علم الملاحة في علم الفلاحة/الباب التاسع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​علم الملاحة في علم الفلاحة​ المؤلف عبد الغني النابلسي
الباب التاسع - في أنواع الحبوب المستعملة



الباب التاسع

في أنواع الحبوب المستعملة


وما يجعل منها خبزاً وكيفية زرعها وبعض خواصها

وأنواع الرياحين وباقي المزروعات

فالقمح أفضل أصناف الحبوب وأقربها إلى الاعتدال، إلا أنه أميل إلى الحرارة وهو معتدل الرطوبة واليبوسة، والقمح المسلوق حار رطب، ينفع الأبدان المتخلخلة، ويزيد في قوة البدن ويغذي كثيرا ولا سيما، إن طبخ مع اللحم، فإنه حينئذ يشد البدن ويزيد في قوته زيادة بيِّنة ويفيد أصحاب الكد والتعب والحساء المتخذ من دقيقه وماء الكشك المعمول منه نافعان من السعال وأمراض الصدر وقروح الرئة. والسَّويق المتخذ من القمح ما كان نقيعا فإنه يبرد ويطفئ الحرارة ويسكِّن العطش إذا شرب بالماء البارد بعد أن يغسل بالماء الحار مرات لتذهب عنه رياحه. وأجود سويقه المعتدل الغلي، وهو حار يابس في الأولى، وينفع الحشا الرطبة وهو بطيء الهضم كثير النفخ. وينبغي أن يغسل بالماء الحار ويضاف إليه السكر. والنشا مزاجه بارد، وغذاؤه أقل من غذاء سائر ما يعمل من القمح، وأبطأ هضما لغلظه ولزوجته، ولذا فإنه يولد الانسداد في الكبد والكلى وهو أحسن غذاء لمن به سعال من خشونة الحلق وقصبة الرئة والصدر ولا سيما إذا عمل منه حساء بالسكر ودهز اللوز، والأطربة باردة رطبة عسرة الانهضام تولد خلطا غليظا لزجا لأنها متخذة من عجين فطير، وغذاؤها قليل لكنها تنفع من السعال وخشونة الصدر والرئة وأوجاعها إذا خلطت بدهن لوز وزبد وهي لا توافق انسداد في الكبد وغلظ الأحشاء وتصنع ممزوجة بالفولنج والزنجبيل والصعتر.

والنخالة فيها حرارة فإذا صنع من مائها حساء مخلوط بدهن اللوز والسكر نفع معه سعال ورطوبة في الصدر، والرئة أو ورم في الحلق وإن ضمدت به المواضع التي فيها الريح أخرجه. وأما الخبز من القمح فهو أصناف كثيرة، وأجوده المطحون في رحا الماء، فإنه خير من المطحون في رحا البهائم، وأجود الخبز ما كان من قمح جيد نقي أحكم تحميره وملحه ونضجه في التنور، وما كان من حنطة كثيفة أكثر غذاء مما كان من حنطة رخوة. وأبطأ هضما ما اتخذ من لباب الحنطة، وهو يولد الانسداد إلى الإمساك. وأقله غذاء ما اتخذ من حنطة نزع لبابها. والخبز من الحنطة الجديدة يسمِّن بسرعة، والقريب العهد بالطحن يحبس البطن، والقديم يطلق البطن. والخبز الحار يعطش لحرارته، ويشبع بسرعة. والخبز العتيق اليابس يعقل البطن، وخبز الفطير إذا جعل في الماء رسب، والمختمر جدا يطفو، والمتوسط لا يغرق ولا يطفو، وأصلحه ما كثر ملحه ونضجه. والخبز المطبوخ كان يختاره بعض الملوك، وهو أن تأخذ قدرة جديدة يجعل فيها العجين وهو لين جدا ويوضع القدر في تنور ناره هامدة ويطبخ حتى ينضج وهو أسرع هضما وأكثر غذاء. وإن عجن بماء الخمير المنقوع فيه زبيب وخلط مع العجين زيت ودهن لوز كان خبزا ولا ألذ وهو الخبز الذي بالغ حكماء الفلاحة الأقدمون في مدحه وكثرة منافعه، وإنه إذا أدمن عليه إنسان قوي جسمه بحيث لا يعرض له شيء من الأمراض ولا يفسد في معدته طعام ذكروا له منافع كثيرة أخرى. وخبز الثوم ينفع من لدغ الحيات ويخرج الرياح ويحسن اللون ويطول عمر آكله، وطريقته أن يؤخذ أربعون جزءا من الدقيق عشرها دقيق شعير، والباقي دقيق حنطة، ويطرح عليها جزء واحد من الثوم المسلوق والمدقوق في هاون حتى يصير كالمخ وثم يعجن بالملح والبورق وهو أجود ثم يخبز ويؤكل وقد ذكروا من منافعه ما يشبه العجائب. وأما الشعير، فأجوده الجديد الأبيض الكبير الحجم، وطبعه بارد يابس في السنة الأولى من عمره. وقيل في الثانية، وغذاؤه أقل من غذاء القمح، وخبز الشعير بارد يابس وهو يولد الرياح، ويجفف الطبيعة ويعقلها، فيؤكل مع الأشياء الدسمة كالسمن والزبد ومرق اللحم والأشياء الدهنية. وأما الأرز فقيل إنه ضرب من الحنطة شديد البياض، ينبت في الماء لأنه لا يروى قط، ولا يؤكل الأرز مع الخل أصلا، ولا مع طعام فيه، لأنه يضر جدا. وهو بارد في سنته الأولى يابس في الثانية، وقيل معتدل ويحبس البطن، والأرز يزيد في نضارة الوجه، ويخصب البدن، ويري أحلاما طيبة ويضر بأصحاب الفولنج، ويصلحه اللبن الحليب والدهن.

وأما الحمص فأنواع، أبيض وأحمر واسود، وإن أردت أن يكبر الحمص ويجود فانقعه قبل أن تزرعه بيوم في ماء ساخن قليل الحرارة حتى ينبت، ثم ازرعه في أرض ندية، وتوافقه الأرض السنجة، فيخرج نباتا قويا جدا. والحمص الأبيض يورث أكله السرور وسكون النفس، وإذا جعل معه عند طبخه خردل فإنه ينهرّى إنضاجا. وزرع الحمص مع قشوره أجود. ومن خواصه أنه إذا سحق وخلط بالصابون أو بالملح وغسل به ثوب فيه أثر دم أزاله، والحمص بطيء الهضم جدا، وإصلاحه تكثير ملحه. والفول وهو أنواع: بجائي أسود غليظ، ومصري احمر غليظ، وشامي أبيض غليظ، وهو يقطع رائحة الثوم من الفم إذا أكل بعده، وإذا أكلته الدجاج انقطع بيضه وكثر ألبان الغنم إذا اعتلفته. والعدس ويسمى البلس، يزرع سقيا وبعلا، وإذا دلك بروث البقر قبل زرعه أسرع إنباته وعظم. ومن خواصه إذا زرع مع البزور كلها مخلوطا بها، فإن الآفات تنزل عليه وتسلم البزور التي زرعت معه، وهو يصبر على العطش ويسكِّن حدة الدم، ويقوي المعدة، وماؤه ينفع مع الخوانيق، ويضر أصحاب عسر البول كثيرا. ويمنع إدارا البول والحيض، وقيل من يأكل العدس لا يزال مسرورا يومه ذلك.

والجاروس وهو الذرة تزرع سقيا وبعلا وهي بيضاء وسوداء، وتزرع يف أيار ولا تسقى في أول نباتها وتزرع في البعل في آذار ونيسان. والذرة الصيفية تحتاج إلى سقي كثير متتابع قريب من سقي الأرز وأكلها يورث العطش كالأرز. والدخن يسمى جاروس ويزرع سقيا وبعلا، وهو أنواع، أبيض غرنوفي وأحمر وأسود، وزرعه من عشرين آذار إلى آخر نيسان وهو يحبس البطن ويدر البول، ولكنه يولد الانسداد والحصى، ويصلحه السكر والعسل. والكرسنة تزرع في البعل في آذار ونيسان، وتعلف بها البقر فيكثر لبنها، وقيل كل ذوات الأربع، وتوافقها الأرض اليابسة الصلبة، وتفسد في الأرض اللينة والرقيقة والضعيفة وتصبر على العطش. والجُلَّبان ويعرف بالجلبان الأعرج، لأن من خواصه المذمومة إذا رقد عليه إنسان وهو محصود قبل الدرس أو على تبنه وعرق عليه أو تحته، فإنه يعرج لا محالة ومن أنواعه الششلق والبسلة، والماشُ المدحرج ذو الحب الكبير ويسمى المج لونه أزرق، ورقه كورق الفول، وهو قريب من الباقلي، وزرعه في شباط وفي كانون الأول، وإن خلط بزرق الحمام كان أسرع لإنباته ونضجه، ويسقى عند زرعه مرة واحدة تغنيه عن سائر السقي، أو يسقى مرة أخرى إذا ظهر نواره ويقال إذا أكله إنسان لا يزال مسرورا ذلك اليوم. والششلق نوع من الماش أصغر حبا وأطيب طعما، ويزرع على السقي في كانون الثاني وشباط، ويسقى مرة واحدة بعد نباته، والبسلة نوع منه اصغر حبا، وورقه كالكرسنة. والماش الهندي وهو القلفا ويسمى الكثيري، وهو أكبر من بزر الكتان، ولونه أغبر، ويفتت حصى الكلى، ويدر البول والحيض.

واللوبياء ويقال لوباء وهي اثنا عشر نوعا: عاجية، وهي المعروفة بالمغرب، وشامية لون الحنطة، وعراقية وهي سوداء، وياقوتية وهي حمراء، ولكية وهي حمراء إلى سواد، وعقعاقة مجزعة بسواد وبياض، وفخارية حمرتها كالفخار، وصينية سوداء مفرطحة أصغر من الترمس، وشتوية، وصيفية، وشركية قدر حبة الزيتون السوداء، وصقالبية قدر الزيتون بيضاء، وخشبية قدر بيض الحمام مجزعة، ورومية قدر العناب بيضاء مائلة إلى صفرة، ولا تخرج برية البتة، بل تزرع سقيا في آذار ونيسان ولا تزبل، فإنها لا تتحمله، ولا تتحمل الماء الكثير، ويكون بين الحبة والحبة عند زرعها مقدرا شبر عرضا ومقدار ذراع طولا، ولا تسقى حتى تنبت فإن تأخرت عن الحمل، قطع عنها الماء. وقد تزرع في السنة مرتين، مرة في الربيع ومرة في الصيف. وما زرع في الصيف أسرع نموا، وحبه ألطف ورطوبة الماء أنفع لها من سقيها بالماء، ولا تؤكل نيئة البتة، فإنها تورث الصداع، وتطبخ بالماء العذب حتى لا يبقى عليها إلا القليل منه وتؤكل مع الخبز بعد أن يذر على الحب القليل من الملح ثم يشرب ماؤها بعد الأكل فإنه يزيل الإسهال الحاد، ولا يعرف في إزالته أبلغ من اللوبياء المطبوخة كما إنها تنفع المعدة.

والسمسم ويسمى الجلجال، ووقت زراعته آذار ونيسان يزرع بعد وقت ابتدائه بالترويس، ثم يقطع الماء عنه لتفحيله، وإذا قل إيناعه كثر حمله وإن اشتد إيناعه قطعت أطرافه بقضيب فتقل المادة الموجودة ويجمع جوزه بالغداة إذا تفتح وظهر قطنه وفيه بعض رطوبة ويكون ذلك في شهر أيلول، ويستر عن الشمس لتبقى فيه نداوة، ويزال قطنه في الظل باللقط بأصابع اليد برفق، ثم يجفف القطن بالشمس ثم يرفع. ويزرع في القيعان والجزائر ويجود في الأرض ذات التربة الحمراء أو السواد السليمة من الملوحة وهو سريع النمو والعطش يضره حتى يكاد يهلكه، وإن عطش عولج برش الماء على قضبانه وورقه وألقي على سيقانه الزبل المعفن المصنوع من روث البقر وورق القرع وتبن الباقلاء وورق السبستان.

والفصة وهي القضيب والرطبة وتسمى إذا جفت ألقتّ والعلف، وأجودها الخضراء ذات المالس وقد تعمر نحو عشرين سنة لكنها تحصد كل عام إذا أينعت، وإذا سقيت عادت فنبتت لأنها تحب الماء كثيرا. وموعد زرعها في النصف الأول من شباط ويعلف بها الخيل وجميع الدواب، وزيت بزرها أنفع شيء للرعشة. والبرسيم، ويسمى القرط، وموطنه مصر، وتألفه الأفيال والمعز، كما أنه علف للخيل وغيرها، ولا يحصد إلا مرة واحدة ثم يجدد زرعه كل عام، ويؤخذ بزره كغيره بعد أن ينضج. والخشخاش، منه الأبيض والأحمر والأزرق والأسود وغيرها من الألوان المختلفة، وزهره أبيض وأحمر وغير ذلك يزرع ويزبل بزبل عفن وزرعه من أول كانون الثاني إلى شباط، ويحرك مع الأرض ويسقى دون إسراف مرة أو مرتين، فإذا نبت يقطع الماء عنه، ويسقى مرتين في الأسبوع ويزرع في الأرض التي يخالطها رمل وفيها رطوبة وإذا أخذت واحدة بما فيها من البور ودفنت في التراب الندي، ينبت منها أصل كبير منبسط تتفرع منه قضيب كثيرة، والأبيض قد يطحن ويخبز فإذا أكل مع الحلو كان غذاء للبدن ولكن يمنع عن الشيخ بالمرة وكذلك عن البارد المزراج، وكثرة أكله تثقل الرأس وتكثر النوم، ولا يقرب البري منه بحال من الأحوال فإن فيه سما، وإذا جفت عصارة الخشخاش الأسود المصري في الشمس كانت كالأفيون، وأجوده الكثيف الثقيل المر ذو الرائحة القوية السهل التحلل في الماء الحار كما ينحل في الشمس ولا يظلم السراج إذا شعل منه ويكون هشا، وأما الأصفر الضعيف الرائحة الذي يصبغ الماء الصافي فإنه مغشوش، ويغش بالماميتا أو بالصمغ وهو البراق. الأفيون بارد في الرابعة، يابس في الثالثة. وقيل في الرابعة يكون مخدرا مسكنا لكل وجع طلاء وشربا، والشربة منه قدر عدسة ولا يزاد على دانقين إذا أخذ منه درهمان يف البرد قتل، ودرهم يبطل إذا شرب وحده.

والفوّة تزرع بعلا وسقيا وهي ثلاثة أصناف، صنف نواره أصفر وهو الأكبر، وصنف نواره أبيض وورقه دقيق، وهو قليل، وصنف صغير دقيق الورق لا يعلو أكثر من إصبع وثمرته صغيرة اسمها نجوية وهي التي تصبغ بها الثياب وتنبت في البساتين وغيرها وتزرع بزرا أو عروقا أو أغراسا وتوافقها الأرض الرخوة والخصبة، والماء الكثير ينفعها لكن لا بد من حرث الأرض مرات وتزبيلها قبل زرعها وموعدها في آذار. ويزرع بزر الفوة كالحنطة، وتنبش إذا صارت طول صابع، وتُعطش حتى يبدو عليها الذبول، وتسقى بعد ذلك مرة في الأسبوع مدة الصيف وستغتني في الخريف عن الماء بالأمطار، وتحصد أطرافها العليا بعد إدراكها وذلك بعد عامين من زرعها، ومن أحب التعجيل فليقطع عروقها في أيلول وليقطع الضعاف الرقاق ثم يطمرها بالتراب فتنبت ثالثة وتتجدد وتترك عروقها الباقية في الأرض كل سنة وتعمر الفوة أعواما.

