كتاب الزهرة/الباب الثاني والسبعون ذكر من فخر بحسبه وامتدح بنسبه

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


الباب الثاني والسبعون ذكر من فخر بحسبه وامتدح بنسبه

قال امرؤ القيس:

إنّا وإن أحسابنا كَرُمت
لسنا علَى الأحساب نتَّكلُ
نبني كما كانت أوائلنا
تبني ونفعلُ مثل ما فعلوا

وقال آخر:

عادوا مروءتنا فضُلِّل سعيهم
ولكُلِّ بيت مروءةٍ أعداءُ
لسنا إذا ذكر الفعال كمعشرٍ
أزرى بفعل أبيهمُ الأبناءُ

وقال رجل من بني نهشل:

إنّا بنو نهشل لا ندَّعي لأبٍ
عنه ولا هو بالأبناء يَشرينا
إن تُبْتَدرْ غايةٌ يوماً لمكرُمةٍ
تلقَ السوابقَ منَّا والمُصلّينا
وليسَ يَهلكُ منّا سيدٌ أبداً
إلاَّ افتلينا غُلاماً سيّداً فينا
إنّا لمن معْشرٍ أفنى أوائلهُمْ
قولُ الكماة ألا أين المحامونا
لو كان في الألف منّا واحدٌ فدَعوا
من فارس خالَهُمْ إيّاهُ يعنونا
ولا تراهم وإنْ جلَّتْ مُصيبتُهمْ
مع البُكاةِ علَى من ماتَ يبكونا
إنّا لنُرخِصُ يوم الرَّوع أنفُسنا
ولو نُسامُ بها في الأمن أُغلينا
بيض مفارقنا تغلي مراجلُنا
نأسوا بأموالنا آثار أيدينا

وقال السموأل بن عادياء أوْ عبد الرحمن القيني أوْ عبد الملك الحارثي المعروف باللجلاج:

تعيِّرنا أنَّا قليلٌ عديدُنا
فقلتُ لها إنَّ الكرامَ قلِيلُ
وما ضرَّنا أنَّا قليلٌ وجارُنا
عزيزٌ وجارُ الأكرمينَ ذلِيلُ
وما قلَّ منْ كانتْ بقاياهُ مثلنا
شبابٌ تسامى للعُلى وكهولُ
لنا جبلٌ يحتلُّهُ مَن نجيرهُ
منيف يردُّ الطَّرفَ وهوَ كلِيلُ
رسا أصلهُ تحتَ الثَّرى وسما بهِ
إلى النَّجمِ فرعٌ لا ينالُ طوِيلُ
وما ماتَ منَّا ميِّتٌ حتفَ أنفهِ
ولا طلَّ منَّا حيثُ كانَ قتِيلُ
تسيلُ على حدِّ السّيوفِ دماؤنا
وليستْ على غيرِ الحديد تسِيلُ
ونحن أناسٌ لا نرى القتلَ سبَّةً
إذا ما رأتهُ عامرُ وسلُولُ
يقرِّبُ حبَّ الموتِ آجالَنا لنا
وتكرههُ آجالهمْ فتطُولُ
وننكرُ إنْ شئنا على النَّاسِ قولهمْ
ولا ينكرونَ القولَ حينَ نقُولُ
إذا سيِّدٌ منَّا خلا قامَ سيِّدٌ
قؤولٌ بما قالَ الكرامُ فعُولُ
وما أُخمدتْ نارٌ لنا دونَ طارقٍ
ولا ذمَّنا في النَّازلينَ نزِيلُ
وأسيافنا في كلِّ شرقٍ ومغربٍ
بها منْ قراعِ الدَّارعينَ فلُولُ
معودةٌ ألا تسلى نضالها
فتغمد حتى يستباح قبيلُ
إذا المرءُ لمْ يدنسِ منَ اللُّؤمِ عرضهُ
فكلُّ راءٍ يرتديهِ جمِيلُ
وإنْ هو لمْ يحملْ على النَّفسِ ضيمَها
فليسَ إلى حسنِ الثَّناءِ سبِيلُ

وقال لقيط بن زُرارة:

وإنِّي من القوم الذين عرفْتَهُمْ
إذا مات منهمْ سيّدٌ قام صاحبُ
نجومُ سماء كلما غاب كوكبٌ
بدا كوكب تأوي إليه الكواكبُ

وقال الخريمي في نحوه:

