-١٨١-
"ولما كانت المدينة واقعة على طرف البادية فليس فيها انهار جارية . وكل ما هنالك مياه أرضية . إن ماء الحياة يحمل إليها من الخارج على ظهور الأبل. "ومن الحمامات العمومية الكائنة في غزة يجدر بنا أن نذكر حمام الباشا, وحمام العسكر ، . فانهما لطيفان ومنعشان للغاية.
"وفي غزة ستمائة دكان. وهي وإن لم تكن ميناء بكل ما في هذه الكلمة من معنى إلا انها مدينة تجارية تستطيع أن تجد في سوقها بضائع واشياء ذات قيمة وان مصانع الزجاج والسروجية فيها رائجة . كما أن سوق التجار المبني من الحجارة مزدهر للغاية .
"لسكان غزة نوع من الخال يغرف ( بخال غزة هاشم ) . وهو طريف للغاية ويليق بهم جداً ، وهم يلبسون السمور والفراجية وثياب اخرى غير مزخرفة. وأما الطبقة الوسطى فانها تكتسي ثوباً بسيطاً أبيض اللون . وأما العمال والطبقة الفقيرة من السكان فانهم يلبسون ( سرتية كراكة ؟ ) ولهذا الثوب اشكال مختلفة . وهؤلاء يلبسون أيضاً العباءة ، والغزيون بوجه الإجمال بيض الوجوه ، ذوو حواجب قاتمة وهناك فئة منهم سمر اللون كأنهم مدبوغون بالشمس.
"إنهم ذوو عزم واحساس ونشاط ، وهم أحرار وكرام ومحبون للضيف ، ولا سما إذا كان هذا غريباً . يعيشون على التجارة والأعمال اليدوية .
"وللمدينة جو بديع وهواء عليل . وهي واقعة في الأقليم الرابع . تكثر فيها الحنطة . وهذه معروفة ببياض لونها ، وكبر حجمها ، ويسمونها ( من الجمل ) . وأما شعيرها فانه مشهور ، وكذلك قل عن قطنها ، وحريرها . والكراكة التي تصنع من الصوف في غزة ، وكذلك المحارم، والبشاكير، والفوط الصغيرة والكبيرة، فان هذه كلها تصنع في غزة وهي مشهورة.
"وفيها سبعة آلاف كرم يغرس فيها العنب ، وعنها مشهور . وكذلك قل عن زيتونها ، وتونها ، وليمونها ، وكبادها ، وتينها ، وشمامها ، ورمانها ، وبلحها ، وعن فواكهها الاخرى ، فانها مشهورة في اسواق العالم. إن زينها يصدر لمصر محملا على مئات من الجمال. ويروج في اسواق مصر رواجاً غريباً لجودة صنعه .
"إن ( عين السجان ) احدى المحلات التي يطرقها الغزيون للنزهة ؛ بالقرب من غزة وفي مكان يدعى ( إبلة ) حيث ينبسط سهل غير متسع ، فيه خمة ينابيع