والحنَّا وتسمى أوقان لا تنبت في البلاد المفرطة في البرد. ويختلف نوعها بحسب البلدان ومناخها، فهي في البلاد الحارة الرطبة الهواء، تصير شجرا وتبقى خمسة عشر عاما، يقطف ورقها كل عام بطنا بعد بطن، ويتعهدها صاحبها بالزبل والسقي والرعايا كالكرم فتعود فتية، وتخلف أغصانا جددا وأوراقا، وكذلك هي في الحبشة، وأما في البلاد غير المفرطة البرد فيزرع بزرها في كل عام ويؤخذ ورقه فقط ولا يبزّر، وطريقة زرع بزرها ان ينقع في الماء يومين وليلتين وهو مصرور في خرقة ثم يعرك باليدين حتى يتقشر ويخرج من غلافه ويصير كبزر التين نقيا، ثم يوضع على قطعة من صوف بحيث لا يشمل إلا ثلثها ويعرض للشمس على لوح مائل لينزل منه الماء بعد أن يغطى بما بقي من قطعة الصوف لئلا ينفذ إليها حر الشمس فيجففها، ويرش أول الليل بالماء ويوقد تحته حتى يبقى دافئا وهكذا يعرض في النهار بعد رشه بالماء الفاتر للشمس وبالليل يدفأ بالنار ثم تحرث الأرض ثلاث مرات وتقلب، ويزرع مخلوطا بالطين الذي يخرج من الآبار ويسمى الحمأة، يعمل منها أحواض معتدلة مستوية لها أطراف واسعة وتزبل بزبل الآدمي اليابس أو زرق الحمام. يفرش البرز في الأحواض ثم يطلق عليها الماء حتى يمتلئ ويسقى ثمانية أيام متوالية، ثم ثلاثة أيام في الأسبوع فإذا صار بطول الإصبع ينقي من العشب ويسقى الماء مرتين في الأسبوع. فإذا صار نحو شبر يُنفش برفق ويذّر عليها زرق الحمام أو زبل آدمي جاف وعند تجفيفها توضع في الظل لأن الشمس تجعلها صفراء وتقلل من صبغها. ويرش الورق بقليل من الزيت وتخزن في الخوابي الجدد بعد أن تدق ناعما، وتسد رؤوس الخوابي بالجلود ويُطين عليها لاستعمالها عند الحاجة، والبزر يزرع في نيسان وأيار.

والزعفران ويسمى الجاري والكركم، وأصله بصل يزرع سقيا وبعلا ينبت في البلاد الباردة المعتدلة، ولا توافقه كثرة الماء ويغرس في أيار وحزيران، وينبت في تشرين الأول، ويخرج نواره قبل ورقه، ويتحطم ورقه في الحر، ويغرس في البساتين كالبصل والثوم، في حفر عمقها نحو ثلثي شبر، ويوضع بصله صفوفا ويكون بين البصلة والأخرى نحو ذراع، ويرد عليه التراب ويسقى بالماء كالبصل. وتنويره أول نزول الغيث، وفيه اسمانجوني اللون وفي وسطه شعرات حمر هي الزعفران، وورقه خيطان دقاق منبسطة يجمع قبيل المغرب ويعمل أقراصا توضع على ألواح لتجف في موضع لا ريح فيه. وقيل ترضّ شعراته ويجمع بعضه إلى بعض ويعمل أقراصا ويجفف على نار فحم هامدة في مقلاة جديدة فتشتد حمرته. وقيل إنه لا ينوّر حتى تكون زنة بصلته أوقية. وفي البعل تحرث له الأرض جيدا ثم يفتح فيها خطوط بالمحراث متباعدة يزرع فيها البصل ويرد عليه التراب، ويزرع في وقت السقي وتحت شجر الزيتون فيبقى أعواما ينوّر كل عام، وهو من الطيبات ولكن أصوله لا تؤكل، وأجود الزعفران الطري ذو اللون الحسن الشديد الحمرة الذكي الرائحة وعلى شعراته قليل بياض، وهو صحيح غير متفتت، وهو حار في الثالثة، يابس في الأولى، فيه قبض وهو محلل منضج.

والكمون منه بري ومنه بستاني، وأصنافه الأسود اللون والأصفر الفارسي، والنبطي الموجود كثيرا، وهو الشامي، والكرماني والأصفر أقوى من الشامي، وكله يزرع سقيا وبعلا، ولا يحب الأشجار ولا القرب منها، ولا يسقى كثيرا بل يسقى مرتين أو ثلاثا، ويزرع في كانون الثاني بعد حرث الأرض وتزبيلها ويكون ذلك مع سكون الريح، ويحرك مع التراب ويسقى مرة واحدة باعتدال فإذا جف أعيد سقيه حتى ينبت، فإذا نبت رفع وامتلأ بزره، وينفض حبه نفضا وهو حار يابس في الثالثة، يقتل الدود، ويطرد الريح، ويحلل، والإكثار منه يصفر اللون أكلا وطلاء للجلد من خارج، وهو يدمل الجراحات، ويقطع الرعاف مسحوقا مع خل، وقيل من خزن في بيت فيه كمونا اصفر لونه، وإن بخر به لم يقربه البق. وإن دق وذر على قرية النمل لم يخرجن.

والكاشم وهو الانجدال الرومي، وأجوده الأصفر الطري الكبير الورق، ويشبه في قوته الكمون، ويزرع كما يزرع الكمون، وهو حار في وسط الثالثة، ويزره وأصله مسخن، وهو يطرد الرياح، ويفتح الانسداد ويساعد على الهضم، ويقوي المعدة، ودرهم منه تقضي على الديدان في الجسم.

والكراوياء برية وبستانية وزهرهما أبيض فتنجب وتنبت في الأرض الرطبة الكثيرة الرمل، وتغرس نقلا أيضا فتنجب وتنبش أرضها، وإذا عطشت تسقى مرة حتى تنوّر فيقطع عنها الماء، وهي تحمل بطونا، ويداس نباتها بالأقدام ويرض ساقها كما يفعل بالبصل والشلجم، ويبسط عليها الزبل وتسقى، فإنها يتجدد نباتها ويقوى ويزهر كله في وقت واحد. وأجود البستاني الجديد وهو حار يابس في الثالثة، وقيل في الثانية يطرد الرياح، وينفع من الخفقان، ويقتل الديدان، ويدر البول، وينفع من المغص الشديد، وأكثر ما يؤخذ منه درهم.

والقردمانا هي الكراويا البرية وزرعها كزرع الأنيسون من حيث السقي ونحوه. وأجودها الحديد الأصفر الطويل الممتلئ، وهي حارة يابسة في الثالثة، تنقي الصدر، وتنفع من السعال في البرد، وتنفع من المغص والدوران والقولنج ووجع الكلى وعسر البول، وتنفع من لدغ العقرب وسائر ما ينهش وأكثر ما يؤخذ منها مثقال. والأنيسون هي الحبة الحلوة، وبزر الرازيانج الرومي، والكمون الأبيض، وقيل هو البسباس الشامي، وهو بستاني بري، يزرع بعلا وسقيا، توافقه الأرض الرطبة، ويزرع من كانون الثاني حتى آخر نيسان، ويجمع حبه في آب، ويوافقه السقي الكثير بالماء والنبش، وينقى من العشب ويسقى مرتين في الأسبوع حتى يظهر نواره، ثم يقطع عنه الماء. والأنيسون يدفع مضرة السموم أكلا، وهو حار يابس في الثالثة.

والرازيانج، ويسمى النافع والشمر والشومر، وهو بري وبستاني، وأجوده البستاني الطري، والبري حار يابس في الثالثة، والبستاني حار في الثانية، وورقه حار في الأولى، وبزره وعروقه حارة في الثالثة. ويزرع في آذار وأيلول، وهو طيب حلو مرارة لذيذة، وينبت وحده في الأرض الطيبة، ولكن الذي ينبت فيه بالقلاحة يكون أقوى وأكبر وأغزر، وهو يزيد في اللبن، وينفع المعدة، ويفتح الانسداد، ويحد البصر وخصوصا سمغه. والهوام ترعى بزور الرازيانج ليقوى بصرها، والحيات تحك به أعينها إذا خرجت من مكامنها بعد الشتاء.

والشونيز وهو حبة البركة منه بستاني ومنه بري وهو الحبة السوداء، توافقه الأرض الرطبة. وزرعه في شباط وآذار ونيسان، ولا يسقى كثيرا في صغره فإذا كبر سقي بكثرة. وإذا نما نبته واشتد يقطع عنه الماء وينقى من عشبه، ويسقى مرتين في الأسبوع. قال الكندي: الإكثار منه يقتل. وهو حريف حار، يابس في الثالثة، مقطع للبلغم طار للرياح نافع من الانتفاخ والزكام وخصوصا إذا أخذ مقليا، ودخانه تهرب منه الهوام ومقدار ما يؤخذ منه درهم. وقال ابن زهير: من خواصه أنه إذا أخذ من الشونيز والحرمل مقدار دانق من كل منهما ومن المصطكي نصف دانق، ودهن به بين المتحابين تقاطاعا وضد ذلك إذا أخذ منه دانقان ومن البلسان نصف دانق، ومن قشور الراسن نصف دانق ثم جعل في طعام متى حلَّت فيمن يأكله روحانية المحبة، وطبيخه بالخل ينفع من وجع الأسنان مضمضة.

والحرف وهو حب الرشاد يزرع سقيا وبعلا، وهو أنواع، ويزرع في شباط وآذار ونيسان، ويقلع إذا نما واستوى في أيار، وإذا دخن به طرد الهوام، وهو حار يابس في الثالثة. وقيل في الرابعة، وهو منضج ينشف قيح الجوف وإذا شرب ماؤه أو طلي به أمسك الشعر المتساقط وينفع من الورم البلغمي والدمامل إذا نقع مع ماء وملح كما ينفع من الجرب المتقرح ويطرد الدود. والخردل بري وبستاني وأجوده الكبير الجديد الأحمر ويجود في الأرض الخصبة ولكن كثرة الماء تضره وهو لا يسقى أكثر من مرتين أو ثلاث فقط، ويزرع مع الخيار على السقي، وبزره ان جعل في لحم أو عدس أو حمص أو ماش وما أشبه ذلك من الحبوب واللحوم نضج سريعا، وإن أكثر منه أفسدها، وإن نقل ثلاث مرات في شتاء معتدل عظمت شجرته، وبقيت السنة والسنتين ويزبل ويسقى، وبزره إذا سحق وذر على الخل حفظه من الدود وأبعد عنه الفساد وحفظ حموضته، وهو حار يابس في الرابعة ويقطع البلغم، والبري منه ينفع من داء الثعلب ومقدار ما يؤخذ منه مثقالان، وأغصان الخردل وورقة يؤكلان.

والكزبرة ويقال كسفرة، تزرع بعلا وسقيا في الفصول كلها، ويكثر تزبيلها في البرد الشديد، وتزرع في تشرين الأول وتسقى حتى تنبت وتشتد، ثم يقطع عنها السقي، وتنقى من عشبها وتترك حتى تعطش، وتسقى مرة في الأسبوع، وإن نقلت الكزبرة تكبر وتجود، وتبقى في الأرض سنين كثيرة وتزبل كل سنة، وهي باردة في آخر الأولى يابسة في الثانية. ويقو بقراط: ان فيها حرارة وبرودة، وهي تزيل رائحة البصل ولثوم إذا مضغت رطبة أو يابسة، كما أنها تمنع البخار م الرأس، والرطب منها، يمنع الرعاف واليابس منها يمنع من القيء والجشأ الحامض بعد الطعام.

واللفت وهو الشلجم بالشين المعجمة والمهملة ومنه بري وبستاني وهو أنواع: الرومي الطويل، والمحرج، والمدور الشامي، والأبيض المصري وهو يزرع مرتين في السنة ربيعا وصيفا، ويزرع بعلا وسقيا، ولا يحتاج إلى زبل وقلة السقي تنفعه وزرعه من أول أيلول حتى أول تشرين الثاني، وهو حار في الثانية رطب في الأولى. والجزر بستاني وبري، ومنه ذكر يعسلج ويزرع من آب حتى أيلول وينبت في البرد والربيع، ولا يوافقه الحر، ويزرع بزره وتعمق حفره ليمتد ويطول ويغلظ، وبعد نباته يعطش، ثم يسقى مرة في الأسبوع بالعشي، وهو صنفان، أحمر وهو طيب الطعم رطب، وأصفر إلى خضرة وهو أغلظ يغذي البدن، ويؤكل نيئا ومطبوخا، وهو أخف وأنفع وأطيب، وهو يفرح النفس، ويدر البول وينعشه الماء البارد ونزول الثلج عليه يقويه، ويعمل منه خبيص مع العسل أو الدبس أو السكر وهو لذيذ حبا. ويؤكل الجزر مكان الخبز فيقوم مقامه ويصنع منه خبز بأن يقطع ويجفف ويخلط ببعض الدقيق ويخبز، وخبزه طيب صالح يغذي البدن، والبري منه أقرب إلى الدواء من الغذاء، والبستاني غذاء مفيد، وهو حار في أول الثانية، رطب في الأولى يليًّن المعدة ويدر البول، والمربا منه ينفع من الاستسقاء مقو للظهر والصدر.

والفجل منه مروّس ومنه مستطيل، يزرع في العام مرتين، ويزرع الكبير منه من أول نيسان حتى آخر أيلول وعند زراعة بزره يوسع بينها مقدار شبر، وإذا نبت قطع عنه الماء، حتى يحتاج إليه وينقل ويترك سقيه ويكون سقيه في الأسبوع مرتين أما في المطر فيقطع عنه الماء ويؤكل في الخريف والشتاء، وإن نقع بزر الفجل ليلتين قبل زرعه في ماء عسل أو ربّ أو عصير حلو، ثم زرع حلا طعمه. وإن أحببت أن يكبر حجمه يضرب في الأرض وتد ويسحب ثم يضرب في موضع آخر ويسحب هكذا في عدة مواضع، وتملأ الثقوب بزبل أو تبن وفوقه تراب، ويزرع في كل ثقب حبة من بزره أو حبتان وتقلع إحداهما أن نبت وتسقى الأخرى حتى تنبت، فإنه يغلظ ويصير قدر الوتد، والفجل يحب الرياح الباردة والبرد، والأمطار الغزيرة ولا تحرقه شدة البرد، ويزرع نثرا وغرسا وهو لا يحتاج إلى اكثر من قلع الحشيش من حوله. وأكله بعد الشبع يعين على الهظم، واذا أكل في الصباح قبل الفطور أثار المعدة، وأكثر منافعه في تحليل الأطعمة الغليظة العشرة الانهضام كلحم البقر والتيوس والبيض والباقلي غير الناضج وله منفعة جليلة في إزالة السعال الذي يئس صاحبه من زواله وذلك أن يطبخ بماء فيه قليل من الملح حتى ينضج ويتهرأ ويؤكل. وهو حار في الأولى وقيل في الثالثة، ورطب، وقيل يابس في الثانية، وماؤه ينفع من الاستسقاء وإن وضع على العقرب مات، وإن لسع العقرب من أكل فجلا لا يضره. وشرب مائه ينفع من اليرقان وسدد الأمعاء وإذا غمست اليد بمائه وأخذت بها الحية أو العقرب بطل ضررهما. وأكل ورقه بعد الطعام يقوي البصر وينفع المفاصل، وشرب مائه بالملح ينفع الطحال وانسداد الكبد وخصوصا ماء ورقه، وبزره ينفع من السموم والهوام.

