وخيامهم. فقال لهم سنان باشا: نحن لما دخلنا غزة هل شوشنا على أحد منكم. قالوا: لا. فقال لهم: كيف فعلتم بعسكرنا ذلك؟ فلم يأتوا بجواب ولا عذر ولا حجة. فعند ذلك أمر عسكره أن يلعبوا فيهم بالسيف. فقتلوا ما لا يحصى عدده. وراح الصالح بالطالح». وقال ايضاً: إن ما فعله عسكر ابن عثمان بأهل غزة من القتل والنهب والسبي كان له تأثير على العربان في البلاد التي بين غزة ومصر. وأخذ الناس يتخوفون، والمماليك يهربون. فنادى السلطان إليه المماليك الذين حضروا إلى غزة ووبخهم بالكلام وقال لهم:(كيف هربتم حتى كسرتم الأمراء ولم تقاتلوا، وبقي وجهكم أسود بين الناس).
١٤— وقد التقى جيش العثمانيين مع جيش المصريين في خان يونس ايضاً، فشتته. ثم صار إلى مصر فافتتحها. ولم يجد السلطان سليم في طريقه أية صعوبة١ في اجتياز الصحراء الواقعة على بعد بضعة أميال من جنوب غزة إلى وادي النيل؛ إلا من القبائل البدوية التي كانت تغزو الغازين، فتقلقهم٢. بيد أن السلطان سليم تمكن من تشتيت شمل هذه القبائل ايضاً.
ولما دخل مصر قتل مليكها (طومان باي) الذي قلنا أنه تولى الملك فيها بعد موت السلطان غوري. قتله شنقاً، كما قطع رؤوس عدد كبير من المماليك الشراكسة، ورؤوس الكثيرين من العربان الذين كانوا معهم.
١٥— ولما تم احتلال مصر، وصفا للسلطان سليم الجو اعتزم الرجوع إلى القسطنطينية. فجعل يونس باشا نائباً عنه في مصر. وخلع على شخص من جماعته فقرره نائباً عنه في غزة. وخلع على شخص آخر فقرره نائب القدس. ثم انتدب
- ↑ كان السلطان سليم قد أعد خمسين ألف جمل، أخذ الشطر الأكبر منها من غزة وما جاورها، وذلك لحمل المياه فى الصحراء. إلا أن السماء جادت عليه بالمطر الغزير فاستغنى عن قسم كبير منها.
- ↑ كان عدد الغزاة من البدو في بعض الأحيان كبيراً بدرجة أن اقلقت بال سنان باشا قائد جيش العثمانيين. وظن مرة انهم الجيش النظامي المصرى زاحف بقيادة(طومان باى) وان عددهم يفوق عدد العثمانيين. فرفع الأمر إلى السلطان. وأمر هذا بأحضار جواده، لئلا يقع فى أسرهم. ولكن سرعان ما انكشف الغطاء وفهمت حقيقة الأمر. ويقول المؤرخ التركي (ابو الفاروق) الذى نقلنا عنه هذا الخبر أن السلطان سليم غضب حتى أنه كاد يقطع رأس سنان باشا لأنه لم يبحث الخبر جيداً، ولم يترو في نقله إليه.