السَّديس وبازِلِ |
تَرى الوَدْعَ فيها والرُّخامَ وزينة ً |
بأعناقِها معقودة ً كالعثاكلِ |
أعوذُ بربِّ النَّاسِ من كلِّ طاعِنٍ |
عَلينا بسوءٍ أو مُلِحٍّ بباطلِ |
ومِن كاشحٍ يَسْعى لنا بمعيبة ٍ |
ومِن مُلحِقٍ في الدِّين ما لم نُحاولِ |
وثَوْرٍ ومَن أرسى ثَبيراً مَكانَه |
وعَيْرٍ ، وراقٍ في حِراءٍ ونازلِ |
وبالبيتِ رُكنِ البيتِ من بطنِ مكَّة ٍ |
وباللَّهِ إنَّ اللهَ ليس بغافلِ |
وبالحَجَرِ المُسْودِّ إذ يَمْسَحونَهُ |
إذا اكْتَنَفوهُ بالضُّحى والأصائلِ |
ومَوطِىء إبراهيمَ في الصَخرِ رَطَبة َ |
على قَدميهِ حافياً غيرَ ناعلِ |
وأَشواطِ بَينَ المَرْوَتَينِ إلى الصَّفا |
وما فيهما من صورة ٍ وتَماثِلِ |
ومن حجَّ بيتَ اللَّهِ من كلِّ راكبٍ |
ومِن كلِّ ذي نَذْرٍ ومِن كلِّ راجلِ |
وبالمَشْعَرِ الأقصى إذا عَمدوا لهُ |
إلالٍ إلى مَفْضَى الشِّراج القوابلِ |
وتَوْقافِهم فوقَ الجبالِ عشيَّة ً |
يُقيمون بالأيدي صُدورَ الرَّواحِلِ |
وليلة ِ جَمعٍ والمنازلُ مِن مِنى ً |
وما فَوقَها من حُرمة ٍ ومَنازلِ |
وجَمعٍ إذا ما المَقْرُباتُ أجزْنَهُ |
سِراعاً كما يَفْزَعْنَ مِن وقعِ وابِلِ |
وبالجَمْرَة ِ الكُبرى إذا صَمدوا لها |
يَؤمُّونَ قَذْفاً رأسَها بالجنادلِ |
وكِنْدَة ُ إذْ هُم بالحِصابِ عَشِيَّة ً |
تُجيزُ بهمْ حِجاجَ بكرِ بنِ وائلِ |
حَليفانِ شَدَّا عِقْدَ ما اجْتَمعا لهُ |
وردَّا عَليهِ عاطفاتِ الوسائلِ |
وحَطْمُهمُ سُمْرَ الرِّماحِ معَ الظُّبا |
وإنفاذُهُم ما يَتَّقي كلُّ نابلِ |
ومَشئْيُهم حولَ البِسالِ وسَرْحُهُ |
وشِبْرِقُهُ وَخْدَ النَّعامِ الجَوافلِ |
فهل فوقَ هذا مِن مَعاذٍ لعائذٍ |
وهَل من مُعيذٍ يَتَّقي اللَّهَ عادِلِ؟ |
يُطاعُ بنا الأعدا وودُّا لو أنَّنا |
تُسَدُّ بنا أبوابُ تُركٍ وكابُلِ |
كذَبْتُمْ وبيتِ اللَّهِ نَتْركَ مكَّة ً |
ونظعَنَ إلاَّ أمرُكُم في بَلابلِ |
كَذَبْتُم وبيتِ اللَّهِ نُبَزى محمدا |
ولمّا نُطاعِنُ دونَهُ ونُناضِلِ |
ونُسْلِمَه حتى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ |
ونَذْهُلَ عن أبنائِنا والحَلائلِ |
وينهضَ قَومٌ في الحديدِ إليكُمُ |
نُهوضَ الرَّوايا تحتَ ذاتِ الصَّلاصِل |