والبصل منه أحمر مستدير، وأبيض كذلك، ومدور ومستطيل، وهو أقوى لذعا للسان والأحمر أشد لذعا من الأبيض. يزرع من أول نيسان حتى آخر أيار، وبزره يزرع من أول تشرين الآخر حتى كانون الآخر، وييبس ويخيط وتحرث أرضه بثلاث سكك ويجب أن تكون خصبة مزبلة ويباعد بين زرع بزره لينقل، والأخضر يؤكل في الصيف، وإذا كبر يقطع عنه الماء، وتكسر أعناقه بالدّوس بالأقدام، لترجع إلى القوة إلى أصله، ويبقى كذلك حتى يقلع في آب، ويزرع نثرا في حفائر وهو لا يكبر إلا بالتحويل، وإذا أردت أن يكون طيب الطعم فازرعه في زيادة القمر بالزهرة مقارنا لها ليكثر ماؤه، ومن خواصه أنه إذا لوث إنسان بزره بالزيت ثم زرعه خرج له طعم طيب جدا، وإن لوثه بعسل ثم زرعه جاء حلوا لا حدة فيه إلا قليلا، ويؤكل ذلك نيئا وإذا طبخ كان أطيب، ومن أراد أن يذهب حدته ويطيب طعمه ويكون مغذيا للبدن فليطبخه بالماء ساعة ثم يصب عنه ويكرر ذلك ثانيا وثالثا، فإن ذلك يذهب حدته ويزيد في نفعه. ويقطع رائحة البصل من الفم مضغ الفجل بعده أو الباقلي أو الحمص المقلي. قال غازي: ولا يجمع بين البصل والثوم والشحم في أكلة واحدة فإنه يجنن، وقد جن منه خلق كثير. والبصل حار يابس في الرابعة، وفيه رطوبة زائدة، ويقل حار يابس في الثالثة. وهو ينفع من تغير المياه ويزيد في الشهوة ويلين الطبيعة ويجلو البصر وينفع من ريح السموم وماؤه إذا قطر في الأذن أزال الطنين وكان علاجا للقيح. ومع العسل ينفع من الخفقان ويحمِّر الوجه، ولا سيما إذا كان مخللا، وإذا نقع البصل في الخل وأكل وكانت له منافع كثيرة، وإذا أذيب الوشق في مائه وطلي به الزجاج اشتد وصار صلبا. ومما جرب للنزلة الباردة أن تغمر بصلة كبيرة بزيت وتغلى حتى تحترق، ثم يدهن بها صاحب النزلة رأسه في الحمام بعد حلقه، ثم يغسلها بالأشنان ويكرر ذلك ثلاث مرات في ساعة واحدة، فإنه يبرأ بإذن الله تعالى.

والثوم منه بري ومنه بستاني، ومنه أحمر كبير الحب، وليس للثوم بزر يزرع، وهو يغرس وقت مغيب الثريا من ثلث تشرين الآخر حتى آخره، ومن أوائل تشرين الأول حتى آخره، والذي له أسنان عريضة جدا زرعه في كانون الآخر، وزبل بزبل قديم. وقيل إنه لا يتحمل الزبل أبدا ولا كثرة الماء، وتكفيه سقية واحدة حتى ينبت وسقيتان أو ثلاث طوال وجوده في الأرض ويغرس في نقصان القمر وإن غرس في محاق الهلال لا تكون له رائحة كريهة، وإن نقعت أسنانه قبل غرسها في لبن حليب وعسل يومين وغرست حلا طلع ذلك الثوم، ومتى قرن بأي طعام كان لا يتغير ذلك الطعام ولا يعفن ولا يفسد في أبدان الناس منه شيء وكان هضم المعدة له سريعا. وفي الثوم مقاومة لشدة ضرر البرد إن أكل في الطبيخ والإكثار من أكله يمنع ضرر البرد الشديد حتى لا يكاد يحس آكله باقشعرار. والثوم حار يابس في الرابعة، وقيل في الثالثة، وهو أقوى حرارة ويبسا من البصل، وهو ينفع من انتفاخ البطن وتغيير المياه. والثوم الجبلي إذا طبخ وشرب ماؤه قتل القمل، وأكله يقتل الديدان، ويطلق الطبيعة، وهو نافع من لسع الهوام ونهش الحيات وعضة الكلب الكلِب ويداوى به السعال الناشئ عن البرد إذا طبخ قلَّت حدته ومن خواصه أن ماؤه إذا وضع على حجر المغناطيس، بطل عمله فإن أردت رد المغناطيس إلى قعله فانقعه في دم تيس ثلاثة أيام، ومضغ ورق الثوم مغموسا في خل يذهب رائحة الثوم، والباقلي أيضا يذهب رائحته، والمضمضة بمائه تذهب وجع الأسنان. ومضغ بزر الفجل مع ورقه الأخضر يقطع رائحة الثوم أيضا.

والكرّاث منه بري يعرف بالشامي، ومنه نبطي، ومنه بري حار ويابس وزرعه من كانون الآخر حتى آخر شباط، ونقله بعد شهرين، ويمكث في الأرض مقدار عام أو خمسة عشر شهرا ثم يقلع للأكل، وإذا نقل يزرع ولا يسقى مدة ثلاثة أيام ثم يسقى في اليوم الرابع، فإنه يجود وهو ينبت في الأرض الرملية ويكبر فيها لكنه بطيء النمو، وينقل في آب ويدفن من المنقول أكثر من النصف من ورقه إلى أطرافه، وبذلك يطول ويشتد بياضه ويجيء طريا ذا حجم كبير ويؤخذ من بزره مقدار ما تضمه ثلاثة أصابع ويجعل في خرقة كتان بالية ويوضع في حفرة فإنه يكبر ويصير أصلا واحدا. والشامي له أصل مدور ورؤوس بيض، وهو المأكول منه كبير ومفلطح قدر الشلجم المتوسط، وهو يعيش في البرد ويحب الماء البارد، ولا ينبغي أن يؤكل نيئا البتة، بل مسلوقا بالماء والملح، وهو يستعمل في الطبيخ أيضا إذا أردت أن يكون أطيب وألذ فاسلقه ثلاث مرات بماء وملح وتصب الماء البارد عليه وهو حار ليمنع اهتراءه فإنه يحلو وتذهب حدته. وهو حار يابس في الثالثة، كما إنه يقطع الجشأ الحامض، وينفع مع البواسير أكلا وضمادا، وطبيخ أصوله بدهن القرطم ودهن اللوز أو الشيرج نفع مع القولنج. قال ابن زهير: ماء الكراث يؤخذ لكل داء، وإن جمع هو ودم التيس في حفرة في بيت اجتمعت عليه البراغيث، وإذا طلي بماء الكراث سرير لم يقربه البق، وكذا ماء الكرفس، وإذا دق الكراث ووضع على لسعة الحيات والعقارب والزنابير سكن الوجع حالا. والفراسيون وهو الكراث الجبلي أجوده الأحمر الرومي، وهو حار في الثانية يابس في الثالثة، وهو يساعد على الهضم وعصارته تنفع من وجع الأذن ومع العسل يجلو البصر ويقويه شربا واكتحالا ويفتح انسداد الكبد والطحال وقدر ما يؤخذ منه نصف درهم.

والقلقاس غريب الشكل جميل المنظر، وليس له زهر ولا ثمر، وله أصل مستدير، ومنه الطويل ومنه الكبير ومنه الصغير، وهو ضرب من النيلوفر الأصفر، ويتخلق بقرب المياه الراكدة وفي السباخ، وهو شبه نبات الموز، إلا أنه أصغر وينفعه الزبل والماء الكثير. ويزرع في موضع المشمس لا تأخذه الرياح، ويغرس عند مجاري المياه، ووقت زرعه في كانون الثاني وشباط وآذار، ويكون بين الأصل والأصل أربعة أشبار. وهو يقطع ويطبخ مع اللحم، وقد يؤكل نيئا وطعمه كمح البض، وهو غالب طعام مصر، ويطبخ بطرق مختلفة وهو حار رطب في الأولى، وقيل معتدل الحر رطب في الثانية.

والقثاء أنواع فيه الأسود المعرق، والمايل إلى الصفرة المعرق، والأخضر الغليظ المنقط بسواد والأخضر الغليظ الأجوف والطويل الرقيق، ويختار للقثاء الأرض التي تغوص عروقه فيها وهو لا يتحمل الزبل كثيرا ولا الماء الكثير ولا البرد، ويزرع بعلا وسقيا. ووقت زرعه من شباط حتى أيار بحسب برودة الأرض وحرها. ويكون يف يوم صاح لا غيم فيه ولا ريح، ويرد التراب على بزره بسماكة اصبع، وقيل أربعة أصابع مضمومة، والتعميق له يبطئ في إنباته وتقليل التراب عليه يعرضه للجفاف والزبل عليه أحسن، وإذا نبت قدر شبر يجفف منه الضعيف ويترك منه أربعة أو خمسة يكون بينها مقدار شبر من تراب، وإذا نبت على أربع ورقات تحفر أرضه جميعا ويضم التراب إلى أصوله، ويسقى عشية النهار، وقيل إن بزر القثاء والخيار والبطيخ والقرع إذا وضعت منكسة طرفها المحدد إلى أيفل كثر حملها، وقيل إذا نخس قضيب الثمرة بشوكة فإنها تكبر وينقع بزره يوما وليلة قبل الزرع في ماء، وإن أضيف إليه مطيب - كماء الورد - جاءت ثمرته تفوح منها رائحة ذلك المطيِّب. وإذا نقع بزره في ماء عسل أو سكر أو لبن أو حليب ثلاثة أيام حل فيه طعم ذلك، وإذا نقع في ماء سقمونيا أو تربد وما أشبه ذلك من المسهلات جاءت الثمرة مسهلة. وأي بزر كان من بطيخ أو خيار أو قثاء ونحوها إذا نقع في عسل ونحوه خرج كذلك. وإذا نقع في خل ثلاث مرات وجفف وزرع نبتت ثمرته حامضة. وإذا نقع مرة واحدة جاءت مزة، وزرع القثاء من أول شباط حتى نصف آذار، أو آخره، وإذا زبل ونقل كان أجود. ويعمل له قصبان أو عرائش يتعلق بها مأخوذة من شجر الرمان أو التوت وما أشبه ذلك. ويروى إن القثاء قد ينبت من البطيخ وإن البطيخ ينبت من القثاء. وذلك أنه إذا زرع بزر القثاء وصب عليه خمر عتيق مع شعرة واحدة من الزعفران خرج البطيخ، وإذا زرع بزر البطيخ وسقي الماء المعتصر من القرع خرج منه القثاء ويكون ذلك في وقت زراعتها. والقثاء بارد رطب في الثالثة، يسكن الحرارة والصفرة، يسكن العطش، ويدر البول، وقال جالينوس: من أراد قلع ضرس إنسان بغير وجع ولا حديد، فليأخذ أصل القثاء البري فيدقه ويعجنه بخل ويجعله على الحديد الذي يقلع به السن فإنها تخرج بغير وجع.

والخيار يسمى القثد، ويزرع سقيا ولا ينبت بعلا، وهو نوعان، صغير أبيض وأخضر مكتنز وأترجي اللون، وهو في حاجة مستمرة إلى الماء ويزرع بزره ويتعهد بالسقي، وإذا نبت فلا يرش بالماء وإلا احترق ورقه وإذا سقي بالماء لا يغمر به، ويزرع بزره في البيوت في أواني فخار مثقوبة إن أريد التبكير به، ويزرع في آب، ويؤكل في الخريف وبعده. والخيار ألطف من القثاء وابرد. وفيه يسير قبض، وهو بارد رطب في الثانية، ينفع من الحميَّات المحرقة، ويدر البول. وقال أرسطاليس: إن أردت ان يكبر الخيار فازرع بزره منكوسا، وإن نقع بزره في لبن وعسل قبل زرعه جاءت ثمرته حلوة، وإن جعل الخيار مع المحموم في فراشه جذب الحمى إلى نفسه، وتخلص منها المحموم. وإن طلي بعصارته لدغ الهوام أبرأه. والخيار يسكن العطش. والعجور نوع من الخيار مدور، وهو أكثر رطوبة وأسرع هضما والمعوج أردأه، ولا يباشر الماء أصل الخيار بوجه فإنه يفسده بل يحول بينه وبينه بالتراب.

والقرع وهو الدباء واليقطين وهو أنواع: منه الترابي المعرّق الأبيض القصير وهو أفضلها، ومنه الطويل، ومنه المستدير كالموزة، ومنه مستدير الأسفل طويل العنق أو قصيره، ومنه ما هو إلى الطول أميل وعنقه طويل وأعلاه مستدير أصفر من أسفله ومنه الهندي ويشبه ورقه ورق الخيار ونواره أصفر، وهو مدحرج أخضر، وفيه خطوط خضر وحمر، وهو صلب لا يؤثر فيه الظفر، ويزرع من أول كانون الأول إلى آخره، ويستر من الجليد، ويزرع بعلا بغير سقي من القيعان إذا كان صغيرا، وإذا كبر يسقى بالماء الكثير ولو مرة كل يوم وهو يحمل بطنا بعد بطن، وإذا نقع بزر القرع والبطيخ في ماء عرق السوس حفظها من الدود. ومن أحب الإسراع في إنبات القرع والبطيخ والقثاء يضع إناء فيه ماء أمام طرف كل قضيب نبت، ويكون بينه وبين طرف القضيب نحو خمسة أصابع مضمومة، فإنك تجده في غده قد وصل إليه الماء، فيبعد عن الإناء مقدار المسافة الأولى فإنه يصل إليك وذلك دأبه حتى يبلغ غايته فإذا فرغ الإناء من الماء تقلص عنه القضيب. وإن أردت أن يكثر حمل القرع والقثاء والخيار دون سقي كثير فاحفر في الأرض التي تريد زرع ذلك يفها حفرة عميقة واسعة، واجعل فيها حتى نصفها تبنا وحشيشا يابسا، ثم املأها ترابا ناعما وزبلا باليا خليطا وازرع تلك البزور واسقها بالماء فإنها تجود ويكثر حملها واسقها مرة واحدة، ويكون ذلك في أرض ماؤها قليل. وإن جاء مرا انزع جميع ما في ذلك المنبت صغيرها وكبيرها، ثم شق الأصل واحشه ملحا واربط عليه ببردي، وغطه بالتراب، فإنه يحمل قرعا حلوا. وكذا القثاء والعجور، وإن جعل الملح عند أصولها قبل أن تقوى أفسدها. وقيل القرع يزرع في السنة أربع مرات وهو بارد رطب في الثانية. وقال روفس: حار رطب، وعصارته مع دهن الورد تسكن وجع الأذن وهو يقطع العطش جدا ويلين البطن.

