كتاب الخزري/المقالة الرابعة
<1> قال الحبر: אלהים صفة لمالك أمر ما وحاكمه وقد يكون في الكل إذا أريد به مالك العالم بأسره. وقد يكون في الجزء إذا أريد به قوة من قوى الفلك أو طبيعة من الطبائع أو حاكم من الناس. وإنما انبنى هذا الاسم على الجمع من شائع الاستعمال الجاري بين الأمم الذين كانوا يتخذون أصنامًا يعتقدون كل واحد منها عندهم إله، فيسمون الجملة אלהים ويحلفون بها وكأنها حاكمة عليهم، فهي متكثرة بتكثر القوى المدبرة للبدن والقوى المدبرة للعالم، فإن القوى كناية عن أسباب الحركات، فإن كل حركة فعن قوة غير قوة الحركة الأخرى. فإن فلك الشمس وفلك القمر ليس يجريان بقوة واحدة لكن بقوى مختلفة، ولم يلتفتوا إلى القوة الأولى التي عنها صدرت جميع هذه القوى، إما لأنهم لم يقروا بها، وأدعوا أن جماعة هذه القوى هي المكني عنها بإله وأن النفس أيضا إنما هي جماعة القوى المدبرة للبدن، وإما أقروا بالله لكنهم استبعدوا الانتفاع بعبادته وزعموا أنه أنزه وأرفع من أن يعرفنا فضلا عن أن يعني بنا – تعالى الله عن قولهم – فصاروا لا يعبدون أمرا واحدا لكن كثيرا يسمونها אלהים، جملة تعم الأسباب دون تفصيل. والتحرير والتفصيل إنما هو في الاسم المكتوب بـיוד הא ואו הא1 יתברך ויתרומם2. فهو اسم علم مشار إليه بالصفات لا بالمكان، بعد أن كان مجهولا ان كان يسمى אלהים على العموم فسمي ה' على الخصوص. كان سائلا سأل أي אלהים هو الذي ينبغي أن يعبد: الشمس أو القمر أو السماء أو البروج أو أحد الكواكب أو النار أو الهواء أو الملائكة الروحانيون أو غير ذلك، فإن لكل واحد منها تأثيرا وحكما، وكل واحد منها سبب في الكون والفساد. فيكون الجواب ה' كقولك فلان اسم علم مثل ראובן3 وשמעון4 بعد أن يفهم من لفظ ראובן3 وשמעון4 حقيقة ذواتهما.
<2> قال الخزري: وكيف أشخص من لا إشارة إليه لكن استدل عليه من آثاره؟
<3> قال الحبر: بل يشار إليه بالمشاهدة النبوية وبالبصيرة، لأن الاستدلال مضلل، ومن الاستدلال تحدث الزندقة والمذاهب الفاسدة. وكان الثنوية أداهم إلى القول بسببين قديمين الا الاستدلال. وكان الدهرية أداهم إلى القول بقدم الفلك وأنه سبب نفسه وسبب غيره الا الاستدلال. وكذلك عباد النار وعباد الشمس الاستدلال أداهم إلى ذلك، لكن طرق الاستدلال أداهم اختلفت، فمنها مستقصاة ومنها مقصرة واحفلها استقصاء الفلاسفة. وطرق الاستدلال أدتهم إلى القول برب لا يضرنا ولا ينفعنا ولا يدري صلواتنا وقرابيننا ولا طاعتنا ولا عصياننا، وأن العالم قديم كقدمه، فليس عند واحد منهم اسم علم لله مشار إليه، لكن عند من سمع خطابه وأمره ونهيه، وثوابه عند الطاعة وعقابه عند المعصية فهو يسميه باسم علم كناية عن ذلك الذي خاطبه وحقق عنده أنه خالق العالم بعد عدمه. فأولهم آدم ما كان ليدري الله أولا خطابه وثوابه وعقابه واختراعه له חוה5 من ضلع من أضلاعه، فتحقق أن ذلك هو خالق العالم، وأشار إليه بالقول والصفات وسماه ה'. ولولا هذا لبقي على اسم אלהים لا يتحقق ما هو هل واحد أم اكثر. هل هو عالم بالجزئيات أم لا. ثم קין6 وהבל7 إنما عرفاه بعد تقليدهما لأبيهما بالمشاهدة النبوية، ثم נח، ثم אברהם وיצחק وיעקב إلى משה، ومن بعده الأنبياء فسموه هم ה' بمشاهدتهم، وسماه القوم المقلدون لهم بتقليدهم لهم ה' من حيث يتصل أمره وتدبره بالناس ويتصل الأصفياء من الناس به حتى يشاهدونه بواسطة ما يتسمى כבוד وשכינה وמלכות وאש وענן وצלם وתמונה وמראה הקשת وغير ذلك مما يدلهم أنهم مخاطبون من عنده تعالى فيسمون ذلك כבוד ה'، وربما سموه ה' وربما سموا الـארון ה'، كقول קומה ה' عند القيام، وשובה ה' عند النزول. وעלה אלהים בתרועה ה' בקול שופר، وهم يريدون ארון ה'. وربما سموا النسبة التي بين ישראל وبينه والإضافة ה'، وفي ذلك قيل הלא משנאיך ה' אשנא، وאויבי ה' يريدون עם ה'، أو ברית ה'، أو תורת ה'، إذ لا إضافة بينه وبين ملة من الملل. إذ إنما يفيض نوره على الصفوة فهم مقبولون منه وهو مقبول منهم. وبذلك يتسمى هو אלהי ישראל ويتسمون هم עם ה' وעם אלהי אברהם. وهب أن بعض الملل قد اتبعوه وعبدوه سماعا وتقليدا، أين قبوله هو لهم واتصاله بهم ورضاه عن طاعتهم وسخطه لعصيانهم، نراهم متروكين مع الطبيعة والاتفاق، يسعدون وينحسون بحسبهما لا بأمر يتحقق أنه بأمر إلهي وحده. وكذلك خصصنا بقوله ה' בדד ינחנו ואין עמו אל נכר. فصار هذا الاسم خاصا بنا إذ لا يعرفه حق معرفته غيرنا، وهو اسم علم لا يحتمل הא المعرفة كما تزاد على אלהים فيقال האלהים. وهذا الاسم من جملة الفضائل التي خصصنا بها وسره مستور. وأما فضيلة الحروف الخاصة به فهي الناطقة لأنها أحرف אהו"י التي هي علة ظهور جميع الحروف إذ لا ينطق بحرف من الحروف مهما لم تحضر قوة هذه، أعني الفتحة للألف والهاء، والضما للواو والكسر للياء، فهي كالأرواح وسائر الحروف كالأجسام.
وأما יה فمثله. وأما אהיה فيشبه أن يكون من هذا الاسم، ويشبه أن يكون مشتقًا من היה، أراد به صرف الأذهان عن الفكرة في حقيقة الذات الممتنعة معرفتها، فلما سأله ואמרו לי מה שמו أجابه قائلا ما بالهم يطلبون ما لم يمكنهم إدراكه، شبيها بقول الملاك למה זה תשאל לשמי והוא פלאי، لكن قل لهم אהיה، وتفسيره אשר אהיה. يعني الحاضر الذي أحضركم متى طلبتموني فلا يطلبوا أعظم دليلا من وجودي معهم، فليسموني هكذا، فقال אהיה שלחני אליכם. وقد تقدم وجعل برهانه لـמשה مثل هذا بقوله כי אהיה עמך וזה לך האות، الآية أني مرسلك أني أحضرك في كل مكان، وتابعه بما يشاكل هذا بقوله אלהי אבותיכם אלהי אברהם אלהי יצחק ואלהי יעקב المشهورين بالأمر الإلهي معهم أبدًا. وأما אלהי האלהים، فكناية عن كون جميع القوى الفاعلة مفتقرة إلى رب ينظمها ويصرفها، وאדני האדנים مرادف له.
أما אל فمشتق من אילות، وعنه صدرت القوى فهو منزه من الاشتباه بها، وساج قول מי כמוך באלים جمع אל. وأما קדוש فكناية عن التنزيه والترفيع عن أن يليق به صفة من صفات المخلوقات وأن سمي بها على المجاز، ولذلك سمع ישעיהו8 קדוש קדוש קדוש إلى ما لا نهاية، يعني أنه منزه ومرفع ومقدس ومبرأ عن أن يلحقه شيء من نجاسات الأمة التي حل نوره فيما بينهم، ولذلك رآه על כסא רם ונשא. فيكنى بـקדוש عن الروحاني الذي لا يتجسم ولا يتشبث بجانبه شيء مما يتعلق بالمجسمات فيقال קדוש ישראל كناية عن الأمر الإلهي المتصل به، ثم بجمهور ذريته اتصال تدبير وسياسة لا اتصال لصوق ومماسة. وليس بمباح لكل من شاء أن يقول אלהי وקדשי إلا على سبيل المجاز بطريق التقلبد. وأما على حقيقة فإنما يقوله نبي أو ولي ممن يتصل به أمر إلهي، ولذلك يقال للنبي חל נא את פני יהוה אלהיך، وقد كان المقصود بهذه الأمة أن تكون نسبتها من الأمم كنسبة الملك من الناس كقوله קדושים תהיו כי קדוש אני ה' אלהיכם.