وحتَّى يُرى ذو الضِّغْنِ يركبُ رَدْعَهُ |
منَ الطَّعنِ فِعلَ الأنكَبِ المُتَحامِل |
وإنِّي لعَمرُ اللَّهِ إنْ جَدَّ ما أرى |
لَتَلْتَبِسَنْ أَسيافُنا بالأماثلِ |
بكفِّ امرئٍ مثلِ الشِّهابِ سَمَيْدَع |
أخي ثِقَة ٍ حامي الحقيقة ِ باسلِ |
شُهورا وأيّاما وحَولاً مُجرَّما |
عَلينا وتأتي حِجَّة ٌ بعدَ قابلِ |
وما تَرْكُ قَومٍ ، لاأبالك ، سَيِّدا |
يَحوطُ الذِّمارَ غَيرَ ذَرْب مُواكلِ؟ |
وأبيضَ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بوجههِ |
ثِمالُ اليتامى عِصْمة ٌ للأراملِ |
يلوذُ به الهُلاّكُ من آلِ هاشمٍ |
فهُم عندَهُ في نِعمة ٍ وفَواضلِ |
لعَمري لقد أجرى أُسَيْدٌ ورهطُهُ |
إلى بُعضِنا وجزَّآنا لآكلِ |
جزَتْ رحِمٌ عنَّا أُسَيداً وخالداً |
جزاءَ مُسيءٍ لا يُؤخَّرُ عاجِلِ |
وعثمانُ لم يَرْبَعْ عَلينا وقُنْفُذٌ |
ولكنْ أطاعا أمرَ تلك القبائلِ |
أطاعا أُبيّا وابنَ عبدِ يَغوثِهم |
ولم يَرْقُبا فينا مقالَة َ قائلِ |
كما قَد لَقِينا من سُبَيعٍ ونَوفَلٍ |
وكلُّ تَوَلَّى مُعرضاً لم يُجاملِ |
فإن يُلْقَيا أو يُمكنَ اللهُ منهما |
نَكِلْ لهُما صاعاً بكَيْلِ المُكايلِ |
وذاكَ أبو عمرٍو أبى غيرَ بُغضِنا |
لِيَظْعَننا في أهلِ شاءٍ وجاملِ |
يُناجَى بنا في كلِّ مَمْسى ً ومُصْبِحٍ |
فناجِ أبا عَمْرٍو بنا ثمَّ خاتِلِ |
ويُقْسِمُنا باللهِ ما أن يَغُشَّنا |
بلى قد نراهُ جَهرة ً غيرَ حائلِ |
أضاقَ عليهِ بُغْضَنا كلَّ تَلْعة ٍ |
منَ الأرض بينَ أخشُبٍ فمَجادلِ |
وسائلْ أبا الوليدِ: ماذا حَبَوْتَنا |
بسَعْيِكَ فينا مُعْرِضا كالمُخاتِلِ؟ |
وكنتَ امرأً ممَّنْ يُعاشُ برأيهِ |
ورحمتُه فينا ولستَ بجاهلِ |
أَعُتْبة ُ، لا تَسمعْ بنا قولَ كاشِحٍ |
حَسودٍ كذوبٍ مُبغِضٍ ذي دَغاوُلِ |
وقد خِفْتُ إنْ لم تَزْجُرَنْهُمْ وتَرْعَووا |
تُلاقي ونَلْقَى منك إحْدَى البَلابلِ |
ومَرَّ أبو سُفيانَ عنِّيَ مُعْرضا |
كما مَرَّ قَيْلٌ مِن عِظامِ المَقاوِلِ |
يَفرُّ إلى نَجدٍ وبَرْدِ مياههِ |
ويَزْعمُ أنِّي لستُ عنكُم بغافلِ |
وأَعلمُ أنْ لا غافلٌ عن مَساءَة ٍ |
كفاك العدوُّ عندَ حقٍّ وباطلِ |
فميلوا عَلينا كُّلكُمْ؛ إنَّ مَيْلَكُمْ |
سَواءٌ علينا والرياحُ بهاطلِ |