بقيَّةُ أقمارٍ من الغُرِّ لو خَبَتْ
لظلَّتْ مَعدٌّ في الدُّجى تتسكّعُ
إذا قمرٌ منها تَغوّر أوْ خبا
بدا قمرٌ في جانب الأفق يَلْمعُ

وقال البعيث بن حُريث:

دعاني يزيد بعد ما ساءَ ظنُّهُ
وعيسى وقد كانا علَى حدِّ مَنْكِبِ
وقد علما أن العشيرة كلَّها
سوى محضري من خاذلين وغُيَّبِ
وكنت أنا الحامي حقيقة وائل
كما كان يحمي عن حقائقها أبي

وقال آخر:

أنا إذا مالت دواعي الهَوَى
وأنْصَتَ السامعُ للقائلِ
واضطرب القوم بأحسابهم
نقضي بحقٍّ عادلٍ فاصلِ
لا نجعل الباطل حقّاً ولا
نعرض دون الحق بالباطلِ
نخافُ أن تسفه أحلامُنا
فنخمل الدَّهر مع الخاملِ

وقال أوس بن مغراء:

وكلُّ من تبع الإسلام تابعنا
وكلُّ من خالف الإسلام يخشانا
ولا ترى معشراً نبكي لميّتهم
إذا تولَّى وهم يبكون موتانا
يستأذنون فإن تأذنْ لقائلهم
ينطق وإن ننه يسكت جِريانا
لا تطلع الشَّمس إلاَّ عند أوَّلنا
ولا تغيِّب إلاَّ عند أُخرانا

وقال قيس بن عاصم:

إنِّي امرؤ ما يعتري خلقي
دَنَسٌ يغيِّرهُ ولا أَفْنُ
من مِنْقَرٍ في بيت مكرمةٍ
والفرعُ ينبُتُ حوله الغصنُ

وقال زبان بن سيار الفزاري:

أبي حملَ الألف الَّذي جرَّ حارثٌ
علَى قومه إذْ غابَ عنها رجالُها
ولسنا كقومٍ مُحْدثينَ سيادةً
يُرى مالُها ولا يُحسُّ فَعَالُها
مساعيهُمُ مقصورةٌ في بيوتهمْ
ومسعاتُنا ذبيان طُرّاً عيالها

وللأسلع بن فضاض الطُّهوي:

فداءٌ لقومي كلَّ معشرِ حارمٍ
طريد ومخذولٍ بما جرَّ مُسلمِ
همُ ألجموا الخصمَ الَّذي يستفزّني
وهمْ قصموا حجلي وهمْ حقنوا دمي
بأيدٍ يفرّجنَ المضيقَ وألسنٍ
سِلاطٍ وجمع ذي زهاءٍ عرمرمِ

وقال جرير:

أبونا خليل الله والله ربُّنا
رضينا بما أعطى المليك وقدَّرا
لنا قبلة الله الَّتي يُفتدى بها
فأورثنا ملكاً وعزّاً معمّرا
ومنَّا سليمان الَّذي سأل ربّه
فأعطاهُ بنياناً ومُلْكاً مُسخّرا
ويعقوب منَّا زاده الله بسطةً
وكانَ ابنُ يعقوبٍ نبيّاً مُصوّرا
وموسى وعيسى والَّذي خرَّ ساجداً
فأنبتَ زرعاً دمعُ عينيه أخضرا
وتجمعنا والغرُّ أولادُ سارةٍ
أبٌ لا نُبالي بعده مَنْ تَعَذّرا
وأبناء إسحاق اللّيوث إذا غدوا
محاميلُ قودٍ يلبسون السَنَوّرا
فيوماً سرابيل الحديد عليهم
ويوماً ترَى عَصباً وخزّاً مُنيّرا
إذا افتخروا عَدّا الصبهبذَ منهمُ
وكسرى وسابور الهمام وقيصرا
وكانَ كتاب الله فينا نبوةً
وكانوا باصطخر الملوك وتسترا

وقال أيضاً:

مضرٌ أبي وأبو الملوك فهل لكم
يا خُزرَ تغلِبَ من أبٍ كأبينا
إن الَّذي حرم الخلافة تغلباً
جعل النُّبوَّةَ والخلافة فينا
هذا ابن عمِّي في دمشق خليفة
لو شئتُ ساقكم إليَّ قطينا

وقال دعبل:

تطهَّر من أفاضلنا رجالٌ
وحبُّ الله للمتطهِّرينا
وأنزلَ آيةً إنْ قاتلوهم
يعذّبهم بأيديكم فنونا
فإن قلتمْ رسول الله منَّا
فإنَّ محمداً للمسلمينا