وأما אדני المكتوب אלף דלת נון יוד9 فهو كالإشارة إلى شيء وإن كان في حقه منزها عن الإشارة، لأن الإشارة إنما هي لجهة دون جهة. فقد يشار إلى الأشياء المنفعلة عنه المتصرفة له تصريفًا أوليًا كما يشار إلى العقل فيقال أنه في القلب أو في الدماغ فيقال هذا العقل وذاك العقل، ولا إشارة بالحقيقة إلا إلى ما يتحيز بمكان، وعلى أن الأعضاء كلها تتصرف للعقل فإن كان ذلك بواسطة القلب أو الدماغ، فآلته الأولى يشار إليها أن العقل هناك، كذلك يشار إلى السماء، لأنها آلة تتصرف بمجرد إرادته تعالى دون أسباب آخر متوسطة بينهما، ولا يشار إلى شيء من المركبات لأنها آلات متصرفة بتوسط أسباب آخر تتسلسل إليه تعالى فإنه سبب الأسباب، فيقال היושבי בשמים، כי האלהים בשמים. وربما قيل على المجاز יראת שמים، وירא שמים בסתר، وמן השמים ירוחמו. وكذلك يشار إلى עמוד האש وעמוד הענן ويسجد نحوه ويقال أن الرب هناك لأن ذاك العامود تصرفه بمجرد إرادته، وليس كسائر الغمام والنيران المتفقة في الجو من أسباب آخر. وكذلك يشار إلى אש אוכלת בראש ההר التي رأتها العامة، وإلى الصورة الروحانية التي رأتها الخاصة ותחת רגליו כמעשה לבנת הספיר، وسميت אלהי ישראל. وكذلك يشار إلى ארון הברית فيقال عنه אדון כל הארץ، لظهور العجائب معه وعدمها دونه، كما سميت العين مبصرة، والمبصر به غيرها، أعني النفس. وقد يشار إلى الأنبياء والعلماء الفضلاء لأنهم كالآلات الأولى لإرادة الله يتصرفون بمشيئة ولا يخالفون شيئا من أمره وتظهر العجائب بهم. وبمثل هذه الإشارة قالت الأحبار את ה' אלהיך תירא לרבות תלמידי חכמים. وحقيق من هو في مثل هذه الدرجة أن يتسمى איש אלהים، صفة مركبة من الناسوت واللاهوت كأنك قلت الإنسان الإلهي. فعند المخاطبة لشيء إلهي مشار إليه يقال אדני بـאלף דלת נון יוד9، كأنه يقول يا مولاي. ويشير إلى ما يحيز مكان مجازًا كقول יושב הכרובים وיושב ציון وשוכן ירושלם، فتكثرت الصفات والذات واحدة، لاختلاف محل القابل كاختلاف الشعاعات والشمس واحدة. وهذه المثال ليس بمطابق بالكلية إلا لو كانت الشمس غير مدركة فتوجد الشعاعات ولا يدرك سببها إلا بطريق الاستدلال.
ولا بد من التوسع قليلًا في الكلام ههنا لأنه موضع اعتراض كيف يشار إلى مكان من لا مكان له ثم يعتقد في المشار إليه أنه السبب الأول. فنوطئ في جواب ذلك توطئة فنقول إن الحواس تدرك من المحسوسات أعراضها لا جواهرها. فما تدرك من الرئيس الذي تعتقد تعظيمه، بل قد تراه في الحرب في زي ما، ثم تراه في المدينة في زي آخر، وتراه في منزله في زي ثالث، وتقول إن هو السلطان بقضاء العقل لا بقضاء الحس. وربما رأيته صبيًا ثم شابًا ثم كهلًا ثم شيخًا ورأيته صحيحًا ثم مريضًا. وقد تبدلت مراياته وملموساته وأخلاطه وأخلاقه وأنت تقضي أنه هو هو. وإنما قضيت على أنه خاطبك وأمرك ونهاك وذلك منه إنما هو العقل أو النفس الناطقة. وقد ثبت أن ذلك الجزء منه جوهر غير متحيز فلا إشارة إليه وأنت قد أشرت إليه وقضيت بأنه السلطان، بل جسم يحركه من شاء وينفعل من انفعالات من الاتفاق والإرادة كالسحاب الذي اتفق في الجو تحمله ريح وتسوقه أخرى وتجمعه ريح وتفرقه ريح أخرى، وكان قبل ذلك جسما لا ينفعل إلا بإردة نفس ذلك السلطان، فكان كعمود الغمام الإلهي الذي لا تبدره الأرياح. مثال آخر: الشمس نراها دائرة بسيطة بقدر الترس وفي شكلة مضية حارة ساكنة. والعقل يقضي بأنها كرة بقدر كرة الأرض نحو קס"ו مرة وأنها ليست حارة ولا ساكنة لكن متحركة حركتين متضادتين مشرقية ومغربية بشرائط يطول شرحها. فلم توضع للحواس قوة لإدراك جوهر الأشياء بل قوة خاصية لإدراك أعراض تابعة يستدل منها العقل على جوهرها وسببها فلا يقف على الماهية والمعنى إلا العقل الصحيح. فكل ما هو عقل بالفعل كالملائكة يدرك المعاني والماهيات إلا بلطائف صنع الله تعالى بخصوصيات وقوى وضعها في الحواس مشاكلة لأعراض المحسوسات ملازمة أبدًا في جميع النوع فلا يختلف بصري مع بصرك أن تلك الصفيحة المدورة المنيرة المسخنة هي الشمس، وإن كانت هذه الصفات منفية عند العقل لا يضر ذلك بالنظر من حيث استدللنا بها على مرادنا كما ينتفع البصير العاقل يطلب ناقته بقول الأعمش الأحول أرى في موضع كذا غرنوقتين فيعلم البصير أنه إنما رأى الناقة وأن عمشه خيل له أنه غرنوق وحوله خيل له أنه اثنان فانتفع البصير بشهادة الأعمش وعذره في سوء عبارته لسوء نظره. فهكذا الحواس والقوة الخيالية عند العقل وكما تلطف الخالق تعالى في وضع هذه النسبة بين الحس الظاهر والمحسوس الجسماني كذلك تلطف وفي وضع نسبه بين الحس الباطن والمعنى غير المجتسم، فجعل لمن شرف من خلقه عينا باطنة ترى أشياء بأعيانها لا اختلاف فيستدل منها العقل على معنى تلك الأشياء ولبابها. ومن خلقت له تلك العين هو البصير بالحقيقة ويرى جميع الناس كالعمي فيهديهم ويرشدهم، ويوشك أن تكون تلك العين هي القوة المتخيلة مهما خدمت القوة العقلية فترى صورا عظيمة هائلة تدل على حقائق لا ريب فيها. وأعظم الدليل على حقيقتها اتفاق جميع ذلك الصنف على تلك الصور أعني جميع الأنبياء فأنهم يشاهدون أشياء يشهد فيها بعضهم لبعض كما نفعل نحن في محسوساتنا فنشهد بحلاوة العسل ومرارة الحنظل. وإن رأينا من خالفنا قلنا إنه خارج عن الأمر الطبيعي، فهؤلاء لا محالة يشاهدون ذلك العالم الإلهي بالعين الباطنة فيرون صورا مشاكلة لطبائعهم وما ألفوا فيصفونها بالصفات التي شاهدوها مجسمة وتلك الصفات حقيقة بالإضافة إلى ما يطلبه الوهم والخيال والحس وليست بحقيقة بالإضافة إلى الذات التي يطلبها العقل كما مثلنا في الرئيس. فإن من قال هو الطويل الأبيض لابس الديباج الذي على رأسه العلم وما أشبه ذلك لم يكذب. ومن قال ليس هو ذلك لكن العاقل المميز الأمر الناهي في بلد كذا في عصر كذا على أمة كذا لم يكذب أيضا، فيشاهد النبي بالعين الباطنة أكمل الصور التي شاهدها كصورة رئيس أو قاض متقعد على كرسي في حال أمر ونهي وتوليه وعزل فيعلم أنها صورة تشاكل رئيسا مطاعا. وإذا رأى صورة حامل سلاح أو حامل آلات كتابة أو مشمر لعمل أمر ما علم أنها صورة تشاكل الخادم المطيع، فلا يشق عليه تشبيه آدمي بالخالق. وأما باعتبار العقل فيشبهه أولا بالنور لأنه أشرف المحسوسات وألطفها وأشدها أحاطه واشتمالا بأجزاء العالم. فإذا تفكر في الصفات التي لا بد منها مجازا أو حقيقة مثل حي وعالم وقادر ومريد ومدبر وناظم ومعطي كل شيء حقه وحاكم عادل لم يجد في مشاهدتنا أشبه به من النفس الناطقة وهي الإنسان الكامل وهي هو من حيث هو إنسان لا من حيث هو جسم، فإنه يشترك في ذلك مع النبات، ولا من حيث هو حيوان، فإنه يشترك أيضا في ذلك مع البهائم، وقد شبه المتفلسفون العالم بإنسان كبير، والإنسان بعالم صغير. فإن كان هذا وكان الله روح العالم ونفسه وعقله وحياته كما تسمى بـחי העולם، فقد صح التشبيه بطريق العقل، فكيف وللنبوة بصر أجلى من القياس، فذلك البصر أدرك الملأ الأعلى عيانا ورأى عمار السماء من الروحانيين المقربين وغيرهم في صورة آدم، وإليهم الإشارة في قوله تعالى נעשה אדם בצלמנו כדמותנו، يعني إني قد درجت الخلقة وسقتها على ترتيب الحكمة من العناصر إلى المعادن إلى النبات إلى حيوان الماء والهواء، ثم إلى حيوان الأرض ذوات الحواس الذكية والإلهامات العجيبة. وليس بعد تلك الرتبة إلا رتبة تقارب الجنس الإلهي الملائكي، فخلق آدم في صورة ملائكته وخدمة المقربين إليه بالرتبة لا بالمكان، إذ تعالى عن المكان، فعلى كلا التشبيهين لا يمكن أن يكون مثاله عند الخيال إلا صورة أجل الناس يصدر عنه النظام والرتبة لسائر الناس على درجات كما عنه تعالى ترتيب العالم ونظامه، فيرى في حين العزل والتولية والحكم على ممالك עד די כרסון רמיו ועתיק יומין יתב. وفي حين الغضب والأهمام بالإقلاع יושב על כסא רם ונשא، وשרפים עומדים ממעל לו. وفي حين الإقلاع المركبة التي رآها יחזקאל، وحصل جميع هذا في الخيال خارج موضع النبوة وهو كما حددخ מים סוף עד ים פלשתים، وينتظم فيه مثل מדבר סיני وפארן وשעיר وמצרים أيضا، فإن لذلك المكان خصوصية إذا اتفق لها قابل مع الشرائط الشرعية المأمور بها، ترات تلك الصور عيانا بالبصر במראה ולא בחידות، משה الـמשכן وסדר עבודה وארץ כנען بأجزائها، ومشهد ויעבר ה' על פניו، ومشهد