والبطيخ أنواع منه السكري وهو متوسط الحجم طويل العنق طيب الرائحة حلو الطعم عندما ينضج، والأصفر والعقابي وهو عظيم الحجم طويل العنق معوج طيب الرائحة حلو الطعم، والمرسيني وهو أغبر اللون كثير الشحم مفلطح الشكل، والحاسبي وهو الهوري نسبة إلى قرية وهو على شكل الكمثري لا عنق له قاعدته واسعة، ورأسه مخروطي الشكل، والجراري كأنه جرة، والسمرقندي مفلطح الشكل مدور، يميل باطنه إلى الحمرة، ومنه النفاح بالنون، لين اللحم طري القشر فوّاح ويسمى في الشام الشمام، ومنه الدراع ويشبه النفاح، وهو السندي، ومنه ما هو على شكل البط، له ذنب طويل معقف إلى جهة البطيخة يزيد على الذراع أو نحوه، وهو بمصر كثير، ويعرف بالعبدلاوي، منسوب إلى عبد الله بن طاهر أمير مصر من قبل خلفاء بغداد جلبه إلى مصر من بلاد العجم، ويؤكل أول ما يتكون كهيئة الخيار، ويسمى عجورا إلى أن يكبر ثم يسمى خرشا ويجنى وما زال فيه لون الخضرة، ويلف في أوراقه إلى أن يصفر، ويصير ناعما لا يتحمل وضع اليد عليه إلا بلطف وهو لذيذ وفي بعضه حلاوة، وتبريده في مصر مشهور، وبطيخ يشبه القثاء يسمى الشليق.

وأما البطيخ الهندي وهو الرقي ويسمى البطيخ الأخضر، وهو أنواع، منه ما بزره أسود اللون، وهو شديد الخضرة إلى سواد، ومنه ما برزه أحمر قان وخضرته مائلة إلى صفرة، ومنه المخطط الحبشي، وبزره مختلف، منه الأسود والأحمر والبنفسجي والأصفر، ومنه الصيفي، وهو بمصر كثير جدا، ومنه الصواصلي، وهو من بطيخ مصر ويكبر جدا، ثم يصير لحمه ماء، وهو شديد الحلاوة طيب الرائحة لذيذ جدا، وبزره أبيض، ودائره أسود، وهو في الشام كثير، ويقال أن بزرته جلبت من بلاد العجم، ومنه نوع مستطيل حلو مخطط وأخضر، يسمى النموس، ومنه نوع مستطيل حامض شديد الحموضة، وهو دواء ضد التهاب الصفراء. ومنه ما لونه لون القرع، وفيه الحلو وغيره، وهو يطفيء العطش ويرطب، يأكلونه دواء للمحموم. وسائر أنواع البطيخ تزرع بعلا وسقيا، وكلما حرك التراب تعجل النضج، وأنواع البطيخ تحب الماء إلا السكري. فإن الماء يقلل حلاوته، وتوافقه الأرض المعتدلة، ولا يجود في الندية ولا الباردة، وأحسنها شطوط الأنهار. وإذا نقع بزره أو برز القرع ونحوهما في ماء عرق السوس. ثم زرع سلم من الدود.

وإن أردت التبكير بالبطيخ أو القثاء أو الخيار، فازرع في الشتاء أربع حبات أو خمسا في تراب طيب مخطوط بزبل طري في إناء مثقوب وانضحه بماء ساخن، فإذا نبت وكان الوقت شمسا وصحوا، أخلاجه وعرضه للمطر الخفيف، واذا إلى الماء ينضح عليه، وإذا كان الشتاء قويا ضعه في مكان دافئ تفعل به حتى يحين أوان الغرس فإذا علق ونبت وقوي فاقطع من أطراف قضبانه، فإنه أسرع لإدراكه وإطعامه، وكذا يعمل في القثاء والخيار والباذنجان. وقيل إن جعل في وسط المطبخة أو المقتاة أو المبقلة عظم رأس حمار أهلي نفعها وعجل في إنباتها. وقيل مما يفسد به البطيخ أن يرش عليه شيء من الخل، وإن دخلت امرأة حائض المطبخ أو المقتاة فسد ثمرها وصار طعمه مرا. ويجود البطيخ في الرمل الندي المخلوط ترابا لأن عروقه تنفذ فيه، وهو نبات قمري يزرع في زيادة ضوئه، ويوافقه بعر الغنم وزرق الحمام، والدم ينمي البطيخ ويكثر حمله إذا مزج بالماء مناصفة وصبت في أصول نباته بعد النبش، ثم يعطش قليلا، ثم يسقى فيكبر حمله وتزكو حلاوته. وتنفعه مجاورة الباذنجان وشجر التوت والمشمش والسدر، وتضره مجاورة الخوخ، حتى قالوا: أنه يحدث فيه مرارة، وتضره مجاورة الزيتون، وإذا زرع بزر بطيخ في جمجمة إنسان ودفن في الأرض وتعهده بالسقي فإنه يحمل بطيخا يزيد في ذكاء المرء وإن زرع في جمجمة حمار فإن بطيخه يبلد آكله، ويعمي قلبه وينسيه حتى لا يذكر شيئا البتة ويقال أن مما ينفع البطيخ وينميه ويحليه ويبعد عنه الآفات أن يرمز ويطبل ويتغنى في وسطه، ولا يؤكل البطيخ والعسل معا فإنه يضر ولا مع اللبن فإنه يصير في المعدة سما قاتلا، ولا يؤكل البطيخ على جوع شديد، ولا يؤكل وحده ويؤكل مع الخبز الخمير خاصة. ولا يؤكل التوت الشاشي معه، والبطيخ الأصفر أجوده السمرقندي وهو بارد في أول الثانية، رطب في آخرها، وقيل حار، وهو يدور البول ويزيل الكلف والبهق.

وقشره إذا ألصق على الجبهة منع الأمراض عن العين. والبطيخ الأخضر وهو الرقي، والهندي، أجوده الحلو المائي، وهو بارد رطب في الثالثة، ينفع من الأمراض الحادة والحميات المحرقة، ويسكن العطش وتناوله مع السكنجبين يدر البول ويغسل المثانة، وماؤه مع السكر يبرد الجوف لكنه سيئ الهظم، ويضر الكبار وأصحاب الأمزجة الباردة.

والباذنجان أنواع: منه الفارسي الحلو، والمصري ولون ثمره أبيض وزهره فرفري، والشامي ولون ثمره فرفري، وزهره أزرق إلى حمرة، وبلدي أسود رقيق الغلاف، وزهره فرفري، وقرطبي أكحل وزهره فرفري، ومنه الرقيق الطويل المتوسط في الغلظ والرقة، ومنه المدور المفلطح الكبير وزرع أنواعه كلها سواء فهو يزرع من أول كانون الآخر إلى آخر آذار، وهو من بقول القبط، ولا يوافقه البرد، ويوافقه الماء الحلو الكثير، ولا يحمل ان سقي بغيره. والشمس المعتدلة الحرارة تفيده جدا. ويزرع بزره في آخر كانون الأول والثاني وشباط، وتخلط بزرته بالزبل البالي، وينقل في نيسان، ويسقى المنقولة اثر زراعته بالماء العذب حتى يرتوي ويكرر ذلك ثلاث مرات بين كل سقية يومان ويعطش، ثم يسقى وإن اشتد وقوي يبالغ في نبشه ويعطش، ثم يسقى ثلاث مرات في الأسبوع ولا تهز شجرته عند قطع ثمرته، وتجنى ثمرته بحديد قاطع، وإن أخذت باذنجانة ناضجة وقور شحمها من داخل ووصعت في حفرة وطمرت بالتراب جاء الباذنجان كبيرا ويكون ذلك من آخر شباط حتى آخر آذار. ويسقى ويزبل قليلا عقب زرعه. والباذنجان ينشأ في الحر ويموت بريح الجنوب والشرقي ويضعف بالشمالية والغربية، ويحذر من أكل الباذنجان في الربيع والخريف ويؤكل في الصيف والشتاء.

والباذنجان يبقى في الأرض الحارة عدة سنين، ويصير شجرا كل شجرة منه كشجرة الخوخ، لا سيما في أرض مصر والحجاز، ولكنه إذا عتق في الأرض غلظ جلده ولا يؤكل إلا مقشرا، وهكذا استعماله في مصر دائما، ولا يكاد ينقطع منها. والباذنجان حار يابس في الثانية وفيه غلظ، وقيل بارد يابس إذا خلا من المرارة، والمر منه حار يابس بلا خلاف. وهو يولد السوداء ويفسد الدم واللون، ويورث الكل والبثور والبواسير والسرطانات والجذام والصداع، وأكثر هذه المضار تختص بباذنجان العراق، لأنه كثير المرارة يلسع اللسان وإذا أكل نيئا عسر هضمه والمطبوخ سريع الهضم، وما يطبخ منه بالخل والكراويا يقوي الشهوة إلى الطعام كما يقوي المعدة، وأنفعه ما نقع في الماء والملح، ثم يسلق ويصب عنه ماؤه ويطبخ بالدهن الكثير، وأردأ مستحضراته المشوي.

والكرب أنواعه كثيرة، منها البستاني، ومنها البحري، ومنها البري، ومنها كرنب الماء، والبري أكثر مرارة ولسعا. ومنها النبطي الصغير، وهو أجودها ويزرع في حزيران وتموز، وأفضل أوقاته زمن البرد والجليد، فإنه يأتي حلوا طيبا، أما في زمن الحر فيكون حارا. ويقال أن بزر الكرنب إذا عتق أربعة أعوام وزرع، تحول شلجما، فإن زرع بزر هذا الشلجم نبت كرنبا وقد جرب. والكرنب لا يحتمل الزبل ويزبل بالرماد وحده، ولا تقربه امرأة حائض في مغرسه فيفسد، وهو حار في الأولى يابس في الثانية، وقيل في الأولى، وقيل أنه بارد وقيل مختلف المزاج.

والقنبيط نوعان: صنوبري مجتمع ملفوف ومفرق رأسه إلى أغصان كثيرة، ويؤكل رأسه الذي فوق ساقه، وقد يكبر جدا، ومن أراد أن يشده ويحفظ لونه فليدهنه بالزيت قبل أن يزرعه، أو يغرقه بالعسل ثم يزرعه، أو في الزيت والعسل جميعا ثم يزرعه، وينقظ عليه من الزيت والعسل الذي أخرجه منه ثم يغطيه بالتراب، فإنه يصلحه ويدفع عنه الآفات كلها. ومن أراد أن يكبر حجمه يكشف أصوله ويغطى بروث البقر ثم بالتراب ويسقى. وزرعه في نيسان، وينعشه الماء الكثير والهواء البارد، واذا تعفن تولد منه الوزغ والبق ويؤذيه زبل الناس لكن ينفعه بولهم وبول الخيل والبغال والحمير وأمثالها. وأجوده الغصن الأصفر يفتح الانسداد، وهو غليظ يغلظ الدم ويحدث انتفاخا في نواحي الجنب، وينبغي أن يسلق جيدا ويؤكل بالدهن الكثير واللحم السمين، وبالخل والتوابل الحارة.

والخسر منه بري ومنه بستاني، ومنه طويل الورق حادها، وقصير الورق عريضها، وهو بقل الربيع، وإذا أدركه حر الهواء صار مرا، وتؤكل فروعه وأصوله، ومنه له ساق، ومنه ليس له ساق، ويطول وينبت له ورق على قضبان طولها نحو ذراع. ويحمل في رأسه وعاء كبيرا فيه بزر كثير، وإذا كبر صار مرا وتولد فيه اللبن وهو يضعف بدن آكله، ويؤكل مطبوخا ونيئا، وهو يطفئ العطش ويبرد الجوف. والمسلوق أسرع انهضاما وأكثر تغذية، وتوافقه الأرض السمينة والماء الحلو، وإن جعل بزره في قطعة أترج ثم زرعت تلك القطعة بما فيها كان للخسر رائحة زكية كالأترج، وقيل يزرع في آذار وينقل غرسه فيجود ويقوي وهو يحتاج للتزبيل الدائم وإن أردت أن يبيض من غير نقص في كعمه، فانثر على وجهه كل ثلاثة أيام شيئا من زبل جاف. وإن أردت أن يلتف ورقه ويكبر ولا يطول فانقله بأصله فاذا بلغ طول شبر فاحفر عن أصله حتى تبدو عروقه وضع عليها روث البقر الرطب ثم غطها واسقه واتركه حتى يشتد ويخرج أصله ويظهر فوق الأرض قدر ثلاثة أصابع مبسوطة، فاكشف عن أصله وشق الظاهر منه بسكين حديد وضع بقدر الشق قطعة من خزف الجرار ثم غطه بالتراب واسقه، فإن تلك الخرفة تزيد في أصله وعرضه. وإن حصدت أوراقه مستوية قبل قلعه للأكل بيومين، عظم أصله وطاب طعمه. وهو بارد في الثالثة. وأجوده البستاني الطري الأصفر العريض الورق. ومن منافعه قطع العطش، وإذهاب السهر، ومطبوخه يزيد في الجسم والباه وألبان النساء المرضعات وبزره يفعل ضد ذلك، وورقه مع الخل يسكن لهب الصفراء ووضع ورقة تحت وسادة المريض وعند رجليه دون أن يشعر ينومه، وهو نافع من اختلاف المياه، وغير المغسول منه أقل توليدا للرياح وهو سريع الهضم ودوام أكله يشعف العين ويظلمها. والخس يقطع شهو الجماع لا سيما بزره.

والاسفاناخ رأس البقول، وتزبل له الأرض وتحرث مع بزره، ويسقى بالماء مرتين أو ثلاثا حتى يعتدل نباته ثم يعطش، ثم يسقى عند الحاجة، ويزرع من تشرين الأول حتى كانون الثاني. ويزرع بكيره أول الخريف في أيلول، وقد يلحق بعضه بعضا إذا زرع شهرا شهرا، وفصلا فصلا. وما زرع في الخريف يوافقه الماء الحلو. ويؤكل في الشتاء ويزرع في زيادة القمر، وهو بارد رطب في الدرجة الأولى. وقيل معتدل بين الحرارة والبرودة، وهو ملين. وينفع من السعال ومن وجع الصدر. وفيه قوة تجلو البصر وهو سريع الانهضام وينفع من أوجاع الظهر ويضر أصحاب الأمزجة الباردة.