وقال إسحاق الموصلي:

إذا مضرُ الحمراء كانتْ أرومتي
وقامَ بنصري خازم وابنُ خازم
عطستُ بأنفي شامخاً وتناولت
يداي الثُّريَّا قاعداً غير قائم

وقال أبو دلف:

أنا ابن السَّابقين إلى المعالي
ولو أنِّي سكتُّ لما خفيتُ
وعلَّمني أبي قتل الأعادي
وضرّاني بهمْ حتَّى ضَريتُ
تجنُّ لأرضَ أن أُدعى باسمي
وتنهدُّ الجبالُ إذا كنيتُ

قال أبو بكر: قد مضى عظم هذا الباب، ولم نقضِ فيه لأحد من آل رسول الله صلى الله عليه، من الافتخار، ولم نؤخر ذكرهم، لأن غيرهم كان أحق بالتقدمة منهم، غير أنا أحببنا أن نختم الكتاب بذكرهم، ونقطع بالقضية لهم على غيرهم ونحن الآن نذكر قليلاً من كثير ما لهم إذ كان فضلهم أبين من أن يحتاج إلى توكيده بشعرهم، أوْ بشعر غيرهم، والحمد لله على ذلك.

قال علي بن أبي طالب رضوان الله عليه:

محمد النَّبيّ أخي وصهري
وحمزة سيّد الشُّهداء عمِّي
وجعفر الَّذي يُضحي ويُمسي
يطيرُ مع الملائكة ابن أُمي
وبنت محمدٍ سكني وعِرسي
مسوط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ابنايَ منها
فأيَّكم له سهمٌ كسهمي
سبقتكمُ إلى الإسلام طرّاً
غلاماً ما بلغت أوان حلمي
وأوجب لي ولايته عليكم
رسول الله يومَ غدير خُمِّ

وقال هارون الرشيد:

ما الفخر أنِّي إمام النَّاس كلّهم
فخري بنفسي وآبائي من السَّلف
والعقلُ والفضل في مجدي وفي نطقي
وما تكامل في خلقي من الشَّرف

وقال علي بن محمد العلوي:

إنِّي وقومي في أنساب قومهمُ
كمسجد الخيف في بحبوحة الخيف
ما عُلِّق السَّيف منَّا بابن عاشرةٍ
إلاَّ وهمّتُهُ أمضى من السَّيف

وله أيضاً:

لقد فاخرتنا من قريش عصابةٌ
بمدِّ رؤوس بل بمدِّ الأصابعِ
فلمَّا تنازعنا القضاء قضى لنا
عليهم بما تهوَى نداءُ الصَّوامعِ

وله أيضاً:

إذا ما علا الأعواد منَّا ابن حرَّةٍ
فأسفر عن بدرٍ ولاحظ عن صفرِ
رأيت عدوَّ الدّين أخنعَ كاسفاً
وذا الدِّين والإسلام منبلج الصَّدرِ
لنا سيّداً هادي الأنام أُبوَّةً
وساداتنا هم في المواقفِ والحشرِ
وما عالنت كفٌّ بإنكار فضلنا
من النَّاس إلاَّ وهي مُذعنةُ السّرِّ
وإنَّا أُناسٌ ما تزالُ نفوسُنا
مُحَبَّسةٌ بين المكارمِ والفخرِ

وله أيضاً:

وإن بكم يا آل أحمد أشرقتْ
وجوهُ قريش لا يوجه من الفخرِ
أُناسٌ هُمُ عِدلُ القران ومأ
لفُ البيان وأصحاب الحكومة في بدرِ
ومازهم الجبَّار منهم بخلَّةٍ
يراها ذوو الأقدار ناهية القدرِ
أباحَ لكم إرساخ كلّ مُصدق
ونزَّه عنه أوجُهَ النَّفَرِ الزُّهرِ
فأعطاهُمُ الخمسَ الَّذي فُضِّلوا به
بآيةِ ذي القُربَى علَى العسر واليسرِ
وقالَ وأنذر أقربيك فخُلِّصتْ
بنو هاشمٍ قرباه دون بني فهرِ
إذا قلتُمُ منَّا الرَّسول فقولهمْ
أبونا رسولُ الله فخرٌ علَى فخرِ
وآخاهم مثلاً بمثلٍ فأصبحتْ
أُخوَّتُهُ كالشَّمس ضُمَّتْ إلى البدرِ
فآخَى عليّاً دونكم وآصاره
لكم علماً بين الهداية والكفرِ