يخبِّرُنا فِعلَ المُناصِح أنَّهُ |
شَفيقٌ ويُخفي عارماتِ الدَّواخلِ |
أمُطعِمُ لم أخذُلْكَ في يومِ نجدة ٍ |
ولا عندَ تلك المُعْظماتِ الجِلائلِ |
ولا يومِ خَصمٍ إذْ أتَوْكَ ألدَّة ٍ |
أُولي جَدَلٍ من الخُصومِ المُساجِلِ |
أمطعمٌ إنَّ القومَ ساموك خَطَّة ً |
وإنَّي متى أُوكَلْ فلستُ بوائلِ |
جَزى اللهُ عنّا عبدَ شَمسٍ ونَوفلاً |
عُقوبة َ شَرٍّ عاجلاً غيرَ آجِلِ |
بميزانِ قِسْطٍ لا يَغيضُ شَعيرة ً |
له شاهدٌ مِن نفسهِ حقُّ عادلِ |
لقد سَفَهتْ أحلامُ قَومٍ تبدَّلوا |
بَني خَلَفٍ قَيضا بنا والغَياطلِ |
ونحنُ الصَّميمُ مِن ذُؤابة ِ هاشمٍ |
وآلِ قُصَيٍّ في الخُطوبِ الأوائلِ |
وكانَ لنا حوضُ السِّقاية ِ فيهمِ |
ونحنُ الذُّرى منُهمْ وفوقَ الكواهلِ |
فما أدركوا ذَخْلاً ولا سَفكوا دَماً |
ولا حَالفوا إلاَّ شِرارَ القبائلِ |
بَني أمَّة ٍ مجنونة ٍ هِنْدَكيَّة ٍ |
بَني جُمَحٍ عُبَيدَ قَيسِ بنِ عاقلِ |
وسهمٌ ومخزومٌ تَمالَوا وألَّبُوا |
عَلينا العِدا من كلِّ طِمْلٍ وخاملِ |
وشائظُ كانت في لؤيِّ بنِ غالبٍ |
نفاهُمْ إلينا كلُّ صَقْر حُلاحِل |
ورَهْطُ نُفَيلٍ شرُّ مَن وَطىء َ الحصى |
وأَلأَمُ حافٍ من معدٍّ وناعلِ |
أعبدَ منافٍ أنْتُمو خيرُ قَومِكُمْ |
فلا تُشْرِكوا في أمرِكم كلَّ واغلِ |
فقد خِفتُ إنْ لم يُصْلحِ اللهُ أمْرَكُمْ |
تكونوا كما كانَتْ أحاديثُ وائلِ |
لَعَمري لقَدْ أُوْهِنْتُمو وعَجزتُموْ |
وجِئتُمْ بأمرٍ مُخطىء ٍ للمَفاصلِ |
وكُنْتُمْ قَديماً حَطْبَ قِدْرٍ فأنتمو |
أَلانَ حِطابُ أقدُرٍ ومَراجِلِ |
لِيهْنئْ بَني عبدِ منافٍ عُقوقُها |
وخَذْلانُها، وتَرْكُنا في المعاقلِ |
فإنْ يكُ قَومٌ سرَّهُمْ ما صَنَعْتُمو |
ستحتلبوها لاقحاً غيرَ باهلِ |
فبلِّغْ قُصَيّا أنْ سَيُنْشَرُ أمرُنا |
وبَشِّرْ قُصيًّا بعدَنا بالتَّخاذُلِ |
ولو طَرقتْ ليلاً قُصيّاً عَظيمة ٌ |
إذا ما لجأنا دونَهُم في المداخلِ |
ولو صُدقوا ضَرباً خلالَ بُيوتِهم |
لكنَّا أُسى ً عندَ النَّساءِ المَطافلِ |
فإنْ تكُ كعبٌ من لؤيٍّ تجمَّعتْ |
فلا بُدَّ يوما مرَّة ً مِنْ تَزايُلِ |
وإنْ تَكُ كعبٌ من كعوبٍ كثيرة ٍ |
فلا بدَّ يوما أنَّها في مَجاهِلِ |
وكلُّ صديقٍ وابنُ أختٍ نَعُدُّهُ |