والهندباء صنفان: عريض الورق ودقيق الورق، وهي برية وبستانية وتعيش في البرد وأول الربيع ولا يوافقها الهواء الحار، فإنه يجلب لها المرارة، وإن غطيت أغصانها كلها بالتراب طالت وابيضت ورخصت ولذ طعمها، وتزرع في تشرين الأول والثاني وكان الأول فتتعهد بالزبل والسقي مرتين في الأسبوع حتى تدرك وتؤكل في الخريف والشتاء، ومن أراد أكلها في الربيع زرعها في كانون الثاني ولا يكثر سقيها بالماء فالمطر يكفيها. وزبل الآدمي يصلحها وزرعها ليلا يفيدها وكذا تزبيلها وسقيها بالماء، وينثر بزرها في زيادة القمر، وهي كالخس في خصاله، إلا أنها أفضل منه في تفتيح الانسداد وتشد مراراتها في الصيف. والبرية أقل رطوبة من البستانية، وهي تفتح انسداد الكبد والعروق، وقد تتسبب في بعض الإمساك وتنفع من الرمد الحار ضمادا، وتسكن الغثيان وهيجان الصفراء وحرارة المعدة، وتعقل البطن وتنفع من حمى الربع ولسع العقرب والهوام والزنابير والحية، والبرية باردة يابسة في الأولى وقيل رطبة وبردها أكثر من رطوبتها ولبنها يجلو بياض العين وعصارتها تنفع من الاستسقاء وتجمع السموم، وجاء في الخبر: من بات في جوفه سبع ورقات هندباء أمن من الفالج. والرجلة وهي البقلة الحمقاء، تزرع من شباط حتى أخر نيسان وهي من بقول القبط، وتنبت وحدها والتي تنبت بغير زرع أفضل، وهو نوعان، عريض الورق على ساق وغير عريض ومنها بري، وتزرع في مشارق شمسية، وتزبل وتنقى من الشعب، ويؤخذ بزرها في تموز وآب، وتسقى بعد الزرع، فإذا نبتت قطع عنها الماء، وتسقى عند قلعها ليسهل خلعها وقليل من الماء يكفيها. وتنبت في اليوم الثاني، وتزرع مرارا في الصيف، وتزرع نثرا على الماء، ومن أصابه عطش وجعل ورقة تحت لسانه صبر على العطش حتى يصيب الماء، وأجودها الغصن العريض، وعصارتها أحسن ما فيها وهي باردة رطبة في الثالثة، وقيل في آخر الثانية. وقيل في آخر الثالثة قابضة تمنع النزف، وإذا اخذ من مائها عشرة دراهم قضت على الصفراء. ومن جعلها تحت وسادته لم بر حلما البتة، وعصارتها تنفع من نفث الدم والمعدة والكبد الحارثين شربا وضمادا، وتنفع من الحميات الحارة، والإكثار منها يضر البصر والباه، ويفيد معها الكرفس والجرجير والنعنع. وقيل تضر المعي وينفع معها المصطكى. والبقلة اليمانية - وهي التربوز - وتسمى في الشام جرموز، ومنها بستاني أبيض وأخضر تزرع في آذار وآخر أيار، ولا تتحمل الماء الكثير ولا الزبل الكثير، وتزرع في شهور العام كلها، إلا في تشرين الثاني، وهي أشد ترطيبا من القرع والخس ومن سائر البقول، وهي باردة رطبة في الثانية، تمنع من العطش مطبوخة بدهن الورد تدفع الصداع الحادث عن حر الشمس.

والقطف وهو السرمق، وبقلة الروم والبقلة الذهبية، وهو بستاني وبري، ويزرع من نصف كانون الآخر حتى أول نيسان، ومن أول آب إلى آخر تشرين، ويطعم في آخر الشتاء وأول الربيع، ويسقى الماء العذب والمالح ويزبل بالزبل العفن وغيره وهو نبات ضعيف لا يحب كثرة الماء، وهو بارد رطب في الثانية ينفع من الحمى المحرقة واليرقان والإمساك، وإذا بل بالزيت ينفع فم المعدة.

والسلق أنواع، منه بستاني ومنه بري، والبستاني أبيض وأسود وكذا البري، وزرعه مع الكرنب إلا أن نقله أسرع إنباتا له. وتوافقه الأرض الرطبة الظلة بالشجر وزرعه في نيسان. ومن أراد تكبير السلق وبياضه ألصق بأصوله روث البقر وطمره بالتراب وسقاه فإنه يجود. وإن أردت تكبير أصوله تكشف عنها التراب مرات، وتشق كل أصل بسكين، وتدخل فيه حجرا وترد التراب عليه، فإنه يجود ويكبر جدا، وتؤكل أصوله وفروعه، نيئا ومطبوخا وتوافقه الأرض المالحة، فيلقط ملوحتها إذا كرر زرعه فيها ذهبت ملوحتها بالكلية، وتصبح طيبة سلمية. ويسلق السلق ثلاث سلقات ويجفف ويطحن ويخبز ببعض الأدقة. ويؤكل السلق بالخردل والفلفل والكمون والكراويا، ومسلوقا بالزيت ونحوه بالخل، وهو حار يابس في الأولى وقيل رطب في الأولى فيه بورقيه ملطفة وتحليل وتفتيح، وأجوده العذب الطعم، وفي الأسود قيض، وينفع من داء الثعلب والحزازة والكلف والثآليل إذا طلي بمائة، ويقتل القمل، ويطلى به القوبى مع العسل، ويفتح انسداد الكبد والطحال. وهو ينفع من القولنج لكنه مع التوابل يولد المغص والانتفاخ.

والكيموس قليل الغذاء، يحرق الدم والخل والخردل يصلحانه. قال ابن زهير: قال هرمس: إن أخذ ورق السلق المجفف وورق العاقر قرحا ومن نفس العاقر قرحا من كل واحد وزن دانق، وجعل في مصباح باسم انسان، وأطعم في طعام، عمل فيه روحانية المحبة عملا عجيبا، وإن رضّ وسحق السلق وعاقر قرحا وذر في مجرى ماء الحمام، سكن جريه، وإن رض ورق السلق بدم الحمام ودفن في إناء من رصاص في زبل مدة أربعين يوما تولد منه دود طويل أخضر، وإن طبخت بماء سلق وطلي به الأقرع أنبت الشعر، وإن شق الدود ودفن في برج حمام أو علق عليه لم يقرب البرج شيء من الحيوان الضاري، وكان له طلسما.

والحماض منه بريء ومنه بستاني، والبري يقال له السلق، وليس في البري حموضة، ويؤكل أصله وفرعه، وهو ينبت وحده، ويعد من البقول البستانية، ويعمل منه خبز كالسلق، وهو بارد يابس في الثانية، وبزره بارد في الأولى. ويولد القبض، وينفع من البرص والقوبا وإذا طبخ وضمد به نفع من داء الخنازير حتى قيل أنه إذا علق في عنق صاحب الخنازير ينفعه. وهو مع الخل ينفع من الجرب. وينفع من اليرقان الأسود، ويقوي الأحشاء، ويسكن الغثيان، وينفع من لسعة العقرب. والبري أنفع في ذلك.

والطَّرخون منه بري جبلي، ومنه بستاني، وأجوده الغض البستاني، وفي طعمه حدّه تخدر اللسان والفم، ولهذا يستعمل عند شرب الأدوية الكريهة الطعم التي تعافها النفس، ليخدر الفم فلا يحس بكراهة الدواء. وهو ربيعي، ويؤكل أيام الربيع، ويستمر في الأرض عدة سنين، وينبت في كل سنة أيام الربيع، وهو من خضر الشام الربيعية. والجبلي قيل أصله العاقر قرحا، والطرخون حار يابس في الثانية، وفيه قوة مخدرة وقيل بارد، وهو مجفف للرطوبات، وهو يقوي المعدة ويعين على الاستمراء، وكثيره بطيء الهضم ويورث وجع الحلق ويقطع شهوة الباه، ويعطش، ويصلحه الكرفس.

والملوخيا واسمها الملوكية، وهي ضرب من الخبازي البستانية توافقها الأرض المفرطة الحرارة، وتحتاج إلى زبل، وزرعها من تشرين الأول حتى كانون الأول، وتؤكل في فصل الربيع. وفي البلاد الحارة تستمر إلى الصفي بل أكثر السنة غير فصل الشتاء. وأجودها الأخضر العظيم الخضرة، الذي تميل قضبانه إلى الحمرة، وهي باردة في الأولى رطبة في الثانية. وقيل باردة رطبة في الثالثة، تنفع من الالتهاب إذا ضمد بها الصدر والمعدة، وتنفع من الصداع وأوجاع العين إذا ضمدت به مع دقيق شعير، وتفتح انسداد الكبد والمرارة، إذا شرب من مائها ثلاثين درهما. وقيل تضر المثانة، ويصلحها الورد وماء الورد. والملوخيا تغذي البدن أكثر من سائر البقول، وتستحيل دما كثيرا، وتنفع المحرورين وتعين على السعال وخشونة الصدر، وخصوصا باللوز، وتنفع على لسعة الزنبور.

والخبازي نوع من الملوخيا، وهي برية وبستانية والبرية ألطف وأيبس والخبازي القرطبية ساعدها غليظ، وحجم ورقها شبران ترتفع بمقدار قامة الفارس. وطبع الخبازي بارد يابس في الأولى، وقيل معتدل في الحر والبرد، وورق البرية مع الزيتون ينفع من حرق النار، والخبازي تسكن لسع الزنبور ضمادا، وخصوصا مع زيت.

والهليون بري وبستاني، وينقل البري إلى البستان ويقلع بعروقه وترابه ويسقى حين غراسه ويرعى حتى يعلق ويتمكن، ويسقى كل أسبوع مرة، ووقت غراسه في شباط، وهو ذو قضبان في غلظ الإصبع أو دونها، عليها ورق وبزور، وأكله عند ظهور بزره وقبل تفتيحه وهو ينبت وحده كثيرا في المواضع الندية ومجتمع مياه الأمطار، وإن أخذ إنسان من الهليون قضيبا واحدا وطلاه بالعسل ومرغه في رماد فحم البلوط وألبسه طينا وطمره في الأرض خرجت منه قضبان كثيرة بيضاء للغاية، وفي بعضها حمرة مشوبة بصفرة، وفي أعلى أطرافه ألوان. والهليون يخرج من قرون الكباش إذا دفنت في الأرض مغمورة كما تقدم، وهو نبات شامي، يجود في الشام ويبعث على الجماع، ويقوي الظهر والذكر، ويزيد في الدم، وأصله يذهب سهولة اللحم، وإذا جفف أصله وسحق وبلّ بدهن سمسم وطلى به إنسان يديه ورجليه وأخذ خوابي النحل لم تضره لدغته ولا تؤلمه. وإن جعل في الخل والملح نيا كما قطف من أصله وترك في إناء نحو شهر صار له طعم لذيذ وأصبح غذاء مقويا. وإن سلق وصب عليه الخل والمري والزيت وتأدم به مع الخبز كان طيبا، وربما طرح في الأطعمة، لا سيما الحامضة، وإذا دسم كان طيبا وأجوده البستاني الغض المنقط، وطبع الهليون معتدل، وقيل حار رطب، وهو فيتح انسداد الأحشاء والكبد والكلى، وينفع من اليرقان والقولنج والبلغم وعسر البول، ويزيد في ألباه، ويولد المني، ويحرك شهوة الجماع، وينفع من وجع المفاصل، وينبغي أن يسلق ويطبخ باللحم، وإن علق أصل الهليون على الضرس قلعه من غير وجع، وإن شرب كلب الماء طبيخه مات.

ولسان الجمل وهو كبير - ويسمى عند أهل الشام إذن الجدي - وصغير، والكبير يزرع بزره في آذار ونيسان، ويتم نموه في آب، ويزرع عند السواقي ونحوها، وهو ينبت وحده على السواقي وأنفعه الكبير الورق الجديد، وهو بارد يابس في الثانية، وورقه قابض رادع يمنع سيلان الدم، ويعلق أصله على عنق صاحب الخنزير فينفعه، وهو ضد الأورام الحارة وحرق النار والنملة والشري وداء الفيل والصراع. وماء ورقه ينفع من القلاع، ويوضع على عضة الكلب الكَلِب.

والبنج ينبت وحده كثيرا في الأرض الصلبة المحجرة، وفي حيطان البنايات ذات الأحجار، وهو ثلاثة أنواع، أسود، وأحمر، وأبيض. وزهر الأسود أرجواني، وزهر الأحمر أصفر، وزهر الأبيض أبيض. والأبيض رطوبته دهنية، وهو أجودها وأسلمها، وهو الذي يجوز استعماله. وإن لم يوجد فالأحمر، ولا يجوز استعمال الأسود بحال. والأبيض بارد في أول الثانية، وهو مخدر يقطع نزف الدم، وقوة بزره شبيهة بقوة الأفيون، ينفع من نفث الدم المفرط، ويسكن الأوجاع كوجع النقرس طلاء وشربا قدر ثلاثة قراريط مخلوطا بماء العسل وينفع من وجع الأذن، ومع دهن ورد وخل يعين على وجع الأسنان، ويطلى به على أورام الثدي وهو فيسد العقل ويبلد الذهن، ويحدث جفافا وجنونا وورما في اللسان وخروج زبد من الفم واحمرارا في العين وضيق نفس، وغشاوة على العين، ويداوى من سقي منه بالماء الحار والدهن والعسل وتنظفي المعدة منه ثم يسقى اللبن الحليب ومرق الدجاج والحملان السمان.

والكرفس منه بستاني عريض الورق ومنه دقيق الورق يشبه ورق الكزبرة، ينبت على شواطئ الأنهار ومجاري المياه، ومنه بري يسمى سمورينون، ومنه ما ينبت في الماء، ويسمى السير، والكرفس البستاني يزرع في أيلول وشباط وآذار وهو يحب الماء الكثير، ولا يطيق الزبل، ومنه الكرفس الرومي، وهو المقدونس، ون احب أن يكبر الكرفس ويعظم ويغلظ، يأخذ من بزره مقدار ثلاثة أصابع ويصرها في خرقة كتان ثم توضع في حفرة وتغطى فيجيء النبات عظيما. وكذا الكراث، وإن حفر عن أصله بعد أن ينبت ثم يطرح حواليه تبن مخلوط تراب، ثم يسقى كبر كثيرا، ومما يزيد في حجمه أن يدق بزره برفق ويزرع بعد أن يدلك دلكا رفيقا، ويزرع في السنة كلها، وينثر نثرا على الماء. ويزبل الكرفس كالسداب في منبته بجقيق الكرسنة وإذا زبلت به أصوله وسقي الماء أطعم وطاب طعمه ورائحته. ويختلف الكرفس باختلاف البلاد فمنه الرومي، وهو المقدونس، وهو جيد للمعدة، ويدر البول والطمث، ومنه الجبلي وهو ذو بزر أسود شبيه بزبيب الجبل، وهو حار يابس في الثالثة، يدخل في الأدوية وغيرها، وأقوى الكرفس الرومي الجبلي، وقرة العين ينبت في الماء، ويسمى كرفس الماء وجرجير الماء، ويسمى السير، ويكون في المياه الراكدة، وفيه عطرية، وهو مسخن وينفع من الانتفاخ ويفتح الانسداد وراكب البحر إذا شرب من بزره درهمين سكن عنه الغثيان. والبري ينفع من داء الثعلب، وشقوق الأظفار وشقوق البرد، والثآليل، والبستاني منه ينفع من الربو وضيق النفس وأورام الثدي، وطبيخه وحده أو مع العدس يقيء به من سقي سماء وهو يسكن وجع الأسنان، لكنه يفتتها، ويضر المصروعين وبالحبالى ويهيج الصداع ويصلحه الخس.