אליהו في ذلك الموضع بعينه فهذه الأشياء التي لا تدرك قياسا أبطلتها فلاسفة يونان لإبعاد القياس ما لم ير مثله، وأثبتها الأنبياء لما لم يمكنهم إنكار ما شاهدوا بالعين الروحانية التي فضلوا بها، وكانوا جماعات وفي أعصار مختلفة لا يجوز عليهم الإصطلاح، وأقر لهم العلماء الذين أدركوهم وشاهدوهم في حال نبوتهم. ولو شاهد فلاسفة يونان الأنبياء في حال نبوتهم ومعجزاتهم لأقروا لهم ولطلبوا وجوها قياسية في كيفية حصول هذه الرتبة للإنسان. وقد فعل ذلك بعضهم لا سيما المتفلسفون من أهل الأديان, فإلى مثل هذا تقع الإشارة بـאדני بـאלף דלת נון יוד لأمر إلهي حاضر كأنه يقول له يا مولاي. وמלאכות ה' كناية عن الرسالة. والملاك قد يكون مخلوقًا لوقته من الأجسام العنصرية اللطيفة، وقد يكون من الملائكة السرمديين، ولعلهم الروحانيون الذين يزعمهم الفلاسفة ولا لنا دفعهم ولا علينا قبولهم. والشك فيما رأى ישעיהו وיחזקאל وדניאל هل هو من المخلوقين أو من الصور الروحانية الثابتة. وכבוד ה' هو الجسم اللطيف التابع لإرادة الله المتشكل بحسب ما يريد عرضه للنبي هذا بحسب الرأي الأول. وأما بحسب الرأي الثاني فيكون כבוד ה' جملة الملائكة والآلات الروحانية כסא وמרכבה وרקיע وאופנים وגלגלים وغير ذلك مما هو ثابت باق. فهو يتسمى כבוד كما تسمى ثقلة الرئيس כבודה. ولعل هذا كان مطلوب משה ע"ה بقول הראני נא את כבודך. أنعم له بذلك بشرط أن يتحفظ من رؤية المقدمة التي لا يحتملها بشري وكما قال וראית את אחורי. وفي ذلك الـכבוד ما يحتمل البصر النبوي نعم وفي توابعه ما يحتمله أبصارنا مثل الـענן وאש אוכלת مما هو مألوف عندنا وفيه ألطف فألطف إلى أن يبلغ إلى درجة لا يدركها النبي وأن تقحمها أنحل تركيبه، كما عندنا في قوة الأبصار فمن بصره ضعيف لا يرى إلا في الضوء اليسير الذي يبقى بعد عشاء كالخفاش والعمش وضعفاء البصر لا يرون إلا في الظل ومن هو أقوى بصرا يرى في الشمس. لكن نفس الشمس حين صفائها لا يقدر البصر على النظر إليها. وأن تكلف ذلك عمي. فهذا هو כבוד ה' وמלאכות ה' وשכינת ה' في الأسماء الشرعية لكن ربما استعيرت للأحكام الطبيعية فقيل מלא כל הארץ כבודו، ומלכותו בכל משלה. وأما على الحقيقة فلا ظهور للـכבוד وللـמלכות إلا على أوليائه وأصفيائه وأنبيائه الذين بهم يتحقق الزنديق أن لله حكما وملكا في الأرض وعلما بجزئيات أعمال العباد فحينئذ يقال حقيقة מלך ה'، وנראה כבוד ה'، وימלוך ה' לעולם אלהיך ציון، وאמרו לציון מלך אלהיך، وכבוד ה' עליך זרח.
فلا يستبعد كل ما قيل ותמונת ה' יביט، ויראו את אלהי ישראל، وמעשה מרכבה، نعم ولا שיעור קומה لما في ذلك من تحصيل هيبته في الأنفس، وكما قال ובעבור תהיה יראתו על פניכם וגו'.
<4> قال الخزري: أوليس إذا حصل في العقل ربوبيته ووحدانيته وقدرته وعلمه وصدور الكل عنه وحاجة الكل إليه واستغناءه عن الكل، يحصل الهيبة منه والحب له ويغنى عن هذا التجسيم؟
<5> قال الحبر: هذا دعوى المتفلسفين، والذي نرى من النفس الآدمية أنها ترهب عند حضور المفزعات محسوسة ما لا تهرب إذا حدثنا عنها، كما ترغب في الصورة الجميلة الحاضرة المرئية ما لا ترغب إذا حدثنا عنها. ولا تصدق المتعقل إذا زعم أنه يتصل له الفكر على ولا وعلى نظام حتى يحصل جميع المعاني المحتاجة في الإلهية بمجرد عقله دون إسناد إلى محسوس ولا ضباط بمشاهدة مثل، إما من لفظ، وإما من خط، وإما من صورة مرئية أو خيالية، ألا ترى أنك لا تقدر على تحصيل معاني صلاتك بالفكر وحدة دون قراءة، ولا تقدر أن تعد إلى مائة مثلا بمجرد الفكر دون النطق، لا سيما إن أردت أن تؤلف المائة من أعداد مختلفة، فلالا الحس الذي يضبط ذلك النظام العقلي المثالات وحكايات لم ينضبط، فهكذا تنتظم للنبي عظمة الله وقدرته ورحمته وعلمه وحياته ودوامه وسلطانه وغناه عن الكل، وحاجة الكل إليه، وانفراده وتقدسه بما يراه دفعة في آن واحد من عظم تلك الصورة المخلوقة له وبهاها والحيات والآلات الدالة على القدرة كاليد المرفوعة، والسيف المصلت، والنيران والرياح والبروق والرعود المتصرفة بأمره، والكلام الصادر عن ذلك الأنذارات والأعلام بما كان ويكون، ووقوف الناس والملائكة بين يديه خاضعين، وصدور حاجتهم كلهم من عنده، يغنيهم ولا ينقصهم. ويعز الذليل ويذل العزيز. ويبسط يده للتائبين، ويدعوهم מי יודע ישוב، ويحتمي، ويتعصب على الأشرار، ويعزل ويولي، وبين يديه אלף אלפין ישמשונה וגו'. هذا كله وأمثاله يراه النبي في لحظة وتحصل الهيبة، والمحبة مغروزة في نفسه طول عمره، ويمشي عاشقا هيمانا طول دهره رغبة في أن يترأى له مرة ثانية أو ثالثة. وقد استعظمت لـשלמה المرتان كقوله האל הנראה אליו פעמים. أيحصل مثل هذا لفيلسوف بفكره؟
<6> قال الخزري: لا يمكن ذلك، لأن الفكر إنما هو كالحديث ولا يمكن وصف شيئين معا، وإن أمكن ليس يمكن السامع تحصيلها معا، فإن الجزئيات التي أراها من المدينة وأهلها في ساعة واحدة ليس يحملها ديوان كبير، وقد حصل لي في حين واحد حب في المدينة أو بغض، ولو تلي علي ذلك في ديوان لم يحصل في نفسي، والفكر يتشوش بما يطرأ عليه من الوهم والخيال وأشياء تقدمت فلا يصفو له شيء تام.
<7> قال الحبر: لكنا كالعمش الذين لا يحتملون أبصار ذلك النور، فنقتدي بالبصراء الذي تقدمونا القادرين على رؤيته، فكما أن البصير لا يمكنه أن يرى الشمس ويدل غيره عليها ويدركه في النظر إليها إلا في أوقات غوبة النهار وفي مواضع مشرفة تشرق عليها الشمس، كذلك البصير بالنور الإلهي له أوقات ومواضع فيها يرى ذلك النور. فالأوقات هي أوقات الصلوات لا سيما في أيام الـתשובה. والمواضع هي مواضع النبوة.
<8> قال الخزري: فأراك مقرًا بأرباب الساعات والأيام والمواضع كالمنجمين؟
<9> قال الحبر: وكأنا ندافع في آن للعلويات تأثيرا في الأرضيات بل نقر أن مواد الكون والفساد من قبل الفلك لكن الصور من قبل مدبرها ومصرفها وجاعلها آلات لإقامة كل ما شاء من المتكونات من غير أن ندري تفصيلها. والمنجم يدعي التفصيل والتحصيل، ونحن ننكر عليه ذلك ونقطع أنه لا يدرك ذلك بشري فإن وجدنا من ذلك العلم شيئا مسندًا إلى علم إلهي شريعي قبلناه، وبذلك تطيب الأنفس على ما ذكر من العلم النجومي الـחכמים ז"ל طمعًا أنه محمول عن قوة إلهية فهو حق، وإلا فكله تخرص وقرعة في السماء أصدق منها قرعة التراب، فإذن من يرى تلك الأنوار هو النبي الحق، والموضع الذي ترى فيه القبلة حقا، لأنه موضع إلهي، والشريعة التي تأتي من قبلة هي شريعة حق.
<10> قال الخزري: بل الشرائع التي بعدكم إذًا أقرت بالحق ولم تنكره فكلهم يفضل ذلك الموضع ويقول إنه معراج الأنبياء، وباب السماء، وموضع الحشر، وإن النفوس إليه تحشر، وإن النبوة في بني إسرائيل بعد تفضيل آبائهم، والإقرار بـמעשה בראשית، والـמבול، وأكثر ما في الـתורה، ويحجون إلى ذلك الموضع المعظم.
<11> قال الحبر: إنما كنت أشبههم بالـגרים الذين لم يقبلوا جميع فروع الشرائع لكن أصولها، لولا تناقض أفعالهم مع أقوالهم وأن تفضيلهم لموضع النبوة بالقول مع استقبالهم مواضع كانت للأوثان في مواضع اتفق إن كان فيها جمهورهم لم ير فيها أثر إلهي مع أبقائهم رسوم العبادات القديمة وأيام حجها ومناسكها ولم يغيروا غير الصور التي كانت هناك محوها ولم يمحوا رسومها، حتى كدت أقول إن قوله تعالى ועבדת שם אלהים אחרים עץ ואבן، وتكريره مرارا إنما هو إشارة أي الذين يعظمون الخشبة والذين يعظمون الحجر، ونحن مع الأيام نستحيل إليهم בעונותינו، نعم إن اعتقادهم ليس إلا للإله مثل قوم אבימלך وقوم נינוה ومتفلسفين في جانب الله، وقائد كل واحدة من الطائفتين يقال إنه أدرك تلك الأنوار الإلهية في معدنها، أعني في ארץ ישראל، وإن من هناك عرج به إلى السماء وأمر أن يهدي أهل المعمورة كلها، وكانت قبلتهم تلك الأرض فلم يلبث الأمر إلا قليلا حتى صارت قبلتهم حيث جمهورهم. أليس هذا بمنزلة من أراد أن يهدي الناس كافة إلى موضع الشمس لكنهم عمش لا يقدرون عليه ولا يدرون مجراها، فحملهم إلى قطب الجنوب أو الشمال وقال لهم ههنا الشمس استقبلوها تروها، فلا يرونها، وكان القائد الأول موسى عليه السلام قد أوقف الجمهور عند הר סיני ليروا النور الذي رآه هو، لو قدروا عليه كقدرته، ثم دعا الـשבעים זקנים ورأوه، كما قال ויראו אל אלהי ישראל.
