انتقل إلى المحتوى

قرت عيون بني النبي محمد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قرتْ عيونُ بني النبيَّ محمدِ

​قرتْ عيونُ بني النبيَّ محمدِ​ المؤلف الشريف المرتضى


قرتْ عيونُ بني النبيَّ محمدِ
بالقادرِ الماضي العزيمةِ أحمدِ
بموفقٍ شهدتْ له آباؤه
أنْ سوفَ يشتملُ الخلافةَ في غدِ
جاءَتْه لم يُتعِبْ بها في صدرِهِ
همّاً ولا أوْما إليها باليدِ
سبقتْ مخيلتها إليه وأكرمَ الـ
ـنعماءِ طالعةٌ أمامَ الموعدِ
ولقد علمتُ بأنَّها لا تَنْتضي
إلاّ شبا ماضي الغرارِ مهندِ
لمّا مشَتْ فيه الظُّنونُ وأوسعَتْ
طَمَعاً يروحُ معَ العدوِّ ويَغْتَدي
وتَنازعوا طُرُقاً إليها وعْرَةً
جاءتْهُ في سَنَنِ الطَّريقِ الأقصدِ
علقتْ بأوفى ساعدٍ في نصرها
وأذبَّ عن مِصباحِها المتوقِّدِ
قَرْمٍ يضيفُ صَرامةَ المنصورِ في
قمعِ العدوَّ إلى خشوعِ المهتدى
كالنّارِ عاليةِ الشُّعاعِ وربَّما
أخفَتْ تضرُّمَها بطونُ الرِّمْدَدِ
يقظٌ يغضُّ جفونه وهمومهُ
من كلِّ أطراف البلادِ بمرصَدِ
فخراً بني العباسِ إنّ قديمكمْ
يأبى على الأيامِ غيرَ تجددِ
شرفٌ يميلُ بيَذْبُلٍ ويَلَمْلَمٍ
و علاً تعرس في جوار الفرقدِ
و هيَ الخلافةُ موطنٌ لم يفتقدْ
أطوادَهُ وشَرارةٌ لم تخمُدِ
إنْ نلتها ولكمْ لمجدك عندها
قدمٌ وكم في نيلها لك من يدِ
ودَعوك للأمرِ الجليلِ فلم تكُنْ
نَزْرَ الفَخارِ ولا قليلَ السُّؤْدُدِ
يا بنَ الّذين إذا احتَبَوْا في مفخرٍ
عصفوا بكلَّ سيادةٍ لمسودِ
الطاعنو ثغرِ الرجال وعندهمْ
أنّ المسلمَ بالفرارِ هو الردى
وإذا دُعوا لِمُلِمَّةٍ فكأنَّما
فُجِرتْ لها دُفَعُ الغمام المُزْبدِ
يفديكَ مَنْ يَغْشى بهاؤُك طرفَهُ
من كلِّ رِعْديدِ الجَنانِ مُعرِّدِ
متطاولٍ فإذا عرضتَ للحظهِ
لصقتْ أسرةُ وجههِ بالجلمدِ
للهِ درك والعجاجُ محلقٌ
والخيلُ تعثرُ بالقَنا المتقَصّدِ
و اليومُ تغدرُ بالمطالعِ شمسهُ
فيطالعُ الدنيا بوجهٍ أسودِ
ما إنْ ترى إلاّ جريحاً ينثني
ضَرِج القميصِ على طريحٍ مُقصَدِ
و البيضُ تعلمُ أنها ما جردتْ
بيديك إلاّ من حشاشةِ معتدِ
و أنا الذي ينمى إليك ولاؤهُ
أبداً كما يُنمَى إليكُمْ مَولدي
ما حاجتي إلاّ بقاؤُك سالماً
تُعلي مَقاماتي وتُدني مَشْهدي
وإذا دنوتُ إلى الرِّواقِ مُسلِّماً
أقذيتَ بي فيه نواظرَ حُسَّدي
وكسوتَ مرتبتي هناك فضيلةً
تَبقى على عَقِبي بقاءَ المُسْنَدِ
في ساعةٍ ملآى بكلَّ تحيةٍ
تَنْجابُ عن أفواهِ قومٍ سُجَّدِ
و مواقفٍ عمرَ الجلالُ فناءها
فالحسنُ فيها بالمهابةِ مُرتَدِ
لا يستطيع الكرفُ يأخذُ لحظها
إلاّ مخالسةً كلحظِ الأرمدِ
وأحقُّ مَن لبسَ الكرامةَ مُخلصٌ
ما شابَ صفوَ ودادهِ بتوددِ
أثني عليك وبيننا متمنعٌ
صعبُ المرامِ على الرجالِ القصدِ
ولَئِنْ تحجَّبَ نورُ وجهك بُرهةً
عنِّي فهاتيكَ المناقبُ شُهَّدِي
خُذْها تَقَلَّبُ بينَ لفظٍ لم يَطُفْ
نطقُ الرواةِ به ومعنى أوحد
غَرّاءَ تستلبُ القَبولَ كأنَّما
جاءتْ تبشرُ صادياً بالموردِ
واسلمْ أميرَ المؤمنين مزَوَّداً
نعماءَ موفورِ الحياةِ مخلدِ
تفنى القرونُ وطودُ ملكك راسخٌ
في خيرِ منزلةٍ وأشرفِ مقعدِ