عرج على الدراسة القفر
المظهر
عرِّجْ على الدِّراسة ِ القَفْرِ
عرِّجْ على الدِّراسةِ القَفْرِ
ومُرْ دموعَ العين أن تَجري
فلو نهيتُ الدَّمعَ عن سَحِّهِ
و الدار وحشٌ لم تطعْ أمري
منزلةٌ أسلمَها للبِلى
" عبرُ " هبوبِ الريح والقطرِ
فُجِعْتُ في ظلمائها عَنْوةً
بطلعةِ الشّمسِ أو البَدرِ
لهفانُ لامِن حرِّ جمرِ الجَوَى
سكرانُ لا من نَشْوَةِ الخَمرِ
كأنَّني في جاحم من شَجاً
ومن دموعِ العينِ في بحرِ
عُجتُ بها أُنفِقُ في آيِها
ما كان مذخوراً من الصبرِ
في فِتْيَةٍ طارتْ بأوطارِهمْ
في ذيلهمْ أجنحةُ الدَّهر
ضيموا وسقوا في عراص الأذى
ما شاءت الأعداء من مرَّ
كلَّ خميصِ البطن بادي الطوى
ممتلىء الجلد منِ الضُّرِّ
يبري لحا صعدتهِ عامداً
بريَ العصا من كان لا يبري
كأنَّهُ من طولِ أحزانِهِ
يساقُ من أمنٍ إلى حذرِ
أو مفردٌ أبعده أهلهُ
عن حيهِ من شفقِ العرَّ
يا صاحبي في قعر ممطويةٍ
لو كان يرضى ليَ بالقعرِ
أما ترانيَ بينَ أيدي العِدا
ملآنَ من غيظٍ ومن وِتْرِ
تَسري إلى جلديَ رُقْشٌ لهمْ
و الشرُّ في ظلمائها يسري
مُرَدَّدٌ في كلِّ مَكروهةٍ
أنقلُ من نابٍ إلى ظفرِ
كأنني نصلٌ بلا مقبضٍ
أو طائرٌ ظلّ بلا وكرِ
بالدّار ظُلماً غيرُ سُكّانها
وقد قَرَى مَن لم يكن يَقْري
والسَّرحُ يرعَى في حميم الحِمَى
ما شاء من أوراقه الخضرِ
و قد خبا لي الجمرَ في طيهِ
لوامعٌ يُنْذرنَ بالجَمْرِ
لاتَبكِ إنْ أنتَ بكيتَ الهدَى
إلاّ على قاصمةِ الظَّهرِ
و ابكِ حسيناً والألى صرعوا
أمامَه سَطراً إلى سَطرِ
ذاقوا الرَّدَى مِن بعدِ ما ذَوَّقوا
أمثالَهُ بالبيضِ والسُّمْرِ
قتلٌ وأسرٌ بأبي منكمُ
مَن نيلَ بالقتلِ وبالأسرِ
فقلْ لقومٍ جئتَهم دارَهمْ
على مواعيدٍ من النَّصرِ
قروكمُ لما حللتمْ بها
- ولا قرى - أوعيةَ الغدرِ
و اطرحوا النهجَ ولم يحفلوا
بما لكمْ في مُحكم الذِّكرِ
و استلبوا إرثكمْ منكمُ
من غير حقٍّ بيدِ القَسْرِ
كسرتُمُ الدِّينَ ولم تَعلموا
وكسرةُ الدِّين بلا جَبْرِ
فيا لها مظلمةً أولجتْ
على رسول الله في القبرِ
كأنَّهُ مافكَّ أعناقُكمْ
بكفهِ من ربقِ الكفرِ!
و لا كساكمْ بعد أن كنتمُ
بلا رِياشٍ حِبَرَ الفَخرِ
فهْوَ الذي شادَ بأَرْكانِكمْ
من بعد أن كنتم بلا ذكرِ
و هو الذي أطلع في ليلكمْ
من بعد يَأْسٍ غُرَّةَ الفجرِ
يا عصبَ الله ومن حبهمْ
مخيِّمٌ ماعشتُ في صدري
و من أرى " ودهمُ " وحدهُ
زادي إذا وُسِّدتُ في قبري
و هوَ الذي أعددتهُ جنتي
وعِصمتي في ساعةِ الحَشْرِ
حتّى إذا لم أكُ في نُصْرَةٍ
من أحدٍ كان بكمْ نصري
بموقفٍ ليس به سلعةٌ
لتاجرٍ أنفقُ من برَّ
في كلّ يومٍ لكمُ سيدٌ
يُهدَى مع النِّيبِ إلى النَّحْرِ
كم لكُمُ من بعدِ شِمْرٍ مَرَى
دماءكمْ في التربِ من شمرِ
ويحَ " ابنِ سعدٍ عمرٍ " إنهُ
باعَ رسولَ اللهِ بالنَّزْرِ
بغى عليهِ في بني بنتِهِ
و استلّ فيهمْ أنصلَ المكرِ
فهوَ وإنْ فاز بها عاجلاً
مِن حطَبِ النّار ولا يدري
متى أرى حقكمُ عائداً
إليكمُ في السرَّ والجهرِ؟
حتى متى ألوى بموعودكمْ
أمطلُ من عامٍ إلى شهرِ؟
لولا هناتٌ هنّ يلونني
لبحتُ بالمكتومِ من سرى
ولم أكنْ أقنَعُ في نصركمْ
بنَظْمِ أبياتٍ منَ الشِّعرِ
فإنْ تَجلَّتْ غُمَمٌ رُكَّدٌ
تَركنني وَعْراً على وَعْرِ
رأيتموني والقنا شرعٌ
أبذُلُ فيهنَّ لكم نَحْري
على مطا طرفٍ خفيفِ الشوى
كأنّهُ القِدْحُ من الضُّمْرِ
تخاله قد قدَّ من صخرةٍ
أو جِيبَ إذْ جِيبَ منَ الحَضْرِ
أعطيكُمُ نفسي ولا أرتضي
في نصركمْ بالبذل للوفرِ
و إنْ يدمْ ما نحن في أسرهِ
فاللهُ أولى فيه بالعذر