والسداب منه بري ومنه بستاني، يزرع في الربيع كله، وبزره يزرع في كانون الثاني وشباط وآذار، ويسقى بالماء مرتين في الأسبوع حتى ينبت ثم يعطش ويسقى مرة في الأسبوع في فصل الربيع والصفي والخرفي، ويقطع عنه الماء في الشتاء، ولا يزيل إلا بالرماد في الشتاء. ويقال أن المرأة الحائض إذا مسته مات. ويزرع كل سنة، وكل وقت، وأنسب الأوقات تشرين الأول. ويعطش أسبوعا ويسقى أسبوعا وتزبل أصوله بغائط الناس. ومن خواصه النفع من الصرع فإذا مضغ المصروع شيئا من بزره وأمسك نفسه قليلا عقب شمه وتنشقه لم ترجع العلة اليه، ومضغه يقطع من الفم رائحة كل شيء يأكله أو يشربه الإنسان. وإذا علق السداب عند مأوى الدجاج لم يعرض لهن النمس، وإذا علق على طير تحت جناحه لم تقربه النسور. ولا يؤكل السداب مع البصل، فقد أعمى كثيرا. وإذا خلط بمرارة الثور وطليت به البثور والثآليل أبرأها، وإذا خلط بلبن المرأة وضمد به الرأس أذهب ظلمة البصر والكلف. وإن سحق مع الزيت وطليت به عضة الكلب الكَلِب سكن وجعه. والبري أشد اسودادا من الخردل. وصمغه أقوى فعلا منه، وفيهما حدة وقليل من مرارة. وأجوده الأخضر الحاد الرائحة البستاني، الذي ينبت عند شجر التين. والأخضر الرطب منه حار يابس في الثانية، واليابس في الثالثة، والبري في الرابعة. وقيل في الثالثة ينفع من داء الخنازير إذا ضمدت به، وينفع من الفالج والرعشة وأوجاع المفاصل شربا وضمادا. ويضمد به الصداع المزمن مع السويق، ويضمد به الأنف مع خل يحبس الرعاف، ويسكن دوي الأذن وطنينها ويقتل الدود ويحد البصر كحلا وأكلا، وينفع من الاستسقاء ضمادا مع التين، وهو يقوي الشهية ويقوي المعدة، ويسكن المغص. وينفع مع الحميات وهو يقاوم السموم وينفع الكابوس، وقدر ما يؤخذ منه ثلاثة دراهم، لنه يجفف المني ويقطع شهوة الباه. وقد يضر البصر ويصلحه الآينسون.

والصعتر منه بستاني ومنه بري، ومنه طويل الورق، وهو أقوى فعلا، والآخر مدور، وأجوده صغير الورق البري، ومنه نوع زهره أخضر مائل إلى الصفرة، يزهر في الصفي في حزيران وتموز. ومنه نوع أحمر مائل إلى السواد، يشبه زهر الحبق وزهره أصفر يميل إلى البياض. ومن أنواعه الصعتر الفارسي، وزهره أزرق، وهو صفيي ويدوم حتى الخرفي، ويعرف بفلفل الصقالبة وتناسبه الأرض الجبلية البيضاء وتصلحه الشمس، ولا ينبت في الظل، ولا يحب الماء الكثير، ويزرع بزره في آب حتى آخر الخرفي، وقيل حتى أوله وهو يتجدد كل عام من أصوله. وينقل البري إلى البساتين وإذا أكل دفع ضرر البقول الباردة المسببة للانتفاخ وهو يحد البصر ويجلو غشاوة العين الناشئة عن رطوبة، وهو حار يابس في الثالثة، محلل ملطف، ينفع من أوجاع الوركين، ويسكن وجع الضرس إذا مضغ، وينفع الكبد والمعدة ويخرج الديدان، ويدر البول والطمث، ويقوي الشهية للطعام، ويحلل الرياح، ومقدار ما يؤخذ منه مثقال دهنه ينفع الصدر والرئة ويصلحه الخل الخمري.

والجرجير منه بستاني ومنه بري. وأجوده البستاني، وهو عريض الورق، خضرته فستقية، حدته قليلة طري رطب. ومنه ما ورقه دقيق فيه ضغط ودخول في جوانبه كثير، وهذا حاد حتى نوره، والبستاني العريض الورق يزرع في تشرين الأول، وهو حار في الثالثة وقيل في الثانية، يابس في الأولى، ورطبه رطب في الأولى، وماؤه يدر اللبن وهو يساعد على هضم الغذاء، ويزيد في الباه والمني، ويطلق الطبع، لكنه يسبب الصداع، ويصلحه الخس والهندباء أو الرجلة والخل.

والشبث يزرع بستانيا من كانون الآخر إلى أواسط شباط، ويزبل وأجوده الغض الطري الذي قد خرج من زهره، وهو منضج للأخلاط الباردة، مسكن للأوجاع، يطرد الرياح، ورطبه أشد انضاجا، ويابسه أشد تحليلا، وهو ينضج الأورام وينوّم، وقدر ما يؤخذ منه خمسة دراهم، وهو يدر اللبن وينفع من فواق الامتلاء الكائن من أصناف الطعام، وينفع من المغص، وعصارته تنفع من رطوبة الأذن، وتفتت الحصا في المثانة، ورماده يقلع البواصير الناتئة إذا ضمدت به، وإدمان أكله يضعف البصر ويضر بالمعدة والكلى والمثانة ويصلحه الليمون وقيل العسل.

والكبر ويسمى القبار بري، وينقل من البر إلى البساتين، وهو حاد جدا حار، وما يزرع في البساتين أطيب وألذ طعما وأكثر طراوة، وهو ينبت وحده في الخراب والبر، وينقل في آذار بأصوله وعروقه وترابه اللاصق به، ويزبل كثيرا ويدار عليه الماء باستمرار كالباذنجان ويكبر حتى يلحق بالكرم ويحمل شيئا كالنبق خاليا من المرارة يجيد في البر أكثر من البساتين لكن ثمرته أكثر مرارة، وينقع في الخل والملح أياما ثلاثة ثم يصب ذلك عنه ويغسل بالماء الحار حتى تذهب الملوحة والحموضة، ثم ينشر في الهواء حتى يجف فيؤكل ألوانا مربى بعسل أو بس أو سكر، وينقع في الخل ويؤكل مخللا، ويكبس بالملح ويؤكل، أو يطبخ باللحم قبل تحليته، وربما يغمر باللبن ويطرح عليه قليل من أرز مطحون نيا أو محمصا قليلا ويؤكل بعد سبعة أيام فما بعدها. ومن خواصه إذا جعل في عصير العنب يحفظه من الغليان كالخردل، وأصله حاد ومنه نوع يخرج لبثور الفم ويورم اللثة، وأجوده البستاني، وأنفعه قشور أصله، وهو حار يابس في الثانية، وقيل في الثالثة محلل، وفي قشوره مرارة وحدة ويحلل ورم الخنازير والقروح الخبيثة، والمملح منه ينفع من الربو، وهو أنفع شيء للطحال شربا وضمادا بدقيق الشعير، ويدر الحيض، ويقتل الديدان في البطن، ويزيد في الباه، وهو ترياق من السموم. والمصنوع بخل فيتح انسداد الطحال وتصلبه، وينقي بلغم المعدة، وقدر ما يؤخذ منه درهمان. وقيل إنه يضر المثانة، ويصلحه الأسطوخودس، ويحقن بعصيره لعرق النساء، ويقطر في الأذن فيقتل دودها.

والسبستان أجوده القوي الرائحة، وهو يحمل خمسة أغصان لطاف، تتفرع من أصل واحد، وعليها ورق يحمل حبا يؤكل إذا جف وطحن وخبز وربما قلي على نار قليلا قبل طبيخه، ويزرع حبه في كانون الأول، ويزبل كالشجر، وفي البلاد المصرية يزرع حول الأرض المزروعة قصب السكر ونحوه، وإذا طبخ حبه بالماء حتى ينضج جعل في صحيفة وترك حتى يجف من الماء ويصب على اللبن المخيض ويؤكل، وهو أشبه الأدوية من الأغذية، وأجوده القوي الرائحة، وهو حار يابس في الثانية، وقيل إن حرارته في الأولى، ودرهمان منه ينفع من أورام الطحال مع أوقية سكنجبين، وإن غلي بالخل وضمد به على الطحال نفعه. وهو يقطع الباه ويزيل الصداع البارد ضمادا، وينفع من انسداد الكبد والطحال مع السكنجبين.

والسماق توافقه الجبال والصخور والأرض الصلبة، ويعلو قدر ثلاثة أذرع، ويصنع منه خبز بعد نقعه. والسماق منه خراساني، ومنه شامي وهو أخضر، والخراساني أحمر، وهو بري وبستاني، ومنه أبيض، ولا يحتاج إلى كثرة اعتناء وزبل، ومنه البعل ومنه ما يسقى وأجوده الحديث الأحمر، وهو بارد في الثانية، وقيل في الأولى، يابس في الثالثة، قابض يمنع النزف، وإن صر في خرقة وعلق على من به سيلان دم من أي عضو كان من جرح أو رعاف أو نزف بواسير أو مخرج قطعه. وإن رش بمائه في بيت هربت من البراغيث، ويمنع انصباب الصفراء في الأحشاء، ويمنع الغثيان وفيتح الشهية للطعام، وماؤه يقوي البصر إذا اكتحل به، ويسكن العطش، وهو دباغ للمعدة مقوّ لها يمسك البطن، وقدر ما يؤخذ منه للمداواة خمسة دراهم، وإذا اكتحل بمائه في ابتداء علل العين الحادثة عن حرارة منع امتداد المرض إليها، وقوى العين، وصمغه جيد لتآكل الأسنان، وإذا وضع في الأضراس سكن وجعها، والسماق يضر الكبد لكن يصلحه المصطكي، وهو ضار لأصحاب السوداء.

والماميتا بستاني وبري، وهو من أصناف الخشخاش، مر الطعم، ساطع الرائحة، زعفراني العصارة، لوون زهره كلون زهر الزعفران المحلول بالماء وهو يشبه الهندباء تعلوه غبرة، ويصير له أغصان في أعلاها أقماع تنشق عن نوار أصفر كالنرسج، مثل اللوبياء، أطرافها كأفواه العلق، وبزره أسود دقيق أغلظ من بزر الرجلة ويمكث في الأرض أربع سنين، وهو بارد يابس في الولى، قابض ينفع من الأورام الحارة، وابتداء بالرمد، ويقوي العين.

والجرشف منه بستاني، والبستاني يزرع في تشرين الآخر، وتنضج ثمرته في الربيع، وهو يتجدد كل عام عن عروقه وبصلته الباقية تحت الأرض، ويالي سقيه في الحر فيعظم ثمره، وهو يحب الزبل والماء خصوصا في الحر. والبري من الجرشف معتدل الحرارة رطب في الثانية، وقيل بارد، وقيل حار يابس في الثانية. وماؤه يقتل القمل إذا غسل به الرأس، ويزيل نتن الإبط إذا أكل، وهو محلل للأورام، ويخرج البول النتن، ويزيد في الباه، ويلين الطبع، ويخرج البلغم.

والحرمل يزرع بزره في آذار ولا يتحمل الماء الكثير ولا الزبل، ويجمع بزره في حزيران وتموز، وهو ينبت وحده كثيرا وتناسبه الأرض المحجرة. ورقه كورق الخلاف، له نوار كنوار الياسمين ابيض طيب الرائحة، وهو حار يابس في الرابعة، وقيل في الثالثة، وينفع من وجع المفاصل طلاء، ويدر البول والطمث، وإذا خلط بعسل ومرارة حجل أو دجاج وماء الرازيانج قوى البصر إلا إنه يسبب الغثيان ويمنع القولنج شربا وطلاء، وهو يسكر كالخمر ويصلح غثيانه مربيات الفواكه.

والحبق، وهو أنواع كثيرة، ويسمى كله في الشام ومصر والحجاز وغيرها الريحان، ومنه الحمامي والصنوبري والحاجي، وهو الباذروخ، وله زهر عجيب، وورقه كورق البقلة اليمانية بحجم كف الإنسان ومنه الصعتري وله زهر أخضر يميل إلى الصفرة، ومن القرنفلي، ومنه المشرقي، وورقه دقيق وزهره فرفيري اللون يميل إلى سواد، ومنه الترنجاني ورائحته تشبه رائحة الأترج، ومنه السروي، وهو كالصعتري، إلا في الورق والزهر، فإن السروي يميل إلى غبرة، ونواره إلى حمرة، وورقه أبيض، ومنه الصقلبي، وقيل هو نوع من الحمامي، ومنه الرومي وهو كثير الورق، نواره جميل المنظر قصير السنابل، ومنه المقلوب الورق، وهو يتطلب الاعتناء والماء العذب، ووقت زرع ذلك كله النصف الثاني من كانون الثاني وشباط ونصف آذار، إلا القرنفلي فيزرع في النصف الأخير من نيسان وأيار. والحمامي له زهر أبيض في غلف مائلة إلى السواد، ووقت زرعه كانون الثاني، وينقل في آذار، ومنه حبق نهري، وتسميه العامة طرطور الحاجب، وبزره يزرع في آذار ونيسان ويحب الزبل الكثير لكنه لا يحب كثرة الماء.

والحوك وهو الباذروخ ينقص ذهن آكله وينسيه كثيرا مما كان يذكر ولا تأكله المعز. والباذروخ ثلاثة أصناف، القرنفلي وهو الفرنجمشك رائحته حادة، ويزرع من آذار حتى آخر نيسان، وقد يزرع في تموز، ولورقه زغب لطيف وهو أطيبها رائحة، وأفضلها، ويستعمل في الأدوية كدواء للامساك وغيره، له بهجة منظر الريحان، ويسقى في الأسبوع مرتين إلى أن يصير بطول الإصبع. والترنجاني وهو الباذرنجوية، رائحته كالترنجان، وورقه عريض كالإبهام مفرغ الباطن عليه شبه الغبار، ويجود في البلاد الباردة، ولا يحب كثرة الزبل ولا المياه. والمقلوب الورق عريضها قصيرها مفرغ البطن، فإذا نبت انقلبت مغاليق أوراقه وصارت أوراقه مما يلي السماء إلى جهة الأرض، وهو نوع غريب، ويحصد الريحان إذا امتلأ بزره وكمل ويبس، ويخزن بزره في ظروف فخّار مثقوبة فيها تراب مزبل ويحفظ من البرد ومن الشمس إلى أن ينبت بزره. والحماحمي بارد يابس في الأولى، وهو فيتح انسداد الدماغ، ويسكن حرارة المعدة والكبد إذا شرب من مائه المطبوخ مع جلاب أو سكنجبين، وبزره المقلّى بدهن ورد وماء بارد ينفع من الإسهال المزمن، وقيل إن من أكله ثم لسعته العقرب لم تؤلمه، وإن ضمد لا تقربه العقرب. وقال هرمس: إن أخذ من ورقه ما وزنه وزن عقرب وسحق مع العقرب وجعل منه حب كالفلفل وسقي منه المصروع عند وقته ثلاثة أيام أبرأه وإن شربه صحيح صار مجنونا، وإن أخذ أطرافه وبزره وقلب خطاف ثم جعل في جلد ابل وعلق على المصاب الذي يقع في رأس الشهر أبرأه، وإن مضغ مع الخبز الحار حتى يختلط ويجعل بين لوحين صار عقربا بعد ثلاثة أيام، وإن عجن بخبز الشعير الحار وترك تولدت منه عقارب خضر، إذا جعلت في بيت لم يدخله الهواء.

والترنجان بستاني وبري، ومنه عريض الورق جدا أزغب، وصغير الورق قليل الزغب، وأغصانه إلى البياض أقرب، وكلاهما له زهر أبيض يظهر في نيسان وأيار وفي الربيع كله، ورائحته كالأترج. والنحل يستطيب الحلو منه، ويزرع بزره في شباط، ولا يقوى على الزبل الكثير، وينبت كل عام وحده من أصوله، ويتجدد من الباقية تحت الأرض، وإذا طال حصد، ويسقى بالماء فينبت، ويسمى مفرح القلب المزون، فإن فيه خاصية عجيبة في تفريح القلب وتقويته، وينفع الأحشاء، وأجوده البكر، وهو حار يابس في الثالثة، وقيل في الأولى وقيل معتدل في الحرارة يابس في الثانية، وينفع من جميع العلل البلغمية والسوداوية، وينفع من الجرب ومن انسداد الدماغ، ويقوي الكبد، ويذهب الخفقان، ويعين على الهضم، وينفع من الفواق، ويصفي الذهن، وقدر ما يؤخذ منه مائة وعشرون درهما. وقيل يضر الورك، ويصلحه الصمغ العربي، ويذهب البخار، ويطيب النكهة.

