علم الملاحة في علم الفلاحة/الباب العاشر
طلاسم دافعة وخواص أشياء مانعة
وملح ونوادر نافعة، وما يعمل به خلال السنة باعتبار
الأيام والشهور وذكر الفصول الأربعة
الطلاسم
هناك طلسم يزرع في نشوء الشجر، ويحفظ الثمر وطريقته أن يؤخذ من الإذخر البابلي والحجازي مقدار أربعة عشر رطلا ويحفر له في الأرض الندية حفرة بطالع البرج الذي فيه القمر أي برج كان في أي وقت كان، من ليل أو نهار، ويجعل ذلك الإذخر فيها، ويفرش تحته وفوقه روث البقر، ويغطى بالتراب، وبعد إحدى وعشرين يوما يكشف عنه ويترك مكشوفا للشمس، فإذا يبس يدق مع ما خالطه من الروث والتراب دقا ناعما ثم ينظر إلى شجرة قد غرست قريبا وقد نبتت أو قاربت النبات، فيحفر في أصلها قليلا وينبش جيدا، ويجعل فيه ذلك الإذخر ملاصقا لساقها، ويرش عليه الماء ويترك، فإن تلك الشجرة تنبت وتنشأ نشئوا حسنا، وتزيد زيادة ليست كالمعهود، حتى يتعجب من جودتها، وليكن الطالع برج السرطان، وفيه القمر، أو برج الثور وفيه القمر، ويعمل مثل ذلك بالشجر لا مثمر وغيره صغيرة وكبيرة.
وطلسم آخر يحدث للكروم والشجر من القوة والنضارة والجمال ما يرى عجبا، وتعالج به الأشجار الضعيفة فتفلح، يؤخذ اذخر في أول كانون الأول وينشر ي الشمس ويقلب يوما واحدا في الهواء حتى ييبس جدا، ثم يوضع في موضع ندي ويرش عليه ماء ويترك مغموما سبعة أيام أو تسعة حتى يعفن ويسود، ثم يجفف في الهواء والشمس حتى تذهب النداوة، ثم يسحق ويخلط بمثل سدسه رماد بلوط أو ما يقوم مقامه، ويلتّ بقليل من عكر زيت وتزبل به الكروم والشجر.
وطلسم آخر لاستئصال الحشائش الدغلة من الأرض، ويصنع من تراب مدافن الموتى الذي قد استحال من جثثهم، وإن وجد في خابية قديمة أو شبهها مما كان يجعل فيه الموتى قديما وقد صاروا ترابا أو من ناووس فهو أجود، يؤخذ من ذلك التراب، ويدق ناعما ويعجن بدم الناس أو العصافير وهو أبلغ ويعجن ويزاد عليه شيئا بعد شيء من زيت حتى يصير مثل الشمع ويعمل منه صورة إنسان مبسوط اليدين كالرجل المصلوب، ويتم عمله بأن يؤخذ من الشبارم بما يقدر عليه وأفضله ما كان ورقه كورق الزيتون، فيحرق ويجمع رماده، ويخلط بالتراب المذكور أعلاه الذي يعمل منه الطلسم، ويصور على أحد وجهي الصورة صورة أحد الشبارم بمداد ما على صدرها أو على ظهرها، وله طريقة ثانية أحسن وهو أن يجعل التمثال في الشمس إذا صارت في أول درجة من برج السرطان يوما واحدا أو يومين وهو أجود، ثم يؤخذ فيجعل في موضع توقد فيه النار دائما، وليكن بعيدا عنها نحو ذراعين أو ثلاثة أو أربعة بحسب قوتها بحيث لا تطبخه شدة حرارتها فتحرقه، بل يصيبه حرها عن بعد ويترك سبعة أيام، ثم ينصب على صليب من قصب قوي يكون أعلاها على هيئة الصليب، ثم تشد الصورة على ذلك الصليب بخيط صوف ثم تركز تلك القصبة في الأرض التي أضر بها أي نوع كان من الحشائش كبيرها وصغيرها فإنها رويداً رويدا تحترق وتيبس كلها بعد مضي أيام.
طلسم آخر يحفظ الكروم من الآفات ومن ضرر البرد والسحاب والرياح الشتوية وغيرها. وطريقته أن يؤخذ لوح رخام أو خشب ويصور عليه كرم فيه عنب كثير، وإن صورت عناقيد العنب كان أحسن ويكون ذلك في ثاني عشرين تخلو من كانون الآخر إلى أربع ليال تخلو من شباط في أي يوم كان منها، ويقال مركوزا في وسط الكرم، فإنه فيعل فعله ويحفظها ويكثر ثمرها.
طلسم فيرق الجراد وهو أن يعمل تمثال جرادة من نحاس توضع فيه جرادة ويسدّ بشمع ويدفن حيث يريد الإنسان أن يتفرق الجراد فيتفرق ولا تعيش جرادة في تلك الناحية.
طلسم يجتمع إليه الجراد من كل مكان وطريقته أن تصنع ثلاثة تماثيل من نحاس على هيئة جرادة كل واحدة تفتح شبرا على مثل الجراد ويجعل في كل تمثال خفاشة ويشد بشمع ويعلق على شجرة فيجتمع عليه الجراد من كل ناحية.
طلسم آخر يقضي على الحشيش الضار بالزرع وهو أن تأخذ خمسة عيدان من شجر الدفلة فينصب منها عود في وسط الحرث وأربعة عيدان في أربعة نواحي منه في كل ناحية عود فيزول النبات الضار.