ثم جمع الـשבעים الثواني فحلهم من نور النبوة ما ناسبوه به، كما قال ויאצל מן הרוח אשר עליו ויתן על שבעים איש הזקנים. فيشهد بعضهم لبعض فيما يرونه وما يسمعونه، وتنتفي الظنون السوء من الأمة أن يظن النبوة دعوى من ادعاها من الأفراد إذ لا يجوز الاصطلاح على تلك الجماهير لا سيما إذ كثروا وصاروا جماعات مستوين مع אלישע في علم يوم رفع אליהו ע"ה في قوله הידעת כי היום ה' לוקח את אדניך. وكلهم شاهد لـמשה ע"ה مؤكد شريعته.
<12> قال الخزري: لكنهم أقرب إليكم من الفلاسفة.
<13> قال الحبر: بعيد ما بين المتشرع والمتفلسف. لأن المتشرع يطلب الرب لمنافع عظيمة، حاشى منفعة العلم به. والمتفلسف إنما يطلبه ليصفه على حقيقته، كما يطلب أن يصف الأرض أنها مثلا في مركز الفلك الأعظم وليست في مركز فلك البروج وغير هذا من المعارف، وأنه لا يضر الجهل بالله إلا كالجهل بالأرض لمن قال إنها سطح. والمنفعة عنده إنما هيأ علم الأشياء على حقائقها يتشبه بالعقل الفعال فيصير هو هو، كان صديقا أو زنديقا لا يبالي إذا تفلسف. ومن أصول اعتقاده לא ייטיב ה' ולא ירע، وإن يعتقد القدم للدنيا فلا يرى أنها كانت قط عدما حتى خلقت بل لم تزل ولن تزال، وأن الله تعالى خالقها على المجاز لا على مفهوم اللفظ، وإنما يريد بخالق صانع أنه سببه وعلته ولم يزل المعلول مع العلة، إن العلة بالقوة فالمعلول بالقوة، وإن كانت بالفعل فالمعلول بالفعل. والله تعالى علة بالفعل فمعلوله بالفعل مهما هو علته، لكنهم وإن بعدوا هذا البعد فإنهم يعذرون إذ لم يمكنوا من العلم الإلهي إلا بطريق القياس، فهذا ما أدى إليه قياسهم. فمنصفوهم يقولون للمتشرعين ما قال سقراط: "يا قوم إن حكمتكم هذه الإلهية لست أنكرها، لكني أقول لست أحصرها، وإنما أنا حكيم بحكمة إنسانية." وأما هذه الملل فبقدر ما قربوا بعدوا، وإلا فإن ירבעם وشيعته أقرب إلينا وكانوا עובדי עבודה זרה وهم ישראל مختتنون محافظون على السبت وسائر الشرائع، حاشى قليل مما دعتهم ضرورة سياسية إلى الخلاف فيها، وهم مقرون بـאלהי ישראל المخرجهم من مصر، كما قلنا في عاملي العجل في الـמדבר. فغاية ما فضلهم هؤلاء بنفي الصور. وأما منذ حرفوا القبلة وطلبوا الأمر الإلهي حيث لا يوجد، حاشى تغييرهم لأكثر الشرائع السمعية فقد بعدوا جدًا.
<14> قال الخزري: ينبغي أن يفرق بين شيعة ירבעם وبين شيعة אחאב تفاريق. فإن עובדי הבעל هم עובדי עבודה זרה بالبتات. وفي ذلك قال אליהו: אם ה' האלהים לכו אחריו ואם הבעל לכו אחריו، وفيهم تشكك الـחכמים كيف أكل حتى יהושפט من طعام אחאב، ولا يقعوا في مثل هذا في شيعة ירבעם، ولا وقع أنكار אליהו في עבודת העגלים إذ قال קנא קנאתי לה' אלהי צבאות، فإن شيعة ירבעם لـה' אלהי ישראל كان جميع أعمالهم، وأنبياؤهم נביאי ה'. وأنبياء אחאב נביאי הבעל. وقد أقام الله יהוא ليمحو أثر אחאב واجتهد ذلك الاجتهاد في تلك الحيلة بقوله אחאב עבד את הבעל מעט יהוא יעבדנו הרבה، حتى محا أثر الـבעל، ولم يعترض للـעגלים، فأصحاب العجل الأول وشيعة ירבעם وأصحاب الـבמות وפסל מיכה لم يكن جميعهم إلا قصدا لـאלהי ישראל، لكن مع المعصية يستحق أهلها القتل كمن يتزوج أخته لضرورة أو لشهوة، لكن يمتثل شروط الزوجية على ما أمر الله بها، أو كمن يأكل الخنزير لكن يتحفظ بالذبيحة ومن الدم وغير ذلك من شروط المأكل على ما أمر به.
<15> قال الحبر: لقد نبهت على موضع شك، وليس عندي فيه شك، فقد خرجنا عن غرضنا في الصفات، فلنعد إليها، وأزيدك بيانا بمثال من الشمس التي هي واحدة، لكن تختلف نسب الأجسام القابلة لها، فأكملها قبولا لنورها الياقوت والبلار مثلًا والهواء الصافي والماء، فيتسمى في هذه نور ثاقب، ويتسمى في الحجارة اللامعة والسطوح الصقيلة نور لامع مثلا، وفي الخشب والأرض وغير ذلك نور لائح، وفي جميع الأشياء عموما نور مطلق دون تخصيص. فالنور المطلق هو بمنزلة قولنا אלהים كما قد تبين. ونور ثاقب هو بمنزلة ה' اسم علم خاص بالنسبة التي بينه وبين أكمل مخلوقاته في الأرض أعني الأنبياء التي أنفسهم شفافة قابلة لنوره ينفذ فيها كنفوذ نور الشمس في البلار والياقوت، وهذه الأنفس لها معدن ومقطع من لدن آدم كما قد تبين تناسق الصفوة واللب جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن. وتخرج عامة الدنيا حاشى ذلك اللب قشورا وأوراقا وصموغا وغير ذلك فيتسمى إله هذا اللب خاصة ה'، ولاتصاله بآدم نقل اسم אלהים بعد فراغ מעשה בראשית إلى ה' אלהים، كما قالوا ז"ל: שם מלא על עולם מלא، وكمال العالم إنما كان بآدم الذي هو لب كل ما تقدمه. والمعنى المراد بـאלהים ليس ينكره عاقل، إنما يقع الأنكار في ה'، إذ النبوة غريبة نادرة في الأفراد فكيف في جماعة. ولذلك أنكر פרעה وقال לא ידעתי את ה' كأنه فهم من لفظ ה' מפורש، ما يفهم من النور الثاقب فدل على إله يتصل نوره بالناس وينفذ فيهم، فقال له زيادة אלהי העברים، إشارة إلى الـאבות الذين شهروا بالنبوة والكرامات. وأما אלהים فتراه اسما شائعا في מצרים في قول פרעה الأول ليوسف אחרי הודיע אלהים אותך، وقال איש אשר רוח אלהים בו. كما لو إن انسانا واحدا يرى الشمس وحده ويدري مشارقها ومواضع جريها، وكنا نحن لم نرها قط لكن نتصرف في ظل في غيم، فنرى منازلة مضية أكثر من منازلنا، لعلمه بمجري الشمس فيضع لها كوى وروازن بحسب ما يريد. وكذلك نرى زرعاته وغرساته تنجب، ويقول لنا أن ذلك لعلمه بالشمس، لأنكرنا ذلك وقلنا ما الشمس وإنما ندري نحن الضوء ومنافعه كثيرة، لكن تغينا بالاتفاق. فيقول هو أنا يجيني منه ما شئت ومتى شئت لأني عالم سببه وكيف جريه، فإذا أعددت له ووطئت وتحفظت بجميع أعمالي في الأوقات المعلومة عندي لم أخب من منافعه كما ترون.
واسم ה' هو المكني عنه بـפנים في قوله פני ילכו، אם אין פניך הולכים. وهو الغرض المطلوب في قوله ילך נא ה' בקרבנו. ومعنى אלהים يدرك بالقياس لأن العقل يؤدي إلى أن للعالم حاكما وناظما ويختلف الناس فيه بحسب قياساتهم، وأولى الآراء فيه رأي الفلاسفة. وأما معنى ה' فلا يدرك قياسا لكن مشاهدةً بذلك البصر النبوي الذي به يصير الإنسان يكاد أن يفارق نوعه ويتصل بنوع ملكي وتصير فيه רוח אחרת كما قيل ונהפכת לאיש אחר، ויהפך לו אלהים לב אחר، ורוח לבשה את עמשי، היתה עלי יד ה'، ורוח נדיבה תסמכני، كناية عن רוח הקודש الملابسة للنبي حين النبوة وللـנזיר وللـמשיח إذا مسح للـכהנה أو للـמלוכה حين ما يمسحه النبي، أو حين ما يؤيده الله ويرشده لأمر ما، أو حين ينبأ الـכהן بعلم الغيب عند سؤاله في الـאורים والـתמים. فحينئذ تنفك للإنسان الشكوك المتقدمة التي كان يشككها في אלהים ويستخف بتلك القياسات المستعملة ليحصل منها علم الربوبية والوحدانية. فحينئذ يحصل الإنسان عابدًا عاشقا لمعبوده مستهلكا في حبه لعظيم ما يجده من لذة الاتصال به والضر والأذى بالبعد عنه. بخلاف المتفلسفين الذين لا يرون في عبادة الله إلا حسن أدب وقول الحق في تعظيمه على سائر الموجودات، كما ينبغي أن تعظم الشمس على سائر المرايات، وأن ليس في الكفر بالله أكثر من خساسة النفس راضية الكذب.