والبنفسج منه بستاني ومنه جبلي دقيق الورق، والبستاني عريض الورق، ينبت في المواضع الظلية وتناسبه الأرض الرطبة والرملية الرطبة والجبلية، ويزرع بزره في آب ولا يؤخر عنه، بعد أن يزبل وجه الأرض ويخلط بمثله زرق الحمام أو رماد الحمامات، ويسقى بالماء في الأسبوع مرتين ولا يوافقه إلا الماء العذب الخفيف، وماء الآبار يضعفه وقد يهلكه، وإذا غاظ الإنسان في مجاري مائه فشربه البنفسج هلك وانحل، وكذا فسا أحد أو ضرط على البنفسج، وكذا سائر الأنتان والقاذورات فإنها مهلكة له. والرعد الشديد المتتابع يضعفه ويوهنه، ووقع الغبار الكثير عليه يضعفه، والدخان ربما يهلكه إذا دام عليه، ولا يوضع في منبته تراب قبور فإنه يضعفه. ومنه أزرق ولازوردي وما يميل إلى حمرة وأبيض، وأجوده اللازوردي المضاعف، ثم العراقي، ثم الأرجاني، وهو بارد رطب في الثالثة، وقيل رطب في الأولى، وقيل حار، وهو يسكن الأورام الحارة ضمادا مع دقيق الشعير، ويسكن الصداع الناتج من الحرارة شما وضمادا، وينفع من السعال الحار، ويلين الصدر، ويسهل الصفراء، ومقدار ما يؤخذ منه درهمان إلى أربعة دراهم، وشربه يضر القلب ويجلب الحزن، ويصلحه الأنيسون، وشمه يضر الزكام من برد وشربه بالسكر ينفع من ذات الجنب والرئة والتهاب المعدة وخشونة الحنجرة.

والنرجس يسمى عبهرا ومنه خففي ومنه مضاعف، ومن أراد أن يجعله مضاعفا يأخذ بصلة من بصله سمينة يشق وسطها ويغرس فيه ضرس ثوم غير مقشور ثم تطمر البصلة في التراب فإنها تحمل نرجسا مضاعفا. والنرجس الأصفر هو العرار، ويغرس في حفرة عمقها نصف شبر، ويجعل فيه ثلاث بصلات أو أربع، ويرد التراب عليها ويكون ذلك في شهر أيار وحزيران، وهو يحب الماء الكثير والأرض المالحة وأجوده ما كان في أرض جبلية. ومن أحب أن يكون النرجس طيب الريح تشوب بياضه خضرة، ويجعل فيه ثومة خضراء رطبة، ويغرسه في موضع بارد كثير الرطوبة. والنرجس معتدل في الحرب واليبس لطفي. وقيل حار يابس في الثانية، وهو فيتح انسداد الدماغ، وينفع من الصداع الناشئ عن رطوبة أو سوداء، ويصدع الرؤوس الحارة ويصلحه البنفسج والكافور.

والسوسن أربعة أنواع: أبيض وأسود وأصفر وأزرق بلون السماء. ويغرس بصله في أيلول وتناسبه الأرض الرخوة والماء الحلو والمواضع التي لا تحرقها الشمس ويزرع عند السواقي، ويغرس في أيار وتشرين الأول، وتحفر له حفائر بعمق شبر، ويجعل فيها زبل بستاني، وتغرس البصلة ويرد عليها التراب، ويكون بين كل بصلة وأختها ثلاثة أشبار، لأن بصله يتولد، ويسقى بالماء مرة في الأسبوع زمن الحر، وبعض الخرفي، ويقطع عنه الماء في البرد، وإن دفنت قضبانه مجتمعة في أرض ظلية بحيث لا يصلها شمس كثير فإنه يصير تحت كل ورقة منها بصلة في فصل الخرفي، فينقل ويغرس. وإن زرع بزره يترك بعض زهره حتى يعقد البزر في وسط زهره، فإذا يبس يؤخذ ويزرع في آب. وإن صب في أصله عكر خمر أحمر صار زهره كالأرجوان، وإن طرح فيه شيء من الكافور حدثت له رائحة زكية جدا ودهن السوسن لطفي، وهو حار يابس في الثالثة كدهن الياسمين، وهو يقوي الأعضاء، وينفع من الإعياء، وينفع كبار السن كما ينفع من أمراض العصب وقروح الرأس ودوي الأذنين. وهو درياق لسقي البنج، وإذا اكتحل بعكره حلل الماء النازل في العين. ودهن السوسن الخالص يرعف المحرور إذا شمه، ودهنه مضر للمعدة.

والنيلوفر ويسمى حب العروس وهو أصناف، الأصفر الشامس، والأحمر، والأبيض، والاسمانجوي، وينبت في الماء وحده، والأبيض منه هو البشنين، ينبت في مصر كثيرا إذا طاف النيل ويسمى جلجان، وله زهر أبيض ورأس منبسط يتفتح على وجه الماء إذا طلعت الشمس، وينقبض إذا غربت، ويغوص برأسه في الماء. وله بزر شبيه بالدهن، يجففونه في مصر ويطبخونه ويعملون منه خبزا. وأصبه شبيه بالسفرجل يقال له بياروز، وهو المستعمل. وهو نوعان: خنزيري وإعرابي، وهو أفضله وأجوده. ويؤكل نيئا ومطبوخا، وطعمه كصفار البيض، وفيه بعض عطرية. ويطبخ باللحم وغيره فيشبه طعام الكمأ، يميل إلى حرارة يسيرة، ويزيد في الباه، ويسخن المعدة ويقويها، وينفع من الزجير. وللنوفر أصل، وأكثر ما ينبت منه في الماء العذب في أرض طيبة التربة سليمة من الفساد، وجودته تكون بزيادة القمر في الضوء، ونقصانه بنقصانه. ويغرس في الأرض الظلية في آخر نيسان بعد تزبيل الأرض بالزبل القديم، وقيل يغرس في الخرفي كله، ويظهر بزره في نيسان. وهو بارد رطب في الثانية، ومنوم مسكن للصداع الحار، وينفع من الاحتلام ويكثر شهوة الباه إذا شرب منه درهم بشراب الخشخاش، وبزره يمنع النزف. وشراب النيلوفر ينفع المعدة الحارة والحميات، ويلين البطن، ومن خواصه أنه لا يتحلل في المعدة بخلاف سائر الأشربة الحلوة، وأصله أشد فعلا، والأصفر منه أقوى في هذه الأفعال.

والبهار يسمى ورد الحمار، ولون ورده أصفر، وورقه أحمر، ولعل البهار هو القرنفل، ومنه أبيض، ويزرع في آيار وحزيران، وينور في آب، وتناسبه الأرض الرملية والجبلية، ويحب الماء الكثير. وإذا بخر بالبهار بيت طرد منه الهوام، وطرد البق خاصة. والبهار حار في الأولى وقيل في الثانية، يابس في الأولى، محلل ينفع شمه من الأبخرة المتصاعدة من الرأس. ويبرئ الأورام الصلبة إذا خلط بسمن أو دهن وضمدت به.

والبابونج منه أصفر الزهر، ومنه أبيضه، وورده كبير تناسبه الأرض الندية والرطبة السمينة، وإن روي بالماء الكثير قلَّت رائحته ويزرع بزره في كانون الثاني وشباط وآذار وقيل: البابونج هو الأقحوان أو نوع منه، وإكليل الملك هو والبابونج ينبتان وحدهما بغير زرع غالبا، وأجود البابونج الطري الزكي الرائحة الأصفر الساطع الضارب إلى بياض الكبير الورد، وهو حار يابس في الأولى وقيل حار في الثانية، يابس في الثالثة، وقيل قوته قريب من الورد، وهو مفتِّح ملطف محلل من غير جذب، وهذه خاصيته من بين سائر الأدوية وهو يلين الأورام الصلبة ويريح الإعياء، وينفع من الصداع البارد، وإذا جلس في مائه المطبوخ صاحب حصى الكلى فتت الحصى وأدر البول، وقيل يضر الحلق، ويصلحه العسل، ودهنه حار باعتدال، يسكِّن الأوجاع.

والأقحوان منه أبيض، ومنه أصفر، والأبيض أقوى، وهو قضبان دقاق عليها زهر أبيض الورق، وسطه أصفر، حاد الرائحة والطعم، وزهره هو المستعمل، وهو حار يابس في الثانية، وقيل حار في الثالثة، يحلل ويدر العرق، وينفع النواصير، وقدر شربته ثلاثة دراهم لكنه يضر بالمعدة والطحال ويصلحه الأونسيون، وإذا أديم شربه أحدث سباتا. والأرديون هو الأقحوان عند أهل الشام، ويسمى رجل الأسد، ومنه بستاني أصفر بحمرة، كبير وصغير، والصغير هو البهار، ومنه بري كبير الورق وصغيره. ويزرع بزره في كانون الثاني وشباط وهو يكبر في بعض البلاد حتى يصير كالشجرة العظيمة، وفي بعضها لا يجاوز ذرعا، ومن خواصه إذا أمسكته امرأة عند الوضع طابقة إحدى يديها على الأخرى، رمت بالولد سريعا، وإذا دخلت الحبلى إلى موضع في أرديون فبلغت رائحته إليها أسقطت، وإن بخر به موضع يهرب منه الوزغ والفار والذباب وهو حار يابس في الثالثة، وفيه ترياقية تنفع من السموم كلها.

والخيري ثمانية أنواع، بستاني زهري فرفري اللون معروف، وبستاني أبيض الزهر، وبستاني زهره أصفر، ومنه ما لونه فيه بياض وحمرة، ومنه أزرق، ومنه أحمر قان ومنه عصفوري منسوب إلى صبغ العصفر، ومنه سمائي، ومنه الأسود، وهذه كلاه بستانية، ومنه بري فرفيري دقيق، ومنه ما يعرف بخيري الماء، زهره فرفيري في الصفي، ويزرع في آب أو في شباط، ويعظم ورده من كانون الثاني حتى حزيران، تناسبه الأرض التي لا رطوبة فيها، وإن خلط فيها رماد وجير فهي أحسن، ويعطي أكثر، ولا يقوى على الماء الكثير ولا الشمس، فيختار له المواضع الظليلة وبين الأشجار حتى لا تصيبه الشمس إلا بعض النهار. وقيل الأحمر يزرع في آب خاصة، وينور في الشتاء والربيع، وإن زرع في آذار نور في الخرفي والشتاء كله، والأصفر يزرع في تشرين الأول وقيل في آب مع الحمر. والخيري شبيه البنفسج في زراعته والاعتناء به إلا إنه أقوى وأصبر وله منافع البنفسج وتضره الروائح المنتنة كما تضر البفسج، وإذا لقطت ورده امرأة حائض فسد وذبل. والأصفر منه فيه حرارة وقيل يابس في الأولى، وقيل في الثانية، والأسود معتدل، ودهنه حار رطب في الثانية، لطفي محلل، وقيل معتدل ينفع الجراحات وخاصة إذا عمل بلوز حلو. والمرّزنجوس ويسمى العبقر وحبق الفيء وهو بستاني وبري، ومنه كبير الورق ودقيقه، وهو لا يحب الماء كثيرا، ولا شيئا من الزبل البتة، ويسقى برفق مرتين أو ثلاثة في الأسبوع حتى ينبت ثم يقطع عنه السقي ويعطش وينقى من عشبه، ويسقى مرة في الأسبوع وزرعه أول أيار ويعمر نحو ستة أعوام، وإذا امتلأت رؤوسه بزرا وكمل وحصد وجفف، ويؤخذ بزره ويحفظ في فخار ولا يسقط ورق هذا النبات في البرد لحرارته، وورقه وبزره يطيب به اللحم والشحم، فيزيل عنه النتن وتغير رائحته، ولهذا النبات في إزالة الأنتان والعفونات كلها فعل قوي، ومن خواصه أنه إذا بال الإنسان في مجرى الماء الذي يسقى به حتى يخالطه ويشربه فإن رائحته تقوى، وكذا إذا غبر بمسحوق تراب مخلوط بزبل الناس، فإنه يقوى وتذكو رائحته، وأجوده البستاني، وهو حار يابس في الثالثة، وقيل في الرابعة، وقيل في الثانية، وهو ملطف محلل ينفع من الصداع الناشئ عن رطوبة وبرد، وينفع من عسر البول والغص، وطبيخه ينفع من الاستسقاء، وخمسة دراهم منه تنفع من الشري البلغمي، ويضمد به لسع العقرب مع الخل، وقال بعض الحكماء: إذا جعل في بيت تألفت سكانه، وإن دق ورقه وورق السداب من كل واحد نصف دانق، ومن اليبروح دانق باسم متحابين، ودفن بينهما أو أطعماه في طعام في العداوة وعملا عجيبا. وهو ينفع من وجع الظهر، ويفتح انسداد الدماغ، ودهنه لطفي حاد، يضمد به الفالج في العنق وغيره من أنواع الفالج، ويجعل في الأذن بقطنة فينفع من انسدادها، وقيل يضر بالمثانة، ويصلحه بزر الرجلة.

والخزامي نبات يحمل وردا مفرق الورق بنفسجي اللون، بل أحسن من لون البنفسج، ويطول إلى قامة في الأكثر، وله أغصان كثيرة، والفرس يعظمونه ويتبركون به، ويقولون النظر إلى وردة يسر النفس، ويزيل الهم الذي يعتري الإنسان بلا سبب وهو ينبت وحده كثيرا لا سيما في الجبال والأرض ذات الحصى والحجارة وهو بعل، وقد ينقل المرو وهو حبق الشيوخ، يزرع بزره في تشرين الأول والثاني وكانون الأول والثاني، وهو لا يحب الماء ولا الزبل. وينقل في شباط وآذار، ويؤخذ بزره في آب ويحفظ، وهو أنواع، نوع طيب الريح، وهو المرماحوز، ونوع أقل ريحا منه يسمى سموما، ونوع يقال له الأبيض ويقال له الثور، ونوع بارد، ونوع حار يسمى مرماهونس. والأبيض معتدل فيه قوة مفرحة، والنوع الحار يزيل الانتفاخ وينقي البلغم، ويفتح الانسداد وينفع من الصداع البارد ووجع المعدة ويقويها ويقوى الأمعاء، ويزره ينفع من الإسهال والدوسنطارية إذا قلي. والمرماحوز بري وبستاني، وأجوده البستاني الأخضر، وهو حار يابس في الثانية، وقيل في الثالثة، وقيل يابس في الرابعة، وقيل حرارته في الأولى، وهو لطفي محلل مسكن للرياح ويفتح الانسدادات البلغمية حيث كانت، وينشف رطوبة المعدة ويقويها، وقدر ما يؤخذ منه درهم، وهو يمنع القيء، ويعين على الاستمراء، وشمه يجلب الصداع لكن ترياقه الرياحين الباردة.