طلسم فيرق الحيات وطريقته أن يصنع تمثال حية من نحاس، ويجعل فيها قرن الأيل الأيمن ويحفظ في مكان ويدخن، فإنها تهرب منه ولا تقرب ذلك المكان أبدا.
طلسم يجمع الحيات وطريقته أن يصنع تمثال حية مجوف من نحاس، ويجعل فيها قرن الأيل الأيسر ويترك التمثال في موضع ما فإنها تجتمع في ذلك الموضع من كل مكان.
طلسم يوضع على المائدة فيهرب الذباب منه وهو أن يخلط كندس حديث وزرنيخ أصفر بمقدارين متساويين فيسحقان ويعجنان بماء بصل الفار، ويعمل منه تمثال يوضع على المائدة فلا يقربها ذباب ما دام عليها.
طلسم آخر وهو أن الجارية العذراء التي آن نكاحها إذا أخذت ديكا وهي عريانة منشورة الشعر ثم طافت به حول الزرع فإنه يسلم من الآفات ويهلك الزيوان لوقته.
طلسم لطرد الفار والطير المؤذي للزروع والحبوب والفواكه وطريقة صنعه أن تصور بالأسود صور سنانير من طين أو من كاغد أو تصلب على خشب في مواضع عدة من المزرعة، فإن الفار والطير وشبهها يفر منها ولا يبقى منها شيء، وكذا إذا صيد طير من تلك الطيور ثم صلب أو علق في حبال في وسط المزرعة فإذا حركته الرياح، هرب كل طير من نوعه.
الأدخنة دخنة لطرد الزنابير والنحل والخنافس الطيارة وبنات وردان الطيارة والذباب والبق الطيار وما أشبه ذلك عن الكروم وغيرها. وطريقة صنعها يؤخذ من بصلة الفار وزنها خمسون درهم تدق في هاون حجر برفق قليلا ويخلط معها في أثناء الدق مثل وزن نصف البصلة من روث البقر مدقوقا ويطرى بخل خمر ويسحق حتى يصير كالمرهم لا ينفصل ثم يبسط على قطعة خام ويترك حتى يجف، فإذا أريد طرد شيء مما ذكر دخن به في وسط القرية أو المزرعة أو الداراق حيث كان مدة ست ساعات متواصلة فأنه لا يبقى من تلك الهوام شيء في تلك الناحية.
دخنة تطرد الجرذان البرية والفار، وطريقة صنعها ان يؤخذ وعاء من خزف كجرة ويملأ بتبن مخلوط بقطران، ثم تسد مخارج حجور تلك الحيوانات إلا مخرجا واحدا توضع عليه تلك الجرة وتخرق من أسفلها خرقا توقد فيه نار وينفخ على تلك حتى يدخن التبن والقطران فتهرب الجرذان التي في الجحر من الدخان إذا أصابها.
دخنة تطرد الحيات والأفاعي من البساتين والكروم والضياع والبيوت وذلك بالتدخين بقرن الأيل دخانا دائما. دخنة أخرى من ظلف الماعز وقرن الأيل وأصول السوسن إذا سحق ذلك مع بندق وبخر به البيت هربت منه الهوام. ودخنة تطرد الهوام وتمنع ظهور النمل من أحجرتها وذلك وهو حرق روث البقر في المكان وأن بخر بأطراف الأزادرخت هربت منه جميع الهوام وكذلك إن بخر بزرنيخ مخلوط بشحم البقر، أو دخن بقرن الظبي، وإذا بخر الكرم أو أي شجر بعظم الفيل يقربه دود، واللوز والنظرون إذا بخر به عند جحر الفارة ماتت من رائحته، وحافر البغل الأسود الأيسر، إذا بخر به هربت منه الفأرة وإذا بخر بشعر النمس مكان هربت الحيات والعقارب من ذلك المكان وإذا بخر ببزر الرشاد هربت الهوام على أنواعها وكذلك ورق الفجل، إذا دخن به يطرد الهوام وإذا افترش ورقه في موضع النمل قبل ظهورها لا تظهر والتبخير بريش الحمام وبريش الرخم يطرد الذباب، والتدخين بالخردل يطرد الهوام عن المكان، الملح والنوادر تطرد الطيور عن الشجر المقمر بتعليق أصول الثوم في مواضع شتى منه فإنها لا يقربها، وكذلك إذا طليت شجرة من نواحيها الأربع بثوم مدقوق.
ومما يطرد الخنازير والكلاب والسباع أن يطبخ الشعير مع الدفلى ويجفف ثم يعجن بماء بصل الفار ويلقى على طريق الخنازير فإنها إذا أكلت منه ماتت بساعتها. واللوز المر يقتل الخنازير والكلاب وأكثر السباع، وإن أخذ شحم ماعز ولوز مر مدقوقا دقا جيدا وطرحت قطع منه على طريق السباع فإنه تأكله وتموت، وكذا إذا دق كندس وخربق أسود وطرح للسباع وأكلته قتلها، والعنصل من خواصه أنه حيث ما وضع لا يقربه شيء من الهوام البتة كالأفاعي والحيات وغيرها وبل العنصل إذا دق ثم جعل على جحور الفأر فرائحته تقل الفأر. وإن طرح في جحور الفار رماد حطب البلوط هربت الفئران من رائحته وصارت تأكل بعضها بعضا. وإن أخذت فأرة وسلخ جلد وجهها ثم أطلقت في البيت أو في المخزن هربت منها سائر الفئران هناك. وإذا دفن حافر بغلة سوداء أو دهماء أو حافر برذون تحت عتبة باب البيت لا يقربه فأر. وإن بخر به هرب الفأر وسائر الهوام. وإن أخذت فأرة فقطع ذنبها ودفنت في أساس بيت لا يدخل البيت فأرة، وقثاء الحمار إذا دق أصله وجعل في بيوت الفيران فأي فأر شم رائحته مات بوقته. والرهج المعروف بسم الفأر لا يضاهيه شيء لقتل الفأر إذا أكله.