<16> قال الخزري: قد بتين لي الفرق بين אלהים وה'، وفهمت ما بين אלהי אברהם وאלהי أرسطوطاليس، وأن ה' ית' يتشوق إليه شوقا ذوقا ومشاهدة. وאלהים يمال إليه قياسا. وذلك الذوق يدعو من أدركه إلى الاستهلاك في حبه، والموت دونه. وهذا القياس يرى أن تفضيله واجب مهما لم يضر، ولا احتمل من أجله مشقة. فليعذر أرسطوطاليس إذا استخف بأعمال الناموس، إذ يتشكك هل يعلم الله ذلك.
<17> قال الحبر: وبحق احتمل אברהם ما احتمله في אור כשדים، ثم التغرب، ثم الـמילה، ثم إطراح ישמעאל، ثم همه بذبح יצחק إذ شاهد ما شاهد من الأمر الإلهي ذوقا لا قياسا، ورأى أنه لا يخفي عنه شيء من جزئياته، ورآه يجازيه على خيره مع اللحظات، ويهديه إلى مراشده، حتى لا يقدم ولا يؤخر إلا بإذنه. فكيف لا يستخف بقياساته القديمة. وكما דרשו الـחכמים ז"ל في ויוצא אותו החוצה: אמר לו צא מאצטגנינות שלך. يعني أنه أمره أن يترك علومه القياسية من النجوم وغير ذلك، ويلتزم طاعة من أدرك ذوقا كما قيل טעמו וראו כי טוב ה'، فبحق تسمي ה' بـאלהי ישראל إذ هذا النظر معدوم في غيرهم، وتسمى بـאלהי הארץ إذ لها خصوصية من هوائها وأرضها وسمائها معينة على ذلك مع القرائن التي هي كالفلاحة والتوطئة لأنجاب هذا الصنف، وكل ما اتبع الناموس الإلهي فإنما هو تابع لذوي هذا البصر وتطيب نفوسها على تقليدها على سذاجة كلامهم وغلظ أمثالهم، ما لا تطيب على تقليد الفلاسفة على رقة حكاياتهم، وحسن نظام تواليفهم، وما يلوح عليها من البرهان، لكن لا تتبعهم الجماهير، كان النفوس وحي إليها بالحق، كما قيل נכרים דברי אמת.
<18> قال الخزري: أراك تنحي على الفلاسفة وتنسب إليهم ضد ما شهر عنهم، حتى من اعتزل وتزهد قيل إنه تفلسف وأخذ برأي الفلاسفة، وأنت تسلبهم كل عمل صالح.
<19> قال الحبر: بلى إن الذي قلت هو أصل عقيدتهم، إن السعادة القصوى للإنسان إنما هو العلم النظري وحصول الموجودات معقولات بالعقل بالقوة، فيصير عقلا بالفعل ثم عقلا مستفادا مقاربا للعقل الفعال فلا يخاف الفناء. وهذا لا يتم إلا بافناء العمر في البحث ودوام الفكر. وهذا لا يتم مع شغل الدنيا. فلذلك رأوا بالزهد في المال والجاه واللذة والبنين كي لا تشغله عن علم. فمتى حصل الإنسان عالما بتلك الغاية المطلوبة من العلم فلم يبالي بما يعمل فإنهم لا يتورعون ليجازا على تورعهم ولا يرون أن على أخذهم مالا حراما أو قتلهم كانو يعقبون عليه. لكن أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر بطريق الأولى والأفضل والتشبه بالخالق الذي وضع الأمر على الطريق الأصلح، فانتجوا النواميس وهي سياسات غير لازمة، لكن مستثني بها إلا إن كانت ضرورة. وليس الشريعة كذلك، إلا في أجزاء سياسية قد تبين في العلم الشريعي ما يحتمل الاستثناء وما لا يحتمله.
<20> قال الخزري: لقد طمس هذا النور الذي تصفه طموسا يستبعد ظهوره، ودثر دثورا لا يظن بغبرة.
<21> قال الحبر: إنما طمس في عين من لا يرانا بعين البصيرة، فيستدل من ذلتنا ومسكنتنا وشتاتنا على طمس نورنا، ويستدل من ظهور غيرنا وظفره بالدنيا واستيلاؤه علينا على أن له نورا.
<22> قال الخزري: لست أستدل بهذا، فإني أرى الملتين المتضادتين ظافرتين وليس يمكن أن يكون الحق في طرفي النقيض لكن في أحدهما، أو ليس في واحد منهما، وقد فسرت لي في הנה ישכיל עבדי ما دل على أن الذلة والخضوع أليق بالأمر الإلهي من الظهور والتجبر. وهذا أيضا مشهور عند الملتين فإن النصارى ليس يستظهرون بالملوك والجبابرة والأغنياء لكن بأولئك التابعين لـישו طول تلك المدة المديدة التي لم يقم فيها دينه وكانوا أولئك ينتفون ويختفون ويقتلون حيث ما وجد منهم واحد، وحملوا على نصرة دينهم عجائب من الذل والقتل فهُم الذين يتبارك بهم وتفضل مواضعهم ومصارعهم وتبني الكنائس على أسمائهم. وكذلك أنصار صاحب الإسلام قد حملوا من الذل كثيرا حتى نصروا، وبأولئك يستظهرون وبهم وبذلتهم وموتهم شهداء يفتخرون، لا بالأمراء المستظهرين بأموالهم وسعة أحوالهم، بال بالذين يلبسون الخلق ويأكلون الشعير ولا يشبعون. لكن يا حبر اليهود كان منهم هذا مع غاية الاعتزال والانقطاع إلى الله تعالى، فلو رأيت اليهود يفعلون هذا لذات الله لفضلتهم على الملوك الداودية، لأني أعلم ما علمتني في قول ואת דכא ושפל רוח וגו' وأن نور الله إنما يحل بنفوس المتواضعين.
<23> قال الحبر: حق لك أن تعيرنا بهذا. لأنا حصلنا على الذل دون نتيجة. لكن إذا تفكرت في المتفخرين منا الذين كانوا يقدرون على دفع الذل عن أنفسهم بكلمة يقولونها دون كلفة، ويحصلون أحرارًا ويصولون على مستعبديهم، فلا يفعلون ذلك محافظةً على دينهم، أليست هذه صلة، تشفع وتستغفر ذنوبًا كثيرة؟ ولو كان الذي تطالبني به لما لبثنا في هذه الحالة، مع إن لله فينا سرًا وحكمة كالحكمة في البزرة التي تقع في الأرض فتتغير وتستحيل في الظاهر إلى الأرض والماء والزبل وليس يبقى لها أثر محسوس على ما يظن الناظر إليها، وإذا بها هي التي تحول الأرض والماء إلى طبعها وتنقلها درجة درجة حتى تلطف العناصر وتردها إلى مثل نفسها، وتدفع قشورًا وأوراقًا وغير ذلك، حتى إذا صفا اللباب وصلح ليحله ذلك الأمر الإلهي وصورة البزر الأول أثمرت تلك الشجرة مثل الثمر الذي منه كان بزرها. فهكذا دين موسى كل من جاء بعده يستحيل إليه في الحقيقة، وإن كان في الظاهر دافعًا له، فهذه الملل إنما هي توطئة ومقدمة للـמשיח المنتظر الذي هو الثمرة، ويصير كلهم ثمرة إذا أقروا له، وتصير الشجرة واحدة، وحينئذ يفضلون الأصل الذي كانوا يرذلونه، وكما قلنا في הנה ישכיל עבדי. ولا تلتفت إلى بعد هؤلاء عن الأوثان، واجتهادهم في التوحيد فتفضلهم، وترى ישראל في عين النقيصة لاتخاذهم المعبودات في دولتهم فتنقصهم، والتفت إلى ما ينطوي عليه الكبير منهم من الزندقة، بل قد يصرحون بها ويقولون فيها الأشعار المشهورة المحفوظة من أن لا مالك لأعمال الناس ولا مجازي ولا معاقب عليها، ما لم يذكر قط عن ישראל. وإنما كان القوم طالبي منافع تلك الطلاسم والروحانيات زيادة على دينهم، وهم محافظون على شرائعهم، لشهرة المنفعة بتلك العبادات حينئذ، وإلا فلم لم يستحيلوا إلى أديان الأمم الذين جلوهم وسبوهم، حتى מנשה وצדקיה وأفسق من كان في ישראל لم يرض ترك دين ישראל، نعم كانت لهم أهواء في زيادة منافع من ظفر وبركة مال بتلك الخواص التي كانت عندهم مغربة مما نهي الله عنها. ولا كان لها اليوم تلك الشهرة لرأيتنا اليوم نحن وهم منخدعين لها، كما ننخدع للبقايا الباردة من نجوم ورقي وعزائم وتغاريب بعيدة من الطبيعة، مع إبعاد الشريعة لها.
<24> قال الخزري: أريد الآن تلوح لي بشيء من بقايا العلوم الطبيعية التي قلت إنها كانت عندهم.