وجدْنا لعَمري غِبَّهُ غيرَ طائلِ |
سِوى أنَّ رَهْطاً مِن كلابِ بنِ مُرَّة ٍ |
بَراءٌ إلينا من معقَّة ِ خاذلِ |
بَني أسَدٍ لا تُطرِفُنَّ على القَذى |
إذا لم يقلْ بالحقِّ مِقْوَلُ قائلِ |
فنعْمَ ابنُ أختِ القَومِ غيرَ مُكذَّبٍ |
زُهيرٌ حُساما مُفردا مِن حَمائلِ |
أَشَمُّ منَ الشُّمِّ البهاليلِ يَنْتَمي |
إلى حَسبٍ في حَوْمة ِ المَجْدِ فاضلِ |
لعَمري لقد كَلِفْتُ وَجْدا بأحمدٍ |
وإخوتهِ دأبَ المحبِّ المُواصِلِ |
أقيمُ على نصرِ النبيِّ محمدٍ |
أقاتلُ عنهُ بالقَنا والقنابلِ |
فلا زالَ في الدُّنيا جَمالاً لأهلِها |
وزَينا لم ولاَّهُ رَبُّ المشاكِلِ |
فمَنْ مثلُهُ في النَّاسِ أيُّ مؤمَّلٍ |
إذا قاسَه الحكَّامُ عندَ التَّفاضُلِ |
حليمٌ رشيدٌ عادلٌ غيرُ طائشٍ |
يُوالي إلها ليسَ عنهُ بغافلِ |
فأيَّدَه ربُّ العبّادِ بنصرهِ |
وأظهرَ دَينا حقُّه غيرُ ناصلِ |
فو اللهِ لولا أن أَجيءَ بسُبَّة ٍ |
تَجُرُّ على أشياخنا في المَحافلِ |
لكنَّا اتَّبعْناهُ على كلِّ حالة ٍ |
منَ الدَّهرِ جِدا غيرَ قَولِ التَّهازُلِ |
لقد عَلموا أنَّ ابْنَنا لا مُكذَّبٌ |
لَدَيهم ولا يُعْنى َ بقَوْلِ الأباطلِ |
رجالٌ كِرامٌ غيرُ مِيلٍ نَماهُمو |
إلى الغُرِّ آباءٌ كرامُ المَخاصلِ |
دَفَعناهُمو حتَّى تَبدَّدَ جَمعُهُمْ |
وحسَّرَ عنّا كلُّ باغٍ وجاهلِ |
شَبابٌ منَ المُطَيَّبين وهاشمٍ |
كبيضِ السُّيوفِ بينَ أيدي الصَّياقلِ |
بِضَربٍ تَرى الفتيانَ فيهِ كأنَّهُم |
ضَواري أسودٍ فوقَ لحمٍ خَرادلِ |
ولكنَّنا نسلٌ كرامٌ لسادة ٍ |
بهم نَعْتلي الأقوامَ عندَ التَّطاوُلِ |
سَيَعْلمُ أهلُ الضِّغْنِ أيِّي وأيُّهُمْ |
يفوزُ ويعلو في ليالٍ قلائلِ |
وأيُّهُمو منِّي ومنْهُم بسيفهِ |
يُلاقي إذا ما حانَ وقتُ التَّنازُلِ |
ومَنْ ذا يمَلُّ الحربَ مني ومِنْهمو |
ويحمدُ في الاڑفاقِ مِن قَولِ قائلِ؟ |
فأصبحَ فينا أحمدٌ في أُرومة ٍ |
تُقصِّرُ عنها سَورة ُ المُتَطاوِلِ |
كأنَّي به فوقَ الجيادِ يقودُها |
إلى معشرٍ زاغوا إلى كلِّ باطلِ |
وجُدْتُ نفسي دونَهُ وحَمَيتُهُ |
ودافَعْتُ عنه بالطُّلى والكلاكلِ |
ولا شَكَّ أنَّ اللهَ رافعُ أمرِهِ |
ومُعليهِ في الدُّنيا ويومَ التَّجادُلِ |