وقثاء الحمار إذا رش بمائه على شجرة أو زرع لا تقربه جرادة إلا هلكت، وإن أخذ من الجراد جرادة فأحرقت هرب باب الجراد من ذلك المكان، وكذلك النمل والعقارب إذا فعل بواحد منها قتل ذلك. وإذا علق رأس خفاش على الشجرة العالية عند مجيء الجراد لا ينزل بذلك المكان ودخان قرن الثور يقتل الجراد. وريش النعام إذا علق في بيت هربت منه الحيات والأفاعي، وإذا شمته غشي عليها، وإذا دق الأسارون وجعل بماء الكرم وطلي به حبل وأداره النائم على نفسه في موضع يخاف فيه من الهوام أمن على نفسه من سائر الهوام والحيوان والوحوش. وإن نقع الحنظل والعوسج ورش به موضع هربت منه الهوام، وإن دخن البيت بورق القرع هرب منه الذباب، وإذا وضعت قشور الفجل في البيت هربت منه العقارب. ودخان العقارب يقتل العقارب. وإذا خفت على موضع من برد أو ثلج أو جليد ونحوها فخذ بيدك خطافا وامسكه بيمينك ثم ارفع وجهلك إلى السماء وادفنه في وسط القرية أو حيث شئت وأنت كذلك لا تنظر إليه، فإنه لا يقرب ذلك المكان ثلج أو جليد وأن فسد أصل الشجرة من البرد وعلامته احمرار ورقه. دق الرجلة وهي البقلة الحمقاء وتطلى بها أصل الشجرة وعناقيد الكرم، ومفاتيح الإغلاق إذا شدت في حبل وعلقت حول قرية يخاف عليها من البرد انحرف عنها البرد وقلب البومة الكبيرة إذا شد في جلد ذئب وعلق على الساعد أمن واضعه اللصوص وسائر الهوام وصار لا يخاف أحدا وأصبح مهابا معظما عند الناس. ومن أراد ان يطرد الزنابير عن العنب وسائر الفواكه فليرش عليها زيتا، ومن علق على أصل الكرمة قدر شبر من جلد ضبع لا يقربه دود وأن أخذ جلد ضبع فربط على المكيال عشرة أيام ثم كيلت به الحبوب وزرعت، فإنها تأمن من الطير والدود والفأر.
والسداب البري عدو للسباع كلها، فأن جعل في برج حمام أو علق تحت أجنحة الدجاج لا يقربه نمس ولا قط. والقطران إذا قطر في قرية النمل شيء منه ماتت، وإذا سحق الوجّ وهو الأيكر بماء الكندر ورش به سقف بيت وزواياه لا يبقى فيه شيء من الهوام والذباب، ومما يطرد النمل أن يذرّ في قريتها كبريت وزيت أو يجعل على باب قريتها وطواط، وإن طليت الشجرة بمرارة بقر أو بالزيت لا يصعدها نمل، وكذا إذا دق الترمس بالكلس وطليت به الشجرة لا يصعدها النمل. ومما تهرب منه العقارب الروائح الطيبة كلها. كالعود والعنبر والكافور والمسك والزعفران. ومما يصطاد به الطير إذا أخذ بنج وأصوله ونقع في الماء يوما وليلة ثم ألقي فيه قمح وطبخ جيدا ثم يعزل القمح ويرمى به في مراعي الحجل والدلم والطير كله، فإذا أكل كنه شيئا تحير حتى يؤخذ باليد، أو يؤخذ زرنيخ أحمر فتطبخ معه الحنطة، ثم يلقى للطير، فإذا أكل منه لا يقدر على الطيران. وإن طبخ عدس بماء الكلس ثم جفف ونثر للطير، فإذا أكل منه سكر. وإن طبخ البنج والخربق بالماء ثم نقع فيه الشعير ثم جفف في الظل وطرح للكراكي وغيرها من الطير فأكلته سكرت حتى تؤخذ باليد. وإذا طبخ الباقلا بعصارة الدفلى والخل الحاذق وجعل في مواضع الطير فإذا أكلت منه عجزت عن النهوض وصيدت باليد.
وإذا أردت مما تعلم به حال السنة من حيث غلاء الحنطة ورخصة ومعرفة الأيام والفصول والشهور، فإذا كان النصف من تموز فخذ اثني عشر مثقالا من الحنطة النظيفة الخالصة، واجعلها في قارورة بحيث لا تختلط بشيء واتركها إلى الغد وزنها وانظر هل نقصت أو زادت وسمّ ذلك اليوم المحرم ثم زنها ثاني يوم وانظر هل نقصت أو زادت وسمّ ذلك اليوم صفر، ثم زنها ثالث يوم وانظر هل نقصت أو زادت وسمّه ربيع الأول وهكذا تفعل كل يوم إلى تمام اثني عشر يوما على تمام اثني عشر شهرا وهو شهور السنة، فاليوم الذي زاد فيه وزنها يزيد سعرها في الشهر الذي سميت به واليوم الذي نقص فيه وزنها ينقص في شهره سعرها.