<25> قال الحبر: منها ספר יצירה لـאברהם אבינו ע"ה، فيه غموض، وشرحه طويل، دل على الوحدانيا والربوبية بأشياء مختلفة متكثرة من جهة، لكنها متحدة متفقة من جهة أخرى. واتفاقها من جهة الواحد الذي ينظمها، فمنها ספר וספור וספר. أراد بـספר التقدير والتقسيط في الأجسام المخلوقة، لأن التقدير حتى يكون الجسم منظومًا متناسبًا يصلح لما خلق أنا يكون بالعدد. وأما المساحة والكيل والوزن وتناسب الحركات ونظام الموسيقة، فكلها بالعدد. ספר كما ترى البناء لا يصدر عنه بين إلا وقد تقدم تصوره في نفسه. وأراد بـספור النطق لكنه نطق إلهي، قول דברי אלהים חיים يقترن به حضور إلهية والشكل الذي نطق به كقول יהי אור، יהי רקיע. فما فرغ القول حتى حضر العمل وهو ספר يعني به الخط. وخط الله هي مخلوقاته. وكلام الله هو حطه. وتقدير الله هو كلامه. فصار الـ والـ والـ في حق الله شيئًا واحدًا وفي حق الإنسان ثلاثة، فإنه يقدر بذهنه وينطق بفمه ويكتب بيده ذلك الكلام ليدل بهذه الثلاثة على شيء واحد من مخلوقات الخالق، ويصير تقدير الإنسان وخطه ولفظه علامات دالة على الشيء، لا نفس الشيء. وأما تقدير الله وكلامه فهو الشيء بعينه وهو خطه، كما لو تخيلت دباغًا يفكر في صناعته والحرير يطاوعه فيتلون بالألوان الخاطرة بباله ويتركب التركيبات التي يريدها، فيكون ذلك الديباغ بأمره وبخطه. فلو كنا نقدر إذا لفظنا بإنسان أو خططنا جسم إنسان أن نحضر صورته لكنا قادرين على النطق الإلهي والخط الإلهي ولكنا خالقين، كما نقدر بعض القدرة في التصوير العقلي، لكن اللغات والخطوط تتفاضل، منها ما أسماها شديدة المطابقة لمسمياتها، ومنها بعيدة. واللغة الإلهية المخترعة التي لقنها الله آدم، وألقاها على لسانه وفي خاطره هي لا محالة أكمل اللغات وأشدها مطابقة لمسمياتها، وكما قال וכל אשר יקרא לו האדם נפש חיה הוא שמו، يعني أنه يستحق ذلك الاسم ويطابقه وينبئ عن طبيعته، فوجب تفضيل לשון הקדש، وإن الـמלאכים أشد انفعالًا لها من غيرها. ومن هذه النسبة يقال في الخط إن أشكال حروفه ليست جزافًا واتفاقًا، بل لغرض يطابق المقصود من حرف حرف، فلا يستبعد بهذا النظر تأثير الـשמות وما جرى مجراها من طريق اللفظ والخط، وقبلهما التقدير أعني فكرة النفس الخالصة المتشبهة بالملائكة.
فيجتمع الـשלשה ספרים ספר וספור וספר بشيء واحد، فيحدث ذلك الشيء المقدر كما قدره ذو النفس الخالصة وكما نطق به وكما خطه. وكذلك قال هذا الكتاب عن الله تعالى: ברא את עולמו בשלשה ספרים ספר וספור וספר وكلها في حقه تعالى واحد، وذلك الواحد مبدأ שלשים ושתים נתיבות פליאות חכמה، والتي هي עשר ספירות وעשרים ושתים אותיות، أشار إلى خروج الموجودات إلى الفعل أنها تتميز بالكمية والكيفية. والكمية عدد. وسر العدد إنما هو في العشرة كما قال עשר ספירות בלימה، עשר ולא תשע، עשר ולא אחת עשרה، ولها سر مكتوم. لِمَ وقف الحساب على عشرة لا زائد ولا ناقص.
ولذلك أتبعه بقول הבן בחכמה וחכם בבינה בחון בהם וחקור מהם ודע וחשוב וצור והעמד דבר על ברורו והשב יוצר על מכונו ןמדתן עשר שאין להם סוף. ثم ذكر تميزها بالكيفية وقسم الـעשרים ושתים אותיות ثلاثة أقسام: שלש אמות وשבע כפולות وשתים עשרה פשוטות، فقال שלש אמות אמ"ש סוד גדול מופלא ומכוסה שממנו יוצאים רוח מים אש שבהן נברא הכל. وجعل تناسب هذه الأحرف مع تناسب العالم الأكبر والأصغر أعني الإنسان وتناسب الزمان واحدًا. وسماها עדים נאמנים עולם ונפש ושנה. أعلمنا أن النظام واحد عن ناظم واحد تعالى وتقدس وإن اختلفت الموجودات وتباينت، فاختلافها عن موادها التي هي مختلفة منها العالي ومنها الأسفل ومنها الكدر ومنها الصافي. وأما من قبل واهب الصور ومعطي الهيآت والنظام فالحكمة فيها كلها واحدة، والعناية متفقة منتسقة على نظام واحد في العالم الأكبر وفي الإنسان وفي نظام الأفلاك وهي التي قال عنها إنها עדים נאמנים علد وحدانيته עולם ונפש ושנה. وصير نظامها على التقريب على هذا المثال:
שלוש אמות | א' | מ' | ש' |
בעולם | אויר | מים | אש |
בנפש | גויה | בטן | ראש |
בשנה | רויה | קור | חום |
שבע כפולות | ב' | ג' | ד' | כ' | פ' | ר' | ת' |
בעולם | שבתי | צדק | מאדים | חמה | נוגה | כוכב | לבנה |
בנפש | חכמה | עושר | ממשלה | חיים | חן | זרע | שלום |
בשנה | שבת | חמישי | שלישי | ראשון | ששי | רביעי | שני |
שתים עשרה פשוטות | ה' | ו' | ז' | ח' | ט' | י' | ל' | נ' | ס' | ע' | צ' | ק' |
בעולם | טלה | שור | תאומים | סרטן | אריה | בתולה | מאזנים | עקרב | קשת | גדי | דלי | דגים |
בנפש | אבר לראות | אבר לשמוע | אבר להריח | אבר לדבר | אבר לטעום | אבר לתשמיש | אבר לעשות | אבר להלוך | אבר להרהר | אבר לכעוס | אבר לשחוק | אבר לישן |
בשנה | ניסן | אייר | סיון | תמוז | אב | אלול | תשרי | מרחשון | כסלו | טבת | שבט | אדר |
אחד על גבי שלשה، ושלשה על גבי שבעה، ושבעה על גבי שנים עשר.
وفي هذه الأعضاء موضع تشكك مثل כליות יועצות وטחול שוחק وכבד כועס وקיבה ישנה. ولا ينكر للكلي قوة في جودة الرأي إذ نرى مثل ذلك الأنثيين لأنا نرى الخصيان أضعف عقولًا من النساء، ولما عدموا الأنثيين عدموا اللحية وجودة الرأي. وأما טחול שוחק فلأن بقوته الطبيعية ينقي الدم والرئة من العكر والكدر، وبنقائهنا يكون الطرب والضحك. وأما כבד כועס فللمرار المتولد فيه. وأما الـקיבה فكناية عن آلات الغذاء. ولم يذكر القلب لأنه رئيس، ولا الحجاب والرئة لأنهما خادمان له خاصة وليسا خادمين لجميع البدن إلا بطريق العرض لا بقصد أولى. والدماغ داخل في تفصيل الحواس الناشئة منه وكيف وإن للأعضاء التي دون الحجاب الفاصل سرًا، لأنها هي الطبيعة الأولى، والحجاب فاصل بين عالم الطبيعة وعالم الحيوان. كما أن العنق حاجز بين عالم الحيوان وعالم النطق، كما ذكر أفلاطون في طيماوس. فالمعادن الأولى إنما هي من عالم الطبيعة وهناك أصل الكون، فإن من هناك ينبعث الـזרע وهناك يتخلق الجنين فيما بين أربع طبائع، ومن هناك أكثار تعالى الأعضاء المقربة החלב והדם ויותרת הכבד ושתי הכליות. ولم يكثر قلبًا ولا دماغًا ولا رئة ولا حجابًا. والسر أغمض والشرح محظور. وقد قيل אין דורשין בספר יצירה إلا بشروط، قليلًا ما تتفق.
ثم قال שבע כפולות שש צלעות לששה צדדים והיכל קדוש מכוון באמצע ברוך כבודו ממקומו، הוא מקומו של עולם ואין עולם מקומו. إشارة إلى الأمر الإلهي المؤلف بين المتضادات وشبهه بالنقطة والمركز من الجسم ذي الست جهات والثلاث امتدادات، ومهما لم تفرض الوسط لم تنفرض الأطراف فنبه على المناسبة التي بين هذه وبين القوة الحاملة للكل، وبها تأتلف المثادات بالمناسبة المفروضة في עולם ונפש ושנה، فإنه جعل لكل واحد منها شيئًا ضابطًا لأجزائه ناظمًا لها فقال תלי בעולם כמלך על כסאו، גלגל בשנה כמלך במדינה، לב בנפש כמלך במלחמה. תלי اسم الجوزهر أشار به إلى عالم العقل، لأن الجوزهر به يكني عن الأشياء الخفية التي لا تدرَك بالحس. وأراد بـגלגל فلك الشمس المائل لأن به تنتظم أجزاء السنة. ولب ناظم الحيوان وملك أجزائه. وأراد أن الحكمة في الثلاثة واحدة والأمر الإلهي واحد والخلاف بينها إنما هو باختلاف هيولاها فشبه الأمر إذا دبر الروحانيين מלך על כסאו الذي تنقضي أوامره بأيسر إشارة عند خاصته وخدمة العارفين به من غير حركة منه ولا منهم. وشبهه إذا دبر الأفلاك كملك بمدينة لأنه يحتاج إلى أن يظهر في أقطار المدينة ليظهر على كل جزء منها سلطانه وهيبته ومنافعه.
