٢٦— غير أن الاغيار الذين لا يرضيهم هذا الاتفاق، يحاولون أن يفتحوا ثغرة في جسم هذه الامة. فتراهم يعملون على إحباط هذا الإتحاد، وإيجاد شتى المخاوف في أفئدة الجهلة من الفريقين. ويساعدهم في تنفيذ خطتهم هذه بعض الجهلاء الذين يتخوفون من (استقلال العرب) الذي تنشده الأكثرية، لظنهم أن المسلمين إذا استقلوا هضموا حقوق المسيحيين في وظائف الدولة ومناصبها، وفي مصالح البلاد ومرافقها العامة. هكذا يفعل الدساسون للتفريق بين أبناء الوطن الواحد. وفوق كل ذي علم عليم.
۲۷— وقبل أن اختتم هذا الفصل، أود أن أقول كلمة في موضوع الكنيسة التي بناها الأسقف برفيريوس، والتي سماها «افدوكسية» إذ قد اختلف في تعيين موقعها بالضبط. فهناك من يقول: إنها بنيت في نفس المكان الذي بني فيه معبد مارنا، إذ أن برفيريوس هو الذي استحصل على الأمر الملكي بهدم هذا المعبد، وهو الذي عمل على إنشاء الكنيسة المذكورة. فلا بد وأن يكون قد بني الكنية على أنقاض المعبد، واستعمل البلاط والحجارة والأعمدة التي كانت فيه، مضيفاً إليها الأعمدة التي ارسلت إليه من مدينة كارستوس بأمر من الإمبراطورة. وهناك من يقول: إن برفيريوس بنی کنیسته هذه في المكان الذي فيه كنيسة الروم الارثوذكس في يومنا هذا، لا في المكان الذي كان فيه معبد مارنا؛ وإنه نقل البلاط والحجارة والأعمدة التي كانت في المعبد المذكور إلى المكان الذي بنيت فيه الكنيسة، وهو لا يبعد عنه كثيراً. ويستدل على قوله هذا بالكتابة التالية التي يراها الداخل إلى كنيسة الروم، منقوشة على بلاطة من رخام فوق الباب:
« بسم الله الحي الواحد الاله القدوس إبتدأ عمارة الكنيسة بسعي الأب برفيريوس مطران غزة سنة ٤٢٥ بأيام الملك اركاديوس. وقد جرى قصارتها أيام البطريرك الأورشليمي كرالمبوس بمسعى الأب فليموس ومناظرة المهندس بلاشوتي بشاريوس. الكاين مصروفها من القيامة المقدسة ومن بعض المسيحيين بغزة سنة ١٨٥٦ مسيحية بشهر آذار».
وأما الاستاذ كليرمان غانو، فانه يعتقد أن كنيسة الروم الحالية بنيت من قبل الصليبيين، وأنها كانت على عهدهم كابلا (أي كنيسة صغيرة) وقد استعمل في بنائها عدد كبير من الأعمدة الرخامية التي كانت في غزة قبل الصليبيين. ويهزأ الاستاذ