واعلم - والله بكل شيء عليم - إن اعتبار السنة في مدخلها بكانون الثاني بحسب أيا الأسبوع، فإن دخل كانون الثاني يوم السبت، فإن الزيت والكرم يقلاّن تلك السنة بأرض الشام وتأتي رياح وييبس أكثر الزرع ويرخص الشعير، وتقل الحنطة، ويكون الشتاء قليل المطر والصفي شديد الحر. ويكثر العدس والحمص ويقع في نيسان برد وجليد، والتشرينان يكونان يابسين وترخص الحنطة في أول السنة وتغلو في آخرها، ويقل التين والفستق. وإن دخل في يوم الأحد فإن الشتاء يكون معتدلا، ويكثر المطر والعشب، ويكون الحر شديدا، والربيع كثير الرياح، ويخصب الزرع، ويجود الكرم ويتأخر القطن في خروجه، ويكثر المطر في كانون وآذار. وفي نيسان ييبس الثمر الصغير ويفسد وتكن الغلة جيدة، ويقع ريح في الشمال، ويكثر المرض في التشرينيين وإن دخل يوم الاثنين يكون الغلاء في بلاد الروم والبلاء يقع في نواحي الشرق، ويكون الزرع جيدا خصيبا ويأتي برد ورياح، وتزيد الأنهار، ويشتد البرد في كانون الثاني وشباط وتتحسن الغلة، ويكثر الزبيب والقطن، ويجود ثمر الصفي، ويكون الحر معتدلا، ويقل العسل كما يكون الشتاء معتدلا والخرفي طيبا.
وإن دخل يوم الثلاثاء فإن الشتاء يكون كثير البرد والثلج، والربيع يابسا وينقص الزرع لكن يكثر الشعير، وتجود الكروم لكن ينقص الثمر بأرض الشام إلا الزيتون والفستق. ويقل نزول المطر أربعين يوما وتزدادا الأنهار ويكثر العشب وتكون غلة الجبل أكثر من غلة السهل، وبعض الثمار يصيبها يرقان، ويغلو الشعير أول السنة، ويرخص في آخرها، ويخصب الشجر والثمر بالموصل، ويقع الموت بالغنم. وإن دخل يوم الأربعاء فإنه يلحق بالزرع جفاف لكن تكثر الفواكه ويكون الشتاء قليل البرد، ويخصب الزرع بمكة واليمن، ويكثر الحر فيهما، وتكثر الغيوم، وتقل الأمطار، وترخص الحنطة والزيت، ويكون غلاء في آخر شباط، وريح ورعود وبرق وزلال في نيسان وأيار، وتحسن الفاكهة وتنقس الكروم وتقل. وإن دخل يوم الخميس فإنها تكون سنة صالحة يكثر فيها العنب والتين ويكون الشتاء قليل المطر وتخصب الأرض وتجود الغلات، ويكثر فساد الفاكهة، ويقل العسل ويكون الحر شديدا وتهيج الرياح في التشرينين. وإن دخل يوم الجمعة، فإن السنة تكون مباركة والشتاء قليل المطر والربيع طيبا رطبا ويثمر الشجر وتفيض الأعين ويكثر المطر بنواحي الجبال، وتؤذي الرياح الأرض العالية، وتمتد انهر الشام وتزكو المراعي فيها ويصيب الشعير نقص، وتكثر في الجمال والخيل الأوجاع كما تكثر الأمطار في ناحية الروم وتزكو مراعيهم وزروعهم لكن يكثر فيها اليرقان، ويكون النيل متوسط الزيادة، وتجود تجارة القطن والزيت.
وقال دانيال: أن أردت أن تعلم ما يكون من أول الشهر إلى آخره فاعلم بأن اليوم الأول خلق الله فيه آدم عليه السلام وهو يوم جيد لالتماس كل حاجة، وللقاء الملوك والحكام، ولبدء كل صناعة، ولمشتر الحيوان والانتقال، ومن هرب فيه لحق، ومن خرج فيه مسافرا وصل سريعا، ومن ولد فيه سلم من الآفات، ومن مرض فيه شفي سريعا ومكاتبة الأخوان فيه مشكورة. وفي اليوم الثاني من الشهر خلق الله فيه حواء فهو جيد للتزويج والشركة والبيع والشراء والقرض والضمان وللقاء السلاطين واتخاذ أصدقاء والانتقال، ومن يهرب فيه يلحق ومن ولد فيه سلم وعاش سعيدا موفقا، ومن ادخل فيه ولدا في صناعة تعلم سريعا. واليوم الثالث، يوم مكر كله فاستعذ بالله من شره، ومن مرض فيه طال مرضه. واليوم الرابع ولد فيه قابيل، وهو جيد لسائر الأمور ومن أوله إلى آخره، ومن بدء فيه بزرع أو عمل أفلح، ومن نازع فيه خصمه قهره، ومن هجم فيه على أمر بلغه وسهل عليه، لكن يجب أن يتوقى آخره، ومن هرب فيه لم يلحق، ومن مرض فيه اشتد مرضه، ومن شرب دواء وافقه.
