كتاب المواقف/موقف العزاء
أوقفني في العزاء وقال لي وقت نعمة الدوام في الجزاء بأيام الفناء في العمل.
وقال لي لو كشفت لك عن وصف النعيم أذهبتك بالكشف عن الوصف وبالوصف عن النعيم، وإنما ألبستك لطفي فتحمل به لطفي، وأتوجك بعطفي فتجري به من عطفي.
وقال لي اذكرني مرةً أمح بها ذكرك كل مرة.
وقال لي يا من صبر على أبسط الكون لعطائي لا يسع، أبسط أمانيك لعطائي لا تبلغ.
وقال لي إذا غبت فأجمع عليك المصائب، وسيأتي كل كون لتعزيتك في غيبتي فأن سمعت أجبت وان أجبت لم ترني.
وقال لي لا في غيبتي عزاء، ولا في رؤيتي قضاء.
وقال لي أنا اللطيف في جبارية العز، وأنا العطوف في كبرياء القهر.
وقال لي إن قلت لك أنا فانتظر أخباري فلست من أهلي.
وقال لي أنا الحليم وان عظمت الذنوب، وأنا القريب وان خفيت الهموم.
وقال لي من رآني صمد لي ومن صمد لي لم يصلح على المواقيت.
وقال لي قد تعلم علم المعرفة وحقيقتك العلم فلست من المعرفة، وقد تعلم علم الوقفة وحقيقتك المعرفة فلست من الوقفة.
وقال لي حقيقتك ما لا تفارقه لا كل علم أنت مفارقه.