كتاب الأم/اختلاف علي وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما/باب الحج

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



باب الحج


[قال الشافعي]: رحمه الله أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله قال: الحج أشهر معلومات ليس فيها عمرة وليسوا يأخذون بذلك، ويزعمون أن رسول الله قرن الحج والعمرة في أشهر الحج، وأما نحن فروينا أن أصحاب النبي الذين خرجوا معه في حجته منهم من قرن الحج مع العمرة، ومنهم من تمتع بالعمرة إلى الحج، ومنهم من أفرد الحج أخبرنا بذلك مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (وأفرد رسول الله الحج) فبهذا قلنا: لا بأس بالعمرة في أشهر الحج وقد كان ابن مسعود فيمن شهد تلك الحجة فيما علمنا.

أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر: يا أبا أمية حج واشترط فإن لك ما شرطت ولله عليك ما اشترطت وهم يخالفون هذا، ولا يرون الشرط شيئا وأما نحن فنقول: يشترط وله الشرط لأنه موافق ما روي عن النبي أنه أمر ضباعة بنت الزبير بالشرط وما روي عن عائشة أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه: (أن النبي أمر ضباعة بنت الزبير فقال: أما تريدين الحج؟ فقالت إني شاكية فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني) أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة يا ابن أختي هل تستثني إذا حججت؟ قلت: ماذا أقول؟ قالت: قل اللهم الحج أردت، وله عمدت فإن يسرته فهو الحج، وإن حبسني حابس فهي عمرة.

أخبرنا ابن عيينة عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله أنه لبى على الصفا في عمرة بعد ما طاف بالبيت وليسوا ولا أحد من الناس علمناه يقول بهذا، وإنما اختلف الناس عندنا فمنهم من قال: يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم وهو قول ابن عمر، ومنهم من قال: إذا استلم الركن وهو قول ابن عباس وبهذا نقول أخبرنا رجل عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وبه يقولون هم أيضا فأما بعد الطواف بالبيت فلا يلبي أحد.

أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: (كانت تلبية رسول الله لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك) وليسوا ولا أحد علمناه يقول هذا فخالفوه؛ لأن تلبية رسول الله ثم المسلمين إلى اليوم زيادة على هذه التلبية والملك لا شريك لك.

أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله تنفل بين المغرب والعشاء بجمع وليسوا يقولون بهذا بل ثبت عن النبي أنه صلاهما ولم يصل بينهما شيئا أخبرنا الوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه: (أن رسول الله جمع بين المغرب والعشاء ولم يتطوع بينهما ولا على أثر واحدة منهما) وبهذا نقول: أخبرنا ابن علية عن أبي حمزة ميمون عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: نسكان أحب إلي أن يكون لكل منهما شعث وسفر وهم يزعمون أن القرآن أفضل وبه يفتون من استفتاهم وعبد الله كان يكره القرآن أخبرنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه حكم في اليربوع جفرا أو جفرة، وهم يخالفونه ويقولون: نحكم فيه بقيمته في الموضع الذي يصاب فيه، ولو يبلغ أن يكون غير جفرة لم يهد إلا الثني فصاعدا ما يكون أضحية فيخالفونه من وجهين ولا يقولون علمته في قولهم هذا بقول أحد من السلف وأما نحن فنقول به؛ لأنه مثل ما روينا عن عمر وهو قول عوام فقهائنا. والله أعلم.

كتاب الأم - اختلاف علي وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما
أبواب الوضوء والغسل والتيمم | باب الوضوء | أبواب الصلاة | باب الجمعة والعيدين | باب الوتر والقنوت والآيات | الجنائز | سجود القرآن | الصيام | أبواب الزكاة | أبواب الطلاق والنكاح | المتعة | ما جاء في البيوع | باب الديات | باب الأقضية | باب اللقطة | باب الفرائض | باب المكاتب | باب الحدود | باب الصيام | باب الحج