واليوم الخامس ولد فيه هابيل المقتول، فمن ولد فيه يكون صادقا، ومن مرض فيه يشتد مرضه، فأن جاوز خمسة أيام نجا. واليوم السادس جيد فمن زرع فيه زرعا بارك الله له في زراعته، ومن سافر فيه ربح، موقوف للتزويج والبيع والشركة والقرض والضمان، ومن يمرض فيه يشتد مرضه. واليوم السابع جيد لكل حاجة وللقاء الملوك وللسفر ولإخراج الدم وللشفاعة للمحبوس، ومن يهرب فيه يلحق، ومن مرض فيه خيف عليه. واليوم الثامن جيد للسفر في البر والبحر ومبارك لقضاء حاجة وللقاء سلطان، ومن مرض فيه جاوز ثمانية أيام دون أن تفارقه الحمى في الوقت الذي أخذته فيه يموت، ومن ولد فيه لا يفلح واليوم التاسع جيد لفلاحة الأرض، وللبيع، ولاسيما الحيوان، ومن سافر فيه بلغ حاجته، ومن مرض فيه يطول مرضه. واليوم العاشر فيه مرض نوح عليه السلام فمن ولد فيه كان مرزوقا لا يفتقر ولا يُلقى فيه سلطان، ومن هرب فيه يلحق، ومن مرض فيه لا تفارقه الحمى عشرة أيام ثم يموت وهو يوم جيد للصيد. واليوم الحادي عشر يوم صالح للسفر ولابتياع الحيوان، ومن ولد فيه تكون معيشته صالحة ومن مرض فيه يبرأ، ومن هرب فيه يلحق.
واليوم الثاني عشر يوم مبارك فمن ولد فيه يرزق حظا كبيرا من سلطان وجاه، ويكون كسابا وللخير موفقا، ويطول عمره، لكن يخشى عليه من الخصومة وفيه لا يقص شعر ولا ظفر ولا يغسل رأس ومن مرض فيه يطول مرضه لكنه بعد أخذ الدواء يبرأ. والثالث عشر استعذ بالله من شره، وإياك ولقاء سلطان فيه لكنه جيد للصيد، ومن ولد فيه كان مرزوقا ولا يفتقر، ومن مرض فيه يطول مرضه فإذا أخذ الدواء شفي. والرابع عشر يوم جيد فمن ولد فيه يكون حسن الخلق والخلقة، ويكون طالعه قويا، وهو جيد للقاء الملوك، ومن هرب فيه لم يلحق، وهو جيد للتزويج. والخامس عشر يوم صالح لكل شيء إلا للسفر والبيع والشراء ومن ولد فيه ينكب لكن يكون له ثناء وذكر، ويكون أخرس، ومن هرب فيه يلحق، ومن ناظر خصمه غلبه، ومن مرض فيه يخشى عليه من الموت ويطول مرضه. والسادس عشر من سافر فيه هلك ومن ولد فيه ربما يكون مجنونا، ومن هرب فيه يلحق، ومن مرض فيه لا يخاف عليه ويبرأ بالدواء، وهو جيد للزرع والعمارة والتجارة.
والسابع عشر، يوم جيد لكل حاجة، مبارك أوله، ومن ولد فيه لا يفلح، ومن هرب فيه يلحق ويقع في شدة عظيمة، ومن مرض فيه لا تدعه الحمى ويكون موته أقرب. والثامن عشر يوم جيد للسفر في البر والبحر ولكل حاجة وسبب، ومن له خصم ظفر به وردّ الله عنه كيده ومن ولد فيه طال عمره وعاش سعيدا موفقا. والتاسع عشر يوم مبارك طالعه جيد لكل حاجة ومن ولد فيه كان ميمونا. والعشرون من سافر فيه يلقى الخير الكثير والنجاح ويكون محبوبا، ومن مرض فيه نجا. الحادي والعشرون من الشهر يوم جيد لقضاء جميع الحاجات ومن سافر فيه سلم وغنم، وهو يوم محمود العاقبة، ومن مرض فيه كان عليه خطر، فإن مرت عليه سبعة أيام نجا، ومن هرب فيه لا يلحق، وما ضاع فيه وجد. والثاني والعشرون يوم رديء مذموم لا خير فيه، فاستعذ بالله من شره وألزم فيه بيتك ولاتبع فيه ولا تشتري، ومن مرض فيه طال مرضه وأحاط به الخطر، ومن يهرب فيه يلحق، وما ضاع فيه يوجد.
والثالث والعشرون يوم جيد للقاء السلطان، ولقضاء الحاجات وللسفر والتزويج، ومن ولد فيه كان حسن الخلق والخلقة، صادق اللهجة، ومن مرض فيه طال مرضه، ومن يهرب فيه يلحق. والرابع والعشرون يوم جيد لقضاء الحاجات والسفر والربح والشركة والضمان وسائر الأعمال وللقاء السلطان، ومن سافر فيه نجا وغنم، وهو يوم محمود العاقبة. والخامس والعشرون يوم نحس فاستعذ بالله من شره وأحذر منه، ولو أمكنك أن تختبئ تحت الأرض حتى ينقضي فافعل، ومن خاصم فيه انتصر عليه عدوه وظفر به، ومن يهرب فيه يقتل أو يأكله السبع، ومن مرض فيه طال مرضه حتى يشرف على الهلاك ويبقى في خطر مدة إحدى وعشرين يوما. وهذا اليوم ولد فيه فرعون ومن ولد فيه يكون رئيسا. والسادس والعشرون يوم نحس كذلك كفاك الله شره وشر ما يحدث فيه، ففيه ضرب الله أهل مصر بسبع آفات، ومن مرض فيه يقع من موضع عال، ومن يولد فيه يكون شديد الإحساس. والسابع والعشرون يوم جيد للسفر ومن ولد له فيه ولد كان مرزوقا، وهو صالح لقضاء الحاجات وفيه ضرب موسى عليه السلام البحر فانفلق، ومن مرض فيه كان أكثر وجعه من ركبه، وإن مرت عليه سبعة أيام نجا.