وشبهه إذا دبر الحيوان كـמלך במלחמה لأنه بين الأضداد يروم تغليب موالفيه وقمع مخالفيه. والحكمة واحدة، فليست الحكمة في الأفلاك بأعظم من الحكمة في أقل الحيوان وإنما شرفت تلك بأنها من مادة صافية ثابتة لا يفنيها إلا الذي اخترعها، والحيوان من مادة متأثرة منفعلة يؤثر فيها الأضداد المتعاقبة عليها من حر وبرد وغير ذلك ويفنيه الزمان، لولا الحكمة التي تلطفت له بالذكورة والأنوثة حتى يبقى النوع مع تلاف الأشخاص، وذلك بإدارة الفلك والشروق والغروب كما نبه هذا الكتاب عليه. وقال إن لا فرق بين خلقة الأنثى والذكر إلا ما بين ظهور أعضاهما واختفاها. وقد بين ذلك في التشريح أن أعضاء الأنثى هو أعضاء الذكر إلا أنها منكوسة معكوسة إلى الباطن، كما قال זכר באמ"ש ונקבה באש"ם. חזר גלגל פנים ואחור، אין בטובה למעלה מענג ואין ברעה למטה מנגע. يعني أن حروف אמ"ש وאש"ם وענג وנגע واحدة، وليس بينها إلا التقدم التأخر، كما أن الشروق والغروب للفلك واحد في حقه، وفي حقنا نحن إقبال وإدبار. ثم لجزء في الأعضاء التي دون الحجاب معادن الطبائع الأربع بقوله שני לועזים ושני עליזים שני נועצים ושני עליצים עשאן כמין מריבה ערכן כמין מלחמה מקצת אלו מצטרפין על אלו. אלו תמורת אלו، אלו כנגד אלו، אם אין אלו אין אלו וכולן אדוקין זה בזה. والإشارة مفهومة جملة وإن عصر تفصيلها من حاجة الحيوان إلى الأضداد وكيف تنتج سلامته من هذا الحرب. ولولا هذا الحرب ما كانت سلامته هذه. هذا بعد ترتيبه المخلوقات وتقديمه الأشرف وهي רוח אלהים חיים، قال אחת רוח אלהים חיים، שתיים רוח מרוח، שלש מים מרוח، ארבע אש ממים. ولم يذكر الأرض لأنها الجسد والمادة للمتكونات لأن جميعها أرض، لكن يقال هذا جسد ناري وهذا جسد هوائي وهذا جسد مائي. ولذلك قدم שלש אמות אש ומים ורוח. فقدم רוח אלהים وهي רוח הקודש، منها تنخلق الملائكة الروحانيون وبها تتصل الأنفس الروحانية، وبعدها الهواء المدرك، وبعده الماء الذي فوق الـרקיע لم يدركه قياس الفلاسفة فلم يقروا به. ولعل مخرجًا يخرجه إلى أنه كره الزمهرير وحيث تنتهي السحاب، وبعده الأثير مكان النار الطبيعية كما قال אש ממים. كما يخرج ורוח אלהים מרחפת על פני המים، أنه أراد بهذا الـמים المادة الأولى غير مكيفة بل תהו ובהו، حتى تكيفت بإرادة الله المحيطة بها، وكنى عنها بـרוח אלהים. وتشبيه المادة الطبيعية بالماء أحق تشبيه، لأن ما كان أرق من الماء لا يأتي منه جسد طبيعي متماسك، وما كان أغلظ من الماء لا تستوي أفعال الطبيعة في جميع أجزائه إذ هي متماسكة، وإنما يصلح الجسد الأرضي لصناعة فإن الصناعات إنما تحيط بسطوح المادة لا بجميع أجزائها. والطبيعة إنما تحتوي على جميع أجزاء الشيء، فما من مكوّن إلا وقد كان في قوام الماء مائعًا سائلًا وإلا لم يتسم كونًا طبيعيًا بل صناعيًا أو متركبًا اتفاقيًا. وإنما تفعل فيه الطبيعة مهما كان مائيًا تشكله كيف شاءت، ثم تترك عما احتاجت أن يصلب فيصلب وقال عن مثل ذلك עשה מתהו ממש ועשה את שאינו ישנו וחצב עמודים גדולים מאויר שאינו נתפש. وقال أيضا מים מרוח חקק וחצב תהו ובהו ורפש וטיט עשאן כמין ערוגה הציבן כמין חומה סככן כמין מעזיבה יצק מים עליהם ונעשו עפר، وقال أيضا תהו זה קו ירוק שמקיף את העולם כלו، בהו אלו אבנים המפולמות המשוקעות בתהום שמביניהם יוצאים מים. ولوح بشيء من سر الاسم المعظم יוד הא ואו הא المطابق للذات الإلهية المتواحدة التي ليست لها ماهية لأن ماهية الشيء غير وجود الشيء، والله تعالى وجوده ماهيته، لأن ماهية الشيء حده، والحد مؤلف من جنسه وفصله، ولا جنس ولا فصل للعلة الأولى، فوجب أن يكون هو هو، وكما وصف أن سبب تكثر الأشياء هو دوران الفلك بقول חזר גלגל פנים ואחור. وشبه ذلك بامتزاج الحروف المفردة אלף עם כלם וכלם עם אלף، בית עם כלם וכלם עם בית، חוזרות חלילה، נמצא כל הדבור ברל"א שערים كيف تكثرت بتثليث الحروف وتربيعها، שלש אבנים בונות ששה בתים، ארבע בונות עשרים וארבעה בתים، צא וחשוב מה שאין הפה יכול לדבר ומה שאין האוזן יכולה לשמוע، كذلك احتاج إلى أن يبحث من أين تكثرت الأشياء قبل دوران الفلك، والخالق واحد هو هو، وللفلك مثلًا ست جهات، ففرض في النطق العقلي أسماء للخالق، وإكثار له في النطق الجسمي الحروف الألطف التي هي كالأرواح لسائر الحروف وهي הו"י. وقال إن الإرادة إذا نفذت بهذا الاسم المعظم كان ما أراد تعالى، ولا محالة أنه والملائكة ناطقون النطق العقلي وعالمون بما يكون في العالم الجسمي قبل خلق العالم، وكيف يفيض النطق والتمييز منه على الناطقين الذين سيخلقون في العالم فوجب أن يكون العالم الجسماني ينخلق بأمر يشاكل الجسمانية بالاسم المعظم العقلي المشاكل للاسم الجسماني יהו יוה הוי היו ויה והי. وجب من كل واحد جهة من جهات العالم وقام الفلك، وهذا مما لا يقنع إما لأن المطلوب أغمض من أن يدرك، وإما لأن أذهاننا تقصر، أو للأمرين جميعًا. وعن مثل هذا بحث الفلاسفة فأداهم إلى أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، ففرضوا ملكًا مقربًا فاض عن الأول. ثم قالوا إن هذا الملك له صفتان، إحداهما علمه بوجوده بذاته والأخرى علمه أن له سببًا، فوجب عنه شيئان ملك وفلك الكواكب الثابتة. وهذا أيضًا بما عقل من الأول وجب عنه ملك ثانٍ، وبما عقل من ذاته وجب عنه فلك زحل، وهكذا إلى القمر، ثم إلى العقل الفعال. وقد قبل الناس هذا وانخدعوا له، حتى قالوا إنه برهان لما نسب إلى فلاسفة يونان. وهذا دعوى محضة لا إقناع فيها ويعترض بكم وجوه، أحدها لم وقف هذا الفيض التقصير من الأول ثم يقال لم لم يجب عن عقل زحل لما فوقه شيء ما وهن عقله للملك الأول شيء آخر فتصير فيوض زحل أربعة. ومن أين لنا أن من عقل ذاته يجب عنه فلك، ومن عقل الأول يجب عنه ملك، فمتى ادعى أرسطوطاليس أنه يعقل ذاته ينبغي أن يطالب بأن يفيض عنه فلك. وإن ادعى أنه يعقل الأول أن يفيض عنه ملك إنما ذكرت لك هذه المبادئ ليلًا تهول عندك الفلسفة فتظن أنك لو اتبعتها لأرحت نفسك بالبرهان الشافي، بل مبادئهم كلها ما لا يحمله عقل ولا يضبطه قياس. ثم لا اتفاق بين اثنين منهم، إلا المقلديو الذين يقلدون أستاذًا واحدًا إما أبودقليس أو فيتايغورش أو أرسطوطاليس أو أفلاطون وغيرهم كثير لا يتفق واحد منهم مع صاحبه.
<26> قال الخزري: وما الحاجة إلى حروف הו"י أو إلى ملك وفلك وغير ذلك مع الإقرار بالإرادة والحدث وأن الله خلق الأشياء الكثيرة العدد دفعه على أجناسها كما رسم في סדר בראשית. ثم وضع فيها قوة البقاء والإنتاج، ويمدها مع اللحظات بالقوة الإلهية كما نقول מחדש בטובו בכל יום תמיד מעשה בראשית.
<27> قال الحبر: أحسنت يا ملك الخزر، ولله أنت، هذا هو الحق والإيمان بالحق وترك الفضول. لكن ربما كان هذا النظر لـאברהם אבינו إذ تحقق الربوبية والوحدانية قبل أن يوحى إليه، وإذ أوحى إليه ترك جميع قياساته ورجع يطلب رضا الله من عنده بعد أن أعلمه كيف الرضا بأي شيء يدرك وفي أي مكان، وقد דרש الـחכמים في قوله ויוצא אותו החוצה – צא מאצטגנינות שלך، يعني أُخرُج عن علم النجوم وعن كل علم طبيعي مشكوك. وقد قال أفلاطون عن النبي الذي كان زمان مارينوس الملك، أنه قال للفيلسوف المغثر بالفلسفة بوحي عن الله أنك لا تصيل إلي بهذه الطريق لكن بمن جعلته واسطة بيني وبين خلقي، يعني الأنبياء والناموس الحق. واندرج في هذا الكتاب في سر العشرة الآحاد التي هي متفقة في المشارق والمغارب من غير أن يبعث عليها طبع ولا يرجحها عقل، بل لسر إلهي، قوله עשר ספירות בלימה בלום פיך מלדבר בלום לבך מלהרהר ואם רץ לבך שוב למקום שלכך נאמר רצוא ושוב. ועל דבר זה נכרתה ברית. ומדתן עשר שאין להם סוף נעוץ סופן בתחלתן ותחלתן בסופן כשלהבת קשורה בגחלת דע וחשוב וצור שהיוצר אחד ואין בלעדיו ולפני אחד מה אתה סופר. وخاتمة الكتاب וכשהכין אברהם אבינו וצר וחקק וצרף ויצר וחקר וחשב ועלתה בידו נגלה עליו אדון הכל וקראו אהובי וכרת לו ברית בין עשר אצבעות ידיו והוא ברית לשון ובין עשר אצבעות רגליו היא ברית מילה וקרא עליו בטרם אצרך בבטן ידעתיך.
<28> قال الخزري: أريد أن تعرض علي ذوقًا من علوم الـחכמים المطابقة للطبيعة.
<29> قال الحبر: قد نبهت على علمهم الإرصاد الصحيحة بدليل علمهم بـתקופת לבנה التي هي כ"ט י"ב תשצ"ג منقولة عن בית דוד، ولم يختل إلى هذه الغاية. وתקופת חמה المحققة التي بها كانوا يراعون ألا يقع פסח إلا بعد תקופת ניסן، وكقول بعضهم כד חזית דמשכה תקופת טבת עד שיתסר בניסן עברה לההיא שתה، كي لا يقع פסח في فصل الشتاء، والله قد أمر ووكد بقوله שמור את חדש האביב. والـתקופה المشهورة عند الجمهور ليست هي المحققة لكنها تقريب بقسمة السنة لأربعة أرباع كل ربع צ"א يومًا وسبع ساعات ونصف. وقد يقع פסח بحسابها في فصل الشتاء، وقد طالبت الناصرى اليهود وزعمت أن أصل دينهم قد ذهب، وليس هم على أصل إذ يقع لهم פסח قبل حلول فصل الربيع بحسب حسابهم بالـתקופה المشهورة التي בפרהסיא، ولم يأبهوا إلى תקופת חמה المصححة التي هي بصنعه غير مشهورة، وإن بحسب حسابها بلا يقع פסח بوجه من الوجوه إلا وقد حلت الشمس رأس الحمل ولو يومًا واحدًا، ولم يختل هذا منذ آلاف أعوام وهو حساب مطابق لرصد البتاني وهو أحق التعاديل وأصحها، وهل يصح תקופה חמה وתקופת לבנה محررة إلا عن علم إلهية بأصح ما يكون؟ وما قدمنا من سر נולד קודם חצות وغير ذلك. وقد بقي من العلم الخاص بذلك كتاب يتسمى بـפרקי ר' אליעזר فيه مساحة الأرض وكل واحد من الأفلاك وطبائع الكواكب والبروج والصور وبيوتها وحظوظها وسعودها ونحوسها وصعودها وهبوطها وشرفها ووبالها ومدد حركاتها، وهو من חכמי משנה المشاهير. وשמואל من חכמי תלמוד القائل נהירא לי שבילי רקיעא כשבילי דנהרדעא. ولم يشتغلوا به إلا لمعنى الشريعة إذ لم يتم تحقيق مسير القمر واختلافات مسيره لتحقيق وقت اجتماعه بالشمس وهو الـמולד ومدة محاقه قبل الـמולד وبعده إلا بأكثر علم إلهية. وكذلك علم التحاويل أعني الـתקופות الأربع على التحقيق لا يتم إلا بعلم الحضيض والأوج. والمطالع على اختلافاتها، ومن تكلف هذا فلا بد أن ينجر معه سائر علم الفلك. وأما مه يوجد لهم من العلم الطبيعي مما أنجر في أثناء كلامهم بالاتفاق لا بقصد لتعليم هذا العلم لغرائب وعجائب فما ظنك بالكتب التي كانت لعلمائهم موضوعة في نفس العلم.
<30> قال الخزري: ما الذي اتلف تلك المقصودة وأبقى هذه الاتفاقية؟
<31> قال الحبر: لأن تلك كان يحملها خواص من الناس يتسمى هذا منجم وهذا طبيب وهذا مشرح مثلًا. وأول ما يتلف من الأمة المنتحسة الأخص فيهم ثم ما هو أعم منه فتلف الخواص وتلفت علومهم ولم يبق إلا الكتب الشرعية التي تحتاج إليها العامة وتحملها كثرة ويكثر انتساخها والعناية بها، فما اندرج في كتب الفقه من تلك العلوم احتمى وبقي بكثرة حامليها وعنايتهم بها، من ذلك كل ما ذكر في הלכות שחיטה وהלכות טריפה، ففيها من العلوم ما غاب أكثره عن جالينوس، وإلا فلم لم يذكر في العلل ما نراه عيانًا مما نبهت الشريعة عليه من علل الرئة والقلب مثل סמוך ללב وסמוך לדופן، واتصال الـאונות ونقصانها وزيادتها ويبس الرئة وذوبانها. فمن علمهم بتناسب الأعضاء النفسانية مع الطبيعية قولهم שני קרומים יש למוח וכנגדם בביצים، وقولهم כמין שני פולים יש מונחין על פי הקדרה מן הפולים ולפנים – מוח، מן הפולים ולחוץ – חוט השדרה.
وقولهم תלתא קני הוו חד פאריש לליבא וחד פאריש לריאה וחד פאריש לכבדא. ومن علمهم بالعلل القاتلة والعلل السالمة قولهم חוט השדרה אם עורו קיים מוחו לא מעלה ולא מוריד، ומי שנתמזמז מוחו אינו מוליד. وقولهم קרום שעלה מחמת מכה בריאה אינו קרום، وقولهم גיד הנשה אינו נוהג בעוף מפני שאין לו כף. ومن غريب فقههم כשרה שינקה מן הטריפה קיבתה אסורה، טרי]ה שינקה מן הכשרה קיבתה מותרת שהוא בלום במעיה. ومما حرموا عن علم صحيح وقياسنا ينبؤ عنه، חמשה קרומים אסורים: קרום של מוח، קרום שעל ביצה، קרום שעל גבי הטחול، קרום שעל הכליות، קרום שעל העוקץ، כולם אסורים באכילה. ومن بديع فقههم في الـטרפות أنهم حددوا الارتفاع الذي إن دفعت البهيمة منه إلى أسفل حرمت משום ריסוק אברים، يعني تتهتك الأعضاء التهتك الذي يؤدي إلى الموت. ثم قالوا הניח בהמה למעלה ובא ומצאה למטה אין חוששין משום ריסוק אברים משום דאמדה אנפשה، يعني أن البهيمة تقدر لنفسها وتتأهب للوثبة فلا يضرها كما يضر إذا دفعت لأن الطبيعة في الوثوب حاضرة، وفي الوقوع هاربة فارة. ومن غريب قولهم أيضا وتجربتهم חרותה בידי שמים כשרה בידי אדם טריפה משום צימוק ריאה. ובדיקותה במים פושרים מעת לעת אי הדרא בריאה כשרה ואם לאו טריפה. وقولهم ריאה ככוחל כשרה، כדיותא טריפה. מאי טעמא? שחור אדום הוא אלא שלקה. ירוקה כשרה وقولهم ריאה שהאדימה מקצתה כשירה، האדימה כלה טריפה. ור' נתן הבבלי שהביאו לפניו ילוד שהוא ירוק، אמר להם המתינו עד שיפול דמו בו، يعني ألا يختن حتى ينتشر دمه في لحمه، ففعلوا ذلك وعاش الطفل بعد أطفال كثيرى كانوا يموتون لتلك الإمراة أثر الختانة، והביאו לפניו ילוד שהוא אדום ואמר המתינו לו עד שיבלע דמו בו، فامتثل ذلك وعاش وسمي נתן הבבלי على اسمه. وقولهم חלב טהור סותם טמא אינו סותם. ومن دقيق فتواهم מחט שנמצא בעובי בית הכוסות נמצא עליה קורט דם בידוע שהיא קודם שחיטה، לא נמצא עליה קורט דם בידוע שהיא לאחר שחיטה. למאי נפקא מינה? למקח וממכר، لأنه لا يمكن أن يصير على الأبرة קורט דם לאחר שחיטה، إذ لا يجري الدم في الميت، فليس له أن يرجع على الذي اشترى منه البهيمة. وإن وجد קורט דם فله أن يرجع عليه ويقول إنك بعت مني ميتة. ومثل ذلك הגליד פי המכה בידוע ששלשה ימים קודם שחיטה، לא הגליד המוציא מחבירו עליו הראיה. ومن العلامات في עוף טהור: מותחין לעוף חוט שלמשיחה אם חולק שתים לכאן ושתים לכאן בידוע שהוא עוף טמא، שלש לכאן ואחת לכאן בידוע שהוא עוף טהור. وقولهم כל עוף הקולט מן האויר ואוכל טמא. השוכן עם הטמאים ונדמה להם טמא כזרזיר אצל העורב. وقولهم סימן הולד בבהמה דקה טינוף، ובגסה שליה، ובאשה שפיר ושליה. ومن غريب قولهم ولفظهم في سموم بعض ذوات المخالب قولهم דרוסת חתול ונץ ונמייה בגדיים וטלאים، ודרוסת חולדה בעוף. وقولهم אין דריסה לשועל، ואין דריסה לכלב، אין דריסה אלא בצפורן לא בשן، אין דריסה אלא ביד לא ברגל، אין דריסה אלא מדעת، אין דריסה אלא מחיים. يعني أن الخالب لم يسم الحيوان إلا بمخالب اليدين وعن قصد من الحيوان لا باتفاق، ومن تنشب مخالبه في لحم البهيمة دون قصد افتراس. وأغرب من هذا قولهم מחיים يعني أنه لو اتفق أن تقطع يد المفترس ومخالبه مغروزة في لحم البهيمة لم يكن منه דריסה، وذلك أنه لم يلق سمه إلا عند الانفصال عنه وإخراج مخالبه من لحم البهيمة، ولذلك قال מחיים بعد قولهم מדעת. وقولهم נטלה הכבד ונשתייר בה כזית במקום מרה ובמקום שהיא חיה כשרה. وقولهم מגלא כשר בריאה פסול בכוליא. מים זכים ונקב כשר בכוליא פסול בריאה. وقولهم הגלודה שנשתייר בה כסלא על פני כל השדרה כשרה، وفي الـמשנה مسطور من הלכות טרפות. ومن عيوب الـבכורות وعيوب الـכהנים مما يطول ذكره فكيف شرحه. وذكر تشريح العظام وأوجز كلام وأبين لفظ ومعنى. ومن مليح نوادرهم قالوا יצאו בני מעיה ולא נקבו כשרה. ثم قال לא שנו אלא שלא הפך בהם אבל הפך בהם טריפה שנאמר הוא עשך ויכוננך מלמד שברא הקדוש ברוך הוא כונניות באדם כיון שנהפך אחת מהם אינם יכולין לחיות. وما لهم من تفريق بين دم נדה، טהרה، وזבה، وבתולין، والدم الكائن عن قروح وبواسير وغير ذلك. وكميات أدوار الـנדות، وكذلك זיבות الذكور، والغرائب التي لهم في الـצרעת مما يغمض عن أذهاننا.