والخطمي ويسمى ورد الزينة، والخباز الصقلي، وإذا درس أخضر صار له رغوة يغسل بها الرأس وغيره. وأنواعه كثيرة، وهو ينبت في السهول، وإذا أجدبت أرض جاد فيها لأنه لا يختلط به عشب غيره، وتناسبه الأرض الرطبة، ويزرع بزرا في الأحواض والظروف في حفر عمق الحفرة أصبع، ويوضع فيها من ثلاث حبات إلى خمس، ويغطى بالزبل ويسقى، ويترك منه في الموضع أصل واحد بطول نحو أربعة أذرع، لأن شجرته تعظم، ويتركب فيها التفاح وغيره، ويزرع في أيلول خاصة، وهو لونان، أحمر الورد، وأبيض أصغر من الأحمر، وقد ينبت في الأرض الصلبة المخصبة وتنفعه السيول والأمطار، وإذا عدم الماء لم يضره، ويعرض له داء يسمى الحمرة، وعلاجه رش الماء البارد عليه ثم يسكب في جوانبه كل سبعة أيام مرتين أو ثلاثا فيزول. وزعم قوم من الحكماء أن النظر إلى ورق الخطمي وهو على شجرته فيرح النفس ويزيل الهم ويعين على طول القيام على الرجلين، وذلك بأن يدور الإنسان حول شجرته وينظر إلى ورقها ووردها من كل جهاتها ساعة، فإنه يجد بذلك السرور والابتهاج والفرح، وتقوى نفسه. ومن أرادا أخذ العسل من بيوت النحل دون أن يضره أو الزنابير فليأخذ مسحوق ورقها ويعجنه بالزيت، ثم يطلي به يديه، وما أراد من بدنه، فإن النحل لا يتعرض له ولا يؤذيه، ويقال له أيضا ورد الزواني، ويوافقه الماء العذب والزعاق، والخطمي بارد رطب، وقيل بارد معتدل وهو ملين ومحلل للأرياح، ويطلى به البهق مع الخل ويجلس في الشمس يشفي وهو يلين الأورام ويحلل وينفع من داء الخنازير، ويسكن وجع المفاصل مطبوخا بشحم الأوز، وينفع من عرق النسا والارتعاش، وطبيخ أصوله ينفع إذا شرب من حرقة البول والمعى والحصاة، وإذا طلي به مكان مخلوطا بالخل والزيت منع اقتراب الهوام من ذلك المكان وإذا غسل به الشعر نعمه، وإذا شرب منه مقدار مثقال منع القولنج، وبزره يفتت الحصاة وأصله ينفع من نفث الدم، وان طبخ أصله وسقي من ينفث الدم من صدره قطعة من ساعته، وإذا طبخ بزره وخلط بخطمي وخل وسقي منه المصروع أبرأه، ويسكن وجع المفاصل إذا طبخ مع الأوز، وصمغه يسكن العطش. وقيل الخطمي يضر بالرئة، ويصلحه العسل.

والنمام يسمى السيسنبر، ونمام الملك له رائحة عطرة، وينبت في الأرض الرخوة، وهو يحب الماء الكثير، ويصمد للزبل أكثر من الترنجان، ويتجدد من بزره ومن ملوخه ومن عيونه. ويزرع بزره في تشرين الآخر وشباط وآذار ويسقى، وكذا ملوخه تزرع في حفر ويجعل معها حب شعير فتجود وتسرع في الإنبات، وبين كل أصلين يترك قدر شبر ويزرع على السواقي ووقت زرعه في الخرفي ويكون ذلك في أيلول، والربيعي منه أحسن، وإذا حصد وسقي بالماء الجاري يلقح من أصوله، ويحصد إذا عقد بزره وامتلأ ويبس، ويخرج بزره ويحفظ في فخار، وله خاصية في إدخال السرور على النفس، وأن ألقي من نباته في لبن حليب منعه م أن يحمض حتى ولو ألقي فيه لبن وطبخ به لم ينعقد، وهو حار يابس في الثالثة، ويلطف ويحلل ويدر البول ويفتت الحصاة وينفع من الفواق إذا كان سببه الشبع وينفع من الصاع ضمادا بعد طبخه بالخل. وأجوده المشبع الخضرة الذكي الرائحة وسمي نماما لسطوع رائحته فإنه يدلك على نفسه، وقد يقاوم العفونات ويقتل القمل، وينفع من الأورام الباطنة والدموية القاسية. ويطبخ في خل ويخلط بدهن ورد ويطلي به الرأس فينفع من النسيان والصداع واختلاط الذهن وينفع من الديدان وحب القرع، ويخرج الجنين الميت وينفع من اللسع، ويضمد به لسع الزنبور ويشرب منه للسعة مثقال مخلوطا بسكنجين، وشمه ينفع من الصداع الناشئ عن برد ويحلل الفضلات البلغمية من الدماغ.

والنعنع أربعة أنواع أحدها بري، والثلاثة بستانية أحدها النعنع ذو الورق الخشن تسميه العامة الصندل، والثاني ذو الورق الأملس والساق الأكحل وهو بالغ الخضرة، والثالث مدور الورق له رائحة نافذة والرابع السينسبر. والنعنع كله له رائحة حادة، وهو ألطف البقول المأكوله جاهزا، يغذي المعدة، ويسر النفس، ويستعمل في آخر الطعام، ويزرع في نصف آذار وبعده بنحو شهرين، ويبدر بذره كسائر البزور، فإذا صار قدر أربعة أصابع ينقل ويسقى شيئا قليلا، وأجوده البستاني الغض، وأجود يابسه ما جفف في الظل، وهو معتدل وفيه رطوبة زائدة، وقيل حار يابس في الثالثة، وفيه قوة مسخنة وقابضة مانعة، وإذا ترك منه طاقات في اللبن لم يتجبن، وعصارته تقطع سيلان الدم من الباطن، وإذا دلكت به خشونة اللسان أزالها. وهو يمنع نزف الدم، ويضمد به لعقد اللبن في الثدي، ويسكن ورمه، ويقوي المعدة ويسخنها، ويسكن الفواق الذي مصدره الشبع إذا أخذ منه اليسير كان مهضما وإذا اخذ منه الكثير أتخم. ويمنع القيء البلغمي والدموي، ويمنع من اليرقان، ويعين على الباه، ويقتل الديدان، وإذا احتمل قبل الجماع منع الحبل. وإذا شرب منه طاقات بحب رمان سكن الهيضة، وينفع من المغص، ومن عضة الكلب. وإذا أكثر منه أحدث حكة في الحلق، وقيل يولد رياحا.

والنيل ويسمى حبق العجب، وهو صنفان، أحدهما تصبغ به الثياب الرقاق بعد تدبير ورقه وطبخه في القدور وعقده، والثاني حب النيل وهو اللبلاب، وهو أربعة أصناف، أحدهما زهره أزرق والثاني نزاره أبيض وورقه فيه لين وغبرة والأزرق أفضلها. تناسبه الأرض الرطبة والرخوة والسمينة، والماء الحلو. وزرعه في شباط وآذار، ويعمق له إصبع ويزبل ويسقى مرة ويترك حتى يصير بطول أصبع، ويسقى ثلاث مرات في الأسبوع، والإكثار من الماء فيسده، وينصب له قصب يصعد عليه ويلتوي، وتمد له حبال يتعلق بها، ويتعلق بكل ما قاربه، ويعرف بحبل المساكين. واللبلاب هو شيء يلتوي على الشجر وله خيوط دقاق وورق طويل، وهو مركب من أرضية قابضة ومائية ملينة، وحراقة نارية، ومنه صنف رديء، وأجوده الجديد كبير الورق، وهو معتدل إلى حرارة ويبس، ملين ينفع من الصداع المزمن ومن انسداد الكبد، وورقه بالخل نافع للطحال، وماؤه يسهل الصفراء وقدر ما يؤخذ منه حتى ثلاثين درهما مع سكر من غير أن يغلى، وإذا طبخ بدهن لوز الهند نقع أصحاب قرحة الأمعاء والسعال. ولبن اللبلاب يحلق الشعر، ويقتل القمل، والعتيق الرديء من اللبلاب يسهل الدم، وحب النيل وهو القرطم، وهو حار يابس في الثانية، وقيل في الأولى، وقيل في الثالثة، وقيل بارد يسهل الأخلاط الغليظة والسوداء والبلغم والدودان وحب القرع، وشربته ما بين دانق ونصف إلى نصف درهم، وهو كريه يجلب الغثيان، وينبغي أن يخلط بدهن اللوز والأهليلج.

والأفسنتين أصناف، خراساني وطرسوسي وسوسي وسوري ونبطي ورومي، وهو حشيشة شبه ورق الصعتر فيه مرارة وقبض وحدة ورائحة عطرية وقيل هو من أصناف الشيح، وأجوده الرومي والطرسوسي الحديث الأصفر العطر الرائحة، وتناسبه الأرض الرطبة بعد زبلها، ويزع بزره في شباط، ويسقى باستمرار حتى يشب نباته ويزرع ملخوه في كانون الثاني وشباط، ومن خواصه، أنه يمنع السوس من الثياب، ويمنع فساد الهواء ويبعد القرضة عن الكاغد، وهو حار في الأولى، ويابس في الثانية، وقيل حار في الثانية يابس في الأولى، ينفع المعدة الباردة ويسهل الصفراء، ويحسن اللون، وينفع من الأورام القاسية ضمادا ويدر البول والحيض إذا اخذ مع ماء العسل ويشرب منه بين درهم وأربعة دراهم، ومن خواصه أنه يمنع المواد من التغير، وإذا نقع وخلط بزيت وطلي به شيء أو مسح به منع البق أن يقربه، وإن شرب على الريق لم يسكر شاربه ذلك اليوم ولو أكثر من شرب الخمر، وهو يقوي الكبد والمعدة، ويفتح انسداد الكبد، وينفع من داء الثعلب والحية والرمد العتيق، وشرابه يقوي المعدة، وطبيخه إذا شرب عشرة أيام كان عجبا في تنبيه الشهوة، والتخلص من الاستسقاء واليرقان، وينفع من نهش التنين البحري والعقرب، والشربة من مطبوخه بين خمسة دراهم وسبعة وقيل يضر المعدة الحارة ويجفف الرأس ويؤلمه ويصلحه الأونيسون.

والزنجبيل البستاني وهو الراسن والجناح والقصيط البستاني والرومي، ومنه نوع كل ورقه منه لها بين شبر وذراع منفرش على الأرض كالنمام، ويعلو قدر شبر، وورقه عريض أخضر خشن، وله عرق غليظ أسود وهو مستعمل منه، وأجوده الأخضر الغض، وهو شديد الحرارة وينبت وحده غالبا، وتغرض أصوله وعروقه في أيلول، ويكثر سقيه بالماء وتوافقه الأرض الرخوة والمتخلخلة، والتي فيها رمل والتي ترابها أسود، وهو حار يابس في الثانية، وقيل في الثالثة. وفيه رطوبة زائدة، وينفع من الأورام الباردة وعرق النسا ووجع المفاصل إذا طبخ بدهن وطلي به، وهو فيرح القلب ويقويه، وينفع من نهش الهوام، ويقوي الباه ويهيجه ومن أدام آكله لا يحتاج للبول كل ساعة، وقيل يقلله وينفع تقطير البول العارض من البرد، وإن دق وعجن وشرب منه مثقال سخن الأعضاء التي تتألم من البرد، وينفع من البلغم ألا أنه يصدع الرأس وقوة شرابه كقوته أو أفضل، وإذا خلط بالخل انكسر حره، والمربى منه قليل الحر يساعد على هضم الغذاء، ويقلل البول، ويفتح انسداد الكبد والطحال، وينفع المعدة ويسكن الرياح، وينفع أصحاب المزاج البارد والمفلوجين ومرض الكلى، ويسخن الظهر، ويقلل المني والدم، وأما إصلاح طبيخه فهو بالماء والملح والخل، حتى تخرج قوته ثم يصب ويعاد عليه مثله وهو حار، ويطبخ مدة طويلة ثم يصب عنه ويعاد ذلك ثلاث مرات ثم يترك حتى يبرد ويقطع قطع صغارا ثم يصب عليه الزيت أولا ثم المريء ثم تقطع عليه البقول أو ينقع في الخل يوما وليلة، ثم يرفع منه ثم يغسل بالماء بعد نقعه فيه يوما، ثم يصب عنه ويكرر ذلك مرات حتى تزول الحموضة، فيطيب طعمه، أو ينقع في الماء والملح يوما وليلة، ويراق عنه الماء، ثم يكرر ذلك مرات حتى تزول مرارته وتذهب ملوحته ويطيب طعمه، فيأكل بالخل والمريء والزيت أو يطرح في الطبيخ فيطيبه.

واللوف ويسمى قليحوش، ومنه صنف كبير، وله أصل مستدير، ويقوم على ساق موشى مثل جلد الحنش، وهو العرطنيثا. ومن اللوف الجعد ومنه السبط، والجعد أسخن، والصبط ثمره أصغر من ثمر الجعد وطوله شبر وهو يشبه بصل العنصل. والمستعمل من العرطنيثا أصله وهو بخور مريم، وله شوك كثفي قصير له أصل ابيض، يغسل به الصوف، يغرس أصله في آب عند أطراف الحدائق حيث لا يكثر المشي، ومنه صنف له ساق بطول شبر تقريبا ولونه يميل إلى الفرفيرية، وعليه ثمر لونه لون الزعفران، ولا حدة فيه. والبري فيه حدة وورقه كبير فيه نقط بيض، وقد يكون لونه لون البنفسج ممتلئ مدور غليظ جدا، وقد يطبخ ويأكل بالصباغات والأبازير والبقول، وقد يستعمل الأصل والورق في الطبيخ، ويعمل منه خبز وهو يشبه اللوف، وينبت في الفيء وفي المواضع الباردة، وقد يشبه ورقه ورق اللوف ويسمى الدارصطول، يرتفع على ساق لا عقد فيه، وهو منقط منقوش بنقوش لها ألوان كثيرة، وطوله نحو ذراعين أو اكثر وله حمل كأنه عنقود عنب، فإذا نضج صار أصفر، وأصله كبير مستدير عليه قشر غليظ وهو ينبت في السباخ المشمسة قليلا، وهو نبات في طبعه البعد عن العفن ولا يأكل أصله إلا مطحونا لتزول زغارته بالدق والطحن. واللوف السبط حار يابس في آخر الأولى، والجعد في آخر الثانية، وهو يفتح الانسداد ويقطع الأخلاط الغليظة اللزجة، وأصل الجعد يجلو الكلف والبهق والنمش إذا خلط مع العسل، وورقه نافع للجراحات المستعصية، وهو ينفع من الربو العتيق، وإذا دلك البدن بأصله لم تنهشه أفعى، وثمرة الجعد تسقط الجنين ويتولد من أكله خل غليظ، ورماده يبيض الأسنان وينزل ما في الرأس من الفضلات، وأن علق لوفة جعد في خرقة صوف حمراء في عنق الكبش الذي يقدم الغنم رفع الضرر عن تلك الغنم كلها والعرطنيثا حار يابس في الثالثة محلل جيد لأوجاع الوركين، معطش ينفع من فتح انسداد الأنف ويدفع الفواق، ويسقط الأجنة، وينفع السموم وشربه يورث الغثيان حتى ظانه ربما خنق أو أضعف القوة ويعالج بالتقيؤ والحقنة القوية.