والثامن والعشرون يوم جيد للبيع والشراء لا سيما الحيوان ولا يصلح لاستئجار العمال، ومن مرض فيه ومرت عليه ثلاثة وعشرون يوما نجا، ومن ولد فيه يكون موفقا للخير، ومن لقي فيه السلاطين قرّت عينه ومن ينازع فيه غريمه يلقَ منه خيرا كثيرا. والتاسع والعشرون يوم نحس كفاك الله شره، ومن مرض فيه واجتاز تسعة أيام نجا، ومن هرب فيه لم يلحق، ومن ولد فيه طال عمره، ومن ينازع فيه غريمه يلق منه الخير الكثير. والثلاثون يوم جيد لقضاء سائر الحاجات ومن ولد فيه يستغني آخر عمره ويكون صادق اللهجة، ومن مرض فيه لا خوف عليه وينجو من مرضه والله أعلم بغيبه وأحكم.
بيان الفصول الأربعة
فصول السنة الشمسية وكل شهر بالسريانية والعجمية والفارسية وما في كل شهر من أعمال الفلاحة، وما جرت به العادة من زيادة ونقصان، ونزل الغيث والثلج والجليد، وما لكل فصل من البروج والمنازل، وما يصير من خواص الفلاحة، وكل أمر عين في شهر متى نفذ في غيره لم تظهر له منفعة كما لو نفذ في ذلك الشهر.
فصل الربيع
فيه خلق الله الخلائق، وهو ثلاثة أشهر، وله ثلاث بروج وهي: برج الحمل والثور والجوزاء، وله سبع منازل، وهي النطح والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع أوله ساعة نزول الشمس للحمل، وذلك في الثالث عشر من آذار بالسريانية والرومية واسمه مارس بالعجمية، ومردادماه بالفارسية، وبرمهات بالقبطية، عدد أيامه واحد وثلاثون يوما، وفيه يتساوى الليل والنهار ثم يأخذ النهار في الزيادة والليل في النقصان، ويبدأ فيه بفلاحة الأرض ويقلب ما تحت الأشجار وتبقى أصولها وفيه تشذب الكروم وتقطع قضبانها وتنوّر فيه، ويذكَّر النخل، ويعقد الفول، وتزرع القطاني، وقد يزرع فيه القمح والشعير إذا توقف الغيث فيما قبله، ويظهر في أول الورد والسوسن الكسروي، وفيه يجمع الجلنار وتركب الكروم قبل طلوع الأغصان من العيون النابتة فيها، ويزرع الاسفيناخ المتأخر وبزر الخيار الباكر والحمص المقاتي والقطن والعصفر والريحان والحبق والمردكوش. وشهر نيسان ويدعى أبريل بالعجمية وبرماه بالفارسية وبرمودة بالقبطية أيامه ثلاثون يوما، وهو زمن الورد، وفيه يخرج ماؤه ويصنع شرابه ودهنه فيه وفيه يعقد التين، ويؤكل الفول والحرشف، وتزيد مياه العيون، وفي سادسه أول نوء السَّماك وهو ثالث الأنواء المباركة، وفي خمس بقين من آخره مطر نيسان إلى خمس تمضي من أيار، وفيه يدرك اللوز وتنعقد الثمار، ويحصد الشعير الباكر، وتؤكل فيه الحنطة، ويجف العشب، ويغرس فيه الباذنجان وقضبان الياسمين، وتضرب فيه أوتاد الأترج، وتزرع الحنَّاق والأرز واللوبياء والخيار والتفاح ويدرك النخل، ويقلَّم سعفه، وتطلق فحول الخيل على الإناث بعد تمام وضعها. ومدة حملها أحد عشر شهرا. وتكون الفحول مع الإناث سبعين يوما، أولها ونصف نيسان، وآخرها يوم العنصرة، وهو الرابع والعشرون من حزيران.
وشهر أيار بالسريانية وهو مايو بالعجمية، ومهرماه بالفارسية، وبشنش بالقبطية، وعد أيامه واحد وثلاثون يوما وفيه يبدأ سكان الساحل بالحصاد، ويقلع فيه الفول والكتان، ويظهر فيه زهر السوسن، وباكورة الثمار، كالتفاح والأجاص والتين، ويعقد الزيتون والعنب، وتنقص فيه المياه، وتسقى فيه الأشجار كلها إلا التين، وتحفر الكروم الحفرة الثالثة، لأن الأولى في آذار، والثانية في نيسان، وفي أول يوم منه تطلق فحول البقر على إناثها وتترك معها أربعين يوما، وحمل البقر أحد عشر شهرا، وفيه يغرس بصل الزعفران.
فصل الصيف
له من البروج: السرطان والأسد والسنبلة، وله سبع منازل، النثرة، والطرفة، والخرثان، والصرفة، والعوا، والسماك. وأوله وقت نزول الشمس برج السرطان، وذلك في الثالث عشر من حزيران بالسريانية وهو يونيو بالعجمية، وأبار ماه بالفارسية، وبون بالقبطية، وعدد أيامه واحد وثلاثون يوما، وفيه ينتهي طول النهار وقصر الليل، ويأخذ النهار بالنقصان والليل بالزيادة، وفيه المهرجان الذي يسمى العنصرة ويقع في الرابع والعشرون منه، وفيه يطيب العنب المبكر والتين وبعض التفاح والأجاص ويعقد الجوز والصنوبر والفستق، ويظهر البطيخ، وفي منتصفه يحصد القمح وتجز أصواف الضأن، وتطلق الكباش الفحول على إناث الضأن وتطلق التيوس على إناث المعز. وقال أهل التجربة إن ما زرع وحصد يوم العنصرة لا يسوس، وفيه تشق أصول الكرم وتنقَّى من العشب وبذلك تعظم عينه، ويسرع إدراكه، وتقوى شجرته، والشق هو الحفر الخفيف.
