انتقل إلى المحتوى

قم بي فقد ساعدنا صرف القدر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر

​قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر​ المؤلف صفي الدين الحلي


قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر،
وجاءَ طيبُ عيشنا على قدرْ
فكَم علا قدرُ امرىءٍ، وما قدَرْ،
فارضَع بنا درَّ الهنا إن تلقَ درّ
وقد صَفا الزّمانُ والأمانُ،
وأسعَدَ المَكانُ والإمكانُ
وأنجَدَ الإخوانُ والأعوانُ،
وقد وفَتْ بعَهدِها الأزمانُ
يا سَعدُ، فاترُكْ ذكرَ بانِ لَعلَعِ
وعيشَةً ولّتْ بوادي الأجرَعِ
وإن تكنْ تَسمَعُ قَولي وتَعي،
فاجلُ صدا قلبي، وأطربْ مسمعي
ودعْ طوالاً عرفتْ بوسمها،
وأربُعاً لم يَبقَ غيرُ رَسمِها
واجعَلْ سرورَ النّفسِ أسنى قسمها،
وادخلْ بنا في بحثِ إنّ واسمِها
أما ترَى الأطيارَ في تِشرِينِ،
مقبلةً باديةَ الحنينِ
فريقُها نابَ عنِ الأنينِ،
إذا رنَتْ نحوَ المِياهِ الجُونِ
هذي الكراكي حائماتٌ في الضُّحى
منظومةٌ أو دائراتٌ كالرُّحَى
إذا رأتْ في القيضِ ماءً طفحا
تفرقُ في حالِ الورودِ مرَحا
يا حسنها قادمةً في وقتها،
تُغري الرّماةَ بجَميلِ نَعتِها
إذا استَوتْ طائرَةً في سَمتِها،
ترشقُها ببندقٍ من تحتِها
لو أنّهُ من فوقِها قيلَ مطَرْ
فلَو تَرانا بينَ إخوانِ الصّفا،
مُشتَهرٍ بالصّدقِ مَخبورِ الوَفَا،
لم يُغضِ في الحَقّ لخِلٍّ إن هَفَا
من كلّ رامٍ شَبِقِ اليَدَينِ،
بمُدمَجٍ مثلِ الهِلالِ زَينِ
جعدِ البَلاغِ نافرِ الكَعَبَينِ،
لو كفّ حتى ملتقَى القرصينِ
فابرزْ بنا نحوَ مرامي فاميه،
بَينَ مُروجٍ ومياهٍ طاميَه
تلكَ المرامي لم تزلْ مراميَه،
فاسمُ بنا نحوَ رُباها السّاميَه
وانظُرْ إلى الأطيارِ في مَطارِها،
واعتَبِر الجَفّةَ كاعتبارِها
إذ لا تطيرُ مع سوى أنظارِها،
فلا تضعْ نفسكَ عن مقدارِها
أو ملْ إلى العمقِ بعزمٍ ثاقبِ،
فإنّها من أحسنِ المناقبِ
فاعجبْ لما فيه من الغرائبِ،
من المَراعي وجَليلٍ واجبِ
وقائلٍ صفها برمزٍ واضحِ،
فإنّها من أكبرِ المصالحِ
والباقياتِ بَعدَكَ الصّوالِحِ،
قلتُ: تمنعْ، واعصِ كلّ كاشحِ
وإن ترد إيضاحَها للسائلِ،
بغيرِ رمزٍ للضميرِ شاغلِ
وحصرَ أسماها بعدٍّ كاملِ،
فهيَ كشطرِ عدّةِ المنازلِ
كركي وعنازٌ وأنوقٌ وتمّ،
والوزُّ واللغلغُ والكيُّ الهرمِ
ومَرزَمٌ وشَبطَرٌ، إذا سَلِمْ،
وحَبرَجٌ، وبالأنيسَةِ انتظَمَ
فستّةٌ مَحمَلُهنّ الأرجُلُ،
ثم ثمانٍ بالجناحِ تحملُ
ولا اعتدادٌ بسوى ما يحصلُ،
وصحّةُ الأعضاءِ شَرْطٌ يَشمُلُ
شرعٌ صَحيحٌ للإمامِ النّاصرِ،
قيسَ على الشرعِ الشريفِ الطاهرِ
حررهُ كلُّ فقيهٍ ماهرِ،
فجاءَ كالبيتِ الشريفِ العامرِ
يَحرِمُ فيهِ الرّمْيَ بالسّهامِ،
والشربَ في البرزةِ للمدامِ
وبيعَ شيءٍ من صروعِ الرامي،
والسبّقَ للصّحبِ إلى المَقامِ
وقائلٍ فيهِ لعلّ تسلمُ،
ومثلُها في غيرِ شيءٍ يلزمُ
أو ذا على الوجهِ الصحيحِ يفهمُ،
ثَلاثةٌ من الهِتارِ تَعصِمُ
فانظُرْ إلى زَهرِ الرّياضِ المُقبِلِ،
إذ جادهُ دمعُ السحابِ المسبلِ
يضوعُ من شذاهُ عرفُ المندلِ،
كأنّهُ ذكرُ المَليكِ الأفضَلِ
وارثُ علمِ الملكِ المؤيدِ،
إرثاً صَحيحاً سيّداً عن سَيّدِ
أطلَقَ جَريَ نُطقيَ المُقَيَّدِ،
فإنْ أفهُ فيهِ بنظمٍ جيدِ
نجلُ بني أيوبَ أعلام الهُدى،
والأنجمِ الزُّهرِ، إذا الليلُ هَدا
والسابقينَ بالنَّدى قبلَ النِّدا،
كلُّ فتىً ساسَ البلادَ، فاغتدى
المغمدو بيضِ الظُّبَى في الهامِ،
والمُشبِعو وحشِ الفَلا والهام
مرسلو غيثِ السماحِ الهامي،
ففضلُهمْ بالإرثِ والإلهامِ
يا ابنَ الذي قد كانَ في العِلمِ علَمْ،
واستَخدَم السيفَ، جديراً، والقلَمْ
لغيرِ بيتِ المالِ يوماً ما ظَلَمْ
مناقباً مثلَ النجوم في الظلمْ
أكرَمَ مثواي، وأعلى ذِكْري،
حتى نَسيتُ عَطَني ووَكرِي
وإن أجلتُ في علاهُ فكري،
ما لي جَزاءٌ غَيرَ طيبِ الشّكرِ
يا حاملَ الأثقالِ والأهوالِ،
ومتلفَ الأعداءِ والأموالِ
وصادِقَ الوعودِ والأقوالِ،
أبديتَ في شدائدِ الأحوالِ
أنلتَ باغي الجودِ فوقَ ما بغَى،
وعجّلتْ كَفّاكَ حَتفَ مَن بغَى
فقد سَموتَ في النّدى وفي الوَغى،
حتى إذا ماردُ ملكٍ نزغا
إني وإن شِدتُ لكُم بينَ المَلا
طيبَ ثناءٍ للفضاءِ قدمَلا
لم أبغِ بالمدحِ سوى الودّ ولا
إن متُّ يوماً بسِوى صدقِ الوَلا
فاسعَدْ بعيدِ فطرِكَ السّعيدِ،
مُمَتَّعاً بعَيشِكَ الرّغيدِ
في الصومِ والإفطارِ والتعييدِ،
للنّاسِ في العامِ انتظارُ عيدِ