وشهر تموز واسمه يوليو بالعجمية وايدرماه بالفارسية واييب بالقبطية، أيامه واحد وثلاثون يوما، فيه تطيب الكمثري والعنب، وينضج البطيخ، وفي صدره تذهب البراغيث، وفيه أيام السموم الصيفية وهي أربعون يوما، أولها الحادي عشر منه، ويجمع فيه بزر القرطم والخطمي والريحان والخس والحبق والبطيخ والقثاء والخيار وما أشبه ذلك. وفيه يدرك الرمان ويحمر البسر، ويقطع القصب القبطي، وتمشق أصول الزيون وغبار ذلك المشق نافع لثمرها، ويكون قبل طلوع الشمس أو مع طلوعها، أو بعد ساعة من طلوعها فإن التراب يكون حينئذ باردا وتطمر به شقوق الأرض لئلا يصل الحر منها إلى أصول الأشجار، وينبغي أن لا يغرس فيه شجر ولا يزرع فيه بزر لإفراط الحر فيه.
وشهر آب اسمه أغثت بالعجمية وديماه بالفارسية ومسرى بالقبطية، وعدد أيامه ثلاثون يوما، فيه بقية أيام السموم الصيفية، وهي عشرون يوما من أوله، وفيه يبدأ نزول الندى وينكسر الحر، ويبرد الليل في آخره، ويجمع فيه اللوز، وقيل ما يقطع من الخشب بعد ثلاثة أيام منه لا يسوس، ويؤكل فيه الخوخ الأملس ويبدأ فيه الرطب والعناب بالنضج، ويحصد الأرز ويعقد البلوط، ويجمع الخروب، وبزر القرطم، وبزر النيل، والكزبرة، والسمسم، وبزر البطيخ، والقثاء والخيار، والأحباق، وإن أبطأ نضج العنب فيه يغبر فإن جميع الأشجار ينضجها الغبار الذي عليها، وتمشق فيه أصول الزيتون، فإن غبار الشق يسرع في إدراكها، وهو أجود لدهنها، ويزرع فيه اللفت المدحرج والطويل من أوله والخيار المتأخر.
فصل الخريف
له من البروج الميزان والعقرب والقوس، وله سبعة منازل: الغفر والزبانا والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة، وأوله يوم نزول الشمس برج الميزان، وذلك في الخامس عشر من أيلول واسمه استنبر بالعجمية وبهيماه بالفارسية وتوت بالقبطية، وهو ثلاثون يوما وفيه يعتدل الليل والنهار ثم يأخذ النهار في النقصان والليل في الزيادة، وفيه يغطى شجر الأترج والياسمين والموز والريحان والليمون والقلقاس والنارنج وشبهها لئلا يؤذيها البرد والثلج والجليد، فيصنع لها قبات تكون عليها مدة البرد إلى منتصف آذار أي مارس والى نيسان، فينزع عنها، وفيه ينضج الخوخ والرمان والسفرجل، ويسوّد الزيتون، ويطيب القسطل والبلوط والمشتهى، ويفرط الجوز، ويجمع الصنوبر والعناب، ويظهر بعض الهليون وفيه يبدأ بالحرث والزرع بعد نزول الغيث في بعض البلاد، وتجمع الكراويا والكمون واللوبياء وبزور الأحباق والأرز والكزبرة، وتقلع الحناء وفيه ترسم الحدائق التي تحتاج إلى التركيب ليركب منها،، وربما يركب فيه كثير من الثمر في قليل من الكروم، وفيه يدرك النبق والباقلاء، ويزرع القطن والاسفاناخ والثوم البلدي، وينقل الكرنب والسلق المتأخر والخس والبصل من أوله إلى كانون الثاني.
وشهر تشرين الأول وهو أكتوم بالعجمية واسنندارماه بالسريانية وبابه بالقبطية، وأيامه واحد وثلاثون يوما فيه يستحكم البرد ويتراضع الغنم، ويكثر اللبن، ويجمع بزر الرازيانج والأنيسون، وبزر البصل، ويجمع الزعفران والبنفسج والفستق وحب الزيتون الأخضر للأكل قبل أن يجري فيه الزيت ويعصر، وتغطى أصول الأترج بورق القرع ورماده في البلد الباردة وقيل ما يقطع من الخشب بعد ثلاثة أيام منه لا يسوس، وتقطف الأعناب في البلاد الباردة، ويلقط في أول الزيتون في بابل. ويعتصر زيته وفيه يجرد النخل ويقطع القصب الفارسي وتخرج الكمأة ويزرع الثوم الكبير ويقلع للأكل في آذار ونيسان، وبعده يزرع الأسفيناخ من أول إلى أيار، وتزرع البقول.
وشهر تشرين الثاني وهو برماه بالعجمية وفيردين ماه بالفارسية وهتور بالقبطية عدد أيامه ثلاثون يوما، يزرع فيه القمح والشعير والفول والكتان وما يزرع فيه يتوالد وتكثر بركته، ويستحب ابتداء الزراعة فيه من منتصفه إذا نزل الغيث، ويوم الثالث عشر منه نوء الثريا فتمسك الأرض فيه برأسها وقيل لم يجتمع قط مطر الثريا في تشرين الثاني ومطر الجبهة في شباط ومطر السماك في نيسان في سنة إلا كثَّر الله تعالى خيرها وبركاتها. وفيه تفرخ النحل ويجمع البلوط والقسطل وحب الآس وقصب السكر، وفيه يقع جليد وتزبل الأشجار الخضر لئلا يحرقها الجليد، وفيه يجمع الزعفران وبعر المعز فيه كبير، والكسح فيه يغلظ الأغصان ويكثر فروع الجفان وتكون فيما بعد ذلك أكثر ثمرا، وفيه يبكر غرس الكرم في المواضع الحارة، وقيل إن الشجر ينام نوما ثقيلا فيما قبل هذا الشهر بعشرة أيام وفيما بعده إلى آخر كانون الأول، فإذا نامت الأشجار فلا تكسح ولا يلقط منها حمل إى أن يكون بقي على بعضها بقية فيلقط منها بغاية الرفق، خلا شجرة الزيتون وحدها، فإنه يقويها ويشدها ولا يضرها لقط حملها في ذلك الوقت، وفيه يشتد البرد والثلج، ويهرب الطير كالزرازير والخطاطيف والرخم وغيرها. وهذا شهر الزرع، والغرس، وفيه يسكن الماء عروق الشجر فيسقط الورق، ويغرس الخس البلدي ذو الأوراق الحادة ويؤكل في كانون الثاني.
فصل الشتاء
له من البروج الجدي والدلو والحوت. وله سبع منازل، سعد الذابح، وسعد له، وسعد السعود، وسعد الأخبية، والفرعان المقدّم والمؤخر، والبطين. أوله يوم نزول الشمس برج الجدي وذلك في الثالث عشر من كانون الأول وهو دجنبر بالعجمية وبهرماه بالفارسية وكيهك بالقبطية، وهو واحد وثلاثون يوما، وفيه ينتهي قصر النهار، ويأخذ الليل في النقصان والنهار في الزيادة وفيه سموم البرد، وتسمى الليالي السود، وهي أربعون ليلة، عشرون من الحادي عشر إلى آخره، وعشرون من أول كانون الثاني، وفي كانون الأول يطيب الأترج، ويظهر النرجس والبهار، وينوّر اللوز الكبير، وفيه تزبل الشجر والكروم، وإذا زرعت فيه الباقلاء جادت ونجحت لأن هذا الشهر يوافق طبيعة الباقلاء موافقة عجيبة، وليكن من أوله، فإنه يلحق زرع ما قبله، ويسمد فيه الشجر المثمر ويزرع بزر الكراث، ويخدم سنة، ثم يقلع للأكل وكذلك الثوم، ويزرع فيه الخشخاش الأبيض.
وشهر كانون الثاني وهو بالعجمية ينيرا ردبهثتماه وبالقبطية طوبه وأيامه واحد وثلاثون يوما، وهو أول تاريخ السنة العجمية، وبعد عشرين يوما تخرج الليالي السود في الأربعينات، وفيه تسكن الرياح ويجري الماء في العود، وتنقل فيه صغار النحل، ويزرع القمح والفول، وما يزرع فيه من البزور ولا يولد، وكذا في شباط، وفيه ينور اللوز، ويظهر النرجس، وفيه يعمل السكر، ويجمع الأترج والنارنج والليمون، وفيه يجمد الماء ويشتد البرد وتشذب الكروم وتنقى البساتين من الدغل والحشيش، وفيه تطول فروع الشجر وتتزاوج العصافير، وتنق الضفادع ويقال إن قطع الخشب في السابع والعشرين منه لا يسوس، ويبدأ فيه بقلب الأرض وتحضيرها للأشجار وزرع القطن، ويكشف التراب عن أصول الأشجار، ويفرق الزبل في مواضعه ويبدأ فيه بكسح الكروم بعد مضي ثلاث ساعات من النهار إلى مثل ذلك من آخره، ويطعَّم فيه البندق والخوخ واللوز والخروب وشبهها في البلاد الحارة، والتفاح الشديد الحموضة، ويقلع الدغل فيه وفي شباط أيضا عند نقصان القمر وذلك من السابع عشر إلى آخر الهلال، وفيه تزرع البزور كالباذنجان والخس والقنبيط والاسفاناخ والرجلة الكبيرة وحب الثوم والبصل والكراث والكتان.
وشهر شباط وهو بالعجمية خرداماه وبالفارسية واردماه وبالقبطية امشير، عدد أيامه ثمانية وعشون يوما وربع يوم، وفي الثالث عشر منه يبدأ نوء الجبهة وهو أحد الأنواء الثلاثة المعلومة البركة، وقالت العرب ما امتلأ وأدمن نوء الجبهة إلا أمتلئ عشبا، ويبدأ فيه بتحضير الأرض لزرع الكتان البعل وفيه ينكسر البرد ويخرج الدفء من الأرض، وفيه تحضن النساء دود الحرير، ويفرخ النحل، وتأخذ الأرض ريَّها من الماء، ويزيد ماء الآبار والعيون والأنهار، ويجري الماء في العود وما يزرع فيه من الحبوب ويغرس من الأشجار والكروم ثمره كثيرا وفيه ينبت العشب ويورق الشجر، ويغرس الورد والسوسن وبعض الرياحين ويورق الكرم ويزرع اللفت المدحرج الربيعي ويؤكل